الاثنين، 28 يناير 2013

لماذا لا تهتم المرأة بالمواضيع السياسية ؟؟





في صدر الإسلام ومنذ أن بزغ نوره آمنت المرأة كما آمن الرجل ، ومن حينها حملا كليهما هموم الأمة وشاركت المرأة في الكثير من المجالات ، وأحاطت بالمجتمع الذي تعيش فيه وساهمت في نشر الإسلام بين النساء بل بذلت من مالها ووقتها وجهدها للدعوة للإسلام وسادنته في المهد وتحملت العبء وبذلت له كل غال ونفيس ، فأول شهيدة في الإسلام هي سمية بنت الخياط ، كان النبي عليه الصلاة والسلام يمر عليهم وهم في رمضاء مكة وقد أذاقهم أبو جهل ألوانا من العذاب ، فيقل في ألم : صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة رفضت العودة للكفر واستماتت على الحق ، السيدة خديجة كانت سندا للنبي عليه الصلاة والسلام ، تحملت معه أمانة الرسالة ، وخففت عنه المشاق وكانت معه في الحصار في شعاب مكة آزرته وكانت له نعم العون ، فالمرأة كان لها وجود ولم تكن غائبة عن المشهد ..

عندما تعرضت الأمة لهزات وانهكها الضعف بلغ الضعف كليهما الرجل والمرأة ، وبعد أن نمى الوعي عاد الرجل للحياة السياسية ومارس دوره الفعال فيها بيد أن المرأة بقيت مهمشة وبعيدة عن الساحة ولم يعد لها دور يذكر إلا فيما نزر ، هذا انعكس على تربية أبناءها تربية بعيدة عن الواقع ، كلما زاد وعي المرأة كلما أبدعت وشاركت برأيها وانعكس ذلك على واقعها وبيتها وتربية أبناءها ، تُزودهم بالمعارف وتترك بصماتها على شخصيتهم .

عالم المنتديات وخاصة المفيدة منها والتي تحمل رسالة وتعمل لهدف نبيل تجد عزوفا للمرأة ملفت للنظر عن المواضيع السياسية أو الإهتمام بها ، أبعدها عن فهم واقعها ومن تم غابت مشاركاتها وحتى إن شاركت تكون مشاركة قليلة  ، فعالم المنتديات ما هو إلا مجسم للواقع ، ففي الواقع ينتاب المرأة احساس بالتهميش أوتحس إن هي عبرت عن رأيها لن يهتم به أحد أو لن يكثرت به أحد ، فانكمشت على نفسها ونكصت عن المواضيع السياسية أو التعاطي معها وبذلك عطلت طاقتها ، قد تكون تعرضت للتهميش في وقت مضى لعوامل شتى ، لكن اليوم تعلمت ونالت شهادات فهي من همشت نفسها ، حين لم تلج عوالم مختلفة تثبت كفاءتها فيها وحتى إن تفاعلت مع بعض المواضيع السياسية يكون تفاعل غير كافي ..

 مشاركة الأخت الكريمة لها وزن ولها قيمة قد تقف أمامها عراقيل وقد لا يشاركها أحد مواضيعها ، هي البداية أختي وأي عالم كي تبدع فيه عليك في الأول المتابعة ثم الإحتكاك بمن سبقونا في هذا المضمار ولهم بصمات جليلة فيه والمداومة على القراءة ، والإحاطة بالواقع ، عندها سينعكس ذلك على المرأة وعلى محيطها ، مشاركتها مهمة ، كلما زاد تفاعلها كلما زاد وعيها ، وغدت بذلك معول بناء في أسرتها ، بل وتشارك في رقي ونهضة مجتمعها ، النساء شقائق الرجال دورهما متكامل في حمل الهم وإيجاد الحل الناجع لأوجاع أمتنا ..

