الثلاثاء، 31 يوليو 2012

من أجل الأعمال في رمضان ..







الإكثار من الذكر والدعاء والاستغفار 
فهو موسم الخير والطاعات
قال تعالى :
( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) سورة البقرة
وقد جاءت هاته الآيات بعد الآيات التي تحث على الصوم والغاية منه ، : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة : 183]
والدعاء محبوب في أي وقت وحين وخاصة تحري ساعات الإجابة وما أكثرها ، في الثلث الاخير من الليل ، حيث يتنزل الله تبارك وتعالى فيقول :
( هل من سائل فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له ) .
وفي الحديث القدسي : "ثلاثة لا ترد دعوتهم، الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم، يرفعها الله فوق الغمام وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين"أخرجه الترمذى وابن ماجه والإمام أحمد فى مسنده عن أبى هريرة

فلا نحرم أنفسنا بركاته والدعاء فيه ، فقد تكفل الله عز وجل بالإستجابة وخزائنه لا تنفذ ، فحين تُدرك الغاية من صومك وتقف عليها وهي تقوى الله ، حجاب يَقيك من السيئات ، حاجر لنا من كل شر ، والدافع لنا لكل خير يأتي الدعاء له بأسلوب رقيق شفاف ، ينفذ لحنايا القلب : وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ...
وكثير آيات جاءت بمعنى يا محمد خبّر أمتك إلا الدعاء ليس بينه وبين الله حائل أوحاجز ، فقط ندعوه فهو قريب ، يسمع الدعاء ويتعهد بالإجابة ، معان تُضفي السكينة على قلب المؤمن فيطمئن فؤاده ، الله عز وجل قريب منا ودود بنا رؤوف بنا ، لا يَرد لنا دعوة إن شاء الله ..

الصدقة :
فقد كان الرسول عليه الصلاة والسلام أجود ما يكون وكان أجود ما يكون في شهر رمضان حتى شبهه بالريح المرسلة
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل ، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة " . رواه البخاري .
فالجود والعطاء والكرم من صفاته عليه الصلاة والسلام ، والحسنات تتضاعف أجرها في رمضان ..

صلة الرحم : 
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من سره أن يبسط في رزقه وينسأ في أجله فليصل رحمه ) ومعنى ينسأ أي يؤخر [رواه البخاري] .
وما فيها من زيادة عرى الأخوة ، وادابة أي جليد شحناء وغرس هذا الخلق الكريم في أولادنا والسير عليه ، صلة الرحم حتى ولو بالسؤال على أحوالهم والسلام عليهم وتفقد أحوالهم ، ففي صلة الرحم قد تقف على حاجياتهم وتقضيها لهم ..

كثرة قراءة القرآن :
ففي رمضان أُنزل ، شرّف الله هذا الشهر الكريم بنزول القرآن ، فلنحرص على ختمه فيه
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اقرؤا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ) / رواه مسلم

العمرة في رمضان : فهي تعدل حجة 
أخرجه مسلم في صحيحه مسلم بلفظين أحدهما (عمرة في رمضان تعدل حجة) والثاني (عمرة في رمضان تعدل حجة معي) فهي زيادة في الثواب ، والرغبة في نيل الأجر الجزيل ، واغتنام الشهر الفضيل في الطاعات .

القيام :
قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) [أخرجه البخاري ومسلم] .
وقال تعالى :
( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً . والذين يبيتون لربهم سجداً وقياما ) [الفرقان
صفة عالية من صفات عباد الرحمان ، ففي الليل وقد غادر النوم أجفانهم خَلوا بالرحمان فزادهم خشوعا ، ونور وجوههم بنوره ،وكيف ينام من طريقه فوق الصراط أحد من السيف وأدق من الشعر ، فحين آثر غيرهم النوم أثروا هم الأنس بالرحمان ، يتضروعون إليه في خشوع ، حتى تُدركم رحمته عز وجل ..إن شاء الله

السحور : لما فيه من خير وبركة 
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحروا فإن في السحور بركة) متفق عليه
وليس ضروري أن تأكل حتى التخمة كلا ، فالبركة قد تحصل ببعض التمر أو الماء وهو سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام .فلنحرص على الإقتداء به ..

الإجتهاد في العبادة خاصة في العشر الأواخر: 

فلنحرص عليها ونجتهد فيها بالعبادة وحث الأهل أيضا على إحياء تلك الليالي العظيمة وتحري فيها ليلة القدر ..
وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد مئزره " البخاري (1920) ومسلم (1174) زاد مسلم وجَدَّ وشد مئزره .

كناية على الحرص على الجد والإجتهاد في تلك الليالي الكريمة ، والتشمير في العبادة والزيادة فيها ، حرصا منه صلى الله عليه وسلم على اغتنامه في الطاعات والإهتمام بها ، حتى ننال المغفرة والعتق من النار فقد يكون أخر رمضان نصومه فمن يدري ، فلنغتمنه قبل فوات الآوان .
وطبعا تبقى ليلة القدر من الأسرار التي احتفظ بها المولى حتى نجدّ في طلبها وقد تواتر الأحاديث في تحريها في العشر الأواخر وفي الوتر منها ، كان السر في غيبيتّها حتى تكون كل أيامنا طاعات حتى إن حلت نلنا شرف إحياءها إن شاء الله ..

قال تعالى :
( إنا أنزلناه في ليلة القدر . وما أدراك ما ليلة القدر . ليلة القدر خير من ألف شهر . تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر . سلام هي حتى مطلع الفجر ) سورة القدر
فهاته الآيات تُنبئنا بشرفها وعظمتها وقيمتها ..
فهي أفضل من عبادة ألف شهر ، لكلم أن تحسبوها معي ، فأي شرف وأي مكانة وأي قدر خصها الله به لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى ..
عن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر ) رواه البخاري 4/259 .

هذا وقد تكون غابت عنا أعمالا جليلة ، أو لم نسلط عليها الضوء
نسأل الله لنا ولكم التوفيق ...اللهم آمين 



صفات القائد الناجح ..





حتى لا نتحدث من فراغ حين نتناول صفات القائد الناجح ، فالأولى أن نأتي على ذكر قائد حمل صفات إبداعية وأخلاق سامية أهّلته لبلوغ مصاف القادة الكبار، وخير قائد وخير قدوة لنا هو الرسول عليه الصلاة والسلام ، الصادق الأمين صفتان ميزتاه حتى قبل البعثة ، فهو قدوتنا سطر أهدافا عُليا تحمل قِيما كبرى : هداية الخلق وإيصال كلمة الحق لكل حدب وصوب .
والقائد الناجح هو من يُسطر أهدافا ويسعى لتحقيقها وإلا تاه وتاهت بوصلته ، وسار على غير هدى وأخطأ السبيل ..

له أهداف وله رؤيا ثاقبة صائبة للمستقبل ، يجد ويجتهد لبلوغ أهدافه ، فالمستقبل بناء شاهق والأهداف لبناته ، ومن صفات القائد الناجح أنه يمتاز بمرونة لا يتحجر فكره ولا يتجمد في مكانه ، فالكون في سير دؤوب ، والعالم يتغير والآليات التي اعتمدها فيما قبل قد تكون أدت ما عليها واليوم وجب تغييرها حتى تبلغ أهدافك . لأن الآخر تجاوزك ..

كل ما حولك يتحرك ويتحول ويتطور ويتجدد ، فلا تتقوقع في حيز ضيق رسمته بآليات عتيقة ، بيد أن الآخر جدد من وسائله ، فالقائد الناجح هو من يجدد في الوسائل ، القائد الناجح لا يستبد برأيه بل يُحاور من حوله فإن كان الرسول الأكرم لم يستغني عن مشورة أصحابه فالأولى نحن أن نقتدي به ، ففرعون قاد قومه لكن للهلاك حين إستبد برأيه : لا أريكم إلا ما أرى !!!!

القائد الناجح يجعل أتباعه يُشاركونه أهدافه فيكونون له العون ، فنحن بشر قد تغيب عنا أشياء أو تفوتنا ، ففي المشاركة تتم الإستفاذة من كل الأفكار ، ففي معركة بدر لم يُقدم عليها الرسول الأكرم حتى استشار كل من حوله وكان أعظم رد ، رد الصحابي المقداد بن عمرو ، نجاح باهر في الإمتحان فقد كانت كلماته بسلم للنبي عليه الصلاة والسلام تهلل منها وجهه الكريم واشرقت أساريره فرحا بها..
لن نقول لك كما قالت بنو أسرائيل لنبيهم إذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ، بل سنقول : إذهب أنت وربكا فقاتلا إنا معكما مقاتلون وأردف بكلمات حماسية : فلو خضت بنا البحر لخاضناه معه ولما تخلفنا عنك ..

فقد شاركهم الرأي فكانوا له نعم الصاحب ونعم السند والمعين ، لم يفرض عليه الجهاد ولو فعل لتبعوه خوفا ولما تم لهم النصر ، فالإقبال على الأمر بروح متفائلة وقابلية تكون فاتحة خير للنجاح ، الإقناع فن من فنون القائد الناجح ، لا للإستبداد بالرأي بل إقناع الآخر بما في يديك من شواهد ودلائل على صواب رأيك ..

القائد الناجح يُحب التغيير ويسعى له حين تُعطي كل ما في جعبتك فإن لم تُغير تسلل الفتور وضعُفت الهمم ، القائد الناحج هو من يزرع بذور الهمة فيمن حوله ويدربهم لتحمل المسؤولية حتى إن غاب سدوا فراغه ، ولا يدب فيهم الضعف أو يتيهون بمجرد غيابه ، فالنبي عليه الصلاة والسلام مدرسة في البذل والعطاء فقد درب الصحابة على أن يكونوا قادة ، تحملوا معه عبء المسؤولية وكانوا أشداد في البلاء حتى حين لحق بالرفيق الأعلى ساروا على نهجه بكل ثقة وأمانة ، كلهم قادة .

أقاموا العدل وكانوا خير خلف لخير سلف ، القائد الناجح نتاج مجتمع ناجح ، ليس من المعقول أن تكون أسدا تحكم أرانب !!! كلا سيخذلونك في مواقف حازمة ، أعددهم لكي يكونوا أسودا سيكونون لك نعم النصير وقت المحن ..

القائد الناحج لا يغفل عن جزئيات قد تكون قاتلة مستقبلا ، وهو من يصمد أمام التحديات والازمات ويبحث لها أن مخرج وعن سبل ناجعة لتفادي تداعياتها وعن الحلول الموفقة ، شيمته الثبات عند المحن ..

القائد الناجح يبحث عن مكامن القوة فيمن حوله ويستثمرها وينميها لتحقيق الاهداف التي سطرها سلفا ، لا للإستفراد بالقرارات يخوض الخطوب حسب قدرات أتباعه ، لا يخوض بهم خطوب يُكسر فيها شوكتهم ، واثق من قدرات أتباعه ..

الثناء على من حوله حتى يُعطيهم شحنة لزيادة العطاء ، تشجيهم بالمكافآت ، في حين يكون التأنيب بأسلوب خال من التجريح ، أسلوب المربي الرحيم ، وهذا خلق إتسم به الرسول الأكرم حتى توتي النصيحة أكلها دون أن تنعكس سلبا وتُغيظ القلوب وتترك فجوات وآلام قد لا تلتئم ، فقد كان رسول الله عليه لصلاة والسلام ، يُؤنب بطريقة رائعة : مابال قوم ....وهكذا
حتى دون ذكر من هم ، المهم هو بلوغ النصيحة دون إحراجهم ، حازم لكنه يحمل قلبا نقيا يصفح عن زلات أصحابه فبذلك توحدت القلوب في حبه وآنست بقربه وتألمت لفراقه عليه الصلاة والسلام ..
كان نعم القائد صلى الله عليه وسلم ..

السبت، 28 يوليو 2012

لماذا عدّ الله عز وجل صلح الحديبية فتحا مبينا ؟





بدأت القصة حين رأى الرسول الأكرم رؤيا صالحة فبشر بها الصحابة فتجهزوا لذلك وعقدوا العزم وتهيئوا وتاقت أنفسهم للبيت الحرام . وأظهر لقريش أنه ذاهب لأداء المناسك وليس محاربا وفي الطريق وقعت حادثة أثنته عن سعيه ومطلبه لكن الصحابة استغربوا فعله ولم يفهموا مغزى كلامه فقد قال فيما معناه : لو أن قريشا ناشدتني أمرا فيه الخير لأجبتها كان النبي يدرك أن الله فاعلا أمرا قد لا يفهم كنهه الكثير ويحمل تحت طياته منح كثيرة..

المهم توالت الوساطات بين الرسول وبين قريش حتى استقر أمرهم على أحدهم وعقد الصلح وكتبت بنوده رغم أن الصحابة رفضوه وأحسوا بالغبن وأن الحق معهم وأن الله معهم لكننا نحن البشر قد تبدو لنا أمورا ظاهرها شرا لنا ولكن باطنها في الخير وقد تحمل تباشير لنا سنعرفها مستقبلا ..

عم المسلمين غم وحزن وكدر وأخذوا يتساءلون : لماذا نعطيهم الدنية في الصلح ؟وأن الله وعد بإظهار دينه وأن موتانا في الجنة وقتلاهم في النار فعلاما نذعن لهم ؟؟ فهذه طبيعة البشر لأننا نحكم على الظاهر ونرى الأمور حسب منظورنا البشري وساد التجهم ورفضوا بادئ الأمر الامتثال لأمر رسول الله في التحلل وبعدها لبوا أمره وهم غير مدركين الحكمة من ذلك وغير مصدقين ما يقع .

فالظاهر للصحابة أن الصلح قدم لقريش الكثير على حساب المسلمين لكن الله عز وجل سماه -فتحا مبينا ..فقريش بادئ الأمر لم تكن تعير المسلمين أي إهتمام وكانت تتمنى أن تستأصلهم من الجذور فكيف بها اليوم تعقد معهم صلحا فهذا دليل على الإعتراف بهم وبحقهم ..

فيما قبل كانت قريش صخرة صماء أمام نشر الدعوة لكن مع إبرام الصلح تخلت عن هذا الأمر وتركت الناس أحرارا في الاختيار فبعد الصلح لم يبق بيت إلا وسمع عن الدعوة ولبى النداء, ألم يكن فتحا ؟

والحروب التي خاضها المسلمين ليست لإجبار الناس على الإسلام وإكراههم لإعتناق الإسلام كلا بل حتى يخلّي الكفار بين الدعوة وبين الناس حتى يؤمنوا طواعية ..نصت المعادة على توقيف الحرب لمدة عشر سنين وهذا كان في مصلحة المسلمين حتى يأمنوا شر قريش وكيدهم ويمضوا في تثبيت دعائم الدولة الوليدة ..ألم يكن فتحا ؟..

