الأربعاء، 27 أغسطس 2014

غزة قاومت ، غزة تنتصر..



شكلت غزة كابوسا أرق مضجع حكومات المحتل المتعاقبة ، مما دفع المحتل لاستعمال كل الوسائل الخبيثة ، لخنق مقاومتها وضرب حاضنتها الشعبية ، وذلك منذ أن فازت حماس في الاستحقاق الانتخابي ،أوقع المحتل عقاب جماعي على الشعب الذي ارتضاها وصوت عليها، فكان الحصار الجائر ، سعيا منه للتضيق على المقاومة ، وإفشال كل مشروعات التنموية وعزلها وعرقلة مسارها ..

 استمر الحصار ، لم تلن غزة ولم تنصاع لمخططات المحتل ، حفرت تحت الارض ، جلبت من الانفاق الضروريات ، كانت الانفاق البديل أمام اغلاق معبر رفح ، اشتد الحصار وبقيت غزة وفية لمقاومتها الباسلة ، جاءت المعركة الشرسة ، معركة الفرقان ، صمدت غزة وزادتها ضراوة القتال ثباتا وقوة ، تصدت للمحتل وأفشلت مخططه ، في اجتياح غزة ، اغتال قادة كبار اعتقادا منه أن سيفت من عضدها أو سيضعفها المصاب الجلل ..

خرجت غزة من بين الركام أكثر صلابة وأكثر قوة ، وضمدت جراحها وأسكنت أوجاها وأستأنفتِ المسير ، أحكم المحتل الحصار ليذعن له الشعب ، فجاءت معركة حجارة السجيل ، أدرك المحتل أن غزة عصية على الانكسار ، وأن مقاومتها تستمد قوتها من صمود شعبها البطل ، شعب قهر المحتل بصموده وثباته ، شعب قدم التضحيات الجسام وتحدى العراقيل ، ولسان حاله كلنا مقاومة ، فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدا ، زادها الحصار إصرارا وعزيمة واستماتة ، مقاومة في التهدئة تجهز وتستعد وتطور وفي الحرب تبلي البلاء الحسن وتبدع وتتميز ..

اشتد عود المقاومة وأضحت صلبة المراس ، رغم الحصار المرير الذي زاد حدة وضراوة مع مجيئ الانقلاب ، وهدم الانفاق واغلاق معبر رفح ولم تركع غزة ، مع كل ما رافق هذا الحيف من سيل من الاشاعات والتحريض في حق المقاومة ، لم تلتفت غزة لهذه الحملات المسعورة تدرك بوعيها ما ترمي إليه ، تجاوزتها والتفت حول مقاومتها ، تدرك أن نهج مقاومتها هو من دحر المحتل وهو من سيحفظ حقوقها ويحققها ويصونها ..

 استطاعت غزة في معركة العصف الماكول أن تبلغ صوتها للقاصي والداني ،وأن تكشف نفاق بعض العربان من تغنوا عقودا بالقضية وتخلوا عنها في محنتها وخذلوها ، بل وتآمروا عليها ، تضامن معها أحرار العالم وناصروا حقها في العيش بحرية وكرامة ، قدمت غزة تضحيات جسام هو ثمن الحرية الغالي ، صمدت أمام أعتى جيش في المنطقة ، جيش مدجج بكل أصناف الاسلحة ومدعوم ، جيش انكسرت أمامه جيوش عربية مجتمعة ، في حين صمدت أمامه غزة لأكثر من شهر ، وكبدته الخسائر في صفوفه ، مقاومة تفاوض ويدها على الزناد ، حتى تضمن حقوق شعبها ، مقاومة منذ اليوم الاول للعدوان استماتت على حقوقها ، وقف العدوان ورفع الحصار ، في حين المحتل تخبط في ما سطره من أهداف ، علل عدوانه أنه لوقف صواريخ المقاومة وبعدها للقضاء على قدرات المقاومة وأخيرا لهدم الأنفاق ، ليطل علينا الاعلامي القدير ثامر المسحال من نفق هجومي ادعى المحتل أنه هدمه ، كل ما سطره المحتل من أهداف فشل في تحقيقها .