حين يكون لها بصمة وموقع بين إخوتها ستستفيذ من مهاراتها في طرح المواضيع ومناقشتها وإبداء الرأء هذا سيزيد رصيدها المعرفي ويكون لها إلمام بقضايا محيطها وأمتها وما تعانيه ، بل وسيساهم ذلك في إغناء مداركها حتى تقوم بوظيفتها الطيبة نحو أسرتهاعلى أكمل وجه ، لأن فاقد الشيئ لا يعطيه ، كلما زاد وعيها كلما كان لها وقع وصدى وأدت رسالتها بالطريقة الصحيحة تغرس في نفوس أبناءها نصرة قضايا الأمة حتى يشبوا على تحمل المسؤولية ، فتظافر الجهود بين الرجل والمرأة يعود بالخير على المجمتع كله ، وعندما تترك الأخت مكانها شاغرا ، يكون مردود أي عمل ناقص أو لا يرقى للمستوى للمطلوب ، اعلمي أختي أن المجتمع يحتاج لجهودك وتفاعلك ، اعتزي بإنتماءك للإسلام ذاك الصرح الشامخ الذي أنتج نساء خالدات تزخر بهن صفحات التاريخ فهن قدوتك ..

لا تستهيني أختي بقدراتها أو تقللي منها واعلمي أن أي حقل تلجينه حتما ستقف أمامك تحديات لكن مع الممارسة ومع التشجيع والدعم ستُجيدين التعاطي معه إن شاء الله ، تفاعل الأخت سيُساهم في تنشيط أي ميدان تقتحمه إن شاء الله ويكون لها تأثير عليه ، فلا تبخلي أختاه بعطاءك فقد يكون لصوتك صدى ولا تقتصري على متابعة الأحداث ، بل شاركي في البحث عن الحلول ، مشاركتك الفاعلة ستضفي على مجالات شتى لونا جديدا متميزا ، فتلاحق الآفكار يسمو بها وينتج أفكارا جديدة وتعم الإستفادة ..

الأربعاء، 23 يناير 2013

الرحمة المهداة ..




قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء

من رحمة الله بعباده أن بعث لهم الرسل والأنبياء مبشرين ومنذرين يخرجونهم من ظلمات الجهل لنور الحق يهدونهم للطريق القويم ، هم مشعل هداية للخلق ، اصطفاهم الحق عز وجل وسلمهم الأمانة ، يقيمون شرع الله ويحثون الناس على الخير وعلى عبادة الله ، يخرجونهم من عبادة العباد لعبادة رب العباد ، أرسلهم الله لإرشاد الخلق ، مهمتهم جليلة : إعلاء قيمة الإنسان الذي كرمه الله وحباه عقلا وفضله على سائر خلقه ، ينشرون العدل ويقاومون الظلم هم نور أشرق فبدد ظلام الجهل ، غايتهم اسعاد الخلق هم الحجة علينا بعثوا لنشر العدل وتطهير الأنفس مما شابها وتزكية النفس مما علق بها وإعلاء قيمتها ورقيها ..

ومن رحمته أن ختم الرسالات بخير نبي ، نبي الرحمة ، اختاره وقربه إليه وحباه أدبا وجمله بكل الشمائل والخصال الطيبة فكان المثل والقدوة الحسنة ، "إنما بعثت لإتمم مكارم الاخلاق" فالله عز وجل لا ينظر لصورنا مهما بلغ حسنها بل ينظر لجوهر الإنسان ، أخلاقه وسجاياه وأعماله الخيّرة ، غذا تحل ذكراه العطرة تلقي بظلالها الطيب علينا ونستسقي منها العبر من خلال تسليط الضوء على حياته وعلى مساره الكريم ، سيرته العطرة وما تحفل بها من مواقف طيبة نبيلة مشرقة ، فتح القلوب فتفانت في حبه ، تشربت الحق فكانت جنوده وحماة للإسلام حموه وضحوا بالغالي والنفيس ليبلغوه في أبهى صورة ، وحد الأمة ونشر الخير وعم خيره الكل ، صبر على البلاء تحمل مشاق الرسالة بكل حزم وصبر وجلد ، أدى الأمانة على أكمل وجه كان البلسم الشافي للصدور أزاح بطيبة أخلاقه الغمة وأقبلت النفوس طائعة لله ، وقد تشربت الأرواح الهدي وانشرح الصدر للإسلام ما إن تسمع كلام الحق حتى تقبل عليه طواعية .