أما البند الذي إعتقدت قريش أنها كسبته فظاهره كان فشلا ذريعا حيث فرضت على الرسول الأكرم أن يرد لها كل مسلم فر من قريش ولحق المدينة وفي المقابل لا ترد قريش كل مشرك آتى من المدينة .فالأجذر أن لا يعود لمكة ولا حاجة للمسلمين بمنافق يكون عبئا عليهم ..أما المسلم الذي سيأتي للمدينة فالله لن يتركه وأرض الله واسعة وسيجعل الله له مخرجا وهكذا صار الأمر .

فعندما تجلت الحقيقة للمسلمين وأن الصلح كان فتحا مبينا وكان لصالح الفئة المؤمنة طابت أنفسهم وأرتاحت وقد ربح المسلمون من هذا الصلح وأنضمت لهم العديد من القبائل وأنتشرت الدعوة وجعل الله مخرجا للمستضعفين وقوية شوكة الإسلام وكانت طلائع الفتح قد بدئت منذ كتابة صلح الحديبية..

حقا كم من محنة تحمل تحت طياتها منحا كثيرة قد لا نفهما الآن لكن ستترآى لنا ملامحها مستقبلا وقد تحمل لنا الخير الكثير فقط تكون ثقتنا بالله أكبر وأن الله لن يخيّب رجاء المسلمين وإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا..
المصدر : الرحيق المختوم 



الجمعة، 27 يوليو 2012

فتح مكة ، إنتصار للحق على الباطل


جاءت الآيات تحمل البشرى للمصطفى عليه الصلاة والسلام بفتح مكة وبلسمًا للصحابة الكرام؛ حتى تطمئن القلوب وتستبشر الأنفس وترتاح الأرواح، وتتسلل الفرحة لقلوب طال انتظارها لتعانق سماء مكة، وتطوف حول البيت العتيق، فهو الوعد الصادق، قال تعالى: "لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ۖ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ۖ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَٰلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا" [ سورة الفتح: 27 ]

فتهللت وجوه الصحابة وفرحت بالبشرى، لكن لم تكن تعلم متى هو، وحين قرر النبي صلى الله عليه وسلم العمرة وسارع للتوجه لمكة قابلته قريش بالتصدي له والحيلولة دون بلوغه المسجد الحرام، وكانت سابقة منها أن تصد حجاج بيت الله الحرام، لم يتقبل بعض العرب هذا الموقف من قريش واستهجنه، وفي المقابل كانت هناك حكمة من ذلك حتى لا تُراق الدماء في الحرم وحتى تُؤمن الكثير من القبائل وتقبل على الله طائعة راغبة في دينه حاملة وحامية له، ويُظللها الإسلام بسماحته وكرمه.

وكانت حادثة ناقة النبي صلى الله عليه وسلم القصواءل حكمة تفهمها، عندها جاء صلح الحديبية الذي أعده الله نصرًا مبينًا، في المقابل اغتمّ بعض الصحابة ولم يتقبلوا الأمر وفهموه على غير حقيقته وهذه عادتنا نحن البشر، بل هناك من بلغ به الحال أن رفض أن نُعطي الدنية في ديننا، وأن وعد الله لنا بالحلول والطواف، لكن وقته وزمانه بقي في علم الله، ومن عده صلحًا فَهم أن قريش لم تجنح للهدنة إلا عندما هدتها الحرب ووافقت أن تجلس مع من اضطهدتهم وأخرجتهم من ديارهم بلا وجه حق، ومجرد الجلوس مع الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم ومفاوضتهم يُعد إاتصارًا لهم، فيما قبل كانوا لا يعترفون بهم فاليوم تطور كبير قد حصل إذن، لم يلتفت إليه البعض.

وعُقد الاتفاق ومن بنوده أنه من أراد الدخول في عهدة الرسول عليه الصلاة والسلام فله ذلك ومن أحب أن يدخل في عهدة قريش فله ذلك، فدخلت خزاعة في عهدة النبي عليه الصلاة والسلام ودخلت بنو بكر في عهدة قريش، وبهذا العقد والميثاق أضحت كل قبيلة جزء من ذلك الفريق الذي اختارته، وأي عدوان تتعرض إليه تلك القبائل يُعتبر عدوانًا على كل الفريق وبذك وجبت النصرة، وقد كانت ثارات بين القبيلتين خفت بمجيء الإسلام.

وفي سابقة من نوعها تُقدم عليها العرب وهي نقض العهد وكان من شيمهم من عقد عهد وفّى به حتى ولو ضحى بروحه من أجله، كم فقدنا هذه القيم في زماننا هذا، حيث غابت الشهامة، والوفاء بالعهد شحّ، أغارت بنو بكر على بنو خزاعة ليلًا قاتلوهم حتى بلغو الحرم وأصابوا منهم مصابًا بليغًا، وشارك في الحادث نفر من قريش متسترين بجنح الليل، عندها سارع عمرو بن سالم الخزاعي حتى قدم المسجد، ثم أنشد :
يا رب إني أناشد محمد ** حلفنا وحلف أبيه الأتلدا
قد كنت ولدا وكنا والدا ** ثمة أسلمنا ولم ننزع يدا
فانصر هداك الله نصرا أيدا ** وادع عباد الله يأتوا مددا
كانت كلمات كلها حماسة وطلب المدد والنصرة ووفاءً بالعهد الذي قطعه رسول الله عليه الصلاة والسلام في حماية من دخل حلفه وفي عهدته، فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم: نُصرت يا عمرو بن سالم

لا شك في أن هذا العمل يُعد غدرًا منهم ونقضًا للعهد، عندها أحس أبو سفيان بالخطر المحدق وبطيش من أقدموا على هكذا عمل، فقرر أن يستبق الأحداث فتوجه للمدينة طالبًا تجديد الصلح، لكن فات الأوان على ذلك، ولن تذهب أرواح الناس هدرًا، لم يلق جوابًا من أي أحد بل وجومًا من فعلهم؛ لأن الغدر ليس من شيم العرب، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد عقد أمرًا في سرية تامة حتى يباغت القوم، ويُنجز أمر الله تعالى.

وفي يوم 10 من رمضان الثامن للهجري تجهز للمسير، وهم صيام حتى بلغوا مكانًا يُقال له الكديد وأفطروا هناك وواصلوا مسيرهم حتى بلغوا مر الظهران وأوقدوا نيرانًا مهيبة 10 آلاف، ذُهل أبا سفيان وهو يرى جيش الإسلام ونصرةُ الله لنبيه الكريم وعلم أنه لا طاقة له بهم فرجع إلى قومه يجر أذيال الهزيمة والخيبة، وأخبر قومه بما رآى من جيش الإسلام وأنهم لا طاقة لهم بالمواجهة، وافقه الرأي عقلاؤهم ورماه الآخرون بالضعف والجبن، لكن أبا سفيان فَطن أنه لا مجال للتصدي أو المواجهة.

تجهز الجيش الإٍسلامي لفتح مكة وكان موكبا رائعًا أعز فيه الله جنده، دخلها النبي صلى الله عليه وسلم في جو مهيب متواضع تغمره طمأنينة وسكينة فأقبل على المسجد واستلم الحجر الأسود وطاف بالبيت وكسر الأصنام وحطم الجاهلية في القلوب أولًا ثم على أرض الواقع وهو يُردد: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا.
تهاوى الباطل لغير رجعة إن شاء الله، وعلا صوت الحق هدارًا وعلتِ الحناجر مكبرة ومهللة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.

أيّ تواضع هذا وأي نفوس حقًا تستحق النصر والتمكين، فتجمعت قريش تنتظر القصاص، لكنه نبي الرحمة جاء رحمة للعالمين، القلب الكبير المفعم بالحب والرأفة والرحمة والإيمان، قال لهم: يا معشر قريش ما ترون أنني فاعل بكم، قالوا: خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.

وحان وقت الصلاة وأذن بلال بصوته الشدي الرقراق، بلغ صداه عنان السماء، آذانًا علا به صوت الحق، وهكذا أُسدل الستار على مشهد رائع، نصر باهر عزز الله فيه أركان أمة الإسلام ومحا فيه أردان الجاهلية وتحرر البيت العتيق من الشرك ولبست مكة حلة جليلة مهيبة من الإيمان.

ظل النبي صلى الله عليه وسلم وفيًا للأنصار وللمدينة المنورة التي آزرته وشدّت من عضده ووقفت وقفة تستحق أن تحضى بقبر سيد الخلق هناك، ولن ينسى الأنصار مقالته: لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار، ولو سلك الناس شِعبًا وسلكتِ الأنصار شِعبًا لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار، وفاءً قل نظيره في زماننا هذا.


الاثنين، 23 يوليو 2012

هل ستجد قضية فلسطين الحل يوما ما ؟؟









مرت القضية الفلسطينية من مراحل عدة حتى بلغنا هذا الواقع المرير ، حيث عكف الإحتلال لعقود على تقزيم القضية وإفراغها من زخمها الذي كانت تحضى به حين كانت محل إهتمام من الأمة ، ولما أضعفوهم جرجروهم في رحلة قاسية ، فيما يُعرف بمسلسل السلام !!!! لا زلنا نحيا تبعاتها إلى الآن ..
بعدما أُرجئت كل المواضيع المهمة للحل النهائي ، موضوع القدس واللاّجئيين ، والأقصى وو ..
يعني ماذا بقي للفلسطيني كي يُفاوض عليه !!! فَقَد كل أوراق الضغط وبقي ضعيفا أمام المحتل ، وهذا ما أضعف مواقفه ..

في حين استمر الإحتلال في سياساته التي إنتهجها مذ وطئت قدميه ثرانا الطيّب ودنسه ، للأسف صدّق البعض وعود الإحتلال وهلل وطبل وزمر وأن بعد برهة قصيرة سترفرف الأعلام وتكون لفلسطين دولة ويعود لنا ولو جزء منها !!
ونسي أن الإحتلال إن أخذ شيئا بالقوة لا يُعيده إلا إذا قوبل وجوبه بالقوة أو لغاية في نفس يعقوب ..

فما إنسحابه من جنوب لبنان إلا عندما وقف على حجم الخسارة التي تعرض لها دون أن يبقى له دور في تأجيج الخلافات الطائفية كما دأب عليه منذ زمن ، حتى يُضعفهم جميعا، لم يكن له حليف يوما ما على أرض لبنان ، الكل يُصنفهم في خانة اللأعداء ، حتى من خدموه لعقود ، فقط يُرتب عداوتهم حتى يتمكن من القضاء عليهم واحد تلو الآخر ، لكن حين إرتفعت فاتورة الخسارة لديه ، تنكر للعملاء في مشهد لن ينساه التاريخ ، ولن ينساه كل من يُعلق آمالا أو أوهاما على سياسة الإحتلال .

وقوبل كل صوت رفض التفاوض والتنازل على ثوابت الوطن بالقوة والقمع وكتْم الأصوات حتى لا يُعبر أحد عن رفضه ، التفاوض مع من إحتل أرضه !!! كيف يستسيغ أحد هذا المنعطف الخطير في قضية فلسطين ، وهذا كان فقط تذكير
وضروري أن يكون تمة حل لكل مشكلة فلا يوجد داء إلا وله دواء عرفه من عرفه وجهله من جهله ، المهم البحث عنه والوقوف عنده حتما سيكون خيرا ومخرجا لأزماتنا إن شاء الله ..

لكل عصر سلاحه والمهم كيف نستفيد منه ، لماذا لا نغتنم ما بأيدينا من وسائل تواصل ونخلق جوا نظيفا يجمع الكل تحت طياته ويعمل لهدف أسمى وأعلى تحرير فلسطين ؟؟
نخلق أولا عالم إفتراضي حتى تتكون لنا قناعة أننا ممكن أن نغير من حالنا ، نُلغي أي شيئ يبعدنا عن هدفنا ، ونبحث عن نقاط تقارب وما أكثرها ، لأننا ما إن نحكي لغة مغايرة حتى نتفرق وينخرنا داء الفرقة ونتحجر في مكاننا..

نعمل على تنظيف أذهاننا مما ترسب فيها لعقود ، من عبارات الإستكانة والرضى بالواقع وأننا لن ننتصر أو لسنا مهيئيين لذلك !!
عبارات عشعشت في أذهاننا وأوجدت لها بيئة خصبة صدقتها وركنت لها ، في حين ممكن تغيير حالنا إن نحن عكفنا على غسل أدمغتنا مما علق بها وبحثنا عن مكامن القوة فينا وطرحنا خلافاتنا جانيا وأزحنا كل ضعف كبل إرادتنا ، طبعا هذا في عالم إفتراضي حتى ننجح في لم الشمل ، وننجح في مسعانا ونخلق قاعدة مهمة تحمل نفس أهدافنا ، حينها ننتقل للعالم الواقعي لأننا قد وضعنا حجر الأساس لأهدافنا ، وخلقنا نواةَ ننطلق منها ، ونعلم أن التناحر خلق فئة إستغلته لصالحها ، فئة لا حس لديها اتجاه الثوابت واتجاه القضية برمتها ، وعلينا أن نزيح عنهم البساط وذلك بتغيير الخطاب من فصائلي لخطاب يشمل الكل ..

هذا أولا ثم التغيير في الخطاب بدل الدفاع عن مقدساتنا نُبرز أحقيتنا لها وأننا نحن أهلها طبعا بدلائل وحجج حتى يتقبلها العالم ، نعالج كل الأمور المستعصية بخطاب موزون ونقف عند الخلل ونخلق لغة يفهمها الغرب ، بدون تعصب بل بذكاء وحكمة ، مثلا : هناك قرارات صدرت في حقنا ، مثل قرار العودة وغيره لماذا لا نُطالب بتفعيلها؟؟
الإستيطات الغير المشروع وهو أجحاف في حق فلسطين لماذا لا يكون لنا صدى حتى يكون للعالم وقفة معنا ، حقوق الإنسان المنتهكة ، والإحتلال قد وقّع على مواثيق حقوق الإنسان وهو الآن يضرب بها عرض الحائط وغيرها ....

