السبت، 30 مارس 2013

وااا معتصماه ..



لن تنسى الحرية الأبية تلك الليلة الحالكة لازلت محفورة في ذاكرتها ، يوم أن أغار اللصوص على بيتها ، وفتكوا بكل أهلها وشرد الظالم بنيها وهدّم منزلها ونكل بمن يحميها وشرد بالبقية منهم ، منذ ذلك اليوم رحلت عنها الفرحة وغاصت في حزن عميق واجترت آلام فراق الأحبة ، غدت وحيدة ، غدت مكسورة الجناح يتيمة ، تفرق عنها أهلها ، ووقعت في أسر سجان نزع الله من قلبه الرحمة ، تجلدت بالصبر وتشبتت بالأمل ، أمل يداعب خاطرها أن إخوتها لن ينسوها ، تذكرت اختها المسلمة حين نال منها الظلم ، نادت بأعلى صوتها : وااامعتصماه ، فلبى المعتصم نداءها وجيش جيشا عرمرم وبادر لنجدتها ، وأنصفها وأكرمها وأعاد لها صفو نفسها ، وأعطاها حق الرد أو الصفح على من أساء إليها، يوم أن كان للإسلام عزة ومنعة وقوة ، حمى حرماته ودافع عنها ، رغم أن في ذاك الزمان لم يكن تمة وسائل اتصال ، تبلغ الصورة الحية لمشاهد تهز القلوب كما حالنا اليوم ..

كانت حرة أبية طيبة القلب ، لم تحمل لأحد من إخوتها أي حقد أو غل بل حملت لهم كل صفاء وإيخاء ولم تضمر لهم أي شر ، أمعن السجان في إيذاءها ، أثخن جسدها الطاهر بالجراح ، كلما ضاق بها الحال صرخت بأعلى صوتها ، علّ أحد من إخوتها يسمع صدى صوتها فيلبي نداءها ، لكن دون جدوى ، ذهبت صرخاتها أدراج الرياح ، مر شهر تلو الشهر والعام تلو العام ولم تحرك مشاهد الدمار والقتل والرعب قلوب إخوتها ..

 وبعد سبات عميق وبعد أن نال منها السجان وأرهق كاهليها ، جاءها مرسول من إخوتها عبرالحمام الزاجل ، وكان هذا الأخير مكرها رفض أن يعود لوطنه وقد أضحى مقبرة وأشباحا ، وقد غادرته البسمة وضحكات الصغار ، فرطت من عينيه دمعة حزن وألم على وطن ماعاد له فيه مكان ، بعد أن بلغه ظلم السجان وفتك بصغاره وأدمى عشه ، أضحت الحدائق التي كان يرفل فيها الصغار وقد كانت تنبض بالحياة والبهجة لمقابر للشهداء ، غابت الفرحة وحلت محلها الغصة والالم والحزن ، دمر الظلم كل حياة وخنق الجو ، رحل معظم بنيها ينشدون الأمن والأمان ، فرارا من جحيم لجحيم آخر في خيم لا تقيهم حر الصيف ولا زمهرير البرد..

سلمها الحماح المرسول وعاد أدراجه يبكي وطنا أثخنته الجراح ، غمرتها الفرحة بمرسول إخوتها ، تقبله تارة وتحضنه تارة أخرى تتنسم عبيره وعطره ، فتحته علها تجد فيه السلوى أو البلسم لجراحها ، تصفحته بشغف كانت تلتهم الحروف علها تبلغ مبتغاها ، نصرتها وفكّ قيدها وعودتها لحماهم ، وما هي إلا لحظات حتى تجلت لها الحقيقة المرة وخاب ظنها فيهم ، أوصوها إخوتها بالتجمل بالصبر ، وأن المدد قادم!!  

خارت قواها وتلاشت كل مناها ، وتبددت آمالها وذابت أحلامها ، ووقفت على خذلانهم لها ، لم يعطوها غير كلمات الشجب والإدانة والتحسر ، لم تنال منهم غير كلمات المواساة ، والوعود ، ماذا يفيدها أن يذرف إخوتها الدموع على حالها دون أن يقدموا لها أي دعم حقيقي ويزيحوا عنها الأغلال والأصفاد ، كلمات المواساة لن تُحررها من أسر السجان ، ولن تُخفف من معاناتها ومصابها ، ولن تَحمي من بقي من أولادها ولن تُعيد الحياة لمن فارقها من أحبتها ، ولن تنصفها ....!!

الأربعاء، 27 مارس 2013

تحرير الأرض يبدأ بتحرير الإنسان من كل المعوقات ..





قبل مجيئ الإسلام الذي أضاء بنوره كل الأرجاء ، كانت الأرض تعج بالجاهلية والضلال والظلم والحيف واستعباد الغير والحمية للقبيلة واستغلال مجهود المستضعفين وو.. ثقافة غير سليمة سادت لعقود ورغم ذلك كانت مكة لا تخلو من شيم أبقى عليها الإسلام كإكرام الضيف و الوفاء بالعهد  ونصرة المظلوم وكان ذلك في حلف الفضول الذي شهده النبي عليه الصلاة والسلام وزكاه وتمنى لو دُعدي له في الإسلام لأجاب وغيرها ، وحين حلّ الإسلام بكرمه وشمائله وفضائله أعاد للإنسان إنسانيته ، فوجهه للخير وجلى صدأ نفسه وروحه فتشرب معاني الإسلام الراقية السامية ، فخلق بذلك مجتمع متماسك ، جسد واحد ، أخوة ، رحمة ، فضيلة ، خير ، فبسط العدل رداءه وعمّ الكل  ، أضحى الكل في سفينة واحدة ، يأخذون على يد من يريد أن يغرقها ليسلموا جميعا ، ضياع الإنسان أصعب من أي ضياع كان ، فهو من يبني حضارة فإن ضاع حتى وإن حرر الأرض مالم يحرر نفسه من علتها و من شوائبها فلن يحفظ تلك الحضارة بل سيضيعها ..

المجتمع المسلم في المدينة المنورة قام على جهود كل المسلمين من جميع الأقطار ، صهيب الرومي ، وسلمان الفارسي ، وبلال الحبشي وعماربن ياسر اليمني وهكذا ، تجمعهم لحمة واحدة بعد أن آخى الإسلام بينهم ونفض عن نفوسهم أية ثقافة سادت في المجتمع الجاهلي ، لا يقاتل حمية ولا يقاتل كذا وكذا بل يقاتل لإعلاء كلمة الحق ، اختفت كل نقائص الجاهلية  وحلّ الإسلام بصفاءه ونقاءه وحتى في الحرب تسود ألأخلاق والضوابط التي تنظمها ، وبذلك بلغ عز الأمة مشارق الأرض ومغاربها ، جعل الكل سواسية كأسنان المشط الأفضلية للتقوى لاغير ، ليتنافس عليها الكل ، أما حين تسيست الحياة وقع ما تخوف منه النبي عليه الصلاة والسلام تفرق شمل الأمة وحلت العداوة وتعمقت الجروح والإختلاف أصبح هو اللغة السائدة ..

الثورة ما لم تبلغ وجدان وفكر المواطن العربي وتغير من واقعه وتتجسد بقيمها السامية فسيظل واقعه مزري ، الإستبداد ولعقود رسخ ثقافة بائدة شتت الوطن وزرعت فيه بذور الأنانية وعدم المبالات والإقصاء وإلغاء الآخر وتغليب حظ النفس والإستئثار بالسلطة وغيرها ، وحين نتشرب قيم الإسلام التي هي نفسها قيم الثورة لتجسدت على واقعنا ولغيرت من حالنا ، ولحل الوئام وصفت القلوب وعمل الكل لخير الوطن ، فالناظر اليوم لواقعنا يشك أن الإستبداد وحده هو من شكل واقعنا المزري ، لا ننسى أن نفوسنا أيضا ابتعدت عن النهج القويم ، كما أثرت في نفوسنا عقود الإستبداد وعمقت خلافاتنا ، وأضحى بأسنا بينا شديد وغاب الحوار ، لانجتهد في البحث عن نقاط تقارب لنُبقي على الوطن متماسكا ولا تتفكك عراه ويبقى قوي متماسك اللبنات ..

جائت القصص في القرآن للعبرة ، ولنتعلم منها الدروس ونتفادى أخطاء وقع فيها من قبلنا، بنو إسرائيل ألفت نفوسهم الذلة والمسكنة وقابلوا نعم الله بالجحود والكفر ورفضوا الحرية والكرامة التي سعى موسى عليه السلام لترسيخها في نفوسهم وتخليصهم من العبودية  نفوس أضحت كالحجارة أو أشد قسوة ، أفشلوا مسعاه وظلوا على تيههم ، وحين جفت قلوبهم عن سماع الحق ، نالتهم النقم وتاهوا ولازالوا تائهين....
قبل أن نحرر الأرض نحرر الإنسان ننشر ثقافة الإيخاء الإيثار قيم الإسلام التي غابت عنا ، نزرع معاني الرحمة نفسح قلوبنا للكل ، نتعلم معنى الصفح ، معنى الإصغاء للآخر معنى الحوار ، حتى حين نحرر الأرض نعمرها بالخير والعدل والإيخاء ..

الأحد، 24 مارس 2013

ماهو الدور الجديد الذي ستلعبه تركيا في المنطقة ؟؟...




بعد الأعتداء السافر على سفينة مرمرة ، ظلت تركيا متمسكة بحق اعتذار المحتل عن الإعتداء الصارخ في حق النشطاء ومقتل عددا منهم ، كانت سفينة مرمرة ماضية في رحلة لكسر الحصار عن غزة ، فتعرضت لعدوان سافر من الإحتلال ، اقتحام وقتل واحتجاز وبعثرة للمواد الإغاثية وتنكيل بالنشطاء وخاصة أن الإعتداء وقع في المياه الدولية وهذا يعد انتهاك لقوانين الملاحة وقرصنة ، واليوم جاء الإعتذار ليعيد لتركيا هيبتها وخاصة بعد قبول المحتل بشروطها ..

منذ ذلك الحادث اهتزت العلاقة بين الجانبين ، علاقة لم تكن وليدة فترة حكم أردوغان بل كانت قبل فترة حكمه ، فقط تأزمت بحلول الحادث وتعمقت حين رفض المحتل أن يعتذر لتركيا و يقبل بشروط الإعتذار الذي فرضتها تركيا قبل عودة العلاقات وهي : دفع التعويضات لأسر الضحايا ورفع الحصار عن غزة ، طبعا في السياسة ليس تمة أسود وأبيض بل هناك عدة ألوان تفرضها لغة المصالح ، وهذه الخطوة تُعد بداية لدور جديد ستلعبه تركيا سيعزز من مكانتها في المنطقة وقد يخلق توازنات في ظل القطب الواحد المستفرد بالقضية الفلسطينية ، فالإعتذار لم يأتي اعتباطا بل له أبعاد ، المحتل يعيش تخوفات جمة من محيط يشهد متغيرات ، ومستقبل غامض لا يعلم ماذا تخفي له الأيام تحت طياتها ..

تركيا لها مصالح تبحث من خلالها ليكون لها موقع ، مصالح تحقق لها مكاسب ، ليس الضير في أن تبحث دولة ما على مصالح لها في المنطقة ، المهم أن تفعّل تلك المصالح في خدمة قضايا الأمة ، العرب لعقدين من الزمن وهم يلوكون سلاما مجحفا ، لم يحقق أدنى حق للشعب الفلسطيني ، لأنهم لا ينطلقون من مصالح أمتهم بل من مصالحهم الشخصية ، تركيا تدرك أن المحتل يسعى لإعادة العلاقات خاصة وأن محيطه يهتز وحتى يفكك عزلته ، فلو استثمرت تركيا مصالحها في إعادت العلاقات لخدمة القضية لكان أنفع ، المحتل يحس بعزلة تامة وقد تهاوى حلفاءه واحد تلو الآخر ،هذا ما دفعه للقبول بالشروط ، متى اعتذر المحتل عن جريمة اقترفها ؟!
هذا حتما يعبر عن وضع جديد ، تركيا سيكون لسياستها وقع وحس إن فعّلت مصالحها ومصالح المنطقة في ضوء هذه المستجدات وما تشهده المنطقة من حراك ، فقد وافق المحتل على شروط تركيا بناءا على المتغيرات التي تحيط به ..
لغة المصالح لا تعني الحميمية في العلاقات كما يعتقد البعض ، لكنها تعني تعزيز مواقع وتتبيث مكانة وتبادل مصالح ، والمستقبل سيكشف مدى انعكاس تلك العلاقة على مصالح الأمة ومصالح القضية وإيجاد لها حلول ، وكسر الحصار وو..

السبت، 23 مارس 2013

وعاد الربيع ..



هلّ الربيع من جديد بجوه الصافي ونسماته العليلة وشمسه الدافئة ، يبهج الروح بمناظره الخلابة ويسحر العين بجماله الساحر وبساطه الملون ، فيه تزهو الأرض وتزداد جمالا بألوانها الزاهية ، ألوان تأخذ ألأباب فيها الأحمر والأصفر والبنفسجي والأبيض والاخضر ، أشكال مختلفة تبهر العين ، تشدك منظر الفراشة وقد خرجت لتوها من شرنقتها وطارت بأجنحتها ذات الألوان النضرة وحطت على الأزهار ، تفرد جناحيها في زهو وتبختر ، فتبدو عظمة الخالق في سحر الالوان ، تطير من زهرة لزهرة مسرورة وقد زادت الجو بهاءا وجمالا ..



اكتست الأرض لونا زاهيا يبعث في النفس الإنشراح وتنبسط له الأسارير ، يبهج الروح ويسر العين ، يطرب الأطفال خاصة بمقدمه ويغدون أكثر حركية يتنسمون عبير الأزهار ويستعذبون زقزقة الطيور وهي تفرح بمقدم الربيع تعلو ضحِكاتهم وهم يتنقلون من مكانلمكان بين الحدائق والمروج يقطفون الأزهار ليتزينوا بها ، يأخذك منظر الطيور وهي تحثّ الخطى لتبني أعشاشها بعد أن عادت لموطنها تحضنه بعد غياب ، تحن للإعشاش وقد مدها الله بكل أسباب الرزق لتستأنف حياتها من جديد ، تبني أعشاشها وهي تغني لحنا عذبا ، كلها حماسة وطاقة تتحرك هنا وهناك بروح مرحة تسمع لحن أصواتها الجميلة العذبة من بعيد ، وكأنها تتبادل التحايا معلنة مقدم الربيع .

.

 اكتست الأرض حلة بهية مزركشة الالوان ، من بعيد يسحرك منظر البساتين والمروج وقد أنبتت من كل لون بهيج ، ارتدت الأرض أبهى حله تزهو بأريج الزهور ، لازالت قمم الجبال تكسوها بعض بقايا الثلوج ، اما في السفح فقد تدفقت الانهار والوديان بمائها الصافي الرقراق ، تنساب عذبة طيبة ، هو فصل الربيع فصل يدخل على القلب البهجة والسرور وتصفو فيه النفوس ، ليس كباقي الفصول بل له طعم خاص يضفي على الارض بهجة وصفاء وجمال آخاذ ، شكّل الربيع للشعراء وقودا وزادا لقصائدهم يتغنون بجمال طبيعته ، ينسجون الأشعار الجميلة فتنساب الكلمات عذبة صافية جميلة كجمال فصل الربيع ، يخرج الناس جماعات لاستقبال الوافد الجديد يستظلون بظل ألأشجار الخضراء المورقة فيسرحون في جمال الربيع وقد غدت الأرض حديقة غناء ، تتبختر في توبها الجذاب ..



الكون كله يسبح للخالق المبدع ، الذي خلق الأرض وشكل تلك الجوهرة الزرقاء لتبرز لنا سره عز وجل في خلقه وقد حوت كل المباهج ، تسعد الروح وهي تتملى في سحرها الطيب ، هنا تشتاق للجنة التي أعدها الله لعباده الصالحين ، جنة فيها أنهر من عسل مصفى وأنهار من حليب صافي كصفاء قلوب الصالحين من أية شائبة ، فيها أشجار يمتد ظلها لمدى واسع بل أوسع مما نتخيله ، مهما اجتهدنا في وصفها ، لن نبلغ ما أعدّه الله لعباده المؤمنين فيها ما لم تراه عين أو تسمعه أُذن أو خطر على قلب بشر تشتاق الأرواح لها وتعلم أن الطريق لها محفوف بالصبر والثبات والعمل الطيب الجاد ، والصمود على درب الحق ، اللهم اجعلنا وإياكم ممن يحظون بالفردوس الأعلى ، اللهم آمين..

الجمعة، 22 مارس 2013

وماذا بعد زيارة أوباما لفلسطين ؟؟!!..





من يعول أن يجني خيرا من زيارة أوباما لفلسطين واهم ويستمر في خداع نفسه ويغطي شمس الحقيقة بالغربال ، والحقيقة أن سياسة أمريكا منحازة للمحتل ولن تحمل الزيارة خيرا لفلسطين ولن تحمل حلولا لهمومها ، هي جاءت لحتى تزيد من دعم المحتل وهناك من صنفها في خانة التصحيح خاصة أن ولاية أوباما الأولى استهلها بزيارة للقاهرة وكأنه الآن جاء ليصحح مسار وسياسة أمريكا اتجاه حليفتها ويجدد الولاء والدعم للمحتل ، ليس إلا ..

أي خير قد يحمله لفلسطين وهو من أصر على يهودية الدولة ونسف حل الدولتين ، المتتبع للزيارة يحس بخضوع تام لسياسة المحتل ، بل زاد سخاءا عن من سبقه ، خطابه وكلماته تخلو من أية لغة للسلام المزعوم بل لغة الإستسلام لإرادة المحتل ، جاء ليعطي دعم معنوي لحليفته بعد الدعم المادي المطلق ، اللوبي الصهيوني هو من يؤثر في سياسة أمريكا وهو من يضغط على صناع القرار فيها ، وحين يغيب أي تأثير للعرب والمسلمين حتما سنجترآلام الحيف ..

الحلف الذي يجمع أمريكا مع المحتل لم يُبنى عن قناعة بل تحكمه لغة المصالح ، فكل المرافق الهامة في أمريكا تجد للوبي الصهيوني فيها مكان ، لن تتغير سياسة أمريكا إلا حين نبني قوة اقتصادية ننافس بها الغير ، وحين يكون لنا مكان في سياسة أمريكا ودور مهم فيها ، الزيارة جاءت إثر مخاوف المحتل من تطور الأوضاع في سوريا ليجدد دعمه ألاّ محدود للكيان ويطمإنه وقوله : لستم وحدكم يوضح مدى الدعم السخي الذي يحضى به المحتل في سياسة أمريكا ..

للأسف الطرف الفلسطيني المفاوض والذي قدم كل شيئ ليحل السلام !! لم يجني شيئا في المقابل ، يعتقد أن بمقدور أمريكا أن تضغط على المحتل أو تغير من سياساتها نحوه ، ما يهم الغرب كله هو تثبيت مصالحه ، ومن يراهن على دور أمريكي لإيجاد حل لن يجني سوى الخيبة أو الفتات الذي لا يسمن ولا يغني ، بل العكس هو الحاصل الذي يملك أوراق الضغط هو المحتل ، وصول حكومة متشدده في كيان المحتل إشارة أن سياسته ستزيد تعنتا ..

 وفي هذه المواقف الصعبة وانسداد الأفق ، ألا يدعو هذا السلطة التي راهنت على الوهم أن تجتهد لعقد مصالحة تقوي بها المواقف وتصحح المسار ، وتكسب للقضية أوراق ضغط توقف بها تعنت المحتل حتى لا يجعلها مطية للمقامرة بمصير فلسطين ، الإنقسام ليس في صالح فلسطين ، والخيار الأنجع هو في العودة للصف ولخِيار التفت حوله كل مكونات الشعب ، الاحتلال جعل من السلطة معبرا لتحقيق مشروعه في الهيمنة على كل فلسطين في غياب قوة تحمي المواقف أو حل عربي ناجع حتما سيستفرد بها ، و كيف ستواج السلطة حكومة المحتل وهي من تجاهر بالعداء وبيهودية الدولة وتنسف كل حل وماضية في سياسة مجحفة ؟؟!!

الأربعاء، 20 مارس 2013

خطورة سياسة الإبعاد ..




شكل اغتصاب فلسطين بداية لقصة دامية نسجت فصول حكاية مريرة من معاناة شعب مع احتلال مقيت مزق الشمل واحرق الأرض وابعد الروح عن الجسد ، حكاية شعب هُجر من أرضه ، احرقت بساتينه ونسف بيته وحال الإحتلال بينه وبين موطنه ، وقاده السجان لمقابر الموت ليلفظ أنفاسه فيها ، تحت التعذيب ، لكسر معنوياته او يفرج عنه بساومته على ابعاده ، ويقتلع من أرضه بلا جريرة اقترفها ، ذنبه أنه فلسطيني !!

لم تتوقف سياسة الإبعاد و لم تفتر مذ اغتصبت فلسطين ، وإن اختلفت أساليبها ، لكن كل السبل تصب في ما يخطط له المحتل من أفراغ الارض من أصحابها ، عمد الإحتلال لإزالة أي وجود للفلسطيني على أرضه ومحو آثاره كانت البداية بالمجازر المروعة وطمس قرى بأكملها وترويع الآمنين ومع هذا ظل الشعب متشبت بأرضه رافضا سياسة الإحتلال متصديا لها ، احتلال بنى كيانه على أشلاء شعب مكلوم بعد أن مزق أوصاله وهجر أهله ..

تفتقت عقليته المقيتة في خلق سبل شتى لأخلاء الأرض وإزالة أي وجود للفلسطيني فيها ، من تضييق وحرمانه من رخص البناء وهدم المنازل وتغيير معالم الحضارة الإسلامية بدعوى الترميم ، والإستيطان الذي يقضم الأرض وحواجز فرقت الوطن ومزقت أوصاله ، وجدار عنصري دق أسافين الفرقة ومزق شمل العوائل ، واليوم يبتز الاسير وهو تحت رحمته حين خذله الكل ولم يرقى حجم التضامن للجهود والتضحيات التي بذلها الاسير ، مساومة الأسير على حريته بين الإعتقال أو الإبعاد وكلاهما مر ، الأبعاد تمزيق الروح عن الجسد ، والغرض واحد ، حتى يفرغ فلسطين من أهلها ..

سياسة الإبعاد سياسة مقيتة انتهجها المحتل حتى يفرغ أهلها منها ، قسرا أو مساومة أو ترويعا أو... ويُبقي على القلة فيذوبهم في مجتمعه فيصبحوا أقلية في وطنهم ، لا حول لهم ولا قوة ويستفرد هو بالأرض ، ويجتر من بقي آلام الإغتراب في وطنه والتمييز والعنصرية ، الإبعاد جريمة في حق الفلسطيني وما لم تحضى باحتمام بالغ وتسلط عليها الضوء والتفاعل معها بحزم فقد يلجأ المحتل لإبتكار أصنافا وطرق مختلفة من التضييق لتغيير التركيبة السكانية على الأرض فيصبح المواطن الفلسطيني غريبا في موطنه ، المحتل يساوم الأسرى بين الموت أو الموت البطيئ فالإبعاد هو أيضا موت ، فراق الروح عن الجسد ، الأسرى قاوموا المحتل بكل طاقاتهم وتبقى المسؤولية على عاتق الجميع ، والإبعاد سياسة مستهجنة وتبقى معركتهم الشريفة التي خاضوها ، ثورة في وجه الظلم ، حين اغلقت أمامهم كل المنافد .

النشطاء هم وقود الأمة فإن غابوا فترت الهمم واستكان الباقون للإحتلال وهذا ما يسعى له المحتل ، الإبعاد انتهاك للمواثيق التي تُعنى بحقوق الإنسان المعمول بها حيث تجرم هكذا سياسات ، لكن للأسف تبقى حبر على ورق في انتظار من يُفعلها ، ويتصدى لهكذا أنتهاك..
معركة الأمعاء الخاوية خطوة جادة وسلاح فعال ضد صلف المحتل ، وحين نتناول جريمة الإبعاد الأسير ليس من باب بخس تضحياته أو التقليل منها أو اجهاض ثورته ، كلا ، لكن نتناولها من باب تجريم سياسة الإبعاد وخطورتها على مستقبل فلسطين ..
ثورته أبلغت صوته وكانت لها صدى وتحدى غطرسة المحتل ولم ينال هذا الأخير من عزيمته ، أثبت الأسير من خلال ثورته انتصاره على الظلم و فوت على المحتل مبتغاه في كسر إرادته أوشل عزيمته .
لكن للأسف لم نكُن لهم نعم العون ونقوي صموده طبعا كل في موقعه ، وتبقى سياسة الإبعاد جريمة في حق الأسير وتطال أيضا أهله وذويه ، حيث يحرمه من دفئ العائلة ويمزق الشمل ، والخوف من هذه السياسة المجحفة أن تصبح ديدن المحتل ، وتتكرر مع أسرى آخرين فتعتقل نشطاء ومن تمّ تبتزهم وتطيل معاناتهم حتى يرضخوا لسياست الإبعاد ، هي جريمة في حق الاسير لكن حين تكون الهبة والتضامن لا يوازي تضحياتهم ، يستفرد بهم المحتل ويمرر سياساته المجحفة في حقهم ..

الثلاثاء، 19 مارس 2013

تسليح المعارضة السورية بين مؤيد ومتخوف ..





تدخل الثورة السورية عامها الثالث وبعد عامين من القتل الضاري و المعاناة والعلقم الذي سقاه النظام الغاشم لشعبه حين صدح بالحرية ، وبعد أن تفرج العالم بأسره على محنة شعب نكل به النظام ...وشرده وهجره عن أرضه ، في حين لم يقدم له أي دعم يوقف شلال الدماء ، تحركات هنا وهناك في غياب حل ناجع ، بل حتى النازحين من فروا من ويلات الحرب طالهم جحيم الفقر والجوع والبرد والنسيان ، حرب كونية يكتوي بنارها الشعب المكلوم ، واليوم وبعد سبات دام عامين استيقظ الضمير العالمي فجأة !! وتذكر أن تمة شعب يُباد على مرآى ومسمع من العالم دون أن يحرك هذا الأخير ساكنا واهتم له اليوم ويريد أن يسلحه ليوقف شلال الدم !! العارفين بالواقع يتخوفون من توقيت هذا الدعم ، خاصة في ظل انجازات للجيش الحر على الأرض ..

وفي حرب غير متكافئة ، حُرمت المعارضة من سلاح تُدافع به عن نفسها أو تحمي مناطق حررتها وأضحت تحت نفوذها وترد هجمات النظام الغاشم في الوقت الذي يواجهها النظام باستخدام كل الأسلحة الفتاكة بما فيها أسلحة تستعمل في مدى أوسع استعملها هو في مجال ضيق وضرب بها الأحياء والذريعة أنها تأوي الثوار فزاد عدد الشهداء من المدنيين ، ولو حرصت الدول التي تلوك مسألة تسليح المعارضة لأقامت منطقة عازلة لتحمي المدنيين ومنها ينطلق الجيش الحر ، حتى لا تصاب الأحياء وتكون التكلفة باهضة وثقيلة ..

منعت بعض الدول تسليح المعارضة بحجج واهية حتى لا تمتد الأسلحة لأطراف أخرى ، والحقيقة غير ذلك ، كانت تتخوف من البديل المرتقب حين يزول النظام ، لكن حين أحسوا أن بقاء الازمة وإطالتها حتما سيخلق بديلا لكنه بديل لن يروق لأمريكا وحليفتها في المنطقة حركوا ملف التسليح ، لو كانت النوايا صافية لكل الأطراف التي اتخذت من أرض سوريا أرض تجاذبات لكان الحل منذ اليوم الأول ، ولما ارتفعت حصيلة الشهداء ل 70 ألف شهيد علاوة على النازحين وما يعانونه من الويلات ، كان الحل في أيديهم لكن تقاسهم جعل من الشعب لقمة سائغة للنظام الغاشم ..

من يؤيد تسليح المعارضة يرى فيها خطوة نحو ازاحة النظام وحسم الحرب ، ففي كل يوم تزداد فيه أعداد الضحايا ، والمتخوفون يعزون تخوفهم من أن تُعطي الخطوة لحلفاء النظام الغاشم ضوء أخضر في تدفق السلاح فهم عازمون على دعمه حتى آخر رمق ولن يتركوه يسقط بسهولة ، ليس حبا فيه بل توافق للمصالح ، وهنا سيزيد النظام من فتكه بالعزل ومن الدمار والخراب ، وهنا لن تبقى الحرب محسورة في أرض سوريا ستبلغ كل المنطقة ، وهذا ما يتخوف منه المتخوفون من تسليح المعارضة ، الغرب لا يهتم للشعب السوري ولو كان الهم هو الشعب لما تُرك لعامين وهو يجتر آلام القهر إن في الداخل أو في مخيمات الموت البطيئ ، هو يهتم لمصالح حلفاءه ، وخوفا من البديل الذي قد يشكل تهديدا لهم ولحلفائهم ..

كان الحسم سيوتي أكله قبل أن تعج الساحة السورية بأطياف عدة ، فقد رفض البعض أن ينضوي في الجيش الحر وهذا يشكل خطرا إن حل السلاح فقد يزيحوا النظام الغاشم لكن قد تفتح سوريا على واقع لم يكن في الحسبان ، الكل جعل من أرض سوريا أرض تصفيات حسابات بيد أن الشعب هو من يكتوي بنار الحرب المستعرة ، والغريب حين يبلغ مسامعنا من يدين تسليح المعارضة وهي روسيا وتصف الخطوة أنها غيرمشروعة بموجب القانون الدولي!! وتناست أن الفيتو ، القرار الظالم هو من أعاق أي حل وهو من جعل الأزمة تستفحل ولو كان الحسم من الأول لجنب سوريا هذا المسلسل المرعب من القتل والدمار والخراب ، لكنها أدوار يلعبها الغرب وبعض العرب ليكون لهم موقع في مستقبل سوريا في حين يدفع الشعب المكلوم من قوته وأمنه ودمه فاتورة غالية ، اللهم أزح عن الشعب السوري الغمة وفرح همهم ، وكن لهم نعم النصير ، اللهم آمين ..

الأحد، 17 مارس 2013

* خنساء فلسطين * لن نقول لك وداعاً أختاه بل إلى لقاء في جنة الخلد إن شاء الله ...




قال تعالى :يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي )
بقلب يلفه الحزن والألم وبعين دامعة وفؤاد مكلوم أرقه فراق الأحبة ، تلقينا نبأ وفاة أمنا الغالية الطيبة المجاهدة * خنساء فلسطين أم نضال *
هو حدث أليم ، هز القلوب وأبكى العيون وأوجعها المصاب ولا نملك إلا أن نقول ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، العين تدمع والقلب موجوع وإنا على فراقكِ أختاه لمحزونون ، هي الأخت الصابرة الصامدة ، ذكرتنا صفحاتها الطيبة بالصحابيات الأول ، هي مدرسة البذل والعطاء ، تخرج منها الأجيال ، نستخلص من عبير مسيرتها العطرة أبهى الدروس ، كما كنا نحتاج لقدوات في تربية صالحة للجيل تنبت لنا جيلا صالحا نفخر به ، كنا نحب أن يكون لنا قدوات من الأخوات المجاهدات من قدمن فلذات أكبادهن ، فداءا لله ثم إخلاصا لفلسطين وثراها الطيب ، قدمت تضحيات جسام لإعلاء كلمة الحق وحماية فلسطين ، كانت الأم الحنون ، امتازت بالقلب الكبير ، أماّ للجميع احتوتهم بحنانها الفياض وطيب أخلاقها ، هي مدرسة للثبات والتحدي والصمود ، أحببناكِ أختاه وكنا نرجو أن نلقاكِ في الدنيا ، وقد رحلتِ عنّا نرجو أن يكون لقاءها تحت ظل العرش إن شاء الله ..
هي نبراس ينير درب كل جيل ، نستخلص من تجربتها القيّمة أبلغ العبر والدروس ، تودع إبنها البار بكل يقين وثبات وهي تعلم أنه راحل وقد لا يعود ، تتجلد بالصبر والجَلد ، صلبة المراس أمام المحن والشدائد ، كان بيتها حضنا للمقاومين ، هي رمز التحدي والصمود ، انجبت لفلسطين مصابيح النور مذ ولدتهم أعدتهم ليوم النزال ، تُدرك بفطرتها إن كان مهجة الفؤاد غالي ، ففلسطين أغلى ، ودعتهم وقد أعدتهم للحور العين ، ابتسامتها لا تغادر قسمات وجهها ، حبها لأولادها الغوالي ترجمته فعلا ، أحبّت لهم الجنة فتسابقوا لنيل الشهادة ولبلوغ القمة ، هي قدوة لنا لنحذو حذوها ، كرست وقتها لفعل الخير والطاعة وبذل الغالي والنفيس لفلسطين ، ذكرتنا سيرتها العطرة الحافلة بمحطات الصبر والتحدي بأسماء بنت أبي بكر حين أعدت ابنها للنزال وأوصته أن يموت على الحق ولا يستسلم وأن لا يركن للدنيا أو يطلبها بل يطلب إحدى الحسنيين إما نصر أو شهادة ..
هي مثال للأم الشامخة الطيبة ، زرعت في خلد أبناءها عزة النفس وحب الأقصى والذود عنه وحبّ الفداء ، ومعنى الأرض المعطاءة ، فجادوا بأرواحهم ليرووا ثراها الطيب الغالي ، أحبتهم ومن حبها لهم أرشدتهم لطريق الجنة وأعدتهم لدرب النور والفلاح ، كانت قدوتها الخنساء من استقبلت شهادة أبناءها الأربعة بصبر ويقين قائلة : الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم جميعا وأرجو أن يجمعني الله بهم في مستقر رحمته ..
علمتهم معنى تحمل المسؤولية ، كان بيتها عرينا للأسود ، أحاطت كل أبناءها المقاومين بحنانها الخالص فهي ينبوع عطاء لا ينضب ، زرعت في نفوس أبناءها كل فضيلة ، تعهدتهم أشبالا وهيئتهم ليوم النصر وصبرت على فراقهم عزاءها أن تلقاهم في الجنة إن شاء الله ، منكِ أختاه استلهمنا دروس التضحية والصبر ، اعتاد المحتل أن يراك الحلقة الأضعف فقط تبكي أخا أو أبا أو زوجا أو ابنا ، بقلب مكلوم لكن اليوم بلغ مسامعه أن فلسطين نساءها لا يلدن فقط الأسود ، بل هن من أنشأن مدرسة التحدي والصمود والإباء والبذل والعطاء ، كان لهن وقع وموقع في المقاومة بكل أشكالها ، تخرج من مدرستها العديد من الطاقات لن تكتمل مسيرتها برحيلها هي معنا بما صنعت في نفوسنا من حب للأرض وبما غرست من فسائل ستثمر إن شاء الله شجرة وافرة الظل متجذرة في الأعماق ، سيكمل المشوار من تتلمذ على يديها الحنونتين الكريمتين ، لن نقول لك أختاه وداعا بل إلى لقاء في جنة الخلد ، إن شاء الله 

الخميس، 14 مارس 2013

قِيم الثورة ..

حين يغلق الأستبداد كل نوافد الحوار ويبدد الثروات ويخلق فُرقة بين مكونات الوطن ، فئة قليلة متنفذة وغالبية تجتر آلام التمييز والفقر والتهميش والمعاناة ، وحين يهوي بالبلد للتخلف ويعيق ركب تنميتها ، ويوقف مسيرة الإبداع فيها ، تأتي الثورة لتعيد القطار لسكته الصحيحة ، تنشد العدل والإنصاف لتبرز الطاقات التي غيّبها الظلم وتنعم في كنف وطن يظللها بالحرية وتنعم فيه بعدل افتقدته ، الثورة تصحح المسار وتعيد الأمور لنصابها ..

تحمل الثورة بين طياتها أهدافا واضحة ، فالثورة التي تفتقر لإهداف واضحة المعالم ما إن يهوي الإستبداد حتى تتخبط وتحيد عن جادة الصواب ، فالثورة قبل انطلاقها ترسم أهدافا تتوحد عليها ، من احقاق الحق وترسيخ شعارات الحرية والكرامة والعدل والعزة والعيش الكريم ، فتعمل عليها حين تزيح الظلم عن كاهليها ، وتجتهد السواعد لتبني الوطن ، وتحقق مكاسب الثورة ..

والثورة الناجحة هي التي تحمل قيما تتجلى في أخلاق الثوار ، وتترجم على الواقع ، ثورة تجمع كل مكونات البلد تحافظ على الممتلكات فهي ذخر لها لا تتعرض لها بالحرق أو التدمير ، تحافظ على نقائها ، ثورة بأخلاق سامية ، قد يعمد الإستبداد لاستخدام القوة لكبح جماح الثورة ومع ذلك فلن تهوي أخلاقك للحضيض الذي بلغه الأستبداد ، تدافع عن النفوس بعيدا عن نوازع الإنتقام والضغائن ، هنا تتجسد قيم الثورة النابعة من أخلاق الإسلام ، لتحفظ نقاءها ، قدوتك في ذلك النبي عليه الصلاة والسلام قارع المعتدي حين حال دون بلوغ الحق للناس حتى تتشرب نفوسهم معاني الحق وتؤمن به عن طواعية ، أخلاق الثورة تتجسد قبل وبعد الثورة..

قبل الثورة تتجلى في أخلاق عالية لا تهوي لأخلاق المستبد وبعد أن ينزاح الإستبداد ، تبدأ معاول الخير تشق الطريق وتبني ما دمره الإستبداد وتكنس مخلفاته معنوية كانت أو مادية ، يشارك الكل في مسيرة البناء ، تزرع معاني سامية غيبها الظلم لعقود ، تنشر العدل ، تزرع حب الوطن في النفوس ، وتمحي ثقافة سادت لعقود من الأنانية وعدم المبالاة عطلت الجهود ، وتغرس معاني جليلة كلها رفعة ،تعلو بقيمة الانسان الذي كرمه الله عز وجل ، وتعيد روابط الاخوة وتبني مجتمعا متماسكا مترابطا يحيي الخير الذي أباده الإستبداد في النفوس فتعود لصفائها ونقائها وتنظفها من ألأوحال التي شابتها ، وتزيل ما تكدس من آفات ذميمة وتزرع معاني الطِيبة ، تزيد المجتمع الوليد لحمة وأخوة..

وتأكد أن القيم التي زرعتها ستنبت خيرا وسيجني المجتمع ثمارها ، رفعة وعزة وأخوة ووفاءا وإخلاصا وحلما وتكافلا وسلامة صدر ، الكل يدا واحدة ، الكل يعمل لتطهير البلاد من الفساد ، تطهيره من الجذور ، اجتثات كل مخلفات الماضي وقطع دابرها ، ومن قيم الثورة أن تزرع الثقة المتبادلة بين كل مكونات الشعب والصبر حتى توتي الثورة أكلها ، فالبلد لازالت مثخنة بالجراح والأمراض ، منهوكة تحتاج لوقت لتلملم شتاتها وتتعافى من أوجاها..

فلا ننسج أحلاما كبيرا تفوق قدرة البلد فتفتر الهمم حين تعجز عن تحقيقها ، بل يكون الكل واقعي مدرك حجم التحديات ، ويعمل الكل على تحقيق أهداف الثورة من كرامة وحرية وعدالة ، والاهم هو بناء الإنسان من جديد ، تأهيله ، العمل على نقاء السريرة ، واحياء كل القيم والمثل العليا التي بدد الظلم معالمها ، ضخ دماء جديدة نقية نظيفة في الجسد ، تسمو به فتشيع معاني الأخوة والتعاون ، الكل يمتطي سفينة واحدة وهي الوطن فإن تركوا البعض يخرقها غرق الكل وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعا ، والإخلاص هو عنوان كل خير ..

السبت، 9 مارس 2013

قصة النبي موسى عليه السلام مع العبد الصالح : العبر والدروس



دأت القصة حين كان موسى عليه السلام يخطب في قومه فانبرى أحدهم سائلا النبي عليه الصلاة والسلام ، قائلا : هل على وجه الأرض من هو أعلم منك ؟
فلم يردّ العلم لله بل ردّه لنفسه وهنا جاءت المعاتبة من الله له أن هناك من هو أعلم منك ، وهو درس لنا نحن ، مهما بلغ علمنا فلا يساوي شيئا أمام علم الله ، وفوق كل ذي علم عليم فجاءت المعاتبة الخفيفة واللطيفة حتى نستفيد نحن منها الدروس والعبر ، في رحلة طيبة تحمل تحت طياتها علما قيما ، فأخبره الله عز وجلّ أن تمة من هو أعلم منه ، فدله على مكانه ، وأرشده إليه ، واطلعه على أوصافه وبلغه الآية التي بها يتعرف عليه ..

ورغم أن موسى عليه السلام يعلم بمدى المشقة التي سيلاقيها في طريقه ورغم ذلك ركب كل المخاطر ومناه أن أن يلتقي بالعبد الصالح وينهل من علمه الغزير .
ويقف على معينه الوافر ، وبعد جهد جهيد أخيرا إلتقى به عند الصخرة ، فطلب موسى عليه السلام من العبد الصالح مرافته حتى يتعلم من علمه الراشد وينهل من معينه الفياض ، لكن كان العلم الذي أعطاه الله للعبد الصالح فوق طاقته فخشي عليه واشفق عليه منه وأخبره أنه لن يستطيع أن يتحمل ما سيصادفهما من أحداث ولن يصبر حتى يدرك كنه الاشياء ويدرك الحكمة من أي أمر ، لأننا نحن البشر لا نعلم الغيب ونجهل ما وراء أي أمر وما هي غاية منه الله فتكون ردودنا في غير محلها ، لكن موسى عليه السلام أصر على مرافقته وردّ عليه بثقة عالية أنه سيتحلى بالصبر والسمع والطاعة ..

طبعا تابعه ورأى من الامور ما عجز عنه عقله أن يستوعبه وعجز أن يدرك الحكمة التي قضاها الله وقبل إنطلاقتهما رأيا عصفورا يشرب من البحر قطرات قلائل فقال العبد الصالح لموسى عليه الصلاة والسلام : أرأيت ذلك العصفور فما علمي وعلمك من علم الله إلاّ كما نقر ذلك الطير من ماء البحر يعني مهما بلغ علمنا فسنظل قاصرين عن علم الله الذي أحاط بكل شيئ علما، وقبل أن يتفارقا ، أحاط العبد الصالح بكل ما فات النبي موسى عليه السلام من علم ولم يدرك كنهه واطلعه على علم غاب عنه ..

الأمر الأول الذي صادفهم هي السفينة فقد حملاهما صاحب السفينة دون أجر في حين أقدم العبد الصالح على خرق السفينة خرقا طبعا لن يؤثر عليها وستواصل مسيرها ، هنا موسى عليه السلام ثار ولم يقبل الأمر واستهجنه ، كيف يرد الجميل بخرق السفينة والحاق الضرر بها !!
وكلنا نعلم تفسير العبد الصالح لهذا الأمر الذي قام به وهو أن هناك ملك ظالم يأخذ كل سفينة غصبا وأما العيب الذي أحدثه فيها لن يضرها ولن يجعها تغرق فقط سيجنّبها ويقيها جبروت الملك الظالم ، وممكن اصلاح الخلل بعدها
وهنا نستفيد نحن أن لا نحزن إن واجهتنا مكاره أو تعطّلت لنا مشاغل فقد يكون الخير في أن يؤجلها الله لنا وفي ذلك حكمة هو يعلمها ونجهلها نحن ..

أما الغلام الذي أقدم العبد الصالح على قتله والذي أثار غضب موسى عليه السلام ولم يصبر عليه مستنكرا فعله وتساءل كيف يقتل طفلا بريئا بدون ذنب وبدون وجه حق ؟؟!! هنا جاء الرد المبين
أخبره العبد الصالح أن هذا الصبي لو كتب له وعاش سيرهق أبويه المؤمنين بكفره وبطغيانه وسيقودهما حبهما له أن يتبعاه فجاء أمر الله وأقتضت حكمته أن يقتل الصبي الذي يحمل طبيعة الكفر وأن يبدلهما ربهما بطفل مؤمن صالح يعينهما على طاعة الله ..
ونحن نستفيد من هذا العمل أن لا نجزع على أمر فاتنا أو فقد عزيز لنا ، ونرضى بقضاء الله وقدره و نعلم أن الخير فيما اختاره الله لنا ، لا فيما أحببنا ..

أما الجدار الذي بناه العبد الصالح فقد تعب العبد الصالح في بناءه ولم يطلب الأجر ولا الجزاء رغم أن الجوع نال منهما ورغم فضاضة أهل القرية التي رفضت أن تستضيفهما وجعل هذا موسى عليه السلام يطلب من العبد الصالح أن يطلب الأجر لقاء بناء الجدار
إلا أن العبد الصالح أخبره أن تحت الجدار يكمن كنز لغلامين يتيمين في القرية ضعيفين لصغر سنهما ولو إنهار الجدار لبرز الكنز ولا يستطيع الطفلان أن يدافعا عن أنفسهما وكان أبوهما صالحا
وهنا نستفيد درسا مهما أن الله يحفظ حق الأيتام وأن الله يجازي الذرية الصالحة لصلاح أبويها وأن الله لا يضيع أجر الأب الصالح بل يمتد أجره ليعمّ ذريته وأن صلاح الأبوين يكون رحمة للأبناء فالله يحافظ ويحمي حق الضعفاء ويدافع عنهم ..

الخميس، 7 مارس 2013

ثقافة الثورة ..


مقولة تتردد دوما : العدل أساس الحكم ، ففي ظلال العدل تصفو النفوس وتجود بالعطاء وترقى تطلعاتها ، لأنها لا تحس أن أحدا سيهضم حقها حقها مكفول ، عندها تتكامل كل الجهود وتفضي لنهضة الوطن ، وعندما يبسط العدل رداءه وينعكس مردوده على كل فئات المجتمع فتنعم في كنفه ، الكل يتقن عمله في أي حقل كان ، لكن حين يحل الظلم والجور ويكتم الإستبداد على الأنفاس جيل بعد جيل تتوقف عجلة التطور ويتوقف العطاء ، وتكبل الحركة ، لأن استبداد يساوي بين الصالح والطالح فتفتر الهمم ، وتختل الموازين وينتشر الفقر والجور وتغدو الحياة رتيبة لا طعم لها ، وتنطفئ جذوة العطاء ، وتخلد الأمة لسبات عميق يعطل الطاقات ، وتستسلم لواقع مرير .

وحين تكسر الشعوب جدار الخوف ينبعث الأمل من جديد فتنطلق من عقالها تبغي الإنصاف وتنشد الحرية والعدل ، وتتطلع لعالم عادل لا يحابي أحدا ، يلبي طموحها ويغير من حالها ويعيد لها نبض الحياة ، وحين يبلغ الوعي حسها تنتفض ، مهما كانت التضحيات الجسام مادامت حددت هدفها ، إلا أن من المهم أن تعي الشعوب أن الثورة هي أيضا لها ثقافة ، حتى تقف على حجم العراقيل لترسم لثورتها مسارا يقودها نحو التحرر ، الثورة المصرية والتونسية كان الجيش بعيدا عن مسرح الأحداث له دور منوط به لم يتخندق مع أحد وبقي يحمي الكل ، لكن في سوريا تغير المشهد ، ففي الوقت الذي نلمس تجاوبا بين الجيش والشعب في بلدان أخرى ، في سوريا الامر يختلف ، لذلك أخذت منحى آخر فقد حولها المستبد لمسلحة بعدما كانت سلمية رفعت فيها الآيادي الزهور وخطت أنامل الاطفال عبارات الحرية على الجدران ..

الثورة قد تكون عفوية وقد تثمر بعد جهد وقد تمر بخطوات ومشوار طويل لحتى تنضج وتينع ثمارها ، تخطيط مسبق والعمل على نشر ثقافة الثورة بين كل مكونات المجتمع حتى حين تكون النفوس مهيأة وتبلغ ساعة الإنطلاقة عندها تعلن انطلاقتها ، بل تمتد خطواتهم لما بعد الثورة ، ومن تم تشكيل قيادة تقود الثورة وتقسم الأدوار ، منسجمة مع الكل حتى تتفادى الإصطدام ، فالإستبداد له أوجه وما يُنجح الثورة هنا قد يفشلها في بقعة أخرى لذلك مطلوب دراسة لكل خطوة قبل الأقدام عليها ، الثوار وطّنوا أنفسهم لكل خطب ، لكن عند التخطيط تتفادى كثير عراقيل وتتضح الرؤيا وتحدد الهدف ..

الإستبداد أطلق جذوره ، ليس من السهل أن تقتلعه إلا إذا نشرت ثقافة الثورة ، وتعمل لتكون الأجواء قابلة للإنطلاقة ، ولا تقف أمامها أية حواجز بل قد تكون لك خطة لأقتلاع الإستبداد من الجذور ، حتى تنتفي ما يسمى بالدولة العميقة ، لأنك حين تسعى لأمر دون دراسة أو لم ترسم له الهدف قد تقف أمامك منغصات عدة وقد يشكل الآخر ثورة مضادة لأفشال ما تحقق ، أو يربك حساباتك ، قد ينتعش الفساد من جديد حين يجد تربة لم تُستخلص بعد من بقاياه ، ولم تبلغها ثقافة الثورة ..

الثورة تحتاج لقيادة ترشدها وتعمل لحمايتها من أي فشل أو تشويه وتحتاج لتخطيط للمستقبل ، لأن العمل الغير المدروس يؤثر على السير وما إن ينزاح الإستبداد حتى تبرز الخلافات ، ويخلق الآخر جو عدم الإستقرار ويزعزع الامن فالقيادة تحرص على توحيد الهدف ونقاء الثورة ، وخلق جو تقارب بين كل مكونات المجتمع ، وتبنى جسور حوار لتحمي ثورتها من أي انزلاقات تهوي بالجهود ، والمهم أن يبقى الوعي متنامي ولا يخلد البعض لسبات يقتل الهمة ويجمد الفكر ، وتنشر ثقافة الثورة حتى تنضج ألأفكار ليكون المردود نافعا وتكون النفوس قد تشربت معانيها ووفرت لها كل جهد لنجاحها ...

السبت، 2 مارس 2013

المطالبة بمقاضاة المحتل على خلفية استشهاد الاسير عرفات جردات ..





عندما حازت فلسطين على عضو غير مراقب في الأمم المتحدة استبشر الفلسطيني خيرا وعدّه البعض نصرا مؤزا وفتحا مبينا !! وأنه خطوة جادة في رفع المعاناة ووقف الإستيطان ومحاكمة المحتل على جرائمه واستثمار الخطوة في انصاف المظلوم وتحقيق الحق وتفائل البعض به وأن تغييرات ستتلوه وتعود بالخير على القضية ، غير أن الأحلام تبددت وبدأت تضيق ويخبو التفائل أمام تعنت المحتل واستمراره في سياسته التي دأب عليها ..
وبدأ الفلسطيني يتساءل ما الذي تغير !! وكل الملفات بقيت عالقة بل زادت سوءا وخاصة ملف الأسرى خلف السجون وهناك من يقبع في الأسر دون أن توجه له أية تهمة ، وطوت معاناتهم الأيام في صمت مطبق ، غير أن استشهاد الاسير عرفات جردات أعادت ملفهم للواجهة ليقف الجميع على حجم المعاناة ، هي جريمة نكران تنضاف لسجل المحتل الأسود ، جريمة في حق الأنسانية ، من خلف الأسلاك حكايات تُروى تختلف من شخص لآخر عنوانها واحد : معاناة
حكاية من آلاف الحكايات التي ترويها أجساد منهكة كُتبت لها الحياة لتكون شاهدة على ما يعانيه الأسير من تعذيب نفسي وجسدي، ولتقص علينا ولو النزر القليل منها ويمضي الأسير لمثواه الأخير يحمل معه اسرار معاناته ما يعجز عن وصفه القلم و اللسان ، أقبية التحقيق أضحت مقابر للأحياء ، تكسير لمعنوات الأسير بشتى أنواع التعذيب لينالوا من جسده ونفسه وروحه وتنكسر عزيمته وصلابته ، استخفاف بكرامة وآدمية  ألإنسان ، وأقسى أنواع الإعتقال الذي ابتكره المحتل !! العزل الإنفرادي ، الذي يترك أثرا قويا على نفسية الأسير ، وبدل احصاء شهداء الأسرى العمل على وقف التعذيب وتحسين ظروف المعتقل والعمل على تحريرهم ، أمام هذا الوضع المرجح للتفاقم فهناك أسرى يعانون وشبح الموت يطاردهم في كل وقت وحين وحياتهم مهددة ، يخوضون اضراب الكرامة ، ألا يدعونا هذا لمقاضاة المحتل على جرائمه فهو قد صادق على ميثاق جنيف الذي يحضر التعذيب ويجرمه ؟
هذه مسؤولية الكل وخاصة المؤسسات التي تُعنى بحقوق الإنسان والدول التي صادقت على اتفاقية جنيف ..
بدل انتظار تحقيق المحتل الغير النزيه المطالبة بتحقيق شفاف ونزيه لبلوغ الفاعل ومحاسبته ، قضاء المحتل غير جدي ومنحاز ومحابي للظالم ، ولا يحمي حق الأسير ، وتفعيل الإنجاز الذي حضيت به فلسطين في الأمم المتحدة وإلا ما جدواه إن لم يرفع ظلما ولم ينصف مظلوما ، البعض قال : لن يذهب لمحكمة الجنايات إلا في حالة اعتدت فيها ( اسرائيل ) ألا يُعد استشهاد الأسير عرفات اعتداءا صارخا ، أم هو استهانة بالدماء والأرواح ..