الأربعاء، 23 سبتمبر 2015

الاستبداد مصدر الشرور .




عندما خرج الشعب في سوريا ، نادى بالاصلاح ، فرد عليه النظام بنيران دبابته ، عندما خطت أنامل الاطفال في درعة عبارات للحرية نكل بهم ، وعندما ثار الشعب في 25 يناير في مصر مطالبا بحقوقه : حرية عدالة اجتماعية كرامة ، ثورة سلمية أدهشت العالم ، انقلب العسكر على المسار الديمقراطي وجعل من الارهاب فزاعة ليقمع الربيع العربي ويئد ثورة الشعب ، وحتى عندما حافظ الشارع على سلميته أدماها الانقلاب وعصف بكل مكتسبات الثورة ..

وهكذا قس على كل البلدان التي شهدت الربيع العربي ، استأسدت الثورة المضادة ، بل وتحالف الاستبداد مع أعداء الامة لقمع الشعوب والسعي لاعادتهم لحظيرة الاستبداد ، صحيح أن الربيع العربي حوصر وانتكس وتعثر قطاره ، لكنها ليست نهاية المطاف ، فثمار التغيير لها وقت لتنضج ، والربيع العربي ليس مؤامرة كما يتوهم البعض ، لكنه تآمر عليها شياطين الانس والجن لاجهاضه في مهده ،وإلا فهو تطور طبيعي للاحداث ، فالظلم لن يدوم وله وقت ويزول ..

والرسالات هي أيضا ثورة ، ثورة على الظلم ،..وعندما يحيد القطار عن مساره الصحيح وينتشر الظلم وتهدر الحقوق وتعبد الاصنام بشتى أنواها ويحل التيه وتهوي البشرية لمستنقع آسن من الطغيان ، يبعت الله من يعيد القطار لسكته الصحيحة ، ويرفع الظلم ويعيد للنفوس صفاءها وينقي القلوب مما علق بها من الشوائب وما ران عليها من صدأ حتى افقدها بهاءها ، تأتي الرسلات لتصلح الواقع وتزرع الخير في النفوس ليثمر رحمة وطمأنينة وعدلا وانصافا ومحبة وإيخاءا وترسو بالسفينة لبر الامان ، فيختار الله عز وجل من عباده ذوي الامانة والصدق والاخلاق ليرشدوا الناس لطريق الهداية ويحررونهم من الجور والظلم ..من مقالي السابق : الرسالات ثورة على الظلم 

وما نراه اليوم مما يدمي القلب ويحز في النفس ويدمع العين من مجازر ولجوء ومحن ومعاناة وقوارب الموت وو..، ليس مرده للربيع العربي أو مرده لشعوب تفتقد للوعي أو شعوب لا تدرك مراميها ..كلا ، بل هي من مفرزات الاستبداد ، وتغول الثوارت المضادة ، الغرب نصب أدواته لتأمين مصالحه ورأى في الربيع العربي تهديدا حقيقيا لمصالحه فأوعز لادواته بقمع الشعوب والتنكيل بهم ، وإن فشلت أدواته في تأمين مصالحه تدخل هو بنفسه لتأمينها عبر شعارات زائفة محاربة ما يسميه (الارهاب) ، الاستبداد مستعد لقتل الشعب كله وبيع الارض ، المهم أن يفلت من المحاسبة والمساءلة ، ولو كانت ثمة آذانا صاغية ، تقدم مصالح الاوطان ، لكان لصوت الشعب صدى ..

الاستبداد يقتل روح الابداع ويقلب الحقائق ويشوه صورة المصلحين ويزج بهم في غياهيب السجون وهو المسؤول الاول عن تخلف الامة وبقائها في ذيل القافلة ، البيئة الغير النظيفة تكون مرتعا للأوبئة ، وتحرير العقول مما تكدس فيها لعقود ، لا يتأتى إلا بإزاحة المسببات ، والفتوحات الاسلامية لم تكن لاكراه الناس على الايمان كلا ، بل لان الطغيان والظلم حال دون بلوغ الحق لقلوب الناس ، قارعوا الظلم وحرروا الناس من عقال الجور ، فأقبلت على الاسلام طواعية بل وكانت من جنده الاوفياء ..

الاستبداد يحول دون استقلالية قرار الامة ، ودون امتلاكها للقوة ، فلا نهضة ولا تقدم ولا ازدهار ولا كرامة ولا حرية ولا عدل في ظل استبداد يكمم الافواه ويمسك بكل مفاصل الدولة وله أذرع يسخرها لخدمة مصالحه ، ويفرط في خيرات الامة ، كيف يتسنى لك التغيير وأنت لا تملك آلياته؟! وعند إزاحة الاستبداد تتحرر العقول وتبدع وتتميز وتطالب بالانصاف وتحقق للامة ما تصبو إليه وتحقق الغاية من خلقنا ..

الاستبداد ينتج أمة جبانة تفرط في حقوقها ، أما في ظل العدل والحرية تقوم أمة لا تقبل الضيم أمة كريمة ، تدافع عن حقوقها وتستعيد مجدها وتستميت على مطالبها ،أمة عزيزة قوية تسود الارض وتبسط رداء العدل وتقود البشرية لبر الامان ، وعندها يكون الجو نظيفا لبث الوعي وتصحيح المفاهيم وإيجاد تربية خصبة لينمو فيها الخير وتحيي الامة كل القيم والشمائل والمزايا والفضائل وو..والتي اغتالها الاستبداد ..



الخميس، 3 سبتمبر 2015

سوريا جرح طال نزيفه..



عندما اشتدتِ المحن بالمسلمين في مكة هاجروا إلى المدينة ، هناك استقبلهم الانصار بالحفاوة والترحاب ، وجدوا على أرضها الالفة والمحبة والسكينة وكانت لهم الحضن الدافئ والمقام الطيب ، وأول ماقام به الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بعد بناء المسجد ، آخى بين الانصار والمهاجرين ، أخوة حقيقية تجسدت على أرض الواقع مؤازرة وتعاضد وتلاحم ومناصرة ومساعدة ومعاونة ، غدوا كالجسد الواحد في السراء والضراء ، وكالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ومنه انطلق النور ليبدد عتمة الفرقة والتشرذم ويشيع الالفة والمحبة ، مهد هذا التآخي للامة أن تصبح قوية تجابه التحديات وتتغلب على كل ما يعيق مسارها وتقف بقوة وصلابة أمام عدوها وتنتصر عليه ..

عزز سيد الخلق عليه الصلاة والسلام في نفوسهم أواصر الاخوة وقوى روابطها ، فضربوا أروع الامثلة في الإيثار والتعفف والوئام  والتلاحم، لم يبخلوا على إخوتهم بل جادوا عليهم بكل ما طابت له أنفسهم ، فتحوا لهم قلوبهم وبيوتهم وتفانوا في محبتهم ،وهكذا انتصروا ومكن اللهم لهم في الارض ، أُسس ودعائم قوية كانت النواة الصلبة لبناء مجتمع متماسك قوي ما أحوج الامة لهذه المعاني العالية تعيد لها وهجها..

وعندما غابت هذه اللحمة وهذه المعاني الراقية ، رأينا كيف يموت اللاجئون السوريون والفلسطينيون ممن هربوا من حجيم الحرب الدائرة في سوريا ، يفرون من دول الايواء لأوروبا ليبتلعهم البحر ومن نجا منهم يشق طريقا وعرا وشاقا لبلوغها ، ولو قوبلوا بالحفاوة واُحترمت آدميتهم في دول الإيواء لما غامروا بأرواحهم ولما خاضوا رحلة محفوفة بالمخاطر بحثا عن الامن والامان أفتقدوه وبيئة تحقق لهم مقومات الحياة الكريمة وتحفظ انسانيتهم وكرامتهم وتدعم صمودهم .

هاجروا وطنهم تاركين خلفهم وطنا ذبيحا ينزف ، وطنا مثخنا بالجراح ، يستغيث نخوة الاحرار ليحموه ويدافعوا عنه و يمدونهم بدعم يزيحون عن كاهليهم الضيم والقهر وكأس المنون التي سقاها لهم النظام الغاشم ، تركوا الدور والبيارات والحقول والذكريات الجميلة التي عاشوها بين ربوعه وبين أحضانه، وحملوا في قلوبهم آمالهم العريضة ، في أن يروا سوريا الجديدة وقد لملمت جراحها وتعافت من أوجاعها ، خاضوا رحلة شاقة ومريرة حتى بلغوا ما اعتقدوا أنه مرفأ للامان!! يأملون أن تضع الحرب أوزارها ويعودون لحضنه ، فقد طال الوجع السوري وطال نزيفه ..

ومن صُور المعاناة وصنوفها في دول الايواء ما قصه اللاجئون بمرارة والقصص كثيرة تدمي القلب وتدمع العين ، من اعتقال واحتجاز وسوء معاملة والتهديد بإعادتهم لجحيم الحرب  ، وكيف لمن نكل بشعبه الذي طالب بالحرية والكرامة أن ينصف غيره من الشعوب المكلومة أو يحفظ كرامتهم ، وكيف بمن زج بالاحرار والشرفاء السجون ويسومهم سوء العذاء ويلقون في أقبيته المعاملة القاسية أن يلق غيرهم فيه حسن المعاملة !!وفي لبنان تطالعنا الاخبار اليوم عن أسرة سورية باتت ليتها في العراء ، لعدم قدرتها على دفع الايجار ، فطردهم صاحب البيت ، عدا عن خيم القهر والتشريد لا تقيهم حر الصيف ولا قر البرد وعن استغلال حاجات العوائل في غياب المعيل وو..

