الأحد، 12 يناير 2014

تفويضات السيسي ....!!




عندما طلب السيسي تفويضا لما سماه مواجهة (الارهاب) والعنف المحتمل حسب تعبيره بعد الانقلاب العسكري ، كان يقصد به مواجهة رافضي الانقلاب وكان يبحث عن غطاء يمرر به جرائمه ، وكان يهيئ الناس لتقبل ما سيحدث أو ما سيدبره الانقلاب من أحداث تلت الانقلاب ليلصقها برافضي الانقلاب جزافا ، حتما عندما تنقلب على إرادة الشعب وتقتل حلمه في أن يرى وطنه كما كان يأمل ، لن يستكين وسينتفض وسيطرق كل باب ليطيح بالانقلاب الذي سرق ثورته ونكل بها وبه ، وسيعبر عن رفضه للانقلاب ويدافع عن حقه في العيش بكرامة وحرية وبكل الطرق السلمية ..

فكانت طلبات التفويض هي الغطاء التي تستر خلفه السيسي ليمرر كل جرائمه في حق الشعب ، في كل مرحلة يخرج علينا ليستجدي تفويضا من مؤيديه ، الذين يهللون له ، وهم إما سذج مغرر بهم أو تلاقت مصالحهم مع مصالحه أو دفعهم كرههم للاخوان للاصطفاف لصف العسكر وهم من كانوا يرفضون حكم العسكر سابقا ، همهم إزاحة التيار الاسلامي ولو تحصنوا خلف دبابة ، ولو تنكروا لشعارات براقة صدعوا رؤوسنا بها وكم تبنوها وكم دافعوا عنها وانقلبوا عليها ، حتى سمعنا أحدا من هؤلاء يقول : إن لم يترشح السيسي معناه مجيئ رئيس من تيار إسلامي ، يُلحون على ترشيح السيسي ليقطعوا الطريق عن أي رئيس ينتمي للتيار الاسلامي ! هذا دليل أن الشارع رفض هؤلاء ورفض أفكارهم البالية ووقف على حجمهم الحقيقي في الشارع ..

وعندما ينفخ فيه مؤيدوه بهذه الطريقة ويصنعون منه فرعونا جديدا قطعا لن يستطيع أحد أن ينافسه وسيبقى في الساحة وحده بعد أن نكل بأصحاب الشرعية وانقلب على محمد مرسي وأزاح الكل من طريقه ، لكن هذا سيحرج (الماما) أمريكا راعية الديمقراطية !! لذلك سيأتون بمرشح أو مرشحين  لدر الرماد في العيون وبما أنهم أزاحوا الكل من الطريق بالتنكيل بهم واعتقالهم وقتلهم وتصفيتهم على طريقتهم الخاصة إما تشويها أو قتلا ، سيبقى جمال مبارك في المشهد وهتافات أنصاره في المحكمة توحي بما تكنه نفوسهم ، وتكتمل المسرحية التي نسجوها ،ويكون الشعب أمام خيارين كلاهما مر ، ويكون المخلص قد ثبت أركانه ، طبعا هذا ما ينسجه خيالهم ، أما الشارع لازال يغلي ولازال في جعبة الشعب ما يقدمه من ملاحم الصبر والصمود ..

تدهور الاوضاع وإشاعة جو عدم الاستقرار كان لغاية ، حتى ييأس الشعب من التغيير وبذلك يمهدوا الطريق لعودة حكم العسكر من جديد ، ومن يعتقد من السذج أن الفرج قريب بترشح السيسي فهو واهم ، ما نراه من أوضاع مزرية طيلة ثلاثة سنين من انطلاق الثورة وعرقلة مسار د.مرسي الغاية منه  إنهاك كاهل المصري العادي والبسيط والغلبان ، فيرتمي في نارالعسكر اعتقادا منه أن الخلاص بيده ، قد يتعب الشعب وهو يقاوم الانقلاب لكنه لو سكت على حكم العسكر واستساغه ، حتما سيتعب أكثر هو والاجيال القادمة ، حكم العسكر لم يبني يوما ديمقراطية بل يكرس لحكم ديكتاتوري مقيت ، يكمم الافواه ويتلسط ويغيب الحريات وينكل بكل صوت معارض ..