بث روابط الأخوة ، اهتم بأمور المسلمين ، خلق مجتمعا مترابطا متماسكا لا تهزه ريح ، هو بشارة عيسى عليه السلام ودعوة إبراهيم عليه السلام ، خاتم النبيئين ، هو النور الذي بدد ظلام الجاهلية..

قال تعالى : 

بِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ آل عمران

فسح قلبه للجميع ولو كان فظا غليظ القلب لتفرقت القلوب من حوله ، كان سمحا حليما ، يحمل هموم الكل يحتويهم بعطفه وقبله الكبير وما تقرب منه أحد إلا وأحبه ، معجزته القرآن : حبل الله المتين الفرقآن فرق فيه الحق بين الحق والباطل من تمسك به اهتدى وفاز ومن زاغ عنه عاش معيشة ضنكى هو ربيع القلوب ، شفاء لما في الصدور فيه نبأ من قبلنا ونبأ من بعدنا فيه من الدرر المكنون فيه من قصص الأولين وما فيها من العبر والدروس نورا نتهدي به ..

في ذكراى العطرة يشدنا الحنين له ونشتاق لرأيته ونرجو أن يجمعنا به الحق عز وجل في الجنة إن شاء الله ، حتى نشرب من يديه الشريفتين شربة ماء لا نظمئ بعدها أبدا ، في ذكراه نقف على صحابة صناديد في الحق أبلوا البلاء الحسن دافعوا عن الإسلام ونصروا رسول الإسلام وحموه ، في ذكراه نتذكر رحمة الله علينا حين بعث إلينا رسولا يدلنا على طريق الفلاح ويحثنا عليه .

كم نحن في حاجة ماسة اليوم ونحن نحيي ذكراه العطرة أن تكون هناك محاضرات لعلماء أجلاء تسلط الضوء على سيرته العطرة فهو قدوتنا حتى نقف على مواقفه النبيلة وكيف بلغ عز الأمة مشارق الأرض ومغاربها ، ونقارن حالنا اليوم وما نحن عليه من ضعف وهوان وأمة الإسلام تجتر آلام الفرقة نبحث في السيرة عن الدواء الناجع لأمراضنا ، نسأل ماذا ينقصنا لبلوغ ما بلغوه لنصحح المسار ونتجاوز واقعنا المزري ، نقيّم حالنا ونتسائل هل نحن على المحجة البضاء التي تركنا عليها أم زغنا عنها ؟؟

لماذا تكالبت علينا الأمم ودب الضعف والهوان فينا ومقدساتها تحت احتلال ؟؟ وتناسينا أن في الإسلام عزتنا 

نشخص الأمراض ففي تشخيصها معرفة علة المرض ومن تم البحث عن الدواء ، فالتشخيص هو من سيفضي بنا للشفاء التام أما نرتق الحال ونركن لحلول ترقيعية ونغض الطرف عن جوهر العلة ، حتما المرض سيري في كل الجسد فكلما كان التشخيص فعال كلما تفادينا مضاعفات المرض وكلما حفظنا الجسد وإن لم نتدارك العلة فحتما سينخرنا المرض وسيستفحل فيه ويستعصي العلاج أو قد يطول فترة المعالجة وقد تمتدت لعقود ما لم نقف على حقيقة المرض ونسعى لعلاجه ..

سيرته العطرة مليئة بمواقف الحزم والشجاعة والتحدي ومجابهة الباطل لكن حين نكون يدا واحدة ، نُصر بالشباب ، أين دور العلماء في ارشاد الشباب فقد كانوا في عهده نعم الحامي للإسلام اهتم بهم وغرس في قلوبهم معاني الإعتزاز بالإسلام ففيه قوتنا ومعاني البطولة والأنفة والإباء ، الشباب هم أمل المستقبل ، نقيّم حاضرنا ونتسائل هل لو كان رسول الله عليه الصلاة والسلام بين أظهرنا هل كان سيرضيه حالنا ، أمة متقطعة الأوصال أمة تستجدي الحق أمة رضي البعض منها بالذل والهوان وحين نقف على مكامن الخلل فينا نجد ونجتهد للعودة بالأمة لصفاءها ونقاءها ونقوي الضعف ونلم الشمل ونبحث عن مكامن القوة فينا فهي كثيرة ، فالآخر ليس قويا بل نحن من مزقتنا الأهواء وابتعدنا عن الهدي الصحيح ، لا تمر ذكراه العطرة دون أن نستلهم منها العبر والدروس وتكون لنا نبراسا ينير لنا الطريق نحو التغيير للأفضل ، إن شاء الله..