هؤلاء وغيرهم ممن يعانون الامرين في دول الايواء ، يحسون بمرارة الغربة في وطن الجوار ،هم من يخوضون رحلة البحث عن حياة كريمة عبر قوارب الموت ، يعرضون أنفسهم لمصير مجهول ، وبدل لوم المهربين ، توجيه اللوم لمن اضطهدهم ومن دفعهم لخوض هذه الرحلة المميتة ، ومن دفعهم للهروب من وطنهم ومن حرمهم دفء موطنهم ومن اغتال ابتسامة اطفالهم ، لو وجدوا احتراما للانسان في دول الجوار لما فكروا في الهجرة ، مآسي اللاجئين وما يلاقونه من محن في طريقهم وموتهم في عرض البحر ، وصمة عار على جبين كل المتخاذلين ،كل من شارك في إطالة المحنة إما صمتا أو تواطؤا أو منع عنهم السلاح النوعي الذي يحسم المعركة ، ووصمة عار على جبين من يتشدق بحقوق الانسان وكرامته وشعاراتهم الرنانة عن الديمقراطية ، الغرب يتحمل أيضا مسؤولية ما جرى ويجري للشعب السوري المكلوم .

هذا الغرب الذي بدأ يتأفف من تدفق اللاجئين على أراضيه ، بل بلغ بالبعض تعليق يافطات كتب عليها : لا نريدكم على أراضينا !! هو أيضا يتحمل مسؤولية ما يعانيه اللاجئون ومآلهم المزري ، فهذا الغرب هو من كان يغض الطرف عن أفعال الاستبداد الشنيعة بحق شعوبهم بل يدعم بقاءهم جاثمين على الصدور ، غير أن الدول التي ترفض عبور اللاجئين عبر أراضيها أو تعرقل مسارهم نحو وجهتهم وتسيئ معاملتهم ، لا تتصرف من نفسها ، بمعنى الدول التي يسعى اللاجئون لبلوغها تقول لهم : لا نريدكم على أراضينا !! لا تقوله صراحة لكن تقولها بطريقة مبطنة عبر تكليف من يعرقل مسيرهم ويوقف تدفقهم. علّ وعسى تدفق أفواج اللاجئين لاوروبا يجعلها تعيد النظر في سياساتها نحو المحنة السورية وتبحث عن حل للازمة .. 



الجمعة، 14 أغسطس 2015

رابعة أيقونة الحرية ..



احتكموا للصندوق فأفرز من اختاره الشعب عن طواعية ، غير أن من لفظهم الشارع ومن عرفهم حجمهم الحقيقي وبعض المغرر بهم ومن لم ينضجوا سياسيا وقعوا في شراك أباطرة السياسة ، وغدوا مطية للإنقلاب ، خرجوا في حشود لعزل أول رئيس مدني منتخب!! والحقيقة أن الانقلاب تستر خلف الحشود لتحقيق مآربه ، تناسى من خرج يومها أن خلع مبارك ليس لإنه لم يعجب الشعب ، بل لانه أفسد في الارض لثلاثة عقود ، ولانه لا يعبر عن إرادة الشعب ، والانتخابات في عهده لم تكن شفافة ولا نزيهة ، والشارع كان يومها يشهد عزوفا عن العملية الانتخابية ، لانه يدرك أن صوته لا قيمة له ، وعاد للحياة السياسية يوم أن أحس أن لصوته قدر وقيمة واختار من يعبر عن إرادته.

أما إزاحة رئيس منتخب شرعي لن يتأتى إلا من خلال الآليات التي أفرزته ، وإزاحته بالقوة يُعد انقلابا عليه ، مهما بلغت شعبيته فالصندوف هو الفيصل وهو الحكم ، مع أن إفشال المسار الديمقراطي كان مدبرا منذ الوهلة الاولى ، فاعتصم رافضي الانقلاب وكل يوم يسفر الانقلاب عن وجهه القميئ تزداد أفواج الرافضين ومن كل الاطياف ، اعتصوا ليقولوا للأنقلاب احتكمنا للصندوق فأفرز د.مرسي وانقلبتم عليه ، احتكمتم للشارع فها هو الشارع ينتفض ويثور ويعبر عن رأيه الرافض للانقلاب ، ويرفض أن يلقى بصوته في سلة المهملات .

سيعتصم حتى تعود الشرعية ويعود المسار الديمقراطي ويشارك كل الاطياف في العملية السياسية ، كان مقتل الشاب سعيد كفيل لاشعال ثورة ، بينما قَتل مئات الارواح ، لم يحرك ساكنا وكأن الضمائر قد ماتت وتبلد حسها ، وماذاك إلا لأن أبواق الانقلاب شنت حملة مسعورة من التحريض والتشويه بحق المعتصمين ، بل ونسجت حولهم الاكاذيب ، حتى نالت منهم حملة التحريض والابواق المسومة التي زرعت حنظل الكراهية ، حتى حيت تمت الجريمة لم يجد من يبكيهم أو من يتعاطف معهم ومن يطالب بإنصاف المظلومين !! ومع تغول الثورة المضادة اتضحت الصورة لكل ضمير حيّ ..

لن ينسى من نجا من المجزرة تلك المشاهد المروعة ، فلازالت عالقة في الاذهان ، من حرق وقتل وقنص ، في رابعة والنهضة اغتال الانقلاب حلم شعب تاق للحرية ، اغتال ابتسامة الاطفال وأذرف دموع التكالى والارامل والايتام ، وداس على كرامة الانسان ، ولم يحترم أو يرحم آدميتهم أحياءََ كانوا أم شهداء ، كم من الآمال نسجت على أعتاب رابعة لوطن يسوده العدل والسكينة ويحترم حقوق الانسان ونهضة شاملة تعيد لمصر بهاءها وريادتها ، لكن الانقلاب نسفها وحولها لجراح وذكريات أليمة تؤرق من فارق الغوالي ، عادت الذكرى لتنكأ الجراح وتعيد للأذهان صور صادمة ودم نازف ، تذكرهم برائحة الغدر والموت وهي تعم المكان ..

شهداء رابعة هم شهداء الحرية ،جادوا بأرواحه رفضا للإنقلاب ودفاعا عن حقهم في العيش بكرامة وحرية وعدالة ، ضحوا بأرواحه ليعلموا الشعب كيف يكون الاخلاص لقضية عادلة ، حق جليّ في مواجهة باطل يستند لقوة غاشمة ، بدل أن تسخر لحماية الشعب ، ويصوب العسكر حرابه لعدو الامة وجه سهامه المسمومة نحو صدور شعبه الاعزل ، تعود الذكرى والشارع لازال ملتهبا ولازالت جذوة الثورة متقدة ، ومصر في ظل الانقلاب تفقد ريادتها وتهوي لمستنقع آسن من الكراهية ويزداد الاستقطاب استفحالا ، فشل الانقلاب مع كل قوته أن يعيد الشعب لحظيرة الاستبداد ..

ومع أن الانقلاب ماضِِ في غيه ،إلا أن رافضي الانقلاب أفشلوا مقولة : مالا يؤخذ بالقوة يؤخذ بالمزيد من القوة ، فهذه المقولة يعتمد عليها ويستند إليها الانقلاب في تكميم الافواه ، رافضي الانقلاب لازالوا يقارعونه في الداخل بصمودهم وثباتهم وفي الخارج بكشف وجهه القميئ ، الانقلاب اليوم يحارب  رمز رابعة ، لانها تذكره بجرائمه والتي لن تسقط بالتقادم ، اليوم كل من وقف في مواجهة الانقلاب يُتهم بتهم جزافا ، واهم من يعتقد أن من اغتال الاحرار سيؤسس لديمقراطية أو يحمي الحقوق و الحرية ، كل يوم يكشر عن أنيابه ويبلغ صلفه حتى من امتطاهم البارحة ، وثبت عبر دروس التاريخ أن الحق لينتصر مطلوب قوة تحميه.. 

الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

نفير الاسرى ..



وأنت بين أحضان الوطن ويغمرك دفء العائلة وتعيش في جو مفعم بالسعادة والهناء بين أهلك ومحبيك ، تذكر أن هناك آلافا من الاسرى البواسل غيبهم المحتل خلف القضبان ، أفتقدتهم عائلاتهم وأحبابهم وتزيد لوعتهم والحنين إليهم في الاعياد والمناسبات ، وقد حرموا من احتضان فلذات أكبادهم ومن دفء العائلة ، جريرتهم الوحيدة أنهم دافعوا عن ثرى فلسطين الغالي ، هم اليوم يخوضون معركة الكرامة ، يحرم المحتل أجسادهم الحرية لكنه لن يستطيع أن يحرم أرواحهم أن تتنسم عبير الوطن وتتطلع لشمس الحرية أن تشرق من جديد وتعانقها أرواحهم ، معنوياتهم عالية وعزيمتهم قوية .