وللاسف من كانت تسمي نفسها معارضة وعرقلة المسار الديمقراطي ، لا تأخذ الدروس والعبر ممن سبقوها ، فقد نكل بن علي بالتيارالاسلامي وبعد أن ثبت قدميه نكل بمن امتطاهم ، لان من يتسلقهم اليوم السيسي مآلهم ومصيرهم لن يكون أفضل ممن يطبخ اليوم لحماة الشرعية ، في الدول المتقدمة إن بلغت شعبية الرئيس الحضيض جراء سياساته ، يزيحونه بنفس الآلية التي أتت به وهي صندوق الاقتراع وتُبقي على المسار الديمقراطية وفي الدول المتخلفة تزيح رئيس شرعي منتخب بالانقلاب عليه ثم تتلوها جمع استمارات ودعايات وتفويض وتنصيب وتهليل لزعيم الانقلاب!!!!

الاعلام المأجور الذي يعمل لمصالح معينة له دور في صنع الصنم ، من إضفاء عليه هالة القداسة ، وتبرير جرائمه والتهليل بإنجازاتهم الخيالية ، أو يصطنعها إن لم تكن موجودة ،  وتمكينه من السلطة المطلقة حتى لا يجرء أحد أن يحاسبه ، فيبطش دون حسيب أو رقيب ، ولا يستطيع أحد أن ينتقده أو يلومه ، وبهذا يخلق فرعون جديد !
ما مسودة لجنة أل50 المعينة ، فقد أسقطها الشعب في الخارج بمقاطعته الملحوظة لها ، حجم المشاركة ضئيل جدا بالمقارنة مع دستور 2012 ، غير أن الانقلاب مهد لتزوير النتيجة بشتى سبل لا تخفى على أحد من إبعاد كل من يشتم فيه رفضه للانقلاب من القضاة ، وإعادة سير الاستفتاءات كما زمن المخلوع مبارك وهذا كله تمهيدا للتزوير  
 الشعب مكمل في مشواره ، وثبت عبر دروس التاريخ أن من يقارع الشعب يخسر ،لأن الشعب له إرادة قوية لا تستطيع قوة باطشة مهما  كانت أن تقهره أوتكسر اصراره أوتهزم عزيمته وهو منصور إن شاء الله ..

الاثنين، 6 يناير 2014

الرسالات ثورة على الظلم ..



عندما يحيد القطار عن مساره الصحيح وينتشر الظلم وتهدر الحقوق وتعبد الاصنام بشتى أنواها ويحل التيه وتهوي البشرية لمستنقع آسن من الطغيان ، يبعت الله من يعيد القطار لسكته الصحيحة ، ويرفع الظلم ويعيد للنفوس صفاءها وينقي القلوب مما علق بها من الشوائب وما ران عليها من صدأ حتى افقدها بهاءها ، تأتي الرسلات لتصلح الواقع وتزرع الخير في النفوس ليثمر رحمة وطمأنينة وعدلا وانصافا ومحبة وإيخاءا وترسو بالسفينة لبر الامان ، فيختار الله عز وجل من عباده ذوي الامانة والصدق والاخلاق ليرشدوا الناس لطريق الهداية ويحررونهم من الجور والظلم ..

والمستضعفين هم أول من يفتح الله قلوبهم للنور ، فقد وجدوا فيه البلسم لجراحهم ، ويرون فيه المنقذ لهم من براثن الظلم ، يساندون الدعوة وينضمون للصفوف ، بيد أن أصحاب الجاه وذوي الامتيازات والسلطان تجدهم في مقدمة من يتصدى للدعوة مع أنهم يعرفون مسبقا صاحب الرسالة ، يعرفون أصله وفصله وصدقه وأمانته ونقاء سريرته ، ومع هذا يتصدون له لان الحق الذي معه هو من سيرسخ دعائم العدل ، ويرد الحق لاصحابه ويبسط رداء الخير ليعم كل الارجاء..