التظاهر حق مكفول لكل مواطن للتعبير عن آراءه بسلمية ، ومن حقه أن يُعبر عن واقع مزري مُعاش أو حادث مس مشاعرهم ، مثل زيارة قيادات الإحتلال وكيف قوبلت بوحشية بدل أن يصطفوا إلى جانب خيار الشعب ، كيف يُمكن أن نستفيد من هاته الطاقات التي خرجت رافضة للزيارة ، فهي تحمل نفس همنا ، ورأينا كيف قابلتها السلطة بوحشية ، و شوّهت منبعها وقللت من شأنها بل ونسبتها للبعض لحساباتم الشخصية ، حتى تنال منها ..

ولا ننسى أهلنا في المهجر لهم دور كبير في التعريف بالقضية ، فهم يتحركون بأريحية أكثر من الذين في الداخل ، وكيف يكون لهم صوت ويتغلغلون في النسيج الأوروبي لصالح القضية ، وتكون لهم مراكز قوة هناك وحتى يشغلوا مناصب مهمة كي ينفذُ صوتهم ويوصلوا صوت الداخل للخارج ، ويتفاعلون مع القضية في كل الأروقة ، حتما سيكون لهم لوبي ضاغط يوما ما إن شاء الله ..

تغيير الخطاب حيث يشمل الكل ، كل الشرفاء وقطعا لا يخلو فصيل منهم ، وتكون فلسطين هي العنوان ، وهي الهدف وهي الشعار ، ومعلوم أن الضفة تعيش واقعا إقتصاديا هو الأصعب من نوعه أصعب حتى من الذي عايشته زمن الإنتفاضات ورغم ذلك تحررت من عقدة الخوف ورفضت سياسات الإحتلال وتوحدت الأعلام وكان الكل يحمل هم فلسطين لا غير ، رأينا كيف نجحوا في هز العالم وفي إحياء قضية فلسطين من جديد ، الفرقة لا خير فيها..
والله أعلم


الجمعة، 20 يوليو 2012

أحقية المسلمين في المسجد الأقصى وواجب الحماية والذود عنه



أخرج البخاري في صحيحه بالسند إلى أبي ذر – رضي الله عنه – قال: قلت: يا رسول الله، أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: " المسجد الحرام " قال: قلت: ثمّ أي؟ قال: " المسجد الأقصى " قال: كم كان بينهما؟ قال: " أربعون سنة

المسجد الأقصى والذي يُقصد به كل المساحة داخل السور والتي تضم قبة الصخرة والمسجد الذي يُعرف مجازا بالمسجد الأقصى لتفرقة بينه وبين المسجد الواقع داخله .

وهي أماكن مقدسة لدى المسلمين جسدتها رحلة الإسراء والمعراج ، والتي جمعت كل رسالات التوحيد وجعلت قيادته لأمة الإسلام ، تقلدوا شرف حمايته ، فحين أسري بالرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة للأقصى وقد سمي بإسمه حتى في القرآن دون مواراة ، صلى الرسول الأكرم إماما بكل الرسل بما فيهم أنبياء بني إسرائيل ، وسلموا له مفاتيحه له إيذانا منهم أنه أصبح في عهدتهم وعلى عاتقهم ومن واجبهم حمايته والذود عنه ..

وهناك أحاديث في هذا الشأن تبرز قيمة المسجد الأقصى وقدره الكبير في نفوس المسلمين ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى".رواه البخاري ومسلم

- عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "قلت يا رسول الله: أفتنا في بيت المقدس"، قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: فتهدي له زيتا يسرج فيه، فمن فعل فهو كمن أتاه". رواه أحمد وأبو داوود

فبناء المسجد الأقصى تمّ بعد بناء مكة المكرمة بأربعين سنة ، ومن خلال الحديث نستشف أن بناءه قد تم قبل مجيئ يعقوب عليه السلام  ، من هنا نقف على حقيقة أن الأقصى كان قبل الرسالة اليهودية وقطعا ستكون الأرض آهلة بسكانها وهم العمالقة كما أخبرنا التاريخ وهم سكان فلسطين الإصليين ، إذن فهو الأقصى مذ بُني ولا شيئ تحته مما يزعم اليهود ..

وتلك بقاع مقدسة شهدت مرور ونزول عدة أنبياء ، ومن المعلوم أن كل الرسالات جاءت لتوحيد الله ، صحيح جرت عليه العوادي ورُمم أو أعيد بناءه على أسسه الأولى ، الأقصى ذاك مكانه وليس شيئ تحته ، اليهود إعتمدوا في زعمهم على كتابهم المحرف وفيه من مغالطات كثيرة، مما خطه حخاماتهم حتى يُوافق هواهم كيف يكون لهم العهد على المقدسات وهم ظالمين  وحين يدّعون أن العهد لهم من بعد إبراهيم عليه السلام يرد عليه قرآن ربنا :
{ وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إمامًا قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين } (البقرة:124).

فالظالمون ليس لهم عهد من الله وميثاقه لأن عهد الله شرف لا يناله إلا الثقاة ومن سار على الطريق المستقيم ، وقد حشا حاخامتهم كتابهم المحرف بالترهات ووعود كاذبة لأرض الميعاد ، كلمات ما أنزل الله بها من سلطان فالله لا يحابي بين عبيده وكلهم سواء ولا فضل لأحد على أحد إلا بتقواه ، هم يعلمون أن العالم لن يُصدق إدعاءاتهم  ، فما كان منهم إلا أن لبسوا مُسوح التدين حتى يخدعوا السدج ويسوقونهم مثل القطيع  ..

أولا ربطوا عودتهم لأرض الميعاد وبناء مملكتهم بمجيئ المخلص بذلك نفذوا للكنيسة وجعلوا إسمهم أحد أنبياءهم ورفعوا الثورات وشحنوا أتباعهم بخزعبلاتهم حتى يتبعوهم ، وأختاروا نجمة داوود شعارهم وأخيرا يحثون الخطى لإنشاء الهيكل فهم يعلنونها جهارا لا معنى لإسرائيل بدون الهيكل ، هي إذن مؤامرة خطيرة للقضاء على الإسلام وأمته ، وهذا ما يعززه الإستيطان وكذا تهويد كل محيط الأقصى وكان الأقصى دائما خارج أية إتفاقية كامب ديفد وأسلو أو أُرجئ للحل النهائي لغاية في نفس يعقوب ، هي مخططات لبسط أيديهم على مقدراتنا وبناء أسطورة شعب الله المختار !! وهذه البداية فهم يعلمون أن مركز القيادة لبسط نفوذهم على العالم يبدأ من القدس نحو السيطرة على العالم وهذا ما عمدوا إليه في برتكولات صهيون ..

لم تُسفر حفرياتهم عن أي شيئ مما يدعون فقط شوهوا المعالم التاريخية الإسلامية ، وقد دحض إدعاءهم واحد منهم فقد قال أحد علماء الآثار المدعو زئيف هرتسرغ وذلك في تقرير مثير للجدل الموسوم ب ( الثورات لا إثبات على الأرض ) فبعد 70 سنة من الحفريات المكثفة توصل العلماء الآثار لنتيجة مخيفة توحي !! أنه لا شيئ إسمه الهيكل أووجود إمبراطورية سليمان !!

وقالت كاتلين كابيونس مديرة الحفريات في المدرسة البريطانية للأتربة بالقدس بعدما تمعنوا في فحص الأتربة أنه لا مكان للهيكل : حكم حكم من أهلها ، وحتى إن جدد بناءه سليمان عليه السلام فلا يعطيهم هذا الحق فيه لأن العهد يُعطي للأمة المؤمنة ، من المعروف أنه كانت لهم محاريب هُدمت كلها وذلك لأنهم دنسونها ولم يحترموا قدسيتها وجعلوها أوكارا للفساد ، فقد هدمها نبوخت ناصر عام 587 ق م وكذلك الحال في سنة 170 ق م على أيدي الملك أنطونيوس الرابع وهدمت في عهد الرومان عام 70م ..

اما المسجد الأقصى هوهو لم يتغير لا مكانه ولا شيئ تحته ، وقد أكد الباحث الفلسطيني محمد الحلايقة أنه لا أساس لهيكل مزعوم وحتى إن سلمنا جدلا أنه يوجود هيكل في مكان ما فمساحتها الكبيرة التي يدعونها في كتابهم  أكبر من مساحة المسجد الأقصى ، لان الهيكل معناه بيت العبادة الكبير ،
ومن المستحيل أن تهدم معابد أهل الكتاب وتبنى عليها معابد إسلامية فهذ لم يقع قط ، والتاريخ شاهم أن أمة الإسلام لم تهدم قط معبدا أو كنيسا وبنت عليه مسجدا ، وطننا العربي شاهد على ذلك ، فمازالت معابدهم لم تمس ، ولم يطاله لا تخريب ولا أي شيئ ،  فهذا إذن إدعاء يفتقر لدلائل ..

الخميس، 19 يوليو 2012

سوريا أمام منعطف جديد :




نحن أمام المشهد السوري من جديد وإثر الإنفجار المدوي ، الذي إستهدف مبنى الأمن القومي وما أحاطت به من تساءلات ، والذي أعده البعض خطوة نحو التغيير في سبل المواجهة ، وأعده البعض الآخر خطوة تصعيدية من النظام و تباينت التحليلات وإختلفت الردود حول هذا المشهد وكثرة الأسئلة والقيل والقال ، هنا إن شاء الله سنقف عند هذا المشهد لمعرفة ولو جزء من الحقيقة وأين تكمن ، هل في التحليل الأول يعني منعطف جديد في المشهد السوري أو العملية لا تعدو أن تكون مدبرة من لدن النظام لحاجة في نفس يعقوب ، وتبقى الحقيقة الكاملة يعلمها الله ..

فمن داخل هذا المبنى كانت تطبخ قرارات الإجهاز على الشعب المكلوم ، والسؤال لماذا أُستهدف هذا المكان بالذات ؟؟ وما الرسائل التي يحملها منفده للداخل والخارج ؟؟
فقد أسفر الإنفجار على مقتل مسؤولين كبار في جهاز الأمن ، لكن حقا البعض تُساوره الشكوك حول هوية المنفد وغايته من العملية ، إذ كيف لأحد أن يصل لهكذا موقع محصن وبحراسة مشددة ، المرور له صعب ، إلا إذا كان الدعم جاءهم من داخل المبنى نفسه ، مساندة مثلا ، والله أعلم ...

المهم الإنفجار خطوة تصعيدية أبهرت الكثيرين ، خطة محكمة وتنفيد دقيق ، فإن كانت المساعدة قُدمت للمنفذ من داخل المبنى فهذا له تفسير واحد ، فمن في الداخل أرهقتهم مشاهد القتل ، وقضت مضاجهم مناظر الموت وأثقل كاهلهم المضي في سياسة الفتك ، فأرادوا أن يجعلوا لها حدا ..

وفي قراءة أخرى مخالفة لهاته التي أدرجناها ، أن المُخطط من داخل النظام والمنفذ أُرصد له الدعم الكافي ليصل للمبنى ، وأن هذا يخدم النظام أكثر مما يخدم الثوار ، لأن الخطر بلغ معقله الأخير الذي يتحصن فيه ، وأضحى مهددا  وضُيّق عليه الخناق ، فهو قد يُقدم على أي شيئ يُطيل أمده ولو ضحى بالمقربيين منه ، وهذا خطير لأنه سيُصبح أكثر شراسة في حق شعبه ، وإن سار في هذا المنحى فشلال الدماء سيستمر والمشاهد المروعة تنذر بمزيد من التصعيد الشرس لهذا النظام ، قد يأكل الكل حتى المقرببين منه ، قد تطالهم لعنته إنه هو أحس بتهديد قريب .. والله اعلم

وفور سماع النبأ المدوي توالت الردود والتفسيرات والتحليلات وتباينت الآراء ، هناك من رآها خطوة جديدة لكسر شوكة النظام المجحف في حق شعبه ، وهناك من رآها خطوة من النظام حتى يزيد من تصعيده ، خصوصا وأنه شارف على النهاية ..والله أعلم

في المقابل أعطى هذا العمل النوعي زخما مهما للثوار ، ونشطت الإنقسامات حتى بلغت مستوى عال ، أعادت الأمل للشعب في الحرية والإنعتاق من عقال النظام ....
ولقد صرح بعض المنشقين حديثا أن الإمتعاض والإحتقان بلغ شكلا كبيرا حتى من المقربيين منه ، فالذي يُقال في السر لا يُقال في العلن مخافة فتك النظام بهم ، يعني في الكواليس أصبح الكثيرون ينقمون من النظام وسياساته التي لا تخدم غير أعداء الأمة ..

وفي المقابل رأينا كيف أن الآلة الإعلامية والدبلوماسية العربية والعالمية ، تحركت لمزيد من تزكية مواقف الشعب ، الذي يُنادي بالحرية ، وبحقن الدماء ، وبدل أن يستقبل النظام الرسائل بمزيد من الوعي ، زاد في عنجهيته وتغول وتوغل في سفك الدماء في حرب مواجهة مفتوحة ، أصبح ماكان يقوم به سرا يقوم به علنا ، فهو متأكد من حليفه الروسي معه !! وورقة الفيتو السوداء التي لن ينساها الشعب السوري مشرعة دائما أمام أي خطوة لحقن الدماء ، الفيتو سلاح قتل صامت في حق الشعب المكلوم ...

فالردود التي إنهالت بعد العملية خَلصت أن جبهة النظام الداخلي أصبحت هشة وسهُل إختراقها وهذا مؤشر أن ساعة الحسم إقتربت ، وبدأت ثمار الحرية تينع ، وهناك من رآى في العملية ، خطة محبوكة من النظام وهو من ألف هاته الأفعال في بلدان قريبة منه ، حتى يُشتت الأفكار وتحيط الشكوك بالعملية ومنفذها ، و حتى يُثبت للعالم أنه أمام إرهابيين !! خطيرين وإنه سيزيد من ضرباته ليدافع عن نفسه !! لأن المكان التي وقعت فيه الاحداث من المستحيل ولوجه ، إلا في حالة دعم من داخله ، وكيف لعمل دقيق وذكاء خارق أن يخترق المكان إلا إذا حُضي بدعم هام من القريبيين من النظام ..والله أعلم

وحتى يوهم العالم أيضا أنه يتعرض لمؤامرة كونية !! وهو فقط يُدافع عن نفسه !! فيزيد من شراسته ..
في حين هو يُمارس أبشع ما رأته البشرية من أساليب قمع إتجاه الشعب المكلوم ..
وفنذ أصحاب هذا التحليل أنه تعاطى مع التفجير بطريقة مغايرة ، نقْل مكان التفجير وحتى تداعياته وطريقة الحسم مع من يصفهم بالمندسيين والمسلحين زادت وثيرتها ، وأنه قبض على مشتبهين وما إلى ذلك ، لكن حتى وإن كانت من أفعال النظام فقد ينقلب السحر على الساحر ، فقد بدأت تداعيات العملية توتي أكلها ، فقد شهدت سوريا إنشقاقات مهمه في الجيش زادت من تشبت الثوار بمطالبهم المشروعة ..