الثلاثاء، 22 يناير 2013

على خلفية الأزمة في مالي :







الإنقلابات في أفريقيا أنهكتها وأضعفت قوتها وزادت من فقرها ، فقد أدى تعامل الرئيس المالي مع مخاطر الشمال المالي وتنامي قوة في إقليم الأزواد ومطالبتها بالإنفصال وعدم نهج طريقة فعالة لإحتواء الأقليم أو العمل على حل مشاكله والسيطرة على الأزمة في مهدها ، أدى ذلك لحالة من الإستياء وأفضى إلى انقلاب وكان شعار الإنقلابيين العمل على تحجيم الأزمة والسيطرة على الوضع في الشمال بيد أن الإنقلاب زاد من تفكيك الجيش وشق صفه وإضعافه فسمح هذا الوضع لبعض الحركات لإحكام قبضتها على الشمال مما ينذر بخطر الإنقسام أو تهوي البلاد لا قدر الله لحرب أهلية ولن يقف الأمر عند هذا الحد بل سيتعداه للجوار وستبلغ تداعياته الكل بل وسيلقي بظلاله القاتمة على الوضع الإفريقي المنهك أصلا

وسيهدد دولا أخرى بالإنقسام ، وأمام هذا المنعطف الخطير وأمام عجز الإنقلابيين على حسم الأمر وتفويت على دعاة الإنفصال مبتغاهم وتقسيم البلاد استنجد البعض بقوى دولية لحل الأزمة لكن يبدو أن الأمر زاد استفحالا وزاد تعقيدا ، الحوار هو الأنجع أما الحل العسكري سيزيد من أمد الأزمة وتفاقمها ، وفي أوضاع كهاته مطلوب الحل العربي والإسلامي في تحكيم العقل و تغليب لغة الحوار

الإنقلابيين لم يضعوا أمام ناظرهم المخاطر التي طفت على السطح فقد توحدت حركة تحرير ازواد مع حركات جهادية والقاعدة وباتت تهدد مالي وكل المحيط ولو كانت هناك آذانا صاغية لحل الأزمة لما استفحلت وبلغت هذا الحد ولجنبت مالي أخطارا جمة ، الإنفصال ليس في صالح مالي وحل الأزمة لن يكون بالحل العسكري بل بالحوار حتى تجنبها تداعيات التدخل العسكري وما يفضي إليه من لاجئيين ومعاناة ، ولو فعّل الحوار لنجم عن حل يرضي الجميع ، العمل لحل الأزمة أو حكم ذاتي يجنب البلاد ويلات الإنقسام ..

الأزمة في مالي لها جذور وهي معانات إفريقيا كلها مسلسل الإنقلابات الذي لا ينتهي ، ضعف في مواجهة التحديات فتضحى عاجزة أمام تخطي الأزمات مما يعقد الأمر أو يفضي لتدخل خارجي يزيد الطين بلة

فرنسا دولة لها تاريخ استعماري ولها نفوذ في أفريقيا ومصالح وما إن ترى مصالجها مهددة حتما ستتدخل لحفظها ولو بالقوة ، الكثير من الدول الإفريقية لا زالت تابعة لفرنسا بطريق أو بأخرى رغم استقلالها الظاهري فهي لم تتحرر بعد من التبعية

الغرب نهب ثروات أفريقيا وخيراتها من ألماس وذهب وحتى اليد العاملة مقدرات أفريقيا للأسف لا تستفيد منها أفريقيا في غياب الوسائل والآليات التي تساعدها في استخراج خيراتها ومن تم الإستفادة منها فتتركها للشركات الغربية العملاقة تضع أيديها عليها وتسفيد منها وتترك لهم الفتات يتقاتلون عليه