استدرجته المقاومة بذكاء للحرب البرية ، الذي تردد طويلا  في خوضها خوفا من مفاجآت المقاومة ، عجز في الميدان وقهرته المقاومه وفر هاربا يجر أذيال الخيبة والهزيمة ، فصب جام حقده على المدنيين العزل ، قارعته المقاومة بأخلاق استهدفت الجند ، في حين تغول هو على المدنيين ، كانت المعادلة في ماقبل هدوء مقابل هدوء ، المقاومة غيرت المعادلة فاضحت هدوء مقابل كسر الحصار ووقف العدوان ،يتساءل البعض ماهو الضامن للالتزام المحتل بما اتفق عليه ، الضامن بإذن الله هي المقاومة وإن عدتم عدنا وقوة الشعب الصامد فهو شريك في النصر بصموده ، ما ميز المفاوضات كونها موحدة ، وحدة الميدات فرضت وحدة على طاولة المفاوضات ، وستؤثر إيجابا على المصالحة وستقويها وستثبتها ، فخيار المقاومة هو من أثبت نجاعته ..
ومع كل معركة تبدع فيها غزة ، يشتد عود المقاومة ، ويتصاعد أداؤها ، فترنو لتحرير الاقصى المبارك والقدس وكل فلسطين ، كل معركة هي محطة تقربنا للتحرير الكامل ، بإذن الله ، بينما المحتل مع كل عدوان يشنه على غزة يتقهقر ويتبدد وهمه ويتقزم مشروعه ..

من الدروس المستقاة من معركة العصف المأكول :
الدرس الاول : أن قوتك على الارض هي من تعلي سقف مطالبك ، وتحفظ حقوقك ، هو درس بليغ لمن خاض مفاوضات عقيمة لأكثر من عقدين من الزمن دون أن يملك أوراق قوة يشرعها أمام تعنت المحتل وبذلك فرط في الحقوق .
الدرس الثاني : أن الحق لينتصر يلزمه قوة تحميه ، فلا يكفي أن تكون صاحب حق لتنتصر ، بل يلزمك قوة تحمي بها الحق الذي بحوزتك ..
الدرس الثالث :أن الشعب الواعي لا يفرط في مقاومته ولا يتخلى عنها ولا يخذلها ، ولا يكترث للاشاعات المغرضة ولا تؤثر فيه ، تلاحم الشعب مع مقاومته صنعا مجد النصر..

الأحد، 24 أغسطس 2014

كيف يعبر الطفل بالرسم عن ما يختلج فؤاده الصغير ..




الحرب تترك نذوبا وآثارا على نفسية من عايش فصولها ، من فَقْد الاحبة  وتدمير الدور وأزيز الطائرات ومشاهد مروعة تبقى عالقة في الاذهان ، والاطفال هم الشريحة الاكثر تأثرا بمخلفات الحرب ، تنعكس سلبا على نفسياتهم وحتى على طريقة لعبهم ، وحتى يجتازوا هذه الآثار مطلوب أن يتلقوا علاج نفسي ودعم معنوي حتى تمحى تلك الصورة القاتمة ويعودوا لحياة طبيعية ، الاطفال في الحرب ينتابهم شعور بالخوف والهلع وعدم الامان ، خاصة في ظل النزوح و التشريد وهدم الدور واستشهاد الاهل والاحبة والاصدقاء وو ..

والمحتل  يركز دوما على هدم الدور بالاساس ، لأن  تدميرها يترك أثرا بليغا في النفوس ، فهي السكن وهي الذكريات والآمال ، ويتأثر أكثر الاطفال فهم يحسون أن الملجأ والملاذ الآمن والحضن الدافئ ،قد إندثر، وهو يرى ألعابه وكتبه وكل عالمه الصغير تحت الركام ، البيت معناه الامن والأمان ومملكتك التي تعود إليها لترتاح بعد عناء ، وفيها تجد أحبة يخففون عنك ما أثقل الكاهل ، وفيه تجد من يربت على كتفك من أهل وأحبة وفيه تجد السلوى لكل أحزانك..