وهناك من التحليلات من قالت أنه عمل نوعي يُراد به أن يبعث الروح في الداخل حتى تزيد حماسة الثوارن وكذا دعوة للخارج للتحرك نحو مساندة فاعلة للشعب ليخرج من هذا الوضع الكئيب والذي أودى بحياة الآلاف ، فحين تُغلق الأبواب ويبلغ الأسى منتهاه ويبلغ السيل الزبى ويرى الشعب المكلوم أنه لم يحضى من العالم الحر !! سوى تنديدا وشجبا ولا يُحرك ساكنا لإنقاده من المحرقة ، ويرى إنسداد الآفق ، فجائت هذه العملية النوعية ، حين تفرج العالم على شعب يُذبح بدم بارد ، وحقوق تُنتهك حتى أحرجتهم في معاقلهم ، مادام الدم دم عربي أو مسلم فلا ضير عندهم !!.

ونحن على أبواب الشهر الفضيل نرجو من الله العلي القدير ، أن نرى سوريا وقد بدأت تتعافى من أوجاعها وعادت لها عافيتها وتنفست الصعداء ، فاللهم فرّج همهم ، وداوي جرحاهم ، وكن معهم في مصابهم ، وارحم شهداءهم ، وعجل فرجهم ، وكن لهم السند والمعين..اللهم آمين


<><> <><><><>





 

الأحد، 15 يوليو 2012

الإسلام روح تنبض بالحياة . تتمة .





لعلماء لهم هيبة وهم محل إحترام وتقدير هذا لا جدال فيه والعلماء ورثتة الأنبياء لم يرثوا لا درهما ولا متاعا ولامالا بل علما يقدمونه للناس بكل نزاهة وحرص ، لكن عن أي علماء نتحدث ؟؟
فليس كل من إرتدى لباس العالم نطلق عليه لقب عالم ، ويحق له أن يخوض في العلم وأن يفتي في كل شاردة وواردة ، حدثنا التاريخ عن علماء أجابوا عن سؤال أو سؤالين وأعتذروا عن الباقي ، خوفا من أي يُفتي بغير علم ويضل خلقا كثيرا بسببه ..
فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله لايقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بموت العلماء حتى إذا لم يُبق عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.

والمفتى بغير علم إذا أخطأ يكون إثمه على من أفتاه على من أفتاه لقوله صلى الله عليه وسلم : من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه. رواه أبوداود وابن ماجه وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
كان السلف الصالح يحتاط كثيرا قبل أن يكون له موقف من حادثة مستجدة ، أو فتوى حتى يكون عنده العلم الكافي للخوض فيها ..

حدثنا ‏ ‏سليمان بن داود المهري ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏ابن وهب ‏ ‏أخبرني ‏ ‏سعيد بن أبي أيوب ‏ ‏عن ‏ ‏شراحيل بن يزيد المعافري ‏ ‏عن ‏ ‏أبي علقمة ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏فيما أعلم ‏
‏عن رسول ‏‏ الله ‏صلى ‏ الله‏ عليه وسلم ‏ ‏قال (‏ ‏إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) أبوداود- الملاحم ..

فهذا الحديث دعوة للتجديد ، وقد إعتبر الكثيرون أن الشهيد حسن البنا يُعد من المجددين بحيث دفع بدماء جديدة  أحيت الهمم وجددت في الفكر ، وفكت قيود الجهل ومحت ما ترسب فيه ، فعندما جاء وجد الأمة تغط في نوم عميق ، سبات ذهب بمكنون أفكارها  وجمدها ، فسعى هو وثلة من أصحابه لبناء دولة الإسلام في قلوبهم حتى يأذن الله لها أن تُبنى على أرض الواقع وهو من أحيى سنة الجهاد ذروة سنام الإسلام ..

كنس الكثير من المغالطت التي طالت الفكر وعلقت به ، أعاد للأسلام حيويته ، كان نبراسا في زمانه ، أعاد للإسلام الحياة في قلبه النابض بعد الركون والخمول الذي طال الأمة ، جدد في المفاهيم وصحح الأغلاط ، أسس حركة إصلاحية تعدت مصر لتصل إلى كل وطن متعطش للحقيقة ، فَهم الإسلام على حقيقته ، فهو عقيدة وعبادة ومصحف وجهاد ، زرع معان جديدة في نفوس المسلمين ، غابت لعقود ، وقف وقفة حازمة أمام  المقولة الشائعة : ما لقيصر لقصير وما لله لله ، المراد بها إبعاد الإسلام عن السياسة وحشره في الشعائر ، وأفرغه من مضمونه الواسع الكامل ، حتى لا يكون له دور فعال في كل مناحي حياة المسلم ، فالإسلام نظام متكامل وشامل وفيه من الحركة والفاعلية ما يجهله أبناءه ..

يريدون تقييده كما شأن الكنيسة ، في الغرب مفهوم لماذا تبنوا هذا الموقف من الكنيسة ، لأن هذه الأخيرة تُعارض العلوم وتعيقها ، بيد أن إسلامنا لا تعارض بينه وبين العلم ، بل يحثنا على كسب كل العلوم ، ولا فصل بينهما ، وحتى وإن فكوا قيود الكنيسة في الغرب وتحرروا من قيودها وفتحوا أبواب العلوم فغايتهم ليست التقرب من الله  حين يقفون على أسرار الكون ليدُلهم ذلك على الصانع والمبدع ، ومصلحة البشرية ، بل السيطرة على العالم وإخضاع الغير لقوتهم وتأمين مصالحهم الفردية ،  أما الإسلام حين يحثنا على سبر أغوار العلوم حتى نحقق غاية كبرى أن نؤمن به حق الإيمان وأن نُسعد البشرية بالعلوم التي بلغناها .

ولا ننسى أن الفقه وكثير علوم طالها التجميد مذ هوى الأسلام ، عاشت الأمة في صدر الإسلام بمثل عليا لأن الوحي كان حاضرا ، وبلغ عزها مشارق الأرض ومغاربها ، وساد العدل وأزدهرت العلوم وسعدت كل  البقاع التي تشربت الإسلام من نبعه الخالص ، فآيات القرآن فُسرت حسب تقدير كل مرحلة مرت بها الأمة ومر بها الإسلام ، فلكل مجتمع وعصر حاجاته المحددة والإسلام هو الكفيل لتلبيتها في كل وقت وحين ..

وحتى إن اختلف المجتمع ففي الإسلام يجد مبتغاه ويجد ما يُرتب حياته ، إذن فليس القرآن والإسلام المسؤولان عن هذا الركود والجمود بل نحن جمدنا مذ إنفصت عراه حبة حبة وطال أوطاننا الإستعمار والإحتلال ، ففترت الهمم ، فالإسلام حث أصحابه على التفكر في سِير الأولين ، والإسلام والعلم يخدمان بعضهما البعض ..
والله أعلم ..


السبت، 14 يوليو 2012

قداسة الفيتو !!!! وحقوق الإنسان ..

بعد الحروب العالمية والتي أودت بحيات الملايين والتي كانت نكتة سوداء في تاريخ أوروبا ، فلا حرمة للإنساية ولا للدماء ولا قيمة حتى للأعراف القوي يأكل الضعيف ، منطق الغاب ، وبعدما أنهكتهم الحروب جعلوا لها حدا ، وخلقوا مواثيق تبنوها ، حفاظا على آدمية البشر وحرمة الإنسان وحفظا لكرامته وحمايته ، نصوص وبنوذ وإتفاقيات كلها تصب في خدمة الإنسان ، لكن يبقى السؤال عن أي إنسان نتحدث ؟؟ !!!! وهل هذه المواثيق سينعم بها الكل أم هي لفئة دون أخرى ؟؟؟

أصلحوا حالهم بعدما أنهكتهم الحروب ووضعت الحرب أوزارها، عندها إستداروا لعالمنا العربي فقسموه وأحتلوه ونال منهم الويلات ، كل القوانين التي يَحضوا بها وينعمون تحت ظلالها ، محرمة على الآخر ، ولا ينعم بها العربي وكذا المسلم ، ليس الأخلاق من تجمعهم بل المصالح هم حماة القانون في بلدانهم فقط ، أما لو تشبعت أنفسهم بكرامة الإنسان حقا وحماية حقوقه لتشربتها نفوسهم ولمارسوها ثقافة في الداخل والخارج..

وهذا ما لا نراه ، فهم يتعاملون معنا بإزدواجية وكأن الدماء تختلف درجة قداستها من إنسان لإنسان ، حقا هم إستفادوا من ماضيهم الدموي الأسود وأقروا قوانين تحميهم هم فقط ، إذن هي ليست ثقافة لصيقة بهم ، وأفعالهم الشاذة شاهدة عليهم ، من يدمر ويغتصب ويقتل ، أكيد يحمل ذاك السلوك الشاذ في خلاياه ..

نأتي للإسلام وكيف أقر قوانين تحمي الإنسان لا فرق بين عجمي وعربي ورجل وإمرأة وصغير وكبير، الكل حقوقهم مكفولة ، والكل ينعم بالحضوة والحماية تحت ظله ، حتى في الجاهلية كان لهم ما يُعرف بحلف الفضول نصرة الغريب في وطن غير وطنه ورد حقه له ، الشهامة الشجاعة الدفاع عن الكل المروءة ، الإسلام له بنوذ رائعة ومواثيق لم تشهدها البشرية قط ، حتى في الحروب لهم أخلاق ، إحترام الأسرى ، الإسلام لا يقاتل إنتقاما كلا بل دفاعا عن مقدساتنا وبإخلاق الإسلام ، الإنصاف والعدل للكل ، هي قوانين منبعها صافِ رقراق من الله عز وجل ..

وقد إبتدع لنا الغرب الفيتو هذا السيف المسلط على كل ما هو عربي أو مسلم ، أصبحت قُدسيته أعلى من قدسية حقوق الإنسان !!!
الفيتو يُقيض مواثيق حقوق الإنسان ، يُرفع الفيتو أمام أي حق للعرب والمسلمين ، فأين شعارات حقوق الإنسان ؟؟ وأين المواثيق التي يتغنوا بها ؟؟ بل أين كرامة الإنسان  التي يتشدقون بها ؟؟ فقد خلقوا هذا القانون فقط لينفدوا سياساتهم المخالفة للمواثيق لكن بطريقة قانونية ، متى كان قانون الفيتو يقف أمام مجازر يندى لها جبين الإنسانية ، تعلو الأصوات منددة وتقوم الساعة وتُرفع التقارير وتكون الصور شاهدة على بشاعة العدوان ، لحظة يأتي الفيتو !!!! فينسف كل شيئ
هو إستخفاف بالدماء المسلمين ليس إلا ، وكلنا يعلم بالقصة المشهور التي تحكي عن حيوانات مرضى بالطاعون ، حين قال الراوي في آخر المشهد : من كان ضعيفا كانت حجته ضعيفة ..



الإسلام روح تنبض بالحياة ..






الإسلام عالم فسيح من الإنطلاقة نحو الإبتكار والإبداع والتجديد ، لكننا نحن من فرضناعليه قيودا ووضعناه في قالب معين وحجرنا عليه ، فالخلل ليس في الإسلام بل الخلل فينا نحن ، والفكر( الديني ) الذي يُعطل العقل ويقيّده حتى لا ينطلق بل ويجمده كي لا يتفاعل ، سيجعل فكرنا قابعا في مكانه حتى يترهل لأنه حُرم الفاعلية والتجديد ، نحن حملنا الإسلام شعارا وضيعناه تطبيقا ، أخذنا بالقشور ورمينا اللّب ..

ورثنا تاريخ الإسلام مشوه وكما أراده أعداءنا حين أفرغوه من مضمونه الحقيقي ، تقبلناه كما هو ولم نسعى لكنس ما علق به أونجتهد في تجديده حسب العصر وكما نعلم أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ، يمتاز بليونة ومرونة في التفاعل والتجديد هي السمة الغالبة فيه ، فإلى الآن لم نقف على كل أسراره وخفياه فلو أطلقنا العنان لفكرنا لسبحنا في سماء المعرفة ولأدركنا ما غاب عنا ..

الرجل الغربي حين يتعطش للإسلام ، يُسلم عن جدارة يبحث ويقيّم خطواته ويُقارن بين دينه والإسلام ، ويبحث عن نقاط قوة ونقاط ضعف ، ولا يربط الإسلام ببنيه بون شاسع بينهما ، وحين يقف على حقيقة الإسلام يؤمن به عن جدارة ، أما نحن توارثناه فلم نشغل عقلنا في البحث فيه ، قبلناه كما هو ولم نسبر أغواره حتى نقف على ماتسرب إليه من أباطيل جمدته ووضعت أمامه حواجز أعاقة تقدمه ، الحوار رائع لكن عن أي حوار نحكي ؟؟ عن حوار الطرشان أو حوار التحدي أو حوار التباعد أو حوار الغالب والمغلوب ، إن كنا هذا ما نبحث عنه فالفشل هو ما ينتظرنا، ولو كان همنا بلوغ مرفأ الأمان ومعرفة الحقيقة ، وكان حوارا للتقارب وليس للتصادم ، لكان أنفع ..

حين نقف على مسافة واحدة تجمعنا ، ونستثمر الحوار نربح ، أما حين تكون الهوة سحيقة والتوافق حلم أووَهم لن يتحقق ، وأن الرسائل الإيجابية من هذا الطرف أو ذاك لا تُقرء كما يجب ، والتجاوب غائب والكل متمسك برأيه فلن نصل إذن لحل يرضي ربنا أولا ويُقرب وجهات النظر، فعندما تكون الغاية سليمة وهي البحث عن الحق لا غير وليس المعاندة والمكابرة والتمادي في الباطل ، عندها سيـثمر الحوار أما عندما تغيب النية الخالصة من أي حوار، بل ويسعى كل طرف لجر الآخر للمناكفة التي لا طائل منها ، والتي تزيد الهوة وتزيد الإحتقان ، عندها لن نجني المصلحة المرجوة من أيّ الحوار ..