وبذلك سينتفي الجور وتنتفي الفروق ، وهذا سيهز أركان البغي وسيغير الموازين ، وسيغير المصطلحات ليصبح سيد القوم خادمهم ، وما إن تجد الرسالة مكانها في القلوب العطشى ، حتى ينتفض رؤوس البغي فينكلون بالمستضعفين ويشوهون صورة أصحاب الرسالة وحُماتها ويلصقون بهم كل التهم ، ويشكلون من أساليبهم لتقويض الدعوة تارة بالترهيب وتار بالترغيب وأخرى بالمساومة ولا يقف شرهم عند هذا الحد ، بل يشوهون صورتهم خارج الحدود خوفا أن تجد الدعوة امتداد فيشتد عودها وتجد نصرة ومؤازرة ، ويقابلونهم بالسخرية والاستهزاء والتضييق وينعثونهم بأوصاف ذميمة للنيل منهم ويلصقون بهم كل النقائص .

ومهما علا جبروت الظلم فالدعوة لها عين ساهرة وعناية تحميها وتشد من عضددها ، وما إن تجود الانفس بالتضحيات وتقف على أرضية صلبة وتتحدى المنغصات وتدافع عن الحق وتستميت عليه ، حتى تزداد قوة ويزداد الاتباع ومن كل الطبقات والأطياف ، نادرا ما تفتح قلوب رؤوس البغي للنور فهؤلاء طبع الله على قلوبهم بل الجيل الجديد من يفتح الله قلبه للنور ، وطبعا ليست قاعدة عامة ، فقد أسلم زعماء كبار وكانوا نعم الدعم للدعوة وساندوها ..

قد يكون للظالم قوة باطشة يستقوي بها على الشعب ، ومع هذا فكل قوة غاشمة ستصطدم بصخرة الصمود وقوة الارادة والتحدي ، وتجد أمامها مخلصين ثابتين أقوياء متمسكين بالحق ومهما تكالب البغي فلن تقوم له قائمة بإذن الله مادامت النفوس حددت بوصلتها وحررت نفسها من عقالها ومستعدة لتقديم التضحيات ، الثورات كما الرسالات جاءت لتعيد القطار لمساره الصحيح ، وتحقق العدل وترسخ دعائم الخير وبتضحيات السلف ينعم الخلف تحت ظلال العدل ، والتغيير يتطلب وقتا وجهدا ، فلن تغير ما تكدس لعقود من الزمن على أرض الواقع وفي الأذهان بين عشية وضحاها ، سيتطلب الامر وقتا ، الاستبداد يكتسب قوته من عدة أذرع هي من تمده بالقوة الغاشمة وتغذيه وتطيل أمده وإن تفتتت ذاب وتلاشى وسقط .

وقبل أن تنطلق الدعوة للجهر بها ، تكون فترة اعداد النفوس لحمل لواء الحق ، حتى تتهيأ للمهام الجسام التي تنتظرها ، حتى حين يأتي النصر تتمسك به بقوة ولا تفرط فيه ، الفساد عم الجسد كله ونخره وعاث فيه واتلف نسيجه ودمر كل القيم وأوصد رؤوس البغي عقولهم وقلوبهم بالاقفال دون بلوغ نور الحق للقلوب وتمادت في غيها ، ولن تذعن للحق بسهولة ، مقارعتها إن آجلا أو عاجلا ستحل ، ولا مناص من اجثتاتها من جذورها ..

وعندما ترسي الدولة قواعدها والتي بنيت على أساس العدل يعم خيرها كل البقاع وتسعى لتحرير العالم من الظلم الذي يعج فيه ، وتعيد للبشرية طمأنينتها التي افتقدتها لعقود ، فلن تحرر العالم وأنت مكبل ومقيد ، وبذلك يبلغ شعاع النور أوسع مدى ، فالاستبداد يسعى لمحاصرة النور في الاقبية والسجون وتشويه صورة اتباعه وجنده ، وما إن ينفك المخلصون من القيود حتى يحققوا الغاية من خلقنا وهي ارساء اسس العدل وعمارة الارض بالخير ، وتنظيم حياتنا تحت مظلة العدل ، وعودة القيم التي غيبها الاستبداد والتي اندثرت عبر العصور بفعل الجور والظلم ويتعافى جسد الامة بعد أن نكون قد استئصلنا الداء الذي نخر في الجسد وبذلك تعود للجسد عافيته ،إن شاء الله