على ورقة الرسم ، يسرد الاطفال بأناملهم الصغيرة كل ما يختلج فؤادهم من مشاعر جياشة تجاه واقعهم ، يعبرون بصدق عن ما يحسون به وهم يعيشون معاناة الحرب ، وفي مشهد يفتت القلب ويدمع العين ، طفل من غزة المقاوِمة رفض أن يرسم وأجهش بالبكاء ، قد يكون ما ألم به أصعب من أن يعبر عنه بالرسم ، قد يكون افتقد صدرا حنونا يحتويه ويضمه إليه ، ويحس بين أحضانه بالرحمة والحماية والحنان والدفئ ، أو  يفتقد لبيت يحس بين جدرانه بالسكينة والطمأنينة والامن ، قطعا وراء هذه الدموع حكاية ، تصدع لها كيانه ، أما أطفال الاسرى فيرسمون طيورا وقد تحررت من أسرها وكسرت قيدها وعانقت فضاء الحرية ، هذه هي مشاعرهم تجاه آباءهم ، يرنون ليوم يحتضنونهم فيه ..

وفي مشهد آخر ، في سوريا الجريحة ، عادة الاطفال عندما يلعبون بالرمل يبنون بيوتا ، غير أن اطفال سوريا من عايشوا مرارة الحرب ، وأثرت في نفسيتهم ، يبنون قبورا ، هذا ما خلفته الحرب في ذاكرتهم ، وهذا ما عاينون ، قوافل الشهداء تمضي ، أضحت هي يومياتهم ، ولازال الباغي يسقي البراءة من كأس الموت الزؤام  ، ولازالت آلة الحقد تحصد الأرواح البريئة ، ومن نجى من الموت ، كان الموت البطيئ في انتظاره ، خيم اللجوء وغصة في القلب تخنقه على فراق الوطن وغياب الاحبة ومرارة الغربة ..

أما في ليبيا فكانت الدبابات وزخات الرصاص والالوان الداكنة  ،هي ما يعبر عنه الاطفال في رسوماتهم ،حتى لعبهم ، عبارة عن لعبة على شكل بندقية ، يلعبون الموت ...
على أوراق الرسم يطلق الطفل العنان لخياله ليسطر كل ما يحلم به أو كل ما أثقل على النفس ، حتى الالوان لها لغة يفهمها الملمين بهذا المجال ، كل لون إلا وله معنى عنده ، ومن خلاله يستشعر محطات أليمة مرت به ، حتى الاطفال الذين عايشوا الحرب ولو من بعيد ينعكس ذلك على ابداعاتهم ، وتترك بصماتها على رسوماتهم .



يقارنون بين أطفال يعانون مرارة الاحتلال وبين بقية الاطفال ، ليجدوا بون شاسع ، طفل محروم من أبسط حقوقه ، يعيش في عالم غابت عنه كل مظاهر الطفولة وطفل آخر ينعم بكل الحقوق من ألعاب وبيت يأويه وأهل يحيطونه بكل حب وحنان وو..، وقد يرسمون آمالهم ، وما يحلمون به ، عالم لا خوف فيه ولا قهر ولا ظلم يعتريهم فيه ، عالم يكتنفه العدل ويسعدون تحت ظله ، عالم تسوده  البهجة والوئام ، عالم لا يختطف طفولتهم من بين أحضان أهليهم ، ولا يفجعهم بفقد محبيهم ويجرعهم مرارة اليتم ، طفولة ترنو لعالم يحترم حقوق الطفل ، لا يتغنى بها ويرفعها شعارا ، ويئدها على أرض الواقع ، بل عالم ينصفهم ممن ظلمهم ، يتطلعون لضمير حي يهتز حين تغتال الطفولة البريئة وهي بين أحضان امهاتهم وفي الاحشاء ، فالمحتل قتل أجنة في الارحام ،  الطفل وإن عجز عن التعبير بالكلمات عن ما أرقه  ، فعلى اوراق الرسم يسرد فصول الحكاية برمتها ، لا ينسى حتى التفاصيل الصغيرة ، ذاكرته قوية ...