مع كل جبروت المحتل يعجز هذا الاخير أن يكسر إرادتهم أو أن يفت في عضدهم ، وعدالة القضية تشحذ همهم وتشد من أزرهم وتقوي شكيمتهم ، أسير خلف القضبان يقاوم الاسر ويسعى لكسر القيد ، ويواجهة صلف المحتل بصموده ، وعندما لا يجد آذانا صاغية لنداءاته واستغاثاته أونصرة لقضيته الانسانية وانصافه ، يخوض معركة الكرامة ، معركة الامعاء الخاوية ليحفظ حقوقه ويدافع عنها ويحميها ، وأمام هذا الصمود الاسطوري من الاسرى وهم في السجون مطلوب دعمهم ومساندة نضالهم ، وهم من أمضوا زهرات شبابهم خلف القضبان ، دعمنا لنضالهم هو من سيزيد من ثباتهم ويعزز صمودهم ، وانتصارهم على السجان ، فلا تبخل عليهم بوقتك وجهدهم في نصرة قضيتهم الانسانية وإيصال صوتهم لكل الاصقاع .

مطالب الاسرى تتمثل في حقهم في زيارة الاهل لهم ، وانهاء العزل الإنفرادي ، وقف التفتيش العاري والاقتحامات المتكررة ، وقف الاعتقال الاداري ، وقف الاهمال الطبي والعناية بصحة الاسير ، وقف تنقلات الاسرى من سجن إلى سجن ، تحسين أوضاعهم وو...التضامن معهم يثبت حقوقهم ،غير أن المحتل بدل سماع صوتهم ، يهددهم بوقف اضرابهم واللجوء للتغذية القسرية والتي تهدد حياة الاسير ، فهو قد خاض اضرابا لمدة من الزمن أثر في جسده وأجهده واجراء التغذية القسرية قد تودي بحياته ، التغذية القسرية ظلم ينضاف لظلم الاعتقال وحرمان الاسير من حريته ، الاسير الفلسطيني دافع عن أرضه وعرضه،  يواجه محتل أرضه لذلك مطلوب وقفة جادة تنصفه وتنقذ حياته من براثن الاعتقال وتحميه من صلف المحتل وتدافع عن حقوقه.

ولنجاح نضالهم وتصعيدهم في خطواتهم الاحتجاجية مطلوب توحيد جهودهم وتوافقهم ، حتى يفوتوا على المحتل مآربه من تبديد جهودهم أو شق صفهم ، فالمحتل ينكل بكل الاسرى ومن كل الفصائل ، وما يكلل نضالهم بالنجاح تضامن الداخل والخارج مع ملفهم الانساني وإيصال معاناتهم للكل حتى يدرك الكل ما يعانونه وما يتعرضون له من قمع وتنكيل ، دعمهم دعما يوازي تضحياتهم ويعزز صمودهم ..

المحتل يسعى للاستفراد بأسرى دون غيرهم ومالم يتوحد الاسرى كلهم في نضالهم ، فقد تنطبق عليهم مقولة : أكلت يوم أكل الثور الابيض ، سياسة خبيثة ينهجها المحتل ،سياسة : فرق تسد ، يريد أن يرسخها حتى في السجون مع أن الكل يعاني صلفه وتنكيله ، الاسرى الابطال هم زبدة المجتمع وهم من دافعوا عن ثرى فلسطين ورفضوا الركون للاحتلال وقاوموه ،فهم من يحيي القضية ويذكر المحتل أنه لن ينعم بالامن والامان على أرض الاسراء والمعراج ،أما خذلانهم كأنه خذلان للقضية ، فالاسرى دفعوا أثمانا باهضة من أعمارهم فداء لله ثم للوطن وانصافا للقضية ودفاعا عنها .

الأربعاء، 1 يوليو 2015

مصر إلى أين ؟!!





إذا وقع حدث ما في دول ديمقراطية ، تتكاثف الجهود لمعرفة الفاعل ودوافعه ويتحمل المسؤولية من قصر وقد يسقط جراء الحادث وزراء ، أما في الدول المستبدة ، الضحية موجودة سلفا لتحميلها كل المسؤولية حتى قبل أن يبدأ التحقيق ويأخذ مجراه ، وبعدها تتلوها إجراءات تعسفية وجائرة ، كأنهم فقط ينتظرون أي حدث ليجعلوه ذريعة لاحكام القبضة الامنية والتضييق على الحريات وإعادة الشعب لحظيرة الاستبداد ولبيت الطاعة !!  

وهذا ما دفع الكثيرين لتفسير حادث مقتل النائب العام ، على أنه حادث مدبر وأن المستفيد منه هو من وراءه ، وعندما تتلو الحادث ترسانة من الاجراءات الجائرة هذا يؤكد ماذهبوا إليه ، وهناك من فسره على أنه رد على انسداد الافق وتسلل اليأس للنفوس ، وكفره بالسلمية التي لم تعيد له حقه ولم تنصفه ، وعندما تكتم صوت الوسطي والمعتدل وتنكل بالسلمية وتدميها ، وعندما تفرخ السلمية وجوه النظام القديم ، فلا محاسبة للمفسدين ولا انصاف للمظلومين ولاحفاظ على ثروات البلد ، أنت تدفع البعض لسلك سبل أخرى ..

وقد يكون ثمة طرف ثالث يضمر الشر لمصر ويريدها أن تهوي للاحتراب الداخلي والمزيد من خنق صوت كل معارض واستئصال كل صوت مناهض ، بمعنى تشديد الخناق عل المعارضين ، ويمكن العكس هناك من يريد أن يوقف هذا الإنقلاب الذي أوغل في الدماء البريئة والذي تمادى في غيه وقد نادى بالمصالحة الوطنية فيما يسمى بخارطة الطريق ،بدل السعي للمصالحة سعى لاستئصال المعارضين ،تحليلات عدة متباينة تلت الحادث ..

 ولغة الثأر الذي تحدث بها أحد أركان الانقلاب لن تعود بالخير على مصر ، الثأر هو حنظل الانتقام ، بدل أن يتحدث عن العدالة وتحقيق نزيه و معرفة الفاعل الاصلي والفاعل أياكان هو انعكاس للاجواء المحتقنة في ظل الانقلاب ، لذلك الحل يكمن في عودة الشرعية فهي صمام أمان لحفظ الوطن وعودة الجيش لثكناته والحذر من عدو يتربص بالكل من هلل للانقلاب وسوق له ، والاستماع لصوت العقل أما القمع الشديد لا يزيد صاحب الحق والمظلوم  إلا تمسكا بحقه والمحيط يشهد بذلك ، وتبقى لغة القمع سلاح العاجزين ..

انصاف المظلوم وعودة المسار الديمقراطي وسقوط الانقلاب الذي مزق النسيج المصري وزاد من استقطابه  وعمق الشرخ وأوغر الصدور، فالكل أدرك أن نكسة 30 يونيو ليست تصحيحا للثورة واستكمالا لها كما يزعم قائد الانقلاب ، بل هي نكسة حلت بثورة 25 يناير وعصفت بكل مكتسباتها ، حتى من شارك فيها من بعض شباب الثورة ، يقبعون الآن في سجون الانقلاب ، مسرحية من إخراج الانقلاب أتت على أهداف الثورة ومقاصدها واجهضت حلم شعب تاق للحرية ، 30يونيو كانت انقلابا امتطى الحشود لتحقيق مآربه ، لان إزاحة رئيس شرعي منتخب لا يتأتى إلا بالآليات التي جاءت به وليس بإنقلاب عسكري تستر خلف الحشود!

الغرب لا يريد الفوضى أن تعم في مصر لانها تهدد مصالحه ، وإلا لاستعمل الإنقلاب القوة من البداية كما شأن سوريا ، لذلك التف على الثورة وشق الصف الثوري واضعف الحاضنة الشعبية للثوار وانهكها ، حتى يظهرهم بمظهر الانتهازيين ، وحتى يبث في خلد المستضعفين  اليأس من التغيير ، لذلك إن لم يستثب الامن والاستقرار ، فهذا يزعج الغرب الذي غض الطرف عن جرائم الانقلاب ..

 قائد الانقلاب اتهم الاخوان صراحة وليس بكلام مبطن عن ضلوعهم في الحادث رغم نفيهم له ورغم أن كل القيادات في السجون ولم ينتظر انتهاء التحقيق الذي لم يبدأ لان الضحية مجودة سلفا ، وكأنه يريد أن يعدم الاخوان ولكن لا يريد أن يتحمل المسؤولية وحده بل يشرك معه أخرين ، من جديد يبحث له عن تفويض لاعدام كل أيقونات الثورة ، والانكى كلامه الاخير عن يد العدالة المغلولة بالقوانين !! العدالة هي تطبيق القانون ، فكيف تسميها عدالة إن تحررت من القوانين ، هو إذن قانون الغاب !! قائد الانقلاب بجرائمه يأخذ مصر للمجهول ، لا قدر الله..

الثلاثاء، 16 يونيو 2015

انصفي نفسك أولا ...



ما إن تبلغ المرأة حقوقها التي صانها الاسلام وضمنها لها ، حتى تنصف نفسها أولا لكي ينصفها المجتمع ، عندها سيحترم شخصيتها ويوليها كل اهتمام وعناية ويقدر جهدها ويبلغ قدرها وقيمتها ، فهي نفسها مازالت تعتقد أن تلك القيود التي كبلتها بها التقاليد هي جزء من الاسلام !! إماجهلا بشرح نصوص القرآن والاحاديث ، أو جهلا بحقوقها والتي كفلها لها الاسلام ، أو الاستكانة لعقود من الاهمال والجهل والتهميش والامية أوالقبول بالامر الواقع المفروض .

