الاثنين، 28 أبريل 2014

بدعة التفويضات ..


ارتبط إسم السيسي بمصطلح التفويضات منذ انقلاب الثالث من يوليو ليومنا هذا ، وأضحى ديدنه في التعامل مع الساحة الداخلية وكذا الخارجية ، تستر خلف ازمات مفتعلة للأطاحة بأول رئيس منتخب شرعي ، وبعدها طلب تفويضا لمكافحة ما سماه بالارهاب المحتمل ، وعلى الارض ينكل بالاخوان وبرافضي الانقلاب ، ولم يصنف جماعة بيت المقدس كما صنف الاخوان تصنيفا مجحفا ولم يحاكم من خلفها ولو يقدم أفرادها للمحاكمة ، رغم اعلانها مسؤوليتها عن كل الهجمات التي شهدتها مصر ، بل صوب البندقية لأهالي سيناء الذين كانوا ينتظرون من يفك عنهم العزلة ومن ينتشلهم من براثن التهميش ، وهم من استبشروا خيرا بما خصصه د.مرسي من ميزانية هامة لانعاشها اقتصاديا وتنميتها ، غير أن الانقلاب أوقف كل ماتقدم وألتجأ للمقاربة الامنية ..

مقاربة زادت الوضع تازما ولو كان الهم الحقيقي مصالح الشعب هناك ، لسارع لخلق بيئة صالحة تنقذ الشعب من التهميش وحتى إن وُجد فكر معين يقابل بالحوار وبالفكر وليس بالمقاربة الامنية ، وحتى إن لم يكن ثمة تطرف أوجده بفعله المشين تجاه أهالي سيناء ..

ولم يكتفي بما سبق ذكره بل يسعى لتغيير عقيدة الجيش المصري من جيش تقليدي يجابه جيوش أخرى لجيش يحارب ما يسمى بالارهاب ، مكافحة تتعدى الداخل لتكافحه في المنطقة ،   السيسي يسوق نفسه على أنه يحارب الارهاب حتى ينالى الحضوة عند أمريكا وترضى عنه وتدعمه وتغض الطرف عن جرائمه وانتهاكات صارخة تمس حقوق الانسان ..

يبدو أن هذا هو الدور المهين الذي يفصله الانقلاب لمستقبل مصر ، لا قدر الله ، بدل أن تقود مصر الوطن العربي نحو التقدم والنهضة الشاملة ، اعتبارا لوزنها وثقلها في المنطقة ، سيغدو السيسي شرطيا وأداة في يد أمريكا مهمته وأد حلم الشعوب في التحرر والانعتاق من براثن الاستبداد ، فهو الآن يطلب تفوضا عالميا حتى يكافح التطرف أوماسماه بالارهاب في المنطقة وتناسى أن جماعات بعينها يوظفها الاستبداد في سوريا ويقتات من أفعالها المشينة ودولا بعينها تغذيها إما فكريا أو بالسلاح ، ومهامها تشويه الثورة ..

وبذلك يخلط السيسي بين ماتقوم به القاعدة في حق المدنيين وبين الاسلام السياسي ، الذي اختار صناديق الاقتراع وقبل الاحتكام لها ، فإن أغلق دونه هذا الباب ، فهو يدفعه لحمل السلاح ، حتى يقتله بدم بارد ، بل ويجد مسوغا لقتله ، والمهم أن يستيقظ من لازال يغط في سباته ويعلم أن الانقلاب لا يخلق حرية ولا تنمية ولا يحفظ حقوق ، بل يكرس لدكتاتورية تعصف بكل مكتسبات الثورة ،والركون معناه عقود من الزمن تحت حكم العسكر لا قدر الله ، كل ما طال أمد الاستبداد كل ما تطلب ازاحته مجهودا مضاعفا ..

وحتى عنتريات السيسي والله أعلم فقط للاستهلاك الاعلامي ،وإلا فالحرب على ما يسمى الارهاب أعجز أمريكا مع ما تملكه من قوة وترسانة وتكنلوجيا ، ولم تستطيع القضاء عليه ، والتجأت لطيارة بدون طيار وفشلت أيضا وضرب فقط المدنيين ، السيسي يفرد عضلاته فقط على أهالي سيناء أو قد تورطه أمريكا في حروب تنهك الجيش وتضعف قوته ويتناسى مهامه الرئيسية والاساسية في حفظ الوطن والذود عن حياضة  ..