قد ينفع العلاج النفسي في محو تلك الصورة الاليمة واجتياز المرحلة العصيبة التي عايشوها ، والعودة بهم لعالم الطفولة البريئ ، لكن كلما حلت الذكرى أو حلت المناسبات أو الاعياد نكأت الجراح وتذكر أحبة غيبهم الاحتلال أو الاستبداد عن ناظريه ،  الجروح النفسية لا تندمل بسرعة ولا تتلاشى بصفة نهائية ، والدعم النفسي قد يخفف من وطأتها ومن حدتها ، وحتى حين تعود الحياة لطبيعتها ، سيبقى الماضي الاليم ماثل أمام ناظريهم بحلوه ومره وذكرياته ، وسيلقي بظلاله القاتمة على المستقبل ، وإن وجدوا أيادي حنونة ، تعوضهم عن ما افقتدوه ، وترسم البسمة على شفاههم ، وتعيد لهم الثقة بأنفسهم ، حتى يستأنفوا المسير وتسند ضعفهم وتقويهم ، وتساعدهم على محو كل ما ترسخ في الاذهان ، سيكملون المشوار ، فالمحن تسقل معادن الناس فتغدو صلبة قوية ..

الأربعاء، 6 أغسطس 2014

المقاومة في غزة ترسم معالم التحرير ..





غزة صمدت وواجهت صلف المحتل بكل ثبات وصمود وهشمت مقولة ، جيش لا يقهر ، هذه المعركة لم تكن معركة غزة وحدها ، بل كانت معركتنا جميعا ، كل حسب موقعه واستطاعته ، ومعركة الامة مع المحتل قادمة لا محالة ، والنصر حليف الحق ، وهو وعد الله الصادق ، فنستعد لها بكل ما أوتينا من جهد : بث الوعي ، معرفة حقيقة الصراع ، بدعم حقيقي لصمود فلسطين ، بكل ما من شأنه تقوية الصفوف ..

صحيح أن الشعب الفلسطيني المرابط ، لم يستكين يوما ما لهذا الاحتلال ، وحافظ ويحافظ على جذوة الصراع متقدة ، بصموده وثباته ، بتقويضه للمشروع الصهيوني، بإرادته القوية ، برفضه التذويب أو نسيان القضية ، ويبقى دور الامة في دعم هذا الصمود ، وخلق أسباب الانتصار ،فلسطين محتلة ومقدساتنا يجثم عليها المحتل ويدنسها وقد حملت الامة على عاتقها أمانة حماية وصون الاقصى المبارك ، فغزة خاضت حربا ضروسا نيابة عن الامة ، وأزالت الذرائع التي كان العرب يتذرعون بها للنكوص عن مواجهة المحتل ، هاهي المقاومة تلقنهم أبلغ الدروس ،مقاومة تحت الحصار ، وأبلت البلاء الحسن ، بإمكانياتها المتواضعة إن قورنت بترسانة المحتل ، وبمجهودها الذاتي ، استطاعت أن تكبد المحتل الخسائر وأن تصمد في وجهه ، ولازال في جعبتها الكثير من المفاجآت كالتي أذهلت العالم وأكثر..

مقاومة علمتنا أن الارادة والاصرار وقوة العزيمة تحقق كل ما نصبو له من نصر ، وتحول المعجزات أو ما نعده مستحيلا لحقائق ملموسة ، المقاومة ببطولاتها مهدت الطريق نحو النصر ، النصر ليس سهلا بل دونه تضحيات تبذل ، وتكلل كل الجهود المبذولة بالنصر ، المقاومة بثت في خلدنا أن الصبر مع النصر وأن الفجر تبنيه سواعد المخلصين ، كلما توفرت الارادة والعزم ، تحقق النصر المنشود ، ملحمة غزة شدت العالم أجمع ، وشحنت النفوس عِزة وإباءا وهُما زاد النصر ، استعدادا ليوم النزال ، بإذن الله ..