الاسلام أعطى المرأة حق الحياة ، فقد كانت في الجاهلية ولاسباب واهية تدفن حية تحت التراب ، غير أن المرأة اليوم تتعرض لوأد معنوي ، إما تعطيلا لملكاتها أو استخفافا بآرائها أو حرمانها من أن تستثمر ما وهبها الله من منح ، لتكون معول خير للرقي بمجتعها ، أعطاها حق التعليم ولازالت تحرم من الدراسة وتتفشى في أوساطها الامية ، إما بعد المدراس عن القرى أو عقليات عفا عنها الزمن تحرمها اكمال دراستها ، بدل أن تجتهد لتوجد لها دور للطالبات توفر لها شروط الامن والامان حتى تكمل دراستها ، البعض يبحث فقط عن الحلول السهلة ، وتناسوا العواقب ، من يحرم الفتاة من الدراسة ونهل العلم والوعي ،جنى عليها وعلى عقبها ، فهي من ستربي جيل المستقبل ..

المرأة لها الحق أن تتصرف في مالها  فهو نتاج جهدها وكفاحها أو إن كان إرثا لها طبعا فيما يرضي ربنا مثلها مثل الرجل ، لها أن تنفق على بيتها عن طواعية دون اجبار أو ضغط من أحد بل بكامل رضاها ، مثال حي  السيدة خديجة رضي الله عنها ، لها الحق أن تختار شريك حياتها ،ولا يفرضه عليها الاهل ، ومادُمتَ أحسنت التربية ،حتما ستختار من يتوفر فيه الدين والخلق ويوافق اختيارك ، فقد خيّر النبي عليه الصلاة والسلام امرأة أراد الاب تزويجها من غير إستئذانها ، بين أن تقبل برضاها وإن رفضت لن يتم عقد الزواج ، وقد توسع العلماء في الشرح والتفسير في هذا المضمار لمن أراد الاستزادة والتعمق ..

حقها في الارث ، للاسف القليل من يوفي هذا الحق ، فإن لم يحرمها حقها غصبا ، تنازلت هي عنه ، إما استحياء أو اعتقادا منها بالمحافظة على روابط التواصل العائلي وصلة الرحم ..
 أعطى الله عز وجل الحق للزوج في الطلاق ، ومنح لها الحق في الخلع ، في حالة يستحيل استمرار الحياة الزوجية ، والتي ابتعدت عن مقاصدها : من سكينة ورحمة ومودة ، أو حين ينتفي الجو الملائم ، الذي يوفر تربية هادئة لتنشئة الاطفال ، في جو متاوزن تسوده الطمأنينة وراحة البال ، وحتى لا تؤثر فيهم سلبا وحتى لا يكرروا نفس المآساة التي عايشوها في المستقبل .

إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، وإن كانت الآية جاءت لتصحح وضعا معوجا كان سائدا في الجاهلية ، إلا أنها تعبر بوضوح عن العلاقة المفترض أن تسود في بيت الزوجية ، إما تعامل بالمعروف بكل ما تحمله الكلمة من معنى جليل ، أو تسريح بإحسان ومن غير الحاق الضرر ، غير أنه من لم يمسك بمعروف هل سيسرح باحسان !! للاسف النفوس الغير السوية تهوي لمستنقع آسن من الانتقام وبذلك توغر الصدور ، والله عز وجل وعد بالخير لكليهما في حالة الانفصال إن استحالت الحياة الزوجية قال تعالى : وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما) ، علّه يكون خيرا لكليهما..

أن تدرك المرأة أن القوامة معناها الرعاية والعناية وحفظا لها والقيام على خدمتها وقضاء مصالحها ، وليس كما يفهم البعض ، على أنها تسلط وقهر واستعباد ، أن تدرك أن الغيرة الطبيعية هي الغيرة المحمودة والمطلوبة ، والتي تعزز روابط المحبة وهي صفة جليلة من صفات المحب ، من يتمسك بتوأم روحه ولا يفرط فيه ، قلوب طاهرة نقية تقية تحيا حياة تسودها الثقة المتبادلة ، أما الغيرة المرَضية فهي حبل ملفوف على عنق المرأة يكاد يخنقها ، ينغص عليها حياتها ويُحيلها إلى جحيم لا يطاق ، فهو دوما يعيش في شك وريبة ووسواس ، وهذه تحتاج لعلاج وإلا تفاقمتِ الامور وأثرت على الحياة الزوجية وعصفت بها ،مثال على ذلك : غيرة اخوة يوسف من حب أبيهم ليوسف عليه السلام هو من أوغر صدورهم والحقوا الأذية بأخيهم أو الغيرة من نجاحها مع أن نجاحها يعني نجاحه هو أيضا ، فيعرقل طموحها ويقف حائلا دون بلوغها قمة النجاح..

المرأة اليوم إما تعاني تفريطا في حقوقها ، مقيدة بأغلال التقاليد والتي لا تمت بصلة للاسلام ، بينما المرأة في الاسلام  شاركت أخاها الرجل في تبليغ الدعوة ، وشاركته الجهاد أيضا ، وحرصت على حضور مجالس العلم ، وانفقت من مالها مساندة للدعوة ، وهاجرت معه ورافقته في الغزوات وضمدت جراح المجاهدين وسقت الماء وصفحات التاريخ تزخر بعطائها المتدفق ، والمجاهدة أم عمارة كمثال على ذلك ، في إحدى الغزوات تفرق عن سيد الخلق عليه السلام بعض الرجال وبقيت هي تذود عنه ، مع كل ما بلغها من جهد ، النساء شقائق الرجال ، المرأة كلما نما وعيها صلُحت وأصلحت من حولها ، لذلك يسعون لاشغالها بسفاسف الامور عن جوهرها ، المرأة في الاسلام كان لها حضور متميز وبصمة جلية في واقعها..

يعتقدون إن عملت خارج البيت قصرت في تربية الاطفال ، مع أن التربية مشاركة بينها وبين زوجها، الاسلام صان حقوق المرأة وحثها على طلب العمل مثلها مثل الرجل وتبليغ ما علمته.. ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )  ، وإن أنت احجمت عن ولوج ميدان ما ، يحتاج فيه لوجودك الفاعل فلن يبقى شاغرا ، حتما ستلجه غيرك وقد لا يوازين ما تحملينه من هم واقعك وأمتك وقضاياها ، أنت بحجابك ،بخلقك الراقي ، واتقان عملك ، تبلغين الاسلام على الوجه المطلوب سلوكا وشكلا وتساهمين في نهضة مجتمعك وأمتك ..

 أو يتم استغلالها أبشع استغلال ، من لدن دعاة التغريب من يتهمون الاسلام جزافا أنه السبب في تخلفها وعرقلة مسارها واجترارها آفة الامية ، سلعة مبتذلة في الاشهارات والمسلسلات الهابطة ، وقد جردت من الفضيلة والحياء ، بدعوى زائفة : تحررها !! المفهوم الخاطئ للحرية ، الحرية الحقيقية حرية تحت مظلة الاسلام ،حرية تحفظ كرامتها وتصون حقوقها وتحفظ كيانها وتستفيد من عطائها وتخاطب عقلها وترقى بها وليس العكس..



الثلاثاء، 2 يونيو 2015

نعم الأمير أميرها..



لم تكن رؤيا كالتي رآها يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام ووفر لها كل السبل لتحقيقها ،بل كان حديثا شريفا تغلغل نوره وحبه في حنايا قلبه ،ذاك الشرف الذي تسابق إليه الصحابة ليتقلدوا وسامه ، ونال شرفه الشاب المجاهد الورع محمد الفاتح والذي لم يتجاوز عمره 25 سنة ،تاقت روحه لهذا اللقب الجليل : لتفتحن القسطنطينية نعم الامير أميرها ونعم الجيش جيشها ، فكان أهلا لها ، عمل بجد واجتهاد وبذل له التضحيات الجسام حتى بلغه..

هدفه الاسمى شحذ طاقاته ورفع همته ، لم يمني نفسه بالنصر ثم أخلد للنوم بل قابله بالعمل الدؤوب ، رسم هدفه وسطره وتسلح بكل ما من شأنه أن يساعده على تحقيقه ، طريق المجد ليس مفروشا بالورود بل دونه تضحيات جسام ..

 ولو رجعنا قليلا للوراء لنقف على المحضن الذي ترعرع فيه ونشأ ، تربى  على أيدي علماء أفذاذ تركوا بصماتهم الجلية على شخصيته وقَوّتها ، عزز المحضن الخيّر في نفسه قيم الاسلام السامية وغرس شجرة فضائله وأسمى أخلاقه وفنون الاقدام  وعندما أمسك بزمام الامور قربهم إليه في مجلسه فكانوا له نعم السند ، يسندونه بنصائحهم النيرة والتوجيهات السديدة ، العلماء هم صمام أمان للامة يحمونها من كل شر وينيرون لها درب الصلاح ..