المناظرةة بالحجج والدلائل هي من تجعل الآخر يقتنع ، والإسلام يعيب على من يرثه دون أن يؤمن به بعد البحث المضني فيه ، والمشركين عبدوا الأصنام دون أن يعمدوا لتشغيل فكرهم ، دون تمحيص منهم ، سلّموا بها لأنهم وجدوا آباءهم يعبدون الأصنام ، فهم على آثارهم ماضون ، عبادة صماء لم يختبروا تفكيرهم ويضعونه على المحك ويتسائلوا مع أنفسهم هل كان آباءهم على الحق أم كانوا على باطل ؟؟

الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها هو أحق بها ، هذه إذن دعوة للبحث عن الحكمة بغض النظر عن مصدرها ، مادامت حكمة وستفيدك ، فقد أثار إنتباه إحدى المسيحات عبادتها المبهمة والغريبة وسألت أمها تريد أن تكشف لها عن حقيقة هذا الدين ، لكن جواب الأم كان غير مقنع للفتاة التي أرهقتها الأسئلة ولم تجد لها جوابا كافيا ، فقد ردت عليها أننا نؤمن ونُسلّم دون أن نسأل !!!!

هنا تحولت الفتاة للبحث وشغّلت تفكيرها حتى وصلت للإسلام ، فالله حاور إبليس حتّى ، حتى يقيم عليه الحجة ، والله بعث الأنبياء والرسل يحملون مشعل الهداية للأمم ، ويبلغوا عنه آياته العظمى وحتى لا تبقى أي حجة لهم ، لكن بلين الخطاب ، موسى عليه السلام بعثه الله لأشر الخلق من إدعى الربوبية ، وقد أمره الحق أن يهديه طريق الرشاد بالتي هي أحسن ، وحين تكبّر وعاند ولم يزده ذلك إلا طغيانا وكفرا ، حُرم الهداية ولم يؤمن حتى رآى آيات الله العظمى ، عندها لم ينفعه إيمانه ...

عندما نؤمن بالحق ونذعن له يكون ذلك عن جدارة وبصيرة لا تعصبا ، الإسلام يبث روع الفاعلية في بنيه ويحفزهم على العطاء والإنطلاقة قال تعالى :
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) العنكبوت
هذه دعوة منه عز وجل لسبر أغوار البحث وتقصي الحقائق والوقوف عندها ومعرفة أسرار الكون وبداية الخلق ، والتأمل في ما خلقه الله ، وهذا بدوره يدعونا ، للإنطلاقة في عالم المعارف والعلوم ، الإسلام ليس رسالة جامدة كلاّ ، ففي عصر قامت فيه العلوم ، وتفتحت فيه العقول ونهلت من كنوز المعرفة ، وكانت زادا لها رأينا كيف أن قرطبة أصبحت منارة للعلم ، إلى يومنا هذا يندهشون من حضارة الإسلام التي خلقت هكذا عقول ، وكيف أزهرت بهاته الطاقات ، فالإسلام روح وعمل يدعوك لتسبح في سماءه ..
وركز القرآن على الأرض فمن خلالها نتعرف على تاريخ الأرض فهو محفور في الصخور ، تاريخ الأشجار بالسنين محفور فيها أيضا ، وكذا النشأة ، ففي خلقنا أعظم العبر ، خلق دقيق لا يُثقنه إلا خالق مبدع سبحانه ...

صحيح حال المسلمين لا يسر صديق ، جامد وكئيب ، حوارات غالبا ما تُفضي لمناكفات ، كل واحد معجب برأيه ويراه صائبا ، أنهكتنا الحروب الداخلية والخارجبة ، والدسائس والمكر ، وهزمتنا خلافاتنا من الداخل أكثر ، حين تشتتتِ ألأفكار ، من فكر ملحد لا يُعير للإسلام إحترام إلى فكر شاذ يُكفر الكل، أضحت الفئة المعتدلة قليلة ، وينال منها الكل ..

المثقف يعاني الأمرين ، معاناته في الغربة وكذا في وطنه، لكن عليه أن يعلم أن التغيير يلزمه وقت حتى يتحقق ، ويُحقق بدوره ما يصبو إليه ، وأن الواقع لم ينضج بالقدر الذي بلغه هو وأن سيرة التغيير بدأت وتحتاج لصبر وقوة إرادة وجهود جبارة لتغيير ما تكدس في العقول لعقود ، وحتى نمحي أفكارا مزقت وحدتنا وخلقت هوة سحيقة بيننا ، وحتى نَكنس ما علق بالأذهان ونخلق أفكارا جديدة نسعى من خلاله لرقي أمتنا .

والله لا يقيس الظلم والعدل بمقياسنا نحن البشر ، فما نراه من منظورنا القاصر ليس كما يراه الله عز وجل ، كيف للظلم أن يهنأ وكيف للمظلوم أن يتجرع الآلام ؟؟ !! في غياب العدل !!!
الله يحسبها غير حسابنا نحن ، لحكمة يعلمها خلق هذا الكون ، وجعلنا خلفاءه في الأرض ، وأن قدرنا حماية الحق والذود عنه بما أوتينا من قوة فالله لا يُعجزه الظلم والطغاة وهو القادر عليهم ..
قال تعالى :
( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) سورة محمد
وفي مقارعتنا للظلم يستجيش في نفوسنا أكرم مافيها فتجاهد في سبيله ، ويُضفي عليها لمسات صافية نقية تظللها وتسمو بها للعلياء ..
وحتى يختار منا شهداء ، وتمّة محكمة إلاهية مهما قصُر الزمن أو طال سنبلغُها ، محكمة يقتص الله من الظالم وتُعاد الحقوق لأهلها ، الله يمهل ولايُهمل ..












الجمعة، 13 يوليو 2012

قراءة في الرواية الرائعة *عمر يظهر في القدس * للكاتب نجيب الكيلاني

  •     
هي قصة رائعة بما تحمله من معان جليلة وأفكار إبداعية وأهداف سامية ، تجعلك تعيش مع القصة وكأنها تحيا فصولها ، أو أصبحت جزءا منها ، حرص الكاتب أن يُقدم فيها كل تجديد وتنويع فقد خالف مضمون قصصه ، فهي أقرب للخيال بالشخصية التي أدرجها فيها ، لكن أضفت عليها قيمة فنية عالية ، تجتهد لقراءتها كي تصل للنهاية وتتسائل مع نفسك كيف ستكون ؟؟ فقد تتبع الكاتب أسلوب رائع في السرد ، والقصة تحمل رسائل ذات معنى جليل ..
هي تحكي عن مدينة القدس وعن الجيل الجديد الذي وُلد تحت الأحتلال وترعر في كنف المقاومة ، يأنف أن يظل قابعا تحت الإحتلال ويتطلع لتغيير الحال ، وكله أمل أن الأحوال ستتغير إن شاء الله ، لا يأس في قاموسه بل تفائل وأمل ، أكبر من عمره يحمل هم الوطن سطر هدفه وأدرك مسيره وسعى إليه بهمة ونشاط ..
من الممكن أن الكاتب كتب حقا عن شباب لهم وجود وما أكثرهم على ساحة فلسطين ، أو كانت الغاية أن يكون شبابنا على شاكلة هذا الشاب الكريم الذي تدور فصول القصة حوله وحول الخليفة ، ففي خضم ما كان يُعانيه ، وهو يحمل في قلبه حبّ الوطن ويسعى بكل جهده لتبقى القضية حية في زمن الكل نساها أو تناساها ، المهم سيلتقي بالخليفة ، الذي أوهى الإسلام حين إستشهد ، لعدله وقوته في الحق ..
وأيضا ممكن أن الكاتب كان يرجو أن يعود زمن الخليفة الراشد أو يُقارن زماننا بزمانه ، بون شاسع بيننا وبينهم ، أدمعت عينا الخليفة حين علم أنه في مدينة القدس وكم حنّ لرأيتها لكنه في زمانه لم يستطيع حيث حال بينه وبين الزيارة وباء فشى فيها ، قاطعه الشاب بقول : واليوم هي تشهد وباءا ألم بها وتئن تحت نيره ، هو الإحتلال أنكى من الوباء  الاول ، لأن الوباء يفتك بالبشر فقط ، أما الوباء الحالي فتك بالأرض والمقدسات والتاريخ ..
هنا ستبدأ رحلة الخليفة من الشاب ليقف على مكامن الخلل فينا ، هوان وضعف وقد تخللت القصة كلمات نابعة من قلب صادق مخلص للقضية ، كلها حكم ودروس ونصائح غالية ، إستغرب الخليفة من حال المسلمين ، كيف غاب الحق وغاب الأمر بالمعروف والنهي عن النكر وأنه أصبح لا يكثر الإخوة بحال إخوانهم ، وقف على حقيقة أن طبيعة اليهود لم تتغير على مدى الزمن ، إذن نحن من تغيرنا وأوجدنا منافذ وثغرات دخل منها الإحتلال وفرق شملنا وحاك لنا الدسائس ..
وكيف والقرآن يحكي خصالهم فكيف تجاهلناها ، وكيف أغفلناها حتى حل بنا ما حل ، وأن اليهود حاكوا الغدر للإسلام من يومه الأول ناصبوه العداء ، وقف على ضياع الأخلاق حين هوت هوى الإسلام ، وهوت العزائم وحل الفتور ، كاد يموت كمدا مما يسمع ويرى ، علم أننا تخلينا عن عزتنا وأبتغينا العزة في غير الإسلام فأذلنا الله ، علم أن الوهن تسرب لأرواحنا وغابت الشجاعة والإقدام ، وحل التكلف والمجاملة محل البساطة والتواضع ، أدرك إذن من أين جاء الخلل حتى حلت بنا الهزائم ..
تتخلل فصول القصة من حين لآخر كلمات عز وفخر للخليفة كلمات بلسم وشفاء للآهات ، نور يشع إخلاصا ويحث على المقاومة كلمات وجدت لها صدى في القلوب ، الإخلاص الذي إفتقدناه في حياتنا ، وقف على أمر خطير ، كيف أن بعض من بني جلدتنا صدقوا الإحتلال ورواياته وأنه ينشد السلام والتعايش !!! وغايته الحقيقية هي شق الصف وخلق جو الفرقة حتى يقضي على الكل ..
وتُختم القصة بنصائح رائعة تحمل تباشير لأمتنا بنصر قادم بحول الله كلها حشد للهمم ، وأنه لا يصلح حال الامة إلا بما صلح أولها ، وأن يكونوا يدا واحدة حتى يُفشلوا كل ما يُحاك لهم ، بقوة وحزم وأن يُقيّموا أخطاء الماضي وهو الأفضل بدل التمادي في الخطأ ، وأن معركة الحق ضد الباطل ماضية إلى إن يرث الله الأرض ومن عليها ، وأن هذا هو قدر أمة الإسلام حاملة مشعل الهداية والسعادة لكل البشرية أن تناف وتكافح عن الإسلام وتحميه وتحفظه، ورغم التضحيات الجسام فالنصر قادم ، فمن أسماء الله الحسنى العدل والعادل فلا يرضى الظلم ولن يرتضيه لعباده ، وإن مع العسر يسرا ..

كيف نغتنم أيام وليالي شهر الخير والبركة ؟؟



 

قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة ..
وقال عز شأنه :
( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [البقرة..

عن أبى هريرة رضى الله عنه تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"الصيام جنة فلا يرفث ، ولا يجهل ، إن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إنى صائم مرتين ،والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك . يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلى،الصيام لى وأنا أجزى به، والحسنة بعشر أمثالها." حديث صحيح،رواه البخارى

لا يفصلنا عن رمضان إلا أياما معدودات ، فماذا أعددنا لهذا الضيف الكريم ؟؟ والذي إنتظرناه بشوق ، وقريبا سيدق أبوابنا ، شهر هو خير الشهور ، مدرسة للمؤمن يستخلص منها الدروس والعبر ، شهر الملاحم والبطولات والفتوحات ، جهاد للنفس ، فيه تتضاعف الحسنات ، فيه تفتح أبواب الجنان وتُغلق أبواب النيران ، فيه ليلة خير من ألف شهر ، شهر القرآن ، الغاية منه تقوى الله وأن تَتَخفف الأنفس من كل ما أثقلها ، فالتقوى أعلى المراتب التي ينشدها المؤمن ، لأن الصيام عبادة بينك وبين خالقك ، وهو جُنة ووقاية من كل الأمراض الروحية والجسدية ..

وكما يستعد المؤمن لإستقباله بمزيد من الطاعة والتجرد لله ، أهل المعاصي يستعدون له ، بالمسلسلات التافهة والسهرات والمحرمات ووو ...حتى يشغلوا المؤمن عن هدفه من رمضان وهو نيل رضى الله ..
المؤمن يروح عن نفسه حتى في رمضان لكن بالمباح بالمسابقات القيمة والطاعات والإجتهاد في المنافسة في الخير ولنا في صيف الحرية المثل الأرقى كيف يُمضي المؤمن يومه في طاعة ، أما ليلُه فلقراءة القرآن ولإغتنامه في مرضاة الله ، فلنبتعد عن كل ما من شأنه أن يخدش صيامنا ، ولا ضير في متابعة ما هو مفيد لنا ، ولنحمد الله أنه أطال في عمرنا حتى بلغنا رمضان ، فهذا منّة من الله لنا ..

فلنحرص عن أن لا يفوتنا موسم الطاعات وأن نبتعد عن بعض السلبيات التي نشهدها كثيرا فيه : أولها السهر، حتى لا تفوتك صلاة الفجر ، إحرص على وجبة السحور ففي السحور بركة ، إحرص على صيام الجوارح فهو يوازي صيام الروح ، لا للغيبة والنميمة وكل ما من شأنه أن يُفسد صيامك ، لا للإسراف في الأكل حتى تثقل فلا تستطيع صلاة التراويح ، الصوم مُطهر للروح مما يُغضب الله ومُطهر للجسم من السموم التي علقت بها ، فلا تُعدها ليلا وقد تخلص منها الجسم نهارا ..
قال صلى الله عليه وسلم «ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه» رواه الترمذي في سننه ..