لن يتحقق نصر الامة ،إلا حين تزيل كل أسباب الاختلافات ، والتي أوهنتها وساهمت في تخلفها ، وتخلق وحدة تجابه بها قوى الاستعمار ، الغرب توحد رغم تباينه الشديد ، لكن بعد أن خاض حروبا طاحنة تعلم منها الكثير من الدروس والعبر ، ومادام هذا الورم مغروس في جسد الامة فلن ينعم العالم بالعدل أو العيش بسلام ، وهذا ما فطن له الشارع الغربي ، يوم أن هزت مشاهد الاجرام مشاعره وتعاطف مع غزة وتضامن معها ، محتل مدعوم من قوى الاستعمار والاستكبار ، وحبل من العرب من توافقت مصالحهم مع مصالحه ، ولو على حساب مصالح الامة ، الغرب يمد المحتل بكل أسباب القوة ويغذي جشعه ، وهو كحارس في المنطقة ، يحفظ مصالح الغرب ..

أثبتت الحرب على غزة ، أن المحتل لا يعير اهتمام لأية حرمة ، ولا حد لاجرامه ، ولا خطوط حمراء توقفه عدوانه، استهدف المنشآت والمرافق الحيوية والبنية التحتية ودور العبادة والخدمات الاجتماعية للمواطن ، ومكاتب الصحفيين ، بل واستهدف حياة الصحفيين من ينقلون الحقائق ، ووقف العالم على حقيقته الدموية ، شعوب كثير تفاعلت مع الاحداث ولازالت ، وتنتظر الانصاف لغزة ، مع رفع الحصار ووقف العدوان ،ومحاسبة الجناة على جرائمهم في حق المدنيين ..

استطاعت غزة أن توحد العالم أجمع حول عدالة القضية ، حق فيها ظاهر ، يقارع باطل المحتل ، اكتسبت غزة زخما كبيرا وتفاعلا واسعا ملموسا ، حتما ستكون لهذه الاحداث تأثير،إن في الداخل أو المحيط ، أو على الصعيد العالمي ..
في الداخل :سيعزز صمود أهلنا في الضفة ، في مواجهة المحتل ، خاصة مع رفع الحصار ، فقد مهدت المقاومة طريق النصر
وللمحيط : علمته كيف يبنى النصر وكيف ترسم معالمه 
أما العالم: فقد ملت الشعوب الغربية جور المحتل وتماديه وافلاته من العقاب ، وتريد أن ينزاح الاحتلال الذي دام عقودا من الزمن ..

 بل واستهجنت مواقف المجتمع الدولي المتخاذلة والمتواطئة ، والتي تساوي بين الجلاد والضحية ، وقد قوبل خرقه للهدنة لاكثر من مرة بالتنديد والشجب لا غير ، أو فرض مبادرة لم يستشار فيها أصحاب الشأن ، أو تبني أكاذيب المحتل لتبرير جرائمه كما كان الحال في مجزرة رفح ، الشعوب الغربية بات سقفها عالي ، فقد طالبت بعضها بحظر  السلاح عن المحتل ، كما وقف الكل على تخاذل الموقف الرسمي العربي وتواطئه ، الانكى أن الاعلام المحرض يسعى لمسخ الوعي ، واعتبار العدو صديق والصديق عدو ، ومع كل هذا الاصطفاف المجحف ،فالمحتل ينظر نظرة دونية لهؤلاء، بينما يصف المقاومة التي قاتلته بجسارة وصلابة بما يليق بها ، رغم أنها مرغت أنفه في التراب..

معركتنا مع المحتل ، ستأخذ أشكالا عدة ، وإن تكاملت بإذن الله ستفضي للتحرير أو تكون مقدمة له ، صحيح أن المشوار طويل ، وطريق الالف ميل يبدأ بخطوة ، أولا: كشف اجرام المحتل من خلال الصورة الحية ، توثيق جرائمه ، مواصلة الفعاليات والانفتاح على شريحة أوسع ، محاكمة من يحمل جنسيات أخرى ،غير الجنسية "الاسرائيلية "، تفنيد رواياة المحتل والتي شاخت ، كشف خزعبلاته حول أرض الميعاد ، حتى تستفيق الشعوب من سباتها ، ومن يحمل هم التحرير ، لن يعدم بلوغ طريقه ، ومع كل هذا الاجرام في حق المدنيين ، فلن يكون بوسع المحتل تسويق ادعاءاته ، كونه يسعى للسلام الموهوم في وسط يُكن له العداء !! فقد وقف العالم أجمع على حقيقة وجهه المقيت واجرامه البشع ، وكل هذا مقدمة للتحرير ، بإذن الله ، ولن يكون في مقدوره تسويق مظلوميته الزائفة ، بعد كم جرائمه في حق المدنيين ..