لم يتميز فقط في العمل العسكري وأتقن فنونه ، بل تميز في شتى علوم ونهل من شتى ميادين ، المجال الفني بكل أصنافه من شعر وأدب وو..والمعماري من بناء وتشييد وو.. بنى حضارة متكاملة ، ومن قبل تعهده الاب الصالح برعايته من جميع المناحي ،فكان فارسا لا يشق له غبار ، رغم حداثة سنه ، سلمة إمارة تحت إشراف ثلة من أهل العلم والصلاح ، ليتدرب على تسيير شؤون البلاد ، لتكسبه التجربة مهارة ويتدرب على طريقة الحكم وتكون له دراية ومعرفة مسبقة تساعده التجربة الزاخرة في حياته المستقبلية وتسنده ، أخذ من كل العلوم التي أثرت عصره ، البيئة الصالحة والمنبت القيم والاصيل ينمي مدارك الناشئة ويصقل المواهب ويساهم في تربية صالحة ويخرج لنا جيلا تفخر به الامة ..

وما إن تولى زمام الامور في السلطنة حتى تهيأت روحه للمجد المنتظر ووضع نصب عينيه هدفه حتى نال شرف نعم الامير أميرها ، بشارة تسابق لها لينال شرفها.. كيف بنا نحن اليوم وقد وعدنا الله عز وجل أن الاقصى المبارك عائد إلى حمانا ، لماذا لا نتجهز لنكون نحن جيش التحرير ، ونتوج بهذا الشرف وحتى إن لم نبلغه نكون قد ذللنا له الصعاب ، قد يبغله أولادنا أو أحفادنا ، نضع له حجر الاساس وتبدأ السواعد المخلصة في البناء ، النتائج بيد الله عز وجل ، المهم العمل المستمر وخلق أسباب النصر ..

 هي إذن بشارة بث علماء أجلاء تربى على أيديهم في خلده فتألقت روحه وتاقت نفسه للنصر وحفزته ليكون من أهلها ويكون جديرا بتلك المنزلة الرفيعة وذاك القدر العالي ، بشارة أشادت بالقائد وبالجيش ،وفر لها القائد كل طاقته وبدأ على الارض يرسم معالمها ، وتجهز للمعركة ، لم يركن للنوم والدعة حتى فاته العدو عدة وعتادا ، حتى حين يقارعه يجد هوة شاسعة بينه وبين العدو ، ويتطلب اقتلاعه مضاعفة الجهد والوقت ، تجند لهدفه بكل ما أوتي من قوة وجهد ، يعرف أن العدو شرس وأنه حتما سيضع متاريس للحيلولة دون بلوغ النصر ، غير أن الفاتح المحنك المدرب تجند جيدا للمعركة وكان أهلا للامتحان ونجح في اجتيازه بامتياز ، ذلل كل الصعاب وتهيأ من جميع النواحي لخوض غمار المعركة ..

قطع الطريق على العدو واحكم حصاره مع توفير سلاح باغت به العدو ، كيف تريد أن تحرز نصرا وسلاحك ليس من صنع يديك ؟!!
سلاحك الذي صنتعه تعرف سره وهو من سيجلب لك النصر بإذن الله ، لانك تفاجئ به العدو وتربك حساباته ، المفاجآت في الحرب سلاح فتاك تحبط به خطط العدو وتشل تفكيره ، شاب في العشرينات قاد جيشا عرمرا وخاض به حربا ضارية وقاتل قتالا مستميتا وقارع قوة عظمى ، وأبان عن مهارة وحنكة وعزيمة واصرار ، دليل على أننا أمة قوية نحتاج لعنصر الاخلاص والتفاني في بلوغ الهدف والاعتماد بعد الله عز وجل على امكانياتنا الذاتية ونطورها حتى تضاهي ما يملكه العدو بل وتفوقه ونعزز في خلدنا عنصر الثقة بالنصر واصلاح أنفسنا أولا فهو المدخل لاصلاح واقعنا وتحقيق نصر مؤزر ..

عندما رفرفت رايات النصر خفاقة سجد القائد الفذ سجدة شكر وامتنان لله عز وجل على ما منّ عليه من أفضال ، لم يتجبر على الخلق ولم يبطر بل تعامل مع الناس معالمة راقية وطيبة لم يجبر أحدا على ترك دينه أو تغييره ، بل سماحته وخلقه الرفيع كان سببا في إسلام الكثير منهم ، دخلوا للاسلام عن طواعية عندما لمسوا سماحة الاسلام وعدله والذي تجسد في خلقه قولا وفعلا وهذا هو النصر الحقيقي ، فتح القلوب لتستقبل الخير وتعممه ، وتحمل مشعل نوره وتكون له بعد ذلك نعم الجند الاوفياء ، يدافعون عنه ويذودون عنه ..
لم يكتف بهذا اللقب الجليل والذي احرزه عن جدارة واستحقاق ثم اخلد للترف أو البذخ والرفاهية حتى يترهل جيشه وتضعف منعته ويلحقه الخوار ، بل واصل الفتوحات ، كان قائدا ملهما في السلم كما في الحرب ، في الحرب أبلى البلاء الحسن وفي السلم كان مضرب الامثال في التسامح ونبل الاخلاق ، حافط على انتصارات السلف وواصل المشوار حتى وافته المنية وحقق بذلك للامة ما كانت تصبو إليه من مجد وعزة ومنعة وأوج النصر حتى بلغ بها القمة ..

الخميس، 21 مايو 2015

في رحاب آية..



قصص الانبياء حافلة بالدروس والعبر والدلالات والمعاني ، تحمل بين طياتها الخير العميم ، تنير الدرب وتحثك على عمل الخير والتنافس فيه وكسب الاجر وتسند ضعفك وتواسيك وتخفف مصابك وتغرس في نفسك قوة الارادة وتحدي الصعاب ومقاومة الظلم والصبر في مواجهة المحن وو..
 هذا لمن سبر أغوارها وبلغ دررها واستفاد مما تزخر به من نصائح وارشادات وتأمل عظاتها ووقف على أسرارها وبلغ كنهها، مشهد رائع من قصة موسى عليه السلام ، نتعرف من خلاله على انسانية راقية ، يحمل بين جوانحه قلبا طيبا يحس بآلام الناس بل ويهب لمساعدتهم وانصافهم ونصرتهم..

جاءه رجل من أقصى المدينة يحذره من مكر يضمره له فرعون وجنوده ويحثه على الخروج من المدينة ، جريرته أنه انتصر لمظلوم ودفع عنه ظلم وصلف طاغي ، هي عناية الله من حفظته في الصغر ورعته حتى اشتد عوده وهي من يسرت له من ينصحه ويحذره ، خرج من المدينة هائم لا يعرف إلى أين يتجه ، يدعو الله عز وجل أن يهديه لسواء السبيل ،ترك الثراء والرفاهية والغنى وراءه لم يلتفت للعاعة الدنيا ، تجرد من كل عون إلا من عون الله عز وجل له وهو كفاه ومن حَرصه ورعاه وهو رضيع حتما لن يتخلى عنه في محنة وسيكون له نعم العون ونعم السند في مشواره الطويل وسيسدد خطاه ..

قطع طريقا وعرا في حر وقيظ ، رحلة طويلة بلا زاد أو معين ، ترك خلفه فرعون يحث الخطى في طلبه وقد اشتط غضبا وغيظا، مع أنه لم يقصد قتل القبطي الذي طغى وتجبر على مستضعف ،لكن فعله في عرف فرعون إشارة قوية ستنغص عليه معيشته وستقض مضجعه ، أحس أن موسى عليه السلام سيؤلب عليه من عدهم عبيده ، وسيبصرهم بما هم فيه من عبودية وذل واغلال، وحتما سيطالبون بحقوقهم ، سيزيح الغشاوة عن أعين الناس ويبلغون مرفأ الحق ، اهتزت اركان البغي خوفا من أن يستفيق الناس من سباتهم ويرفضون عيشة الذل والهوان ويتطلعون للحرية والكرامة ، ديدن الطغاة على ممر الزمان الحيلولة دون بلوغ الحق للناس لتقبل عليه بطواعية ويفتحون له مغالق قلوبهم ، يحاربون كل شعاع من نور يوقظ العقول وينير البصيرة ويزيد من منسوب وعي الشعوب ويعرفها رسالتها ومكانتها والسر في خلقها ، لذلك يكمم الافواه ويقتل كل من عارضه وناهض بغيه وجوره بل ويريد أن يستأصل شأفته..

واصل موسى عليه السلام مشواره الطويل حتى بلغ مدين ،حيث لن يصل له أي أذى ، محمي هناك ، بلغ للملاذ الآمن بعد رحلة شاقة وعسيرة فآوى إلى الظل ، غير أن من امتاز بنفس طاهرة تأبى أن ترى تعسفا أو ظلما أو مايزعجها ، وتبقى مكتوفة الايدي أو لا تأبه به أو تتجاهله، رأى ما أرقه وما تأنفه مروءته ، رأى مرأتين تنتظران حتى يسقي الرعاء وهم رجال لتسقي لغنمهما ، تحركت نخوته فهو من دافع عن مظلوم ، كيف ينكص عن مساعدة امرأتين تحتاجان للمساعدة مع كل ما كان يعانيه من تعب وشدة في رحلته ..