لا تُكثر النوم في نهار رمضان ، فيذهب بالأجر ، إبدأ فطورك بالثمر فقد أثبت الطب الحديث أنه أسهل في الإمتصاص وأنه يمد الجسم بالسكر الذي فقده ، أختي المسلمة إعلمي أن رمضان ليس لإبتكرار أصناف المأكولات والإسراف فيها !!!
وأعطي لكل ذي حق حقه إعلمي أنك تحملين رسالة لا تقل عن رسالة أخيه الرجل ، فأغتمني وقتك ، وقت للطاعة ، وقت للإهتمام بالأولاد ، وقت تُعطي لدينك وأمتك بما منّه الله به عليك ..


رمضان مدرسة تسمو الروح ..

قال الله تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة ..


هذه الصورة مصغره ... اضغط هنا لعرضها بالمقاس الحقيقي ... المقاس الحقيقي 640x400 والحجم 159 كيلوبايت .



المؤمن كل أيامه طاعة وكل عمره يغتنمه في الأعمال الصالحة ، لذلك حين يحل رمضان يجده قد تهيأ وتأهب لإستقباله ، ففيه يُضاعف الأجر وتزيد الحسنات ويُجزل العطاء ، وتكون المكآفة في العيد ويوم القيامة تجد أعظم مكآفئة الجنة إن شاء الله ..

ففي العيد توزع الجوائز وما أغلاها من جزائز ، حيث تحل الرحمة ويغفر الذنب وتُعتق الرقاب من النار إن شاء الله ، ولنعلم أن كل عمل إبتغيته به وجه الله إلا كُتب لك به الأجر فاغتنمه في الطاعات ولا تُحرم أجره ، فلا يفصلنا عنه إلا أياما معدودات، فلو أن ضيفا عزيزا لقلبك طال شوقك له وقد إقترب مجيئه ، كيف ستستقبله ؟؟

وبأي حفاوة ستقابله بها ؟؟ حتما بحبور وفرحة غامرة فهو أحب الشهور للقلوب ، فيه يدعو الداعي يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أدبر ، فلا نطيعه في رمضان ونعصيه في أيام اُخر ، ولنجتهد فيه ، حتى نكون من عتقاءه إن شاء الله ، الصوم يُعلمنا قوة الإرادة ويعرفنا معنى الصبر ، فالطاعات الأخرى علانية في معظمها أما الصيام فهو بينك وبين خالقك ، لا يطلع عليه سواه ، هو تزكية للنفس ، وتدريب لها حتى تُغير من المألوف ..

ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيمانا ً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ..
فهو وقاية وهو مدعاة لنا لترك المعاصي والتوبة النصوح والإياب والعودة لله ، وإخلاص النية له ، فالصائم هو من كفّ كل جوارح عما يُغضب الله ، والترفع عن إذاية إخوانه ، هو إذن مدرسة وهو محراب العابد ، تجد فيها سعادة حين تصومه مخلصا وحين تُفطر فرحا بصيامك ، ولو علمنا ما في رمضان من خير لتمنينا أن تكون كل أيامنا رمضان ، فيه تُغسل الأنفس من أرْدانها وتتجرد لخالقها ، فيه نعرف قيمة نِعم الله علينا ، لا تعرف قيمة النعمة إلا إذا حُرمتها ، مثلا الماء موجود في كل ساعة وحِينْ فلا نُدرك قيمته ، وحين نفطر ونرتوي بعد عطش ونأكل بعد جوع تجد اللسان رطبا بذكر الله يحمده ويشكره على نعمه الجليلة ..

والصيام يجعلك تحس بما يُحس به الفقراء والمساكين ، وتعطف على حالهم وترأف بهم وتكفيهم حاجاتهم ، وتُعينهم وترحمهم ، فأنت صائم شهرا فقط ، فكيف بمن يصوم لأشهر ، فهم في كل البقاع محتاجون لمواساتك لهم والتعاطف معهم ..

إذن فالصيام مدرسة لتهذيب النفس وتنقيتها وهو إمتحان لأنفسنا حتى تجتهد وتَجد في الطاعات ، فالروح تسمو في رمضان وتقترب من بارءها ، وأعظم نعمة الكل ينتظرها بعد الرحمة والمغفرة وهي : العتق من النار ..
نسأل الله عز وجل أن يعتق رقابنا ورقابكم ورقاب كل المسلمين والمسلمات من النار يوم القيامة ...اللهم آمين
ورمضان كريم ..
:



الاثنين، 9 يوليو 2012

المرء بأصغريه لسانه وقلبه ..



كانت العرب في الجاهلية وحتى قبل مجيئ الإسلام تربي أبناءها على النخوة والحمية وفصاحة اللسان والشهامة منذ حداثة سنه ، حتى تضحى خلقا لصيقا به ، وحتى يتدرب عليها منذ الصغر ، بل كان من الضروري أن يُرسل الإبن للبادية حتى تتشرب روحه صفاتهم ، ويتنفس هواءها النقي ، ويشتد عوده ويتدرب على البطولات والتحدي ، ولا يترهل ولا يعتاد على رغد العيش فلا يقوى على مجابهة الصعاب ، بل وحين يواجه العراقيل تخور قواه ،...

وفي صدر الأسلام كان للغلمان وجود بارز وبصمة مهمة في المجتمع ، يتنافسون على الخير ، يُجالسون عِلية القوم ينهلون منهم كنوز العلم والمعرفة ، ويتعلمون فنون الشعر وفنون القتال ، فامتازوا برجاحة العقل ونضج ووعي كبيرين ، وكان القرآن حافزا لهم ، فماجاء ذكر الفتية إلا قورنوا بالأخلاق والوعي العالي..
قال تعالى : ( قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ) سورة الأنبياء.
رغم حداثة سنه إعتزل آلهتهم وتأفف منها وهجرها وكان يُبغضها ويُعاديها بل وحطمها ..
وقال أيضا : (...إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى .. ) الكهف
فتية آمنوا برهم وفَروا من قومه حتى لا يفتنونهم في دينهم ، كانوا من عِليه القوم ، تلاقت روحهم على رسالة واحدة الإيمان بالله ، توحدت قلوبهم لم يكونوا فقراء بل أغنياء وعندما عرفوا الحق وتشربته قلوبهم خافوا على دينهم من قومهم فقد كانوا ذا مراس كبير ، هجروا الترف وحياة الغنى ليضمهم كهف بسيط لكنه يحميهم من بطش أهليهم ، فآووا إليه ليكونوا فيما بعد أية من آيات الله تشهد بحقيقة البعث ..

والقصص في هذا الشأن كثيرة واليوم حين قللنا شأنهم حُرمنا عقلهم ، وحُرمنا أفكارهم ، فلكل جيل موارد بين يديه ، إن هو تلقى تربية صالحة منذ الصغر برزت بصماتها في الكبر ، والتعلم في الصغر كالنقش على الحجر ، تظل راسحة مدى الزمن ، فالشباب أمل مستقبل الأمة وحين أهملت الأسرة وظيفتها في رعاية النشئ ، وغابت القدوة الصالحة حل الهوان ، وعظت المصائب ولا ننسى قول النبي عليه الصلاة والسلام : نصرني الشباب وخذلني الشيوخ

فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيتهم ، وأعلم أنك إذا زرعت وَردا أكيد ستحصد شدى فواح وإن أنت زرعت حنظل فلن ينالك منه إلا السدر والشوك ، أولادنا كالشجرة إن أنت تعهدتها بالسقي وأخترت لها السماد القوي والنقي ، وحميتها من الحشرات وقوّمت أغصانها ستقطف ثمارا وتتفيئ ظلالها أي نتاجها هو الولد الصالح ، وحين تُقصر في حقها وتهملها فستكبر الأغصان معوجة أكلتها الحشرات ونخرها السوس ولن تعطيك لا ثمارا ولا أزهارا ..
ولنا في التاريخ قصصا رائعة لأخذ العبرة ، نضعها بين أيديكم لنرقى بتربية أولادنا حتى نبلغ بهم هذا المقام الذي بلغه هذا الصبي :

عندما تولى عمر بن عبدالعزيز الخلافة سنة 99 هجرية 717 ميلادية جاء إليه وفد من الحجاز لتهنئته بالخلافة وتقدم من بين القوم غلام صغير السن، فقال له أمير المؤمنين: تأخر يا غلام وليتقدم من هو أكبر منك سنا. قال الغلام: يا أمير المؤمنين لو كان الأمر بالسن لكان في مجلسك هذا من هو أحق منك بالخلافة، لكن اذا أعطى الله الانسان قلباً مؤمنا وعقلا وفكرا ولسانا يحسن النطق فقد استحق ان يتحدث عن قومه.

فأعجب الخليفة بمنطق الغلام وقال له صدقت، فتكلم أنت، فقال الغلام: يا أمير المؤمنين لقد قدمنا عليك لا رغبة منا ولارهبة منك، فنحن نعيش أيامك في أمان، نستظل بعدالتك، فنحن وفد للشكر والتهنئة. فسأل عمر عن سن الغلام فقالوا: "عشر سنين".

لقد تكلم فأجاد ووفى ما أحوجنا لهكذا نماذج حتى تكون قدوة لأبناءنا ..

الأحد، 8 يوليو 2012

وأخيرا إنتهت رحلة الفراق والعذاب .. بقلمي ..





هي قصة مؤثرة تحكي فصولها طفلة لم يتجاوز سنها الرابعة عشر ربيعا ، وهي قصة ليست الوحيدة من نوعها، وليست الأولى وقد لا تكون الآخرة في زمن عز فيه الحق وأهله ، بل هناك مثيلاتها وقد تكون هناك قصصا أكثر ألما ووجعا من هاته القصة التي سنرويها وهي تحكي رحلة عذاب طوتها طفلة وآن لها أن تنعم بالحنان والأنس والحب في كنف أباها المعتقل سابقا ، هي قصة جسدت صمود طفلة وصبرها وهي التي لم تحضى بضمة أو قبلة من أباها الذي رحل عنها مرغما وليس طوعا وهي جنين في أحشاء أمها ..

كانت زياراتها لأبيها في المعتقل ترسم على ملامحها أسئلة كثيرة إستوعب عقلها الصغير البعض من إجابات أمها ولم تستوعب الكثير ، عند الزيارة تزيد لوعة الشوق تريد أن تلمس يداها يداه أو تحضنه أو تُسِر له بكلمات حفظتها عن أمها أو تبوح له بما يختلجه صدرها الصغير الذي عانى ألم الفراق ، كلما كبرت كلما إزدادت أسئلتها لأمها : لماذا أسر أبي ؟ لمذا أُحرم من طلته ؟؟ لماذا عزائي أن أراه في الصورة ، أو أحضى به في أحلامي ، يمسح دمعتي ويواسيني ، وحتى وإن رأيته تفصلني بيني وبينه أسلاك من حديد حفرت في قلبي آلام البعد والقهر..

كلما إقترب موعد الزيارة كلما إرتفعت حرارتها حتى يُخيل لأمها أنها مريضة ورغم ذلك تجدها تتعالى عن آلامها هي إذن لوعة الشوق لرأية الأب الغالي كم هو قليل الوقت التي تحضى به معه ، لكن على قلته تجد عزاءها فيه ، كل مرة تحدث نفسها كيف ستلقاه ؟؟ وماذا ستقول له حين تراه ؟؟
لكن ما إن تراه حتى يغلبها الدمع وتنسى كل ما أعدته لتلك اللحظة القاسية ، ولا تبقى في شفتيها إلاكلمة ترددها : بابا بابا إشتقت إليك متى تعود طال غيابك وأحيانا تتكلم العيون دمعا في صمت و تُحبس الكلمات ولا تجد لها منفذا للتعبر عن ما يختلج قلب هاته الصغيرة ويعبر عن ألآم الفراق ، موقف يهز الجبال ..

وفي أحد الأيام بلغ الأسرة الكريمة أن هناك صفقة تحمل إسم صفقة الأحرار ، سيتحرر بموجبها أكثر من ألف أسير ، وتشمل عددا مهما ممن يحملون أحكام مؤبدات ، وقد تشمل أبا فاطمة ، غمرتها الفرحة ولم تصدق النبئ، ومن يومها لم يهدأ لها بال تتابع الأخبار علها تجد ما يفرحها ، مشاعر فرح وخوف معا إنتابت فاطمة ، هل ممكن أن يعود أبي وتعود الفرحة لتكسو بيتنا ، لكنها تخاف أن تفرح ولا يتحقق مناه في عودة أباها ، فينتابها الإحباط ساعات كانت هي ألأطول في حياتها ..

تحدث نفسها كيف سيكون العيد وبابا معانا ، سلفا كان العيد لا معنى له في ظل بعد الأب ، لم تحس أصلا بطعم العيد ، في يوم العيد يكتنفها الحزن والحسرة والألم ، تتطلع للشارع عبر نافدة صغيرة وهي تنظر للأطفال في مثل سنها ، يرفلون في فرحة وحبور ماضون لصلاة العيد برفقة آباءهم يلبسون ملابس العيد ذات الألوان الزاهية تكسو البسمة محياهم وعلامات الرضى بادية عليهم ترسم البهجة على شغاف روحهم ، وهي تجفف دمعها وتبكي مرارة الفراق ، لتجد صدر أمها الحنون تمسح حزنها فيه وتكفكف دمعها ..

هي الزوجة الكريمة الصابرة التي ضحت بسنين عمرها وهي تربي فاطمة وتحدثها عن بطولة أبيها وشهامته ، الأم هي أيضا تشتد عليه الأزمات لكن أمام طفلتها تتعالى على كل شيئ حتى تخفف من وجع فاطمة ، سألت أمها من جديد : لماذا أسر أبي ؟؟ تسأل فاطمة عن أبيها كلما إشتاقت له ودائما تكرر نفس السؤال رغم أنها تعرف الجواب ، لكنها طفلة أثقل الحزن كاهليها وألم البعد هدها ، تجيبها الأم الكريمة : لأنه أبى الركوع في زمن الخنوع ، دافع عن ثرى وطنه الطيب ، سافر بعيدا عنا ليحيا الوطن عزيزا كريما ..

لكن فراغا قاتلا تركه خلفه ورحل في رحلة العذاب ، بعد هنيهة جائت الأخبار تطير على جناح السرعة لقد شملت الصفقة أباها الكريم لم تصدق فاطمة الخبر وأخدت من جديد تتسائل بين نفسها كيف ستكون لحظات اللقاء ؟؟ وقد مضى على أسر الوالد سنين ، جائتها الأجوبة تترا ، فقد جائت اللحظة التي إنتظرتها فاطمة وما أقصى الإنتظار زُفت الأخبار التحرير وعلت الرايات والتكبيرات وعمت الأفراح كل بيت ، سعادة لا توصف هي لحظات إذن يعجز القلم عن التعبير عنها ..