أفريقا نخرها الإستعمار وأوعزها للفقر والجوع والتهميش والأمية ولحملات التبشير فهاته الأخير تعطي باليمين وتأخذ الدين والمقدارت بالشمال ، وأمام هذا الوضع غدت أفريقيا مرتع لبعض العقليات التي لا تؤمن بالحوار فقط السلاح لأنها وجدت أرضية خصبة فنمت في هذا الماء الراكد ، السلاح متوفر بطريقة تدعو للقلق ما إن يدب خلاف حتى تهوي للنزاعات ، تفكك ظاهر للعيان

وبدل التدخل العسكري الفرنسي البحث عن جوهر الخلاف والعمل على تنمية مالي وغيرها من الدول الإفريقية واصلاح الأوضع المعيشة والإقتصادية التي تفاقمت ونشلهم من الفقر والجوع والأمية والبدع التي فشت فيهم ..

وللأسف بدل أن ينتشر الدعاة العرب والمسلمين ويعرّفوا بالإسلام وينقدوا الناس هناك وينشلوهم من براثن الجهل ويوفروا لهم الدعم الحقيقي ويهتموا بهم تركوهم عرضة للنزاعات تفتك بهم بل وتصل قد تصل تداعياتها لكل الجوار ويكون الكل على شفى حروب طاحنة ، دعم أفرقيا لن يتحقق بحفر بئر هنا أو هناك بل حلول جذرية ودعم حقيقي حتى تستطيع أن تتحدى المخاطر

الثلاثاء، 15 يناير 2013

كلمات في ذكرى استشهاد * ريم الرياشي *









( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا )

كل الناس لهم وطن يعيشون فيه أما الفلسطيني وطنه يتربع على عرش قلبه ، تفانى في حبه فبذل له كل غالي ونفيس ، تغلغل حبه في كيانه كله ، كيف لا وهي أرض مباركة روتها دماء زكية ، حكايا البطولات لا تنتهي تشدك مواقف أبطالها وتقف على طراز رفيع وهمم عالية وعطاء فياض ..

البارحة كانت ذكرى استشهاد ريم الرياشي ، هي أم ككل الامهات تحب وتحن أن ترى أطفالها يشبون في وطن محرر يفخرون بأبطاله ، يترعرعون في مروجه الخضراء يلعبون في حقوله ، يشربون من معين مائه النقي الصافي ، يستظلون بظله ، يُحسون بدفء شمسه فيغمرهم السرور والحبور والفرح ، يتنسمون عبير الحرية بين أكنافه فجادت بروحها الطيبة لتهب لأطفالها وكل الأمة نصرا مؤزرا ، إذا كانت أمهات العالم تهب لإبنائها الحنان والدفء والطيبة فالأم الفلسطينية إضافة للحب والحنان التي تمنحه لأطفالها ، همتها عالية تسعى لأن تهب لأبنائها وطننا محررا يسعدون في كنفه وينعمون بالحرية في حضنه..

منك أختاه استلهمنا دروس الإباء والشموخ ، والصمود والثبات ، مع كل فجر جديد تنجب الأم الفلسطينية أشبالا هم مصابيح النور ، تغرس في قلوبهم حب الأٌقصى وحب فلسطين وحب الإنتماء لأرض الآباء والأجداد وحب العطاء ، الشهيدة ريم طلبت الشهادة وسعت لها وألحت على طلبها، فنالت وسامها ، دللت الصعاب بإصرارها وإرادتها الصلبة ، ذكرتينا أختاه بنساء خالدات تركن بصمات جليلة وضمتهن صفحات التاريخ هن قدواتنا ، صدح جسد ريم الطاهر ليبلغ للعالم رسائل جمة ..

أن فلسطين ونساءها لا يلدن الإشبال فحسب فتغدو أسودا وقادة ولا يحثونهم على الثبات والصمود بل يتطلعن للشهادة ولا يثنيهن الصعاب عن بلوغ مبتغاهن ، هو درب الحق ، درب الجهاد ماضون فيه حتى التحرير بإذن الله
وصيتها تحمل تحت طياتها معاني عالية ، نبرتها ولغتها تفصح عن همة وعزة وحماس ، ما شدني كلمتها لعلماء السلاطين من فرطوا في سلطانهم ، من صفقوا للظلم أو غضوا الطرف عن مساوئ الزعماء ونسوا أن أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر، حقا هي كلمات خالدة تكتب بمداد من ذهب وتحفظ عن ظهر قلب حتى لا تُنسى ..