نفس زكية أبية ترفض الظلم وتعافه ، ورحيمة بالضعفاء ،لم ينتظر أن تطلبا منه الدعم أو المساعدة ، هو من بادر من تلقاء نفسه ما إن تعرف على ظروفهما حتى قام بواجبه ، لم يطلب الاجر جراء صنيعه ، لم يُعجب بصنيعه أو بطر بقوته أو أخذه الزهو ، نفس خيّرة تحس بآلام الآخرين ، وترأف لحالهم ، لم يؤرقه حالهما ولم يحزن فقط ، بل هب لمساعدتهما والتخفيف ما أثقل عليهما  كما هب سلفا لرفع الظلم عن المظلوم ، مع أنه في أمس الحاجة للمساعدة ، خصال رفيعة اتصف بها موسى عليه السلام ، إغاثة الملهوف ورفع الظلم عنه ونصرة المظلوم ومساعدة المحتاج ، ورحمة بالضعفاء .

بعدها عاد إلى الظل يطلب من الله العون والسند ، فهو الفقير إلى الله والله عز وجل هو الغني ذو الفضل الواسع والعطاء المتدفق ، يغمر الصالحين بعطائه الفياض ، عاد للحمى الآمن يسأله من فضله وجوده وكرمه ليمن عليه من رحمته الواسعة، وهو لا يعلم ما يخبئه له القدر من خير ورزق ، كيف لنفس عزيزة ونبيلة أن يخذلها الله ، لحظات قليلة وجاءه الفرج بل إكرام ووفاء لصنيعه الطيب ، أمن وأمان افتقدهما ، احسان وجود وعطاء وأهل يأنس بهم وأسرة كريمة يسعد في كنفها ودفء عائلي يغمره وبيت يحتضنه ..

لا تخف..كلمة ادخلت السرور على نفس موسى عليه السلام واستبشر بها خيرا واطمأن لها قلبه ، انت محمي هنا لن يصلوا إليك ، لن تطالك أيدي الطغاة ، وكلمات كريمته التي اتسمت بالادب والنقاء نبهته لمقصد عفيف طاهر ، اب يمتاز بسرعة البديهة علم ما تقصده ، وادرك تلميحاتها : فهو القوي الامين ، خصال طيبة ، أمانة وقوة ، فكان للرجل الغريب الخائف المطارَد كل ما يتمناه ، رزق وافر وصهر يحنو عليه ويحمل همه ، وبيت يأويه وزوجة طاهرة عفيفة تؤنسه ، نفوس تقية نقية جمعت الخير كله..


الأحد، 10 مايو 2015

ماهو المغزى من إحياء ذكرى النكبة ؟!



إن كان المغزى من إحياء الذكرى ، أن يستذكر الفلسطيني فترة عصيبة تجرع فيها المرارة ، فهو لازال يعيش تداعياتها وفصولها الاليمة ، ولم يلتئم جرحه النازف بعد ، فصول النكبة لم تغب عن ناظريه يجدها بادية في كل ربوع فلسطين ، الفلسطيني يعيش النكبة يوميا إن كان في الداخل أو في الشتات ، حيث يعاني اللاجئ الفلسطيني الامرين ، في دول الجوار وفي دول الايواء بعد المحن التي ألمت بدول الجوار ، والتي جددت نكبته وأعادت لذهنه فصولها المريرة ..

الفلسطيني يعيش فصول النكبة يوميا ، يتجرع مرارة التنكيل على الحواجز التي شتت شمل العوائل ، وعند تصديه لاقتحامات المستوطنين للاقصى المبارك وعند الاعتقال ظلما ، جريرته أنه فلسطيني دافع عن وطنه ، يراها في جدار الفصل العنصري ، الذي يتلوى كالافعى ينشب أنيابه في الارض وينفث سمه الدفين ، جدار فرق الطالب عن مدرسته والفلاح عن حقله ، يعيشها في مستوطنات تقضم الارض ،وفي عدوان متكرر على غزة وفي الحصار المرير..


الذكرى هي رسالة من الفلسطيني للعالم أجمع ، أن هذا الذي تآمر عليه القريب والبعيد ، لازال متمسكا بحقه ومستميتا عليه ، مزروع في أرضه ، يأبى الركوع أو الاستسلام للامر الواقع ، يواجه صلف المحتل بكل الوسائل المتاحة لديه ، الذكرى هي تذكير  لأرض عربية مسلوبة والتي لازالت تئن وترزح تحت نير الاحتلال وتعاني وطأته ، رسالة للضمائر الحية ولجموع الامة أن مقدساتنا ومسرى الحبيب المصطفى يستغيث نخوتكم ، فهو يدنس يوميا من طرف المستوطنين وبحماية قوات الاحتلال ، الذكرى استشعار لامة المليار من حملت على عاتقها شرف الامانة ، صون وحفظ الاقصى المبارك وفرطت فيه وضيعت الامانة ..


 أما الفلسطيني فنكبته مستمرة منذ أن حل الاحتلال ، إلى يومنا هذا وهو يمارس نحوه كل أشكال الحيف والظلم ، لا يحييها لينكأ جراحا لم تندمل بعد ، بل هي مناسبة ليصدح بصوته عاليا ، علّ وعسى أن تصحو الامة النائمة من سباتها ، وتلملم شملها وتصحح بوصلتها نحو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، كي تستعيد مجدها الغابر ، وتعيد حقها المسلوب ، أما الفلسطيني حافظ ويحافظ على جذوة الصراع متقدة بصموده وبثباته وبتجذره في أرضه ، لتعود الامة لعافيتها وتوحد كلمتها ، وتعيد فلسطين لحماها..


الذكرى استشعار للاجئ الفلسطيني لحق العودة ، حق كالشمس  ، كي يمهد لها الطريق ، كل ما تحت الارض وما فوق الارض يشهد لصاحب الارض بحقه فيها ، لازال يحتفظ بالمفاتيح والذكريات والوثائق التي تثبت ملكيته لارضه ، يحملها أينما حل أو ارتحل ويورثها لاحفاده من بعده  ، الذكرى هي دعوة للامة لدعم المرابطين في القدس من يحفطون الحق العربي والاسلامي فيها ، لتدعم صمودهم وتعزز وجودهم في القدس ، واجب وليس منّة نحو من يحمي حقنا هناك ويذود عنه ، ولتقوي ثباتهم على الارض وتسندهم .


هي حث للامة حتى لا تنسى فلسطين في خضم ما تعانيه من محن ، لان الاحتلال يستغل وضع الامة المفكك والمتشرذم ، للمزيد من التنكيل وإيقاع الظلم ، دعوة للعالم أجمع أن هناك شعب صامد على أرضه يتطلع ليوم يُنصف فيه ويستعيد فيه حقوقه ، ومادام هناك من يصدح بصوته عاليا مطالبا بحقه في العيش الكريم والآمن على أرضه ، بإذن الله ستبقى فلسطين حية في الضمائر والوجدان ، ولن يطالها النسيان  ، مع واقع مرير لازال قائما وينتظر رفع الحيف والظلم عنه..


ويبقى الاهم كيف يبلغ الفلسطيني كل هذه الرسائل للعالمين العربي والغربي ، أولا معرفة العوامل التي أدت للنكبة ، لتفاديها مستقبلا ، ثم التجديد في الخطاب ، وكيفية استثمار ما تفرد به عالمنا من تقنيات وثورة معلوماتية سهلت التواصل ،حتى تبلغ الرسالة لمدى أوسع ، الآخر سوق لروايته الزائفة ، والفلسطيني يملك قوة الحق بين يديه ، يعرّف بالقضية ، فقد بلغ الفلسطيني أقاصي البقاع ، مهم أن يسأل نفسه ماذا قدم للقضية ؟ وكيف يستثمر تواجده هناك خدمة لها ، لن يهتم أحد لمعاناتك إلا إذا خالطت الناس هناك وتقربت منهم وشرحت لهم معنى النكبة واهتممت بقضاياهم ، خلق لوبي ضاغط في الغرب من خلال المشاركة في الانتخابات أو انتخاب من يهتم  بقضايا المسلمين ، ليكون لصوتك صدى ووزن ..


يوم واحد لا يكفي ، تحييها ليوم واحد وتنسى المعاناة طيلة العام ، العمل الجاد والمتواصل ، حتى حين تأتي الذكرى يُتوج الجهد المتراكم ، وتقيم انجازات عام مضى وتستعد لعام مقبل ، استثمار وعي الشعوب العربية والتي ثارت على الاستبداد وترفض العودة لحظيرته ، وتبذل كل غالي ونفيس ، لاجل أن تنعم بالحرية والكرامة ، عقول عربية تحررت من عقالها ، رغم تعثر الربيع العربي وتغول الثورات المضادة ،غير أن النفوس تواقة للحرية ترفض الاستكانة أو الخضوع للامر الواقع ، حتى لا تغدو الفاعليات فقط إحياء المحنة ، بل تمهد الطريق للعودة ولتمحي ظلما طال عقودا ، تضع حجر الاساس لمشاريع ملموسة على الارض وتتابعها باستمرار ، تأكد أن غرسك سيزهر بإذن الله ، وأن الشجرة العظيمة ، أصلها فسيلة صغيرة تعهدها صاحبها ، حتى غدت شجرة وافرة الظلال ضاربة جذورة في الارض..

الثلاثاء، 5 مايو 2015

أحرار خلف الاسوار..



الاسير ضحى بالغالي والنفيس ، لترفرف رايات النصر خفاقة في ربوع الوطن ، ذاك الذي أمضى زهرة شبابه خلف القضبان ، بصبره بصموده كتب عز الوطن وسطر ملاحم الثبات ، قارع المحتل بجسارة في ساحات الوغى ، وفي السجون أبدع في صناعة الحياة وتحدى الاغلال ، كله امل في يوم يبزغ فيه فجر الحرية ، ويعانق نسيمها العليل ويتنفس عبيرها الفواح ، هو من أذهل العالم بصلابته وتحديه عتمة السجون ، هو فخر الامة وتاج على الرؤوس.

الاسير حسن سلامة أحد هؤلاء الابطال الصامدين ، تتحدث عنه خطيبته بكل فخر واعتزاز ،قرأت سيرته الحافلة بالتضحيات ،اطلعت على كتاباته التي تعبر عن مدى حبه للوطن وفدائه للقضية وتمسكه بالحقوق ، نظرت لابتسامته وهو في قاعة المحكمة ، ابتسامة قهرت قيد السجان ، وتحدت غطرسته ، ورفعت المعنويات..

كان يرفض فكرة الارتباط وهو خلف القضبان ، حتى لا يظلم رفيقة دربه ، أو يسبب لها الآلام ، آلام الانتظار الطويل ، غير أن غفران تلك الفتاة التي رأت فيه فارس أحلامها ، رأت في الارتباط به ، مشاركة له في تضحياته ونوعا من الجهاد ، فكانت له البلسم الشافي للجراح ، خففت عنه آلام الاسر ، كانت طاقة الامل من خلالها يتنفس عبير الحرية ، أدركت غفران أن الاسير الذي ضحى بسنيّ عمره خلف القضبان وفاءا لله ثم للوطن ، يحمل بين جوانحه قلبا نقيا صافيا ، مفعما بالحنان والمحبة والطيبة ،قلوب طاهرة لم تفرط في شبر واحد من الوطن ، أخلصت للوطن ولم تبخل عليه بجهدها ووقتها ، حتما ستكون قلوبا وفية مخلصة محبة للخير معطاءه ..

وهو تعرف عليها من خلال كتاباتها والتي تزرع في النفوس إشراقة الامل ، أسير خلف القضبان أبدع في رسم معالم النصر ، فكان نبراسا ينير درب المقاومين ، وأبدع في صناعة الحياة ...تعانقت الارواح فبددت عتمات السجون .. فأشرق النور من بين الاجدران وترعرع الامل وتحدى ظلمة الاسر .. فتلاشت الاحزان ، نفوس كلها ثقة ويقين أن الظلم لن يطول ، وأن فجر الحرية قريبا سيسطع ، بإذن الله ومهما طال البعاد سيجدها على مرفأ الحرية تنتظره ليكملا المشوار ..

الحب الحقيقي مثل شعاع النور ، لا ينتظرالاستئذان ليُغرس في النفوس ، بل يحتاج لقلوب طاهرة نقية ، تعرف معنى الوفاء والتضحية ، تفتح له المنافد فيعم النور كل الارجاء ، غفران نفس كريمة طيبة تعكس قصة وطن يهفو للحرية ، وكسر قيد الاسر ،  كالارض المعطاءة تجود على بنيها الابرار بالحب والحنان وتثمن تضحياتهم وتتفانى في عطائها لهم ..

الحب الحقيقي ينمو ويترعرع في النفوس التقية ، معين لا ينضب من التفاني والاخلاص ، تلاقح الاهداف يذلل العقبات ويخلق التكامل ، أراد المحتل أن يجعل من السجون مقابرا للاحياء ، يكسر المعنويات ويأسر الروح والجسد ، غير أن الاسير حوله لواحة غناء من العطاء المتدفق ،ففاضت المشاعر النبيلة في رحاب النفوس الطاهرة وتحدت الحواجز ..

 جنة المؤمن في قلبه ، تزداد بهجة وتألقا ، كلما أدخل السرور على قلوب محبيه ، يشاركهم أفراحهم ، يرسل لهم الهدايا ، فهي توطد العلاقة وتقوي الروابط ، وتعزز الاواصر ، مشاعرهم جياشة ، يغمر محبيه  بالمحبة والطيبة والاهتمام ، صاحب القلب الكبير مع كل ما يعانيه من ألم الاسر ، يحاول جاهدا إدخال السرور والبهجة على القلوب ، أرواح تلاقت على الخير..فتآلفت فشيدت جسورا من الالفة والمحبة رغم القيد ورغم المعاناة .. صاحب القلب الكبير انسان بكل معنى الكلمة .. يرسم الابتسامة على محيا محبيه ... هو حر خلف الاسوار ..


الجمعة، 1 مايو 2015

رحلة الموت..



تناول برنامج الصندوق الاسود البارحة رحلة الموت والتي يخوضها المهاجرون هربا من جحيم الحرب في موطنهم ، في رحلة محفوفة بالمخاطر بحثا عن أمن وأمان افتقدوهما في حضن الوطن..

وأنت تتابع فصول المآساة ، تحس بالاسى يفتت فؤادك ، كيف يُجرد العربي من كرامته وكيف تُمتهن آدميته ، ينوء القارب بحمولة تفوق قدرته الاستيعابية ، فيعرض حياة الناس للموت ، كم تتملكك الحسرة عندما تحس أن لا قيمة لحياتك مادمت عربي ، إن لم تغتال بالبراميل المتفجرة التي تسقطها طائرات النظام لتقتل كل معاني الحياة وتنشر الرعب في القلوب الآمنة ، افترستك حيتان البحر ، وقبلها افترسك جشع المهربيين ..

 كل هذا العناء ليبقى مستبد جاثم على كرسيه الملطخ بدماء الابرياء !! كل هذه المشاق لشعب صدح بالحرية وتاقت نفسه للكرامة ،حلمه أن ينعم بالعدل بين أحضان الوطن ويحس بالدفء في كنفه ، هروب. ومعاناة ..ورحلة مجهولة ..والتعرض لكل ألوان الابتزاز وتشرد وعذاب.. ليبلغ مرفأ الامان!! ..

 أمان افتقده في موطنه حيث رائحة الموت تملأ كل مكان ، وكيف سيحس بالراحة وشمل العائلة ممزق؟! غربة عن الوطن ..وطن مثخن بالجراح ..ونفوس متعبة ..مثقلة الكاهل بالهموم والاحزان ، أما أماكن الايواء تفتقد لابسط مقومات الحياة ، لا يبلغ مكانا يحترم آدميته إلا بعد معاناة مريرة وتعب وجهد ،حقا هي مآساة تفوق الوصف ...

المفهوم الارقى للاستغفار ..



قال تعالى : فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا )..

هذا الخطاب موجه من النبي نوح عليه السلام لقومه وهم على شرك وكفر ، لم يكن القصد أن يلهج لسانهم بالاستغفار ! بل كان القصد منه توبوا إلى الله من كل الذنوب واقبلوا عليه يغفر لكم ويتوب عليكم ، وآمنوا بالحق الذي انزله على نبيه ، واتبعوا طريق الرشاد ولا تحيدوا عنه ، فيتحقق كل ما وعدكم الرحمان به من خير وبركة وسعة في الرزق ومغفرة وعطاء وجود وكرم وو..

 فالاستغفار لايتحقق باللسان فقط ، بل بالسير في طريق الحق وبالامتثال لأوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه والانابة له ، ويتحقق بكل أعمال البر التي تبلغك رحمته وفضله وجنته ونعيمه ، استغفار ينعكس على السلوك فيهذبه ، ويكسبك الاخلاق الحميدة والمعاملة الفاضلة مع كل من حولك..

الأربعاء، 22 أبريل 2015

إن تنصروا الله ينصركم..



مهما طغى الظلم وتجبر وعات في الارض الفساد فله نهاية ، وهذا ما استلهمناه من العبر الودروس والتي جادت بها قصص القرآن ، تناولت أسباب علو الظلم واستعباد الخلق وكذا بطانة السوء من تطبل للظلم وتزين أفعاله المشينة وتلمع وجهه القميئ ، ومن يركن للظلم أو يهادنه هو أيضا يطيل أمده ، قصص القرآن تزخر بالدروس والعبر لنصرة الحق جل وعلا للمستضعفين في الارض ومآل الظلم ونهايته الحتمية ..

هذا فرعون طغى وتجبر وادعى الربوبية ، وسفك الدماء البريئة ليحول دون مجيئ موسى عليه الصلاة والسلام ، أزهق الارواح البريئة ظلما وعدوانا ليحجب نور الحق ويئده في مهده ، فكان أن جاء موسى عليه السلام لتحميه رعاية الله وتذود عنه ، ولد في العام الذي يقتل فيه الصبية ، فشاءت الاقدار أن يكون في عقر قصر فرعون ، نجاه الله عز وجل من مكره ، تغلغل حبه في قلب زوجته فغدا قرة عينها وكان سببا في نجاتها ، وكان هلاك ملكه على يديه ، عاقبة الظلم وخيمة والله يعجل للظالم العقوبة في الدنيا مع ما ينتظره في الاخرة من عقاب وحساب ، جراء عتوه وتجبره على الخلق ..

ومن رحمة الله عز وجل لعباده أن يرسل لهم الرسل، يهدونهم لجادة الحق وينيرون لهم الطريق ويقيمون عليهم الحجة، وعندما يصم الظالم أذنيه عن سماع صوت الحق ويعاند ويجحد انعم الله عليه ويكابر ، تحل عليه النقمة وسوء المصير ، حتى نعلم أن المسؤولية هي تكليف وليست تشريف ، وإن تحملت أمانة فإما تحافظ عليها فتؤجر ، أو تضيعها فتسأل عنها وتحاسب على ضياعها ، عندما تنظر للمسؤولية بهذه النظرة ، على أنها تكليف وستسأل عنها إن قصرت فيها ، حتما تحس بثقلها وتؤديها على الوجه المطلوب وتطلب العون من الله ، الحاكم خادم للناس يحرس على الامانة ويرعى مصالح الناس ويحافظ عليها ..

وكما قص علينا القرآن قصص الظلم وعاقبته ، قص علينا محن وابتلاءات مرت على أنبياء فزادتهم صلابة وقوة ويقين بنصر الله وتأييده ، هذا يوسف عليه السلام من كاد له إخوته وأرادوا به شرا وأبعدوه عن ناظري أبيهم وهو مهجة فؤاده ، وقد كان أشد تعلقا به ، دمعت عيني يعقوب عليه السلام ولعا وشوقا على فقد ثمرة فؤاده حتى فقد بصره أما عناية الله فكانت الحصن المنيع ليوسف عليه السلام حمته ورعته ، فكانت البيئة الجديدة سندا له في تحقيق رؤياه ، وبعد محنة الجب جاءت محنة السجن ظلما ، ليخرج بعدها معززا مكرما ، استثمر ما حباه الله من منح لتحقيق رؤياه ، يرفل في عز وسؤدد غبطه عليها إخوته بعد أن ألجأتهم الفاقة والحاجة إليه ..

وليس هذا معناه أن تركن للظلم وتنتظر المخلص!! بل تسعى لرفع الظلم عن كاهليك ، قبل أن يبلع شعاع نور الدعوة مشارق الارض ومغاربها مرت بإبتلاءات ، زادت أهل الحق ثباتا ورسوخا وتمسكا بالحق ، و معلوم أن طريق الحق ليس مفروشا بالورود بل دونه تضحيات جسام ، لذلك كانت المحن والشدائد التي تعترض مسار أهل الحق تمحيصا للصفوف ، حتى لا يصطف لصفك إلا المخلص ، الشدائد تصقل المعادن فتخرج أجود ما فيها ، تجده منافحا عن الحق يدافع عنه باستماتة ويدفع عنه الظلم ، والمؤمن دوما هو الرابح ، لانه دوما يرنو لاحدى الحسنيين ، يتسلح بالصبر والثبات واليقين بنصر الله ويتخطى كل المعيقات حتى يبلغ الهدف المنشود ، أو يقارع الظلم والباطل بجسارة لا يستسلم ولا ينكسر ولا تنال منه الخطوب حتى ينال وسام الشهادة ..

غزوة الاحزاب كانت الشاهد الحي على تمحيص الصفوف ، جحافل قادمة من كل صوب وحدب متجهة صوب المدينة لتتمترس أمامها ، جاءت لتستئصل شأفة المسلمين ، فكان النصر حليف الفئة المؤمنة وتمايزت الصفوف وتفرق شمل الاحزاب ، فقد كانت المصالح من تجمعهم ، وظهر خبث اليهود وقد نكثوا العهود والمواثيق ، وظهر نفاق المنافقين وبقيت الفئة المؤمنة المخصلة راسخة ، قابلت كل المستجدات برباطة جأش لم تهزها ريح ولم تضعفها التحديات بل زادتها قوة وصلابة ، صمدت في الساحة حتى اندحر الباطل ، لذلك لن تبني مجدا دون بذل وعطاء وتضحيات ، بالاصرار والتحدي تبلغ الهدف المنشود ، ميزة التمحيص غربلة الصفوف ، فالراسخ لا يتزعزع ودونه يهوي ويسقط سقوطا مدويا . فلا تحكم على أحد في وقت الرخاء فالمحن والشدائد والابتلاءات هي الفصيل وهي من تصنع الرجال وتبرز معادنهم..

ولا تستعجل النصر فما تدكس لعقود في العقول لن تكنسه بين عيشة وضحاها ، فالجسد المنخور والعليل ، يتطلب العلاج الناجع ووقتا طويلا حتى يوتي الدواء مفعوله ، وفترة النقاهة قد تطول حتى يتعافى الجسد ويعود لنشاطه وحيويته ويزول ضعفه ، وإرساء دعائم العدل لن يتأتى إلا بمقارعة الظلم وبذل الغالي والنفيس ، ويرافق هذا الخير كله الاخلاص ، وكما أحاطتنا دروس التاريخ بأسباب الهزيمة أمدتنا بأسباب النصر ، ومن تمسك بأسباب النصر بلغه والعكس صحيح ،  الحق الذي بحوزتك هو اليوم فسيلة ولتغدو شجرة وافرة الظلال ، تختار لها الارض الطيبة وأجود السماد وتتعهدها بالرعاية والعناية وتعالجها حتى تقيها من السوس وتقوّم المعوج منها ، وبعدها ستثمر خيرا بإذن الله وتجود عليك بظلالها وتنعم بفيئها ، الاخلاص في العمل والنية مدعاة للفوز والنصر ، كانت غاية المسلمين رفع راية الاسلام خفاقة ونيل رضا الله عز وجل ، أمدهم الله بالنصر ..إن تنصروا الله ينصركم ..عندما تغدو النفوس طاهرة شفافة رقراقة وقد تخلصت من كل ما شابها ، يتحقق لها كل ما كانت تصبو إليه من عزة ومنعة ونصر، بإذن الله



الاثنين، 23 مارس 2015

عندما تنتصر الارادة .. تهون كل الصعاب..



في الذكرى الاليمة لاستشهاد الشيخ أحمد ياسين ، نستحضر سيرته العطرة والحافلة بالدروس والعبر والانجازات والعطاء والصبر والثبات على الحق ، لم تثنيه كل المعوقات التي اعترضت مساره عن مواصلة التحصيل العلمي والتميز وشق طريق النجاح والتفوق ، تحدى كل العراقيل والمنغصات ، لم يترك عذرا لمثبطي الهمم ولا للعاجزين من يختلقوا الذرائع ، ليخفوا تقصيرهم وخذلانهم وتقاعسهم عن نصرة القضية وحمل همّ التحرير ، مقعد بنى مجد أمة وحرر القلوب والعقول مما ران عليها ودلنا على الطريق السليم وعلمنا كيف تنتزع الحقوق .

 فارس الكلمة الصادقة ، لا يشق له غبار ، يحفز من حوله على العطاء والثبات ، وعدم الركون لاملاءات الاحتلال ومقارعته ، يبث في خلدهم اليقين بزوال الاحتلال ، بالإعتماد على الله عز وجل ، ثم اعداد السواعد المخلصة لمواصلة المشوار ، ترجم كلماته الملتهبة على أرض الواقع ، فكان الاصرار والثبات والاستماتة على حفظ الحقوق ..

نشأ الشيخ الشهيد يتيما محروما عانى مرارة الهجرة من قريته ، لم يركن لهذا الواقع المرير ،بل كان حافزا له لشحن همته وهمة من حوله فكان نبراسا أنار لهم درب الحق ، ودرب المقاومة ، أعاد للقضية وهجها بعد أن ضيعها من تبناها ، رفض الظلم وقاوم الاحتلال بما زرعه من حماسة وقوة العزيمة في نفوس الشعب ، تاق لحرية الوطن وأعد العدة لمقارعة غطرسة المحتل ، فكانت المقاومة حاضرة في الميدان ، قضت مضجع الاحتلال، أحيت القضية وأعادت لها نبض الحياة..

سطر هدفه ووفر له كل طاقة وعمل له بتفان واخلاص ، فأينعت المقاومة الباسلة ، فكان التميز والابداع حاضرا ، رحل فجرا بعد أن أينع غرسه وأثمر سواعد مخلصة لا تهاب الموت على درب الحق ماضون وعلى العهد باقون ، علم العالم كيف يجود الفلسطيني بروحه ليروي بدمائه الطاهرة شجرة الصمود ، علمنا كيف تُسترد الكرامة وكيف يعود الحق لاصحابه ، بالمقاومة وبذل الغالي والنفيس والاصرار على طلب الحقوق ..


الخميس، 19 مارس 2015

أدب السجون...




أدب السجون هو ما تجود به قريحة الاسير ، معبرا عما يختلج صدره من أوجاع وما يثقل كاهليه من آلام وما تتوق له نفسه من آمال ، آلام الاسر وما يكابده من عناء ، وآماله في غد مشرق يحمل بين طياته تباشير الخير ، يتطلع ليوم يتنسم فيه عبير الحرية ، بعيدا عن هموم وأوجاع الاسر وسحنة السجان السوداء ..

ابتسامة الاسير والتي لا تفارقه ، تقهر جبروت السجان ، هي رسالة بليغة للسجان أنه لن يأسر روح الاسير ولن ينال من عزته وصلابته ولن يكسر قوة الاصرار في نفسه ، وسيواصل درب المقاومة والنضال حتى دحر الاحتلال ، بإذن الله
أدب السجون حروف نسجتها مرارة التجربة