في اليوم الموعود زينت فاطمة البيت بالزهور والشموع وعلت زغاريد الأهل والأحباب والجيران ، ما أصعب ساعات الإنتظار وما أطولها وبعد وقت ليس بالقصير هلّ وجه الأب الحنون بطلته الزاهية ، عانقته فاطمة وألجمتها الفرحة وأطلقت العنان لدموعها لتحكي فصول معاناة دامت سنوات وقفت الكلمات بل وقف الزمن ليرسم لوحة طاهرة من حب وحنان تجمع أب بطفلته ، كانت العَبرات هي التي تتكلم وكانت النظرات رسائل حنان وعطف أبوي حرمت منه لاكثر من عقد ..

ظلت فاطمة تردد كلمة بابا بابا كل حين ووقت ، سجد الأب الكريم سجدة شكر أن أمد الله في عمره حتى لقي الزوجة الصابرة والطفلة البارة والأهل والأحباب ، لم تبرح فاطمة جانبه ، ساعة تُلقي عليه نظراتها بعفوية الطفولة ، وتتفرس ملامحه وساعة تتطلع له ، تقبل جبينه الطاهر ، تبتسم فرحا وطربا لهاته اللحظة التي إنتظرتها طويلا ، وساعة تحكي له عن آلام البعد عنه ، كانت طفلة أكبر من عمرها ربتها أمها على القيم وغرست في قلبها حب الوطن وحب الإنتماء للوطن ، البيت يزهو بأحبابه وعادت البسمة له بد طول غياب تهللت الوجوه بالطلعة البهية ، نسي كل ما مر به وهو يعيش لحظة اللقاء ، لحظة دفئ وحنان حرم منها لسنوات ، اليوم حقا عاد وللمقاومة جهز نفسه ولها من جديد رخص روحه نماذج قل نظيرها في عالم مختلف ، عرف دربه وله وطن روحه ولن يحيد عنه مهما كان ..
تحية إكبار لكل المحررين ونسأل الله لهم الثبات والصمود وأن يبدل آلامهم آمال وأن يجزيهم خيرا على ما بذلوه من راحتهم وروحهم حتى يحيا الوطن كريما ..


السبت، 7 يوليو 2012

:) وداااااعا لحصارك غزة ...



حين أُغلقت كل السبل أمام غزة وسدّت في وجهها شريان حياتها معبر رفح ، حفرت الصخر بسواعد بنيها لم تركع لم ترضى الدنية بل بقيت صامدة ، ورغم ما كابدته من ألم وحسرة ، ظلت غزة ثابتة ، حفرت الأرض وجلبت الحليب وملابس العيد ، ومواد البناء وكل ما يلزم غزة لم تلن تلك السواعد ، بل جعلت من الأنفاق ملاذها للخروج للعالم حتى تلبي حاجات غزة الضرورية ، هو إذن الحصار الجائر ..

كشف للعالم حقيقة المحتل الذي عاقب غزة على نهجها المقاوم ، حتى بلغ به الأمر أن يمنع الحليب عن أطفال غزة ، توالت سفن الدعم لكسر الحصار ، وفي كل مرة تتصدى لها آلة المحتل وتمنعها من بلوغ غزة كم وقفنا على قلوب تتقطع كي تبلغ غزة وتقبل ثراها الطاهر ، وحتى إن جائت عبر معبر رفح أنذاك ، تعرضت للتماطل حتى تفسد المواد أو تُتلف ، طوابير من الشاحنات تنتظر العبور وكلها شوق لترسم البسمة على وجوه الصغار بلمساتها الحانية تمسح عنهم سحنة الحزن ، كانت غزة في أمس الحاجة لمن يُغيثها ، ويخفف عنها الحصار كم من أرواح أزهت أمام التماطل أو الإنتظار لفتح المعبر ..

وفي الآونة الأخيرة تناقلت الأنباء من مصدر مصري أن فك الحصار على غزة في طريقه للحل النهائي وقريبا سيفتح معبر رفح بشكل كامل أمام دخول كل ما تحتاجه غزة من الضروريات وهي خطوة رائعة ومهمة في إنهاء حصار دام زهاء الخمس سنوات عانى منه القطاع الأمرين ، هي إذن خطوة ستجعل الفرحة تتسلل للقطاع وتنسيهم وجع الحصار وآلامه ، فلهم إخوة لن ينسوهم وهو جادون لتخفيف معاناتهم ..

كما أن هناك جهود لتطوير معبر رفح وتجديده حتى يستوعب عدد الشاحنات التي تتكدس أمام المعبر وهذا فيه الخير للجانين وتحسين خدماته ، معبر رفح بوابة ستخدم البلدين بعون الله عندما تقف غزة على أرض صلبة وتنمو فأي خير ستنعم به سينعكس على مصر والعكس صحيح ، فالحصار كان ضررا على الكل غزة ومصر ..

هو قرار إيجابي سيخفف آثار الحصار وسينقد أرواحا من شبح الموت في رحلة البحث عن العلاج وكذا مرور الطلبة وزيارات الأهل ، مصر وفلسطين لا غنى أحدهما عن الأخر وتجمعهما روابط كثيرة ..

الجانب الصحي في قطاع غزة يعاني كثيرا فقد شهد ترديا ونقصا حادا في آلياته الطبية ، القطاع الصحي بالذات محتاج لتكثيف الجهود ودعمه حتى يستطيع تلبية حاجات القطاع ، خطوة تحمل تباشير جمة وتعزز صمود القطاع ، غزة في حاجة لدعم مهم من أشقاءها العرب حتى تقف من جديد على رجليها وتلعب دورا مهما في إغناء القطاع وتطويره فهم لا يحتاجون للرجال ، فسواعد بنيها حفرت الصخر ، بل تحتاج لدعم حتى يقوى ظهرهم ..

هي دعوة إذن للوقوف مع غزة حتى يكون لها مكان ، لا يكفي أن تعطيه كل يوم سمكة بل علمه كيف يصطاد ، عندما تتكاثف الجهود القيمة ويقدم الدعم المهم لخلق مشاريع في القطاع والنهوض به ، عندها ستشهد غزة مستقبلا واعدا بعون الله ، ولا نعتمد فقط على المساعدات وإن كانت مهمة وتسد حاجات الكثيرين لكن حين ندعم إقتصاد غزة حتما سيشتد عودها ، فذلك أفضل لأنك ستحيي فيه الهمة للعمل والمثابرة والعطاء بدل الركون للمساعدات وهم أهل للعطاء والبذل ..

خطوة مصر خطوة مشرفة تُحسب لها وتُحسب لصمود القطاع وأهله الذين صبروا وتحملوا المشاق بقلوب موقنة بالفَرج ، نسأل الله أن تتم هذه الخطوة على خير وتنعكس إيجابا على الجانبين غزة ومصر وكل فلسطين ، بعون الله ..



الجمعة، 6 يوليو 2012

إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ..

عندما نكتب نعبر عما يختلج أرواحنا ، فحين يبلغ السيل الزبى ويبلغ الحزن منتهاه ، حينها تبحث عن مكان تجد فيه السلوى  كلماتك علها تجد صدى ، فلنعلم أن الله ما خلق خلقا أهون عليه من الدنيا ، هي الدنيا ذاك البحر العريض ، كلما شربت مه زدت عطشا ، هلك فيه الكثيرون ، حين تركوا الحمى الآمن ، والأخوة الصادقة والهدف النبيل ، فأجعل سفينتك تقوى الله ، وعدتك التوكل عليه ، وزادك العمل الصالح ، وأعلم أن الصبر مفتاح الفرج ، وأن مع العسر يسرا ، الكتابة لاتفقد المرء ملامحه أو تجرده عن روحه ، بل هي من تجعله يدرك مكنون روحه وتخفف عنه أحمالا أثقلت كاهليه ، ..

في المقابل حين يكون لأحد إحساس وهاج وصدق في الكلمة ، لماذا يخفيها حتى لا يحضى بها غيره ، فقد يتعرف عليه آخرون عن قرب من خلال كلماته ، ولو فكر كل إنسان أن يحجر على كلماته في مكنون روحه لماتت ولم تعد لها معنى ، أو لحرم الناس عطاءه ، لأن روحه لها طاقة تحمل فنحن بشر ، ففي البوح بما يكتم أنفاسنا نرتاح وخاصة حين نجد من يتجاوب مع كلماتنا ، ويهتم لها ، فقد  يظلم المرء نفسه حين يسجن كلماته ، وفي  حبسها دون وجه حق سيحرم الآخرين أن يتلمسوا من خلالها شخصك وروحك ، إطلق لها العنان وفك أسرها فقد تكون في سراحها أحسن بكثير حين تكون مكتومة أو مسجونة ..

سيقف عندها الآخرون وسيقرأون ما بين السطور وما تحمله تحت طياتها ، وستلقى بعون الله كل الإهتمام ، لن يستطيع المؤمن أن يحيا في عالم وحده بل يعيش مع إخوته يقاسمهم أفراحهم وأتراحهم ويخفف عنهم ، والذئب يأكل من الغنم القاصية ..

لا تعطي الكثير فقط النزر القليل حتى لا تفقد روحك  ، لكن لماذا علينا  أن ربط الكلمات بالروح،  فتضحى جسدا واحدا لو إنفكت عنه حينها تموت الروح ..
لولا فسحة الأمل لمات المرء كمدا، اليأس لامكان له في قاموس المسلم ، لا نكتب حتى يمدحوننا او يقولوا عنا كتاب ، بل حتى نحس بالراحة ونحن نلقى آّذانا صاغية تهتم لنا ونهتم لها ..

أخوة قد لا تجدها في موطن آخر ، فاللهم أجعلنا خيرا مما يظنون وأغفر لنا مالا يعلمون ، أكيد أنك حين تتكلم لن تفقد روحك بريقها ، بل ستجدها بعدما إفتقدته وسيرتاح الفؤاد لأنه خفف عما يثقله ، الإبتلاء قد يختلف من شخص لآخر لكنه يبقى إبتلاء ، إستمد القوة من الله حتى تتغلب عل معيقات الدنيا..

كم أحببنا من خيار هذه الأمة وكم تمنينا أن نحضى بالتعرف عليهم، ونقطف الأزهارمن شدى كلماتهم ونسيم عبيرهم ،  لكن الشهادة كانت غايتهم كلماتهم كانت سلوى لنا ورغم ذلك عزاءنا أن نلقاهم في الجنة بإذن الله حين يجمعنا الله تحت ظل عرشه الكريم إن شاء الله ، وجوه كالقمر ضياءا يغبطهم الأنبياء والرسل هم من جمعهم حب الله هم القابضون على الجمر هم كوكبة ندرت لله نفسها حتى تلقاه وهو راض عنها ..

اللهم إجعلنا منهم ..


ماهو السر في لين الخطاب ؟؟ نموذج النبي إبراهيم عليه السلام ..



عندما بعث الله إبراهيم الخليل  عليه السلام  ، رسولا لقومه وقد كانوا قوم ممن يعبد النجوم والكواكب وكان أبوه أكبر النحَاث هو من ينحث الألهة فأي إبتلاء أكبر من هذا ؟؟
فكان لزاما عليه أن يبدأ بدعوة أبيه ، ويحذّره عواقب كفره ، لكن بأي أسلوب سيدعوه ؟؟
لقد خاطب إبراهيه أباه بكلام يهز قلوب السامعين ويخرج مكامن الخير فيها طبعا إذا كانت قلوبهم مستعدة لتقبل الخير واتلجاوب معه ، وتبحث عن الحق حتى تجده ، فكل نصيحة كان يستهلها الإبن الطيب ب : يا أبتي ..
سلوك عال وخطاب كله عذوبة ولين يجذب المسامع .
لنقف عند هذه الآيان من سورة مريم عليها السلام ، لنستشف الخلق الكريم والنبيل إتجاه قومه وإتجاه أبيه ..

( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا )
( إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا)
( يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا )
( يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا )
( يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا)
( قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا )
( قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا )
( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا )

حنانا منه عليه حتى لا يَبلغه أي مكروه منه ، ببساطة يخبره أن هذا الذي ينحثه حجر أصم أبكم أعمى لا يجدي شيئا ، ولن يصيبك بخير أو شر ، فهو عاجز عن حماية نفسه فكيف سيحميك ، وهو من ينحثه ، كيف يعبد إلاها صنعه بيده ، وحتى لا يصف أباه بالجهل ونفسه بالعلم قال برحمة وذودة وفي منتهى الأدب إن لي علم هذا علم جائني من الله حتى أدلك على الطريق السوي وهذا الذي أنت عليه مرده غواية من الشيطان لك ، منتهى الحلم والرقة في خطاب الداعية ، لكن للأسف واجهه أباه بغلظة وتحد ووعيد فماكان من النبي الكريم إلا أن قال : سلام عليكم

أي لن يصلكم مني مكروه وقد وعد أباه أن يستغرف له الله ، لكن حين علم أنه ماض في كفره وفي عناده ، تبرأ مه وهجره ، وحتى مع قومه أسلوبه في إقناعهم رائع جدا ، فقد حطم كل الآلهة إلا كبيرهم ، وحين أربكتهم المفاجأة ، أخبرهم إبراهيم عليه السلام أن كبير الآلهة هو من قام بهذا الفعل  .

ليلفت نظرهم لأمر مهم ، هو أنها لا تعدو كونها حجارة لا تغني ولا تنفع وعاجزة ، حتى أن تدفع عنها الآذى فكيف تحمي غيرها ، هي أذن مواقف رائعة نستفيد منها حُسن الإلقاء ، والدعوة باللين والكلام الطيب حتى يوتي أكله ، وحين تكون الأنفس قابلة للتجاوب مع الخير حتما ستفتح له آذانها وقلبها لينفذ الحق لها وتتشربه نفسها وتّذعن له ..




الخميس، 5 يوليو 2012

تكرار الحج وفقه الأولويات في فكر العلامة الفاضل يوسف القرضاوي..






لقد أخذت قضية فلسطين حقها الوافر من الكل فقط بالكلام أو الشجب أو التنديد دون بذل الجهود للتخفيف من الواقع أو الدعم المهم لصمود أهلها هناك ، ودأب الإعلام لنقل الصورة الحية في غياب رؤيا واضحة للتصدي بكل حزم حتى عودة الحق لإصحابهh ، فالمطلوب من المسلمين أن يعيشوا لقضيتهم الأم ويزرعون في قلوب ألأجيال الهمه حتى تدرك أهمية فلسطين وكذا مقدساتنا هناك .

فلسطين تحتاح منا للدعاء ولبذل الغالي والنفيس حتى تتحرر ، وتبقى شعلة تنير الطريق وتبقى حية في ضمائرنا ويرافق ذلك زيادة في الوعي حتى ندرك صراعنا الحقيقي ، وأن يحل العلم مكان الجهل ، فقد بدأت بوادر خير تطل علينا من كل حدب وصوب ، قادمة مع رياح التغيير ، حاملة معها تباشير الخير ، لقد إستفاقت أمتنا ، وأدركت معنى فلسطين في قلوب المسلمين وفي خلد ووجدان كل مسلم ..

ونحن على أبواب العمرة وسيتلوها الحج بعون الله تتألق الأرواح وتعبر عن حبها وشوقها لزيارة البقاع الطاهرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وقد تُكرر الزيارة عاما بعد عام ، وقد تكون هناك أولويات تُحتم عليها أن تجعلها في حسابها ، وما أثارني في هذا المقام فَهم متجدد في فكر العلامة القدير يوسف القرضاوي * تكرار الحج وفقه الأولويات*

قال في كلمته أنه سيأتي ناس في آخر الزمان يضربون في الأرض ، يبسط الله لهم في الأرزاق فيكثرون الحج وإلى جانبهم جيران لهم لا يجدون من يواسيهم ويسد حاجاتهم ، وقد جاء أحد الصالحين إلى بشر بن الحارث وقد كان من الزهاد قال له : أريد أن أحج وقد أعد لذلك مبلغا مهما من المال والعتاد تعادل قيمته اليوم الشيئ الكثير ، فسأله الزاهد : ماذا تريد بالحج هل تريد تزهدا ؟؟ أم إشتياقا إلى بيت الله الحرام ؟؟ أم إبتغاء مرضاة الله ؟؟ طبعا ليس حج الفريضة فهو واجب ، قصد تكرار الحج والعمرة ..

فأجابه الرجل : أبتغي مرضات الله ، قال له الزاهد : ألا أبلغك أمورا تُبلغك مرضاة الله دون أن تكلفك عناءا أو جهدا ، إكفل يتيما سد حاجة أخيك إكفي مؤونة محتاج ، إقضي دين مسلم ، إكفل أرملة  ، خفف عن معيل أعباء عياله ، داوي مريضا  ،أعن فقيرا ، جِد مآوى لمن لا مآوى له ..

فكل أعمال البر هاته هي من ستوصله لرضى الله ، وقد أشار فضيلة الشيخ أن فلسطين اليوم هي الأولى بتلك الأمول حتى تخفف من معاناتهم ، فالحصار الخانق على غزة ، يدعونا لنصرتهم ودعمهم علنا نجتهد في أن نوفر لهم حاجاتهم الضرورية بأموال تكرار الحج فهم محتاجون للدواء وللمياه الصالحة للشرب ولأمور ملحة وضرورية ، كما أشار فضيلته أن يُخلق صندوق سماه *بدائل تكرار الحج * تُجمع فيه الأموال وتنفق في حاجات المسلمين أو تسد ثغرة وما أكثر الثغرات ، وليقتصر المسلم على حَجة واحدة مفروضة وعمرة واحدة ، وينفق أمواله الأخرى في أوجه الطاعة وما فيها منفعة لإخوانه ويكون بذلك نال رضى الله دون تكلفة أو مشقة ..
حقا فهم عال لفقه الأولويات حتى نعرف أنه ممكن ترضي الله بأوجه عدة وبسبل كثيرة ..


الثلاثاء، 3 يوليو 2012

هل ستتجاوب رام لله مع مطلب سهى عرفات لكشف الحقيقة ؟؟




لا يَخفي على أحد عن مدى الشكوك التي كانت تحوم حول موت الراحل ياسر عرفات ، وأن الكثيرين لم يستسيغوا أنه مات نتيجة مرض ما ، وأن البعض شدد على أن الراحل تعرض لتسمم  لكن كان يُجهل طبيعته ، ومما زاد الشكوك الأعراض التي إنتابت الراحل ياسر عرفات ، أعراضا تطرح أكثر من سؤال ، وبشكل غامض أُغلق الموضوع ودفن الراحل دون معرفة ما أُشكل في الأمر ..

وعند محضر سؤال مقدم البرنامج للسيدة سهى لماذا لم يتم طلب فتح تحقيق أو تشريح جسد الراحل لفهم الملابسات التي شابت موته ، فكان ردها أن الصدمة ألجمتها وشلت تفكيرها ، ومع هذا لم تُخفيه أنها كانت تطرح أسئلة عن الشكوك التي ساورتها أنذاك ، لكن لا تلقى جوابا مقنعا أو يرُدون عليها بأن تغلق هذا الملف فقد يجر عليها تبعات هي في غنى عنها ، واليوم فتحت السيدة سهى الباب على مصراعيه تريد أن تقف على الحقيقة الغائبة والتي إتسمت بالغموض وعدم الوضوح وحتى لم يتم فتح تحقيق في الملابسات التي شابت موت ياسر عرفات ..

وبدعم من الجزيرة والتي ذهبت لأبعد مدى وقفت على جزء من الحقيقة ، حيث خضعت بعض مقتنيات الراحل للتحليل الدقيق وبتقنيات عالية وتحت إشراف دكاترة مهتمين ، كشفت عن أن موت الراحل تحوم حوله شكوك ، وأن الموت لم يكن طبيعي ولا عادي ووقفت على خفايا موته ، وأنه تعرض لنوع من التسمم ، لكن الدليل يبقى ناقص أو جزء منه هو المعروف في غياب جزء آخر حمله الراحل معه لمثواه الأخير ..

واليوم تقف سهى عرفات لتطالب بفتح التحقيق وذلك بإخراج الجسد ، وأخذ عينات منه وإخضاعها للتحليل حتى تظهر الحقيقة كاملة ، وتطمأن هي وكذا جزء كبير من الشعب الفلسطيني عانى من إخفاء هذه الحقيقة ، مع العلم أن هذا الأمر سيجر أسئلة عديدة ، لكشف من المستفيذ من موته ومن له مصلحة في إزاحته ؟؟ وبأيد من تمّ تسميمه ؟؟

واليوم سهى عرفات تطالب رام الله أن تتعاون معها لكشف الحقيقة ومعرفة أسباب وفاة زوجها ، وهذا مطلب فلسطيني أيضا ، وهنك من الأطباء من قال أن الوقت فات على هكذا تحليل ومعرفة الحقيقة ، ومنهم من قال الوقت لم يفت بعد ، قد يكون تأخر لكنه لم يفت بعد ، وما وصل إليه الفريق الطبي العالي هو أن إحتمال تعرض الراحل لتسمم بطريقة غاية في التعقيد أمر وارد وبشكل واسع ..

والتأخر في معرفة علة ماكان يعانيه هي من أدت لتفاقم وضعه الصحي وموته بعدها ، والكل وقف على حادث القيادي في حماس خالد مشعل فكل ثانية كانت تمر كانت تُشكل خطرا على حياته حتى وصلهم الترياق وأنقد الله حياته ، هو أيضا تعرض لتسمم بالغ التعقيد ، وقد يكون الراحل ياسر عرفات تعرض لتسمم هو الآخر لكن التأخير في كشفه أدى لمضاعفات أدت بدورها لموته ..
إذن فالسيدة سهى ماضية في طريقها لكشف الحقيقة قد تكون هناك أمورا حالت بينها وبين فتح التحقيق يومها لكنها اليوم هي أشد حرصا على الوقوف على الحقيقة ومعرفة فصولها ..


الاثنين، 2 يوليو 2012

تجديد الإعتقال الإداري خرق سافر لإتفاق الأسرى


هل هو تأبين لإتفاق الأسرى ؟؟

تجديد الإعتقال الإداري خرق سافر لإتفاق الأسرى ، فقد عاد ملف الأسرى من جديد يتصدر الأحداث إثر تصعيد الأسرى لإضرابهم ، فقد أحسوا بالغبن ووقفوا على تلكّئ المحتل في تنفيد الإتفاق بل ونكثه ، وأن الحالة الراهنة مازالت كما هي بل زادت ترديا ولم تتحسن للأفضل .

و زادت معاناة الأسرى إستفحالا وتعسفا ، تجديد الإعتقال الإداري كحالة الأسير سامر البرق وغيره ممن طالهم هذا الحيف وكدر صفوهم ، أعتقال من تمّ تحريرهم في صفقة الأحرار كأيمن شراونة، والمطلوب الآن أن تتحرك الجهات المعنية تحركا يوازي معاناة الأسرى ، فأي إهمال أو تجاهل أو تقاعس معناه تفاقم أوضاعهم الصحية ، فبعض الأسرى تدهورت حالتهم من سيئ إلى أسوء..

وحقا نتسائل لماذا لم يصمد إتفاق الأسرى المبرم سلفا ، ;الذي تم بين الطرفين وكان من موجبه وقف الإضراب ؟؟ لماذا يتعهد المحتل بتنفيذ بنوده ثم dنكثها فيما بعد ؟؟ هل تمّتَ خروقات شابت الإتفاق وبنى عليها أو نَفذ منها ونكث تعهداته ، أم قَبل به لأنه يعمل أن الإتفاق ليس له سند قانوني أو ظهر يحميه ولا توجد جهة قوية تتابعه حتى لا ينقلب عليه المحتل ، وفي رأي رجال القانون لن يصمد أي إتفاق أُبرم مهما كانت صيغته أو بنوذه لأنه أُبرم في ظل إحتلال ، لم يبرم بطريقة ندية وحتما المحتل لن يفي به وقد ينكثه في أية لحظة ، لأن الأسرى تحت رحمته ..

والمخرج هو كالتالي بعون الله :

كيان المحتل صادق على قانون دولي لحقوق الإنسان فلو شُكلت لجنة متابعة تصْدِر تقاريرعن معاناة الأسرى وتَخلق لجنة تقصي أوضاعهم ، وتقف على خروقات المحتل في إنتهاك صارخ لقانون صادق عليه مسبقا لكان الأمر أجدر ..

تُوصل اللجنة المتكونة من كل الأحرار صوت الأسرى للمحافل الدولية ، تطالب لجان حقوق الإنسان لفتح السجون ولقاء الأسرى وسماع معاناتهم ، وما يتعرضون له من التضييق ، من سجن إنفرادي ، وأعتقال إداري يعني لا محاكمة ولا سراح ، وحقهم في زيارة ذويهم ، ووضع العالم أمام هذه الإنتهاكات الصارخة والمخالفة لقانون صادق عليه يمكن أن تكون خطوة فاعلة في التخفيف عنهم ..

فكل المواثيق التي أبرمها المحتل مع الأشخاص ينكثها متى شاء ، لكن لو قدمت اللجنة المعنية بهذا الملف جملة تقارير عن أنتهاكات الإحتلال لقانون حقوق الإنسان ، لإنتهت ولو جزئيا معاناتهم ، ، وحتى تُكفل لهم حقوقهم كأسرى تحت المحتل ، والوقوف بحزم ضد خرق قانون حقوق الإنسان الذي حَرم الأسير حتى التطبيب وهذا يُعرّض حياته للخطر ..
رغم أن الأمر المهم تحريرهم ..

الأحد، 1 يوليو 2012

حين تتحدث الصوروتعبرعن مكنونها ، لأنها تحمل رسالة ..



الصور لها تلغة وتتحدث تحكي فصولها لكن بصمت فالصور تتكلم وقد يفهم البعض ماذا توحي بكلماتها وما تحمله بصماتها وقد يجهل البعض الآخر أبعادها وما ترمي إليه ، فالصور المعبرة هي التي تحمل معنى تُجسده حكايتها ، توحي لك بمعان شتى ، قد تتباين التعليقات من شخص لآخر لكنها في الأخير تصُب في معين واحد ، تعبر عن ما يختلج في صدر صاحبها ، من آلام وأوجاع إن كان مشهدا أوواقعا أو حادثا ، ما إن تسبر أغوار عالم الصورة حتى تبلغ أبعاده ومرادها ومراميها ، فلا نَمر على الصورة مُرور الكرام بل نقف عندها لنقرء عنوان رسالتها وماذا تريد أن تُبلغنا وماذا تحكي ، الصورة عالم بحذ ذاته يدعوك للتمعن فيه ، لتعطيه ما يستحق من عناية ، فالصورة تحمل وراءها عالم فسيح قد لا يفهم الكل كنهه ، الصورة المعبرة والمؤثرة تعطينا إشارات لو وظفنا تفكيرنا جيدا لوقفنا عندها ، تحتاج منا تعليق راقي لنفهم أسرارها ونشرح معانيها فكلما زاد الشرح كلما بلغنا مفاتيح الصورة وفهما القصد منها
حتى نتعرف أكثر على عالم الصورة المعبر وما تحمله تحت طياتها من معان
..



 

مرارة اليتم لا يشعر بها إلا من ذاقها ، هي طلفة تبكي بجوار قبر أمها ، فقدت القلب النابض والعش الدافئ ، والملاذ الآمن ..



 

براءة الطفولة ، لا يضاهيها أي شيئ في الوجود ، فالكبار أحيانا لا يتوجهون بالدعاء لله ، بقلب خاشع وعيون دامعة ، إلا حين تَسودّ الدنيا في وجههم ، ويضيق القلب ، أما الأطفال فيعلمون أن الله يحبهم ولن ينساهم ، وطفلك هو صفحة بيضاء فأحرص أن تكتب فيها ما يرضي الله ، هم أثرك الذي سيخلفك بعد الممات ..




 

يحمل كتاب الله بعضده يقربه لقلبه ، بالله  عليكم : من هو المعاق الحقيقي ؟؟؟  هو حتما من شلّ تفكيره ومن تاه عن الحق وحاد عنه ، الإعاقة ليس نهاية الكون ، وإذا كنت ذا طموح كبير فلن يقف أمامه أي سد أو حاجز أو معيق حتى تبلغ هدفك ..





 

حب الأرض حب الإنتماء روح تُغذيها الشجرة ، باقون ما بقي الزعتر والزيتون ، تعانق الشجرة مثل الأم حين تعانق فلذات أكبادها ، وتعطيهم من دمها وتحميهم ، وكأنها تقول : أنا والشجرة كائن واحد حتى وإن كانت بكماء لا تحكي ففصلول حكايتها منقوشة في جذورها  و كل غصن فيها يحمل حكاية ..