الخميس، 24 أبريل 2014

هل أضحت المصالحة ضرورية لمجابهة التحديات ؟!



ترددت أصداء المصالحة من جديد في الاوساط الفلسطينية واستبشر جزء مهم من الشعب خيرا في حين توجست شريحة كبيرة من مآل المصالحة ، وبادرت حماس بخطوة إيجابية حتى تمهد الطريق للمصالحة ، وتعبر عن نواياها الصادقة في انهاء الانقسام ، وفي كل مرة تبدي حماس مرونة للتقريب الفجوة ، انقسام استفاد منه المحتل في زيادة الشرخ والاستفراد بالقضية وتوغير الصدور وتقويض العمل المقاوم مع حملة مسعورة للاستيطان وحصار جائر زاد من المعاناة ، أضف إلى ذلك ما يتعرض له الأقصى المبارك من محن بغية تقسيمه في ظل وضع عربي متردي ومتشرذم والكل منشغل بساحاته ..

وأمام هذا الوضع أضحت المصالحة مطلبا ملحا ، أولا لرأب الصدع وثانيا لخلق وحدة وطنية لمواجهة الاكراهات ، غير أن المصالحة إن لم تبنى على أسس متينة فقد لا تستمر وقد تقف عند منتصف الطريق ، أو عند بدايته ، فلسطين تحت احتلال وهو من قسمها جغرافيا ليحكم قبضته عليها ، غزة تحت الحصار الجائر والضفة بخزي التنسيق الامني قوّضت المقاومة بكل أشكالها ، وأي تقارب يقابل بالتهديد والوعيد من المحتل ومن أمريكا بالتلويح بالالتزام بسلام الوهم ، إضافة إلى ضغط عربي ..

فأي تقارب خاصة إن تلته اجراءات عملية على أرض الواقع ، معناه تقوية الصف ووحدة الخطاب ، وسينعكس ذلك على الشعوب العربية في المطالبة بدعم القضية دعما حقيقيا ونزع شماعة الانقسام التي يتذرع بها العرب ، وقد نفضوا أيديهم من القضية وظهر ذلك جليا في القمة العربية لم تقدم أي دعم حقيقي أو تاتي على معاناة الحصار، بل عادت لتستجدي الدعم من مؤسسات دولية تضم حلفاء المحتل ومن زرعه ، كيف بمن كان سبب المرض والداء أن يكون سببا للشفاء !! وتناسوا أن صلف المحتل يتعدى فلسطين فهو يهدد كل المنطقة..

الانتفاضة والحراك الفعال هو من جاء بالسلطة ، يعني أن المحتل قبل بها تحت ضغط الانتفاضة ولغاية في نفسه اتضحت فيما بعد ، وبدل استثمار الانتفاضة واستمرارية جذوتها ، نكلوا بها واجهزوا عليها، المفاوضات العقيمة لن تعيد شبرا واحدا من الارض المغتصبة ، بقاء جذوة الصراع قائم مع دعم ومساندة حقيقية هي من سيقف بحزم أمام تعنت المحتل ، البعض متفاءل وبحذر من المصالحة والشريحة الاكبر يساورها الشكوك من مآل المصالحة ، فإن كانت فتح جادة في مساعيها ، حتما سترمم المصالحة البيت الفلسطيني وإن كان العكس فتستفيد منها السلطة بقدر حاجتها منها وتلفظها عند انتهاء حاجتها ، توظفها كما وظفت من قبل الانقسام وبه استمر حنظل التنسيق الامني وجففت ينابيع المقاومة في الضفة ، إن كان الهم مصالح فلسطين العليا حتما ستكون المصالحة مكسبا لفلسطين وإن كان العكس فلن تعدو المصالحة ورقة تستخدمها السلطة وتلوح بها عند كل محطة يقف فيها قطار المفاوضات العبثي ..

والكل ملّ حتى ذكر مصطلح المصالحة ويرنو لمصالحة حقيقة يرى ثمارها بادية على أرض الواضع ، فقد تكون القاعدة الشعبية بحرصها على إتمام المصالحة ورأب الصدع ، هي المحرك لها والمقيّم لأداء الكل ، وبذلك يقف الكل على من يعرقلها ، فإن كانت السلطة همها مصالح الوطن حتما ستفلح وإن كان همها مصالح الافراد حتما ستقف عند أول تقاطع للمصالح ..

والمصالحة باتت ضرورية أمام تعنت المحتل ، فحتى مساعي السلطة في التقدم للمؤسسات الدولية لا جدوى منه إن لم يكن له من يدعمه ، ومن يسنده ، فسيقابله المحتل بخطوات أكثر حدة ، الراعي غائب والداعم المؤثر أو الضاغط غير متوفر وبذلك تهديد يقابله المحتل بالمزيد من التعنت ..

لذلك أضحت المصالحة مطلبا ملحا في ظل هذه الاوضاع الراهنة ، وما يُمارس على غزة نفس سيناريو الذي مُورس على الاخوان في مصر انتخاب و إفشالهم فيما بعد وتذمر جزء من الشعب منهم ، بعد سلسلة من التشهير وبث الكراهية في النفوس عبر اعلام مغرض محرض ، غير أن الامر يختلف من حيث ما تكتسبه غزة من مقاومة والتفاف الشعب حولها ، السلطة تدرك ذلك ، إذن الامر يختلف في غزة ، اجرام المحتل المتكرر وتصدي المقاومة له خلق حاضنة شعبية هامة حولها ، إضافة لوعي الشعب ، فهو يدرك أن لا خيار له غير المقاومة خاصة بعد عقدين من المفاوضات لم تجني منها فلسطين شيئا يذكر بل زادت المخاطر استفحالا ..

وكما قال أحد المحللين في هذا الصدد أن حماس تُساورها الشكوك والمخاوف حول نوايا السلطة ، لذلك من المهم أن توفر لها الضمانات لتأمين شراكة حقيقية حتى تمضي المصالحة في مسارها الصحيح ، فإن كانت السلطة لها نوايا صادقة وكان الهم خلق وحدة وطنية تجابه بها تعنت المحتل حتما ستنجح المصالحة إن شاء الله وستنعكس إيجابا على المشهد رغم الضغوط ، الضغوط تفضح من يمارسها وكونه ضد مصالح الشعب الفلسطيني الذي أثقل كاهله الانقسام ويرنو للم الشمل ، لان الواقع يحتاج لخيار ناجع ، الضغوط تزيد الشارع تلاحما ..

وإن اعتقدت السلطة أن الوقت حان لتحقيق حسابات تساورها وإن اعتقدت أن الناس أرهقها الحصار وتذمرت من تداعياته فهي واهمة وسيتكرر نفس سينارو الذي سبق الانقسام ، وإن توفرت الاجواء الملائمة لاجراء انتخابات نزيهة وشفافة ، إن شاء الله الشعب سيختار وسيحسن أختياره وسيجدد ولاءه لمن حمى الثغور ، الشعب يحن لساعة التلاحم مع مقاومته عزز رباطه بها ، لذلك فالوحدة الوطنية هي منقذ بإذن الله للواقع المحبط والمنهك ، وإنهاء سياسة المحتل التي دأب عليها : سياسة فرق تسد ، ونسأل الله العلي القدير أن يقدم مافيه الخير لفلسطين ، اللهم آمين..

الأربعاء، 2 أبريل 2014

وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ..



قال تعالى : غُلِبَتِ الرُّومُ ، فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ﴾ سورة الروم

نزلت الآية الكريمة لتكون بلسما وسلوى لما كان يؤرق الفئة المؤمنة ، نواة المجتمع المسلم الذي كان يتشكل ، جاءت لتحمل البشرى لاهل الحق ، بشرى لأهل الإيمان ، أن الحق سينتصر وأن الإيمان سيعلو ، كانت بمتابة الفأل الحسن ، تبشر المؤمنين بأن النصر قادم طبعا مع الاخذ بالاسباب ، لم يتقيدوا بالحدود بل نظروا للقضية بشكل أوسع ، المعركة معركة حق ضد الباطل ، حتما سيكون النصر حليف الحق ، وعد من الله لعباده المخلصين ، من يحملون للأمة مشاعل الخير ، ويذكرهم إن النصر قادم وإن تأخر أو استبطئ فلحكمة ، حتى تقدر الانفس هذا النصر وما بذل في سبيله من تضحيات جسام وحتى تغدو الانفس صافية رقراقة وقد تخلصت من كل الشوائب التي علقت بها ، ويأتي النصر ليتوج صبرها وجلدها ..

هكذا هو حال أصحاب أية قضية عادلة أو من اكتوى بنار الظلم ، أو من يرزحون تحت نير القيود والاضطهاد، تشرئب أعناقهم لأي بصيص أمل وتتطلع أرواحهم لنور يبدد الظلام ، نور يحشد القوة ويقوي اليقيم ، ويروْا في أي نصر تحمله الاصداء بشرى لهم وخيرا يحمله المستقبل يغير الحال ، مهما طال انتظار النصر ومهما عرقلت مساره منغصات فالنصر بإذن الله قادم ، وهكذا فأي أمل يحلق في السماء فهو نور يشع ويبعث الامل في النفوس ويربت على القلوب ويمدها بطاقة تجدد نشاطها لتجابه المتحديات..

البشرى تلقي في خلد الفئة المؤمنة التي تُمتحن أن النصر سيلوح ، وأن نور الشمس لن يُحجب ، انتصار الحق في أي بقعة كانت هو دعم لأهل الحق ، فقد كانوا يفرحون بالنصر ويستبشرون به وكان يلفهم الحزن حين يتأخر وحين تحل الهزائم يعدونها انتكاسة لهم ، وهكذا ينظرون للمعارك أنها معركة حق في مواجه الباطل ومعركة إيمان في مواجهة كفر ..

لذلك حين فاز حزب العدالة والتنمية إمتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بصور أردوغان وهو يلوح بشارة رابعة ، رابعة برمزيتها عنوانا للحرية والكرامة وميدانا للشهادة ، فوز مستحق وبفارق كبير عن بقية منافسيه ، هو فوز لارادة الشعب عبر آليات ديمقراطية متعارف عليها ، وبها يحدد الشعب من يزكيه ومن يعطيه صوته ومن يرتضيه ومن يجدد ثقته فيه ، وليس عبر الشارع أو استئصال الفائزين ومن اختارهم الشعب عن طواعية وفي طوابير ممتدة لساعات طوال أعادت للساحة السياسية حيويتها بعد سبات عميق امتد لعقود ، كان الامل يحدوهم في أن يروا وطنا ينعمون فيه بالعدل ويظللهم الأمن والأمان ويسعدون في كنفه ..

ودوما صناديق الاقتراع هي من تحدد الحجم في جو تسوده الشفافية والنزاهة ، أما ما نراه اليوم من ظلم ، رئيس منختب شرعي مغيب ومحتجز ، وانقلابي يسابق الزمن لبلوغ القصر الجمهوري ولو على جثث الابرياء وهو من صادر صوت الشعب من قبل ، دروس كثيرة استفدناها من التجربة التركية ، من بينها أن سيل الاشاعات المغرضة والتي غزت العالم الافتراضي وقنوات محرضة لم تهزم الشعب الواعي ولم تنال منه ولم يكترث لها ولم يلقي لها بالا ولم يعرها أي اهتمام ، بل بالعكس ردّ عليها ردا قويا عبر صناديق الاقتراع ..

وزاد التفاف الشعب حول برنامج قيّم وحول سياسة اتسمت بالعقلانية وقادت البلاد نحو التقدم والازدهار ووضع رجليه على أرض صلبة ، وسيكون له موطئ قدم في الساحة ،إن شاء الله ، ومهما ضخت دولا بعينها تعادي سياسته من أموال ، بل وتدخلت بشكل سافر في شؤون البلاد ، فالشعب ظل متماسكا ووفيا لمسار استحسنه ورأى ثماره بادية على واقعه ، لم يصغي للشائعات ولم تلن عزيمته فكان الفوز الكبير ..

العقول الواعية لا تُخدع فهي تدرك من وراء الاشاعات ومن ينسج فصولها ولأي غرض تحاك ، في فترة سابقة نالت الاشاعات من د.مرسي بافتعال أزمات بغية أفشال المسار ، وللأسف وجدت آذانا صاغية امتطاها الانقلاب فيما بعد ، وها هو الآن يسعى بخطى خبيثة لوأد التجربة الوليدة وينكل بالثورة 25يناير في شخص رافضي الانقلاب ، كم ممن خرج في 30 يونيو يلوك مرارة الحسرة والندم كونه فرط في الثورة ، ولو قُدر للدكتور مرسي أن ينهض بمصر و أن ترى النور المشاريع العملاقة التي وضع لها حجر الاساس وأن تبدو ثمار الحرية والكرامة على أرض الواقع لما استطاع الانقلاب أن يجثته ، لذلك عمد الانقلاب بكافة أذرعه على أفشال المسار في المهد