قري عينا أختاه فالظلم بدأ ينزاح والظلمَة اهتزت الأرض من تحت أقدامهم وهاهم اليوم يتهاوى مجدهم المزيف دبت الحياة في جسد الأجساد المنهكة وكسرت القيود وصدحت بالحق كما صدحتِ به أختاه ، ستبقى كلماتكِ تشع نورا وتحيي فينا الهمم ، ذهب زمن المتخاذلين ولفظتهم شعوبهم وزاد الرجال وزاد القابضون على الجمر ، ستبقى كلماتها ترن في الآذان ، نستشف من بين السطور عبير أم فلسطينية شامخة تحدت كل المخاطر لتكتب بدمائها نصرا مجلجلا وتهديه لفلسطين ، كلماتها أمانة على عاتق الجميع حتى نمضي على نفس الدرب ونكمل المشوار إن شاء الله .. 

وصيّتك أختاه بليغة ، نثرت بين أيدينا كل ما أجهدك من واقع الأمة المرير وتخاذلها وتفريطها في الحق ألقيتِ بكل ما كدر صفوك ، اليوم أختاه تغير الكثير انتفضت الأمة واقتلعت الظلم ولا زال المشوار أمامها طويلا لكنها مادامت في الطريق الصحيح فالخير قادم إن شاء الله ، وبدأت تشخص الأمراض وتضع اليد على الجرح وستتعافى إن شاء الله من أوجاعها ..
الله يرحمك يا أختي ريم ويجعل مثواك الجنة ويخلف لك الخير في عقبك ، اللهم آمين

الأحد، 13 يناير 2013

مخيم للأجئين السوريين أم مقبرة الأحياء ...



قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى". رواه كل من البخاري ومسلم 
إذا بحثت عن الموت ألف مرة فستعرف معنى المخيم للاجئين السوريين وخاصة مخيم الزعتري ، حتى وإن كان لكل دولة حساباتها التي تقيدها في دعم الثورة السورية ونوع التعامل مع الأزمة الذي يطرح عدة أسئلة ، إلا أن هذا لا يعفي أحد من تحمل مسؤولية دعم النازحين ، فالدعم لا يرقى لعاناتهم ، حيث البرد القارس يلفح أجساد الصغار وكبار السن والنساء فقد أنجبت إحدى النساء طفلا مات لتوه من شدة البرد في أحد المخيمات للاجئين ، والأوضاع تزداد سوءا ، والمؤونة لا تسد الرمق ولا تبلغ الحاجة ، مرة يتعرض المخيم لزوابع رملية تطير بالخيم ومرة يغرق في مياه الشتاء ..

أوضاع تفتقر لدعم حقيقي ، اللاجئين في ازداياد مطرد ، نزوح مستمر ودائم ما لم تجد سوريا الحل الناجع فستستمر معانات النازحين ، ومن نجى من البراميل التي يرسلها النظام الغاشم على رؤوس الآمنين وتفتك بهم مات بالبرد القارس ، أتسائل لماذا لم يكن المخيم مجهز لأي طوارئ أويكون على أهبة لكل جديد ، صحيح أن الجهات المعنية تقدم الدعم وتوفر الخدمات لكن أمام حجم الاعداد المتزايدة ، تصبح الخدمات نقطة في بحر ..

اللاجئون السوريون في حاجة ماسة لمساعدات آنية ومستلزمات تقِيهم البرد وتدفع عنهم موتا محققا ، مر عليهم صيف حارق والآن شتاء قارس ، وقد نالت منهم قساوته ، وأمام هذا الوضع المتأزم تعالت الصيحات التي تنادي بالإهتمام بحال اللاجئين وتوفير لهم حاجياتهم أو تحويل المخيم لمكان أكثر أمنا يحفظ انسانيتهم وآدميتهم ، فقد أضحى مخيم الزعتري مقبرة للأحياء ..

فقد شاهد الكل كيف غمرت المياة المخيم وهزت المشاعر كل غيور وطفح بالبعض الكيل وشكى أمر المسلمين للخالق ، أحوال مزرية ، وقد سارعت إحدى الأوساط الشبابية بكل ما أوتيت من جهد لتنبيه الجهات المعنية وتسليط الضوء على معانات اللاجئين ولمد يد العون لهم حتى يخففوا عنهم المعانات ويكونوا لهم نعم العون حتى تجتاز سوريا المرحلة بسلام ويعودوا لمنازلهم ، فلن يطول بهم الإنتظار إن شاء الله ..

فحتى إن تقاعس البعض عن مدد حقيقي فلا أقل من أن يقدموا الدعم للاجئين حتى يبعدوا عنهم شبح الموت فالمشاهد تنبئ بخطر داهم يهدد حياة اللاجئين بل ستصاحبهم أمراض من جراء البرد القارس ، وتبقى الجهود المبذولة من إغاثة وزيارات للجمعيات الإنسانية لا تسد الثغرات ولا تفي بالغرض أمام طول الأزمة وتدفق اللاجئين ، والمهم أن تتضاعف الجهود حتى تنزاح هاته الغمة ، والأهم أن يرافق هذا الدعم المحدود دعم حقيقي لإزاحة الظلم عن الشعب السوري ليعود لوطنه وأرضه ولا يطول نزوحه ..

فالأعداد في تزايد والأوضاع تتفاقم يوما بعد يوم ، أمام عجز الجهات المعنية من توفير دعم مهم للنازحين ، وهناك من في حاجة ماسة للدواء العاجل وإلا تدهورت حالاتهم ، فكارثة تطل برأسها على اللاجئين وستكون وصمة عار في جبين المسلمين وهم يقفون عاجزين عن حماية إخوانهم اللجئين..
وحسبنا الله ونعم الوكيل في نظام سقى شعبه كل أصناف العذاب وشرده ..

الجمعة، 11 يناير 2013

الشباب العربي وحضارة الغرب ..


عندما يسافر الشاب العربي للغرب إما للدراسة أو العمل فإن لم يكن محصنا ، متشبتا بالمنبع الصافي ومتشبعا بقيم الإسلام حتما سيذوب في أنماط معينة من الحضارة الغربية تغريه ببريقها ، وما ذاك إلا احساسه بالدونية واستصغار حضارته الإسلامية التي غيبها التاريخ أو لم ينصف علماءها الأجلاء ولو أُزيل عنها الغبار لوقف على حضارة كانت منارة للعلم ، والأخلاق ، سعدت بها أمتنا وأسعدت البشرية جمعاء..

أما الشاب المتشبع بثقافة أسلامية الغنية بالكنوز لن يفتتن ببريق الغرب لأنه يحمل ثقافة سامية بين أضلعه تغلغلت في حنايا نفسه فكانت له صمام أمان فلن تخترقه أية ثقافة مخالفة لتعاليم الإسلام ولن تنفذ إليه سمومها أو تجعله يذوب فيها ، بل أخذ خيرها ولفظ شرها ، فلن يكثرت ببريق ثقافة غربية بل يركز همهم على طلب العلم والعودة لوطنه لخدمته وخدمة قضيته حمل هموم أمته فشغلت حيزا كبيرا في حياته وكانت شغله الشاغل ، فلم يغوص في ثقافة تُذهبت بلبه كما شأن البعض ، بل محص ما يقدمه له الغرب فأخد منها كلما هو الإيجابي ورفض السلبي منها ..

حضارتنا تحمل الخير لكل البشرية لكن تفتقد للرجال لمن يحملنها ويبغلها على أكمل وجه ، والمؤمن الحقيقي هو من يحمل همّ أمته أينما رحل أو ارتحل فحتى وهو في الغربة تجده يبحدث عن السبل لنصرة قضيته والحلول الناجعة للنهوض بأمته وحل أزمات الوطن ، ولو سلك الكل هذا المسلك لنفع وطنه ونفع الغرب أيضا ، فهذا الأخير وصل للقوة والسيطرة لكنه على حافة الإنهيار وتنخره الامراض ويبحث عن الدواء والذي لن يجده إلا في الإسلام دين الفطرة ..

فالشاهد للحياة الغربية لا يخالجنه شك أن الروابط منفكة وغير متماسكة وأن الحياة هناك مادية تفتقر للإحساس بالآخر ، فرق كبير بين واقعنا وواقعهم ، رغم الفقر ورغم المحن تجد الأسرة المسلمة متماسكة مترابطة والمجتمع تجمعهم روابط شتى أخوة وغيرها ، فقد حكت إحدى الأخوات كيف التقت بأم فرنسية مع كلابها وحدها تجتر آلام بعد فلذات أكبادها ، تبكي بكاءا مرا حين سألت الفرنسية الأخت العربية : لماذا قدمت لفرنسا ، فأجابتها الاخت المسلمة : لأزور أختي متزوجة هنا ، فاستغربت الفرنسية فقال لها: أن لها أولاد ما إن بلغوا سنا معينا حتى رحلوا عنها وتركوها لشيخوختها وحدها تعاني الوحدة والكآبة ، فحدثتها الأخت عن قيم الإسلام وقيمة صلة الرحم ومعاني كثيرة تحملها الزيارة منبتثقة من قيمنا الإسلامية التي تشع نورا وهدى ..

فاغرورت عيناها من الدمع وتحسرت على غياب مثل هكذا مُثل في حضارتهم ، فهذا نموذج فقط أما الحكايات ومثيلاتها كثيرة ، فحدث ولا حرج ، فلا يغرنكم ما يروجون له فهو بعيدعن الحقيقة التي يحياها الإنسان هناك ، أما المرأة في الإسلام فهي مصونة محفوظة الكرامة إن كانت عاملة أو غير عاملة أما في الغرب فيختلف الأمر تعمل وإلا لن ينفق عليها أحد ودور العجزة تنتظر من توقف عطاءه ..
لن يجدوا سماحة ولا أخلاق ولا قيم إلا في تعاليم الإسلام ، البشرية اليوم وقد جربت كل الإتجاهات وتاهت فلن تجد سعاتها المنشودة إلا في رحاب الإسلام ، فالمطلوب منا وكخير أمة أخرجت للناس أن نكون لهم نعم الدعاة للخير لأننا نحمل مشعل الهداية ، فحين لا تبلغ الإسلام على الوجه المطلوب فأنت تشوه الصورة ، فيربط الغرب سلوكك بالإسلام اعتقادا منه أن هاته هي حقيقة الإسلام والإسلام بريئ من نقائص بنيه وأفعالهم الغير السوية..

فالنكن أمناء في تبليغ الإسلام على الوجه الصحيح ، فعندما يقف الغرب على حقيقة الإسلام ويميزه بينه وبين الخواء القاتل الذي يعيشه حتما سيتغير الكثير، وحينها سيقبل عليه بكل طواعية ، لكن حين يرى شباب مسلم بعيد عن قيم الإسلام ويهدر أوقاته وحياته في مهاوي الضياع فلن يقبل على الإسلام اعتقادا منه أن هؤلاء يمثلون الإسلام ، فالنكن على قدر كبير من تحمل أمانة وجسامة التبليغ ، ولا ننخدع بحضارة مزيفة ، وإن كنا مخلصين في تبليغ الإسلام من منبعه الصافي ، فحتما ستتكلل جهودنا بالنجاح ..

وهنا يبرز دور العلماء في تحصين شبابنا حتى حين تصادفهم مغريات الحضارة الغربية لا يكترثون لها ويبلغوا خطرها ويكونون مسلحين بسلاح التقوى والإيمان ، محميين من الإختراق ، وهذا لا يغني عن دور الأسرة في حماية الشباب وتربيتهم منذ الصغر على أن يكونوا قادريين على التمييز بين ما هو سلبي وما هو إيجابي وأن يكونوا متشبعين بقيمنا فهي صمام أمان من أي اختراق كان ، ويعتزون بقيمنا وحضارتنا الإسلامية ، وأن نعي معنى الحرية الحقيقية التي لن تجدها إلا تحت مظلة الإسلام ..