ما يتحسر عليه المحتل هو كيف طال قادة المقاومة خارج غزة ،وعجز أن يطالهم في غزة ، هذا شكل له كابوسا أرقه ، والجواب بسيط ، لان قادة المقاومة يسكنون قلوب محبيهم ، فقد أفسحوا لهم حيزا واسعا في قلوبهم ، شعب صامد يحتضن مقاومته ومقاومة تدافع عنه .


الجمعة، 1 أغسطس 2014

سكتوا دهرا ونطقوا ظلما وجورا ..




تهز مشاهد الدمار ، ومناظر الاشلاب وشلال الدم النازف ، مشاعر غير العرب ، بل هناك من بكى حزنا من هول ما رأى ، غير أن هذه المشاهد المروعة لم تجد لها صدى عند بعض العرب ، ولم تحرك فيهم ساكنا ، هؤلاء وغيرهم ، هم من تبنوا القضية وضيعوها في الاروقة والمحافل الدولية وأضعفوها ، حرموها السلاح حين استغاثت ، للدفاع عن نفسها ، وعندما طورت سلاحها ، بدل  دعمها ومساندة كفاحها، يتآمرون عليها لنزع سلاحها !! وبدل محاسبة الجاني ، يعادونها..

الصمت العربي المريب والمخزي هو من يعطي الضوء الاخضر للمحتل ليزيد من صلفه ويشجعه على المزيد من التصعيد ومن أمن المحاسبة والعقاب أوغل في الظلم ، ولم يقتصر الامر على الصمت بل بلغ بالبعض تبني رواية المحتل ، ويكاد المرء يصدم وهو يتابع مقتطفات  من (إعلام ) الردح ، من يبث السموم ليوقع الشرخ ويقلب الحقائق ويوغر الصدور ويكيل للمقاومة الاتهامات جزافا ..

وعند معرفة السبب يبطل العجب ، مصر لها أهمية ولها وزن وثقل ومكانة ، وإن تحررت من عقال الانقلاب والاستبداد ، معناه تحريرها تحرير حقيقي في سلاحها وغداءها واقتصادها وفي كل المناحي وهذا بدوره سيفضي لاستقلال قرارها ، ونهوض أمتنا من كبواتها ، وهذا ما يقف دونه الانقلاب ومن يوفر له الدعم ومن يغذيه ومن سوق له ، الانقلاب في مصر وأبواق الدعاية الرخيصة ، تخوض معركتها الخاسرة بكل صلف وقبح ، ومهما طبلت وزمرت ستبقى فلسطين تسكن ضمير ووجدان الشعوب العربية ولن تحور بوصلتها ، قد تؤثر في شريحة شكلت وعيها على مقاسها وامتطتها لهذا الهدف ، أو قد يتبنى روايتها بعض من يسمون أنفسهم "مثقفين "، طغمة خانت ضميرها وتنكرت لمبادئها ، واصطفت لصف من إغتال الديمقراطية ، لتقطع الطريق على من اختاره الشعب وصوت عليه ، وهؤلاء عرّفهم الشعب حجمهم في الشارع ..

هذا الاسلوب المتبع من الاعلام المحرض ، بإذن الله لن يجد له صدى في غزة ولن ينال من الحاضنة الشعبية ، وهو نفس الاسلوب الذي اتبعوه مع د.مرسي ، وجماعة الاخوان المسلمين، حملة تشهير وتشويه ، حملة مسعورة خدعوا بها السذج وفرطوا في ثورة شدت العالم كله ، الفلسطيني في غزة يحتضن مقاومته الباسلة وهذه الاخيرة تدافع عنه وتُسكِن جراحه ، والمحتل واهم إن كان يعتقد أن استهدافه للمدنيين سيضعفهم أو سيجعلهم يخذلوا المقاومة ، بل سيجعلهم يلتفون أكثر حولها ، مقاومة تتلقى السهام من العدو ومن المفترض أنه صديق أو جار ، كشفت الحرب على غزة ، عرب متصهينين أكثر من الصهاينة أنفسهم ، حين يحمّلون المقاومة مسؤولية ما جرى ويجري ، من دمار وقتل وهي في موقع الدفاع ، في حين يتحاشون الحديث عن مجازر المحتل ولا يتناولونها ، وحتى إن تحدثوا عنها ، لا يتناولونها بإنصاف ، وبذلك يساوون بين الجلاد والضحية ..

زمان كنا نسمع تنديد وشجب ولا يرافقه فعل على الارض يوقف صلف المحتل ، كانوا فقط يمتصون غضب الشارع العربي المحتقن حتى لا يثور وينتفض ، ومع الربيع العربي الذي أطاح بالمستبدين وما تلاه ، انكشفت حقيقة بعضهم ، وانزاح القناع ، وجاهروا بعداءهم للمقاومة ، في المقابل وقف العالم بأسره على تحرك الشارع الغربي المتقدم في حراكه وفي مطالبه ، وهناك تحرك ملحوظ في بعض الدول تجاوز التعاطف والتضامن لاجراءات عملية فاعلة ، استدعاء السفراء وإدراج المحتل على قائمة الارهاب ، مع العلم أن هناك من قطع علاقته مع المحتل من فترة ليست بالقصيرة ،  حكومات تتبنى مواقف شعوبها ، وخاصة دول أمريكا اللاثينية ، في حين تجد بون شاسع بين العرب وحكوماتهم أو قد يبلغ الامر للقطيعة  ..

ومن طلب تفويضا من جزء من الشعب غُرر به لقتل جزء آخر رفض الانقلاب ، هل سيصحو ضميرهم للمشاهد الدامية في غزة ؟!! المبادئ لا تتجزأ ، فمن يصطف مع صوت الحق والعدل في موطنه ، حتما سينصره في أي مكان ، والعكس صحيح ، ومن أطال المحنة في سوريا بمواقفه المتخاذلة ، هو نفسه من سلم من قبل العراق للمحتل الامريكي ليستبيحه وهوى به لحروب طاحنة وأضعفته، وهو نفسه من دعم الانقلاب وهو من يغض الطرف عن جرائم المحتل وهو من يعادي المقاومة  ..

المحتل يهدم الانفاق والانقلاب بدوره يهدم الانفاق بحجج واهية ويغلق معبر رفح !! وبذلك الانقلاب ومن والاه ومن يدعمه ومن سوق له ومن يغض الطرف عن أفعاله المشينة هو مشارك في الجريمة التي تُرتكب اليوم في حق العزل والابرياء والمدنيين في غزة ..

والانكى مما سبق ذكره ،حين يطالب البعض بمحاسبة قادة المقاومة !! علاوة على غباء الطلب ، فقد جاء في مقابل من يطالب بمعاقبة المحتل على جرائمه ، سياسة اتبعها الانقلاب من قبل ، يوم أن قام فريق قانوني بطلب محاسبة قادة الانقلاب على جرائمهم ورفع عليهم دعوى ، سارعوا لاتهام حركة الاخوان بالارهاب ، حتى يقطعوا الطريق عليهم ، وحتى يفلت قادة الانقلاب من المحاسبة ، هذا الواقع المزري تجاوز الانحياز أو المحاباة ، هو اصطفاف خطير ومكشوف لصف المحتل ، ويشي بما يضمرونه للقضية الفلسطينة ، لا قدر الله ، ومن خذل غزة في محنتها ،حتما سيأتي يوم تحاسبهم فيه شعوبهم ، والتاريخ لايرحم أحدا ، وسيسجل خذلانهم وتواطؤهم وصمتهم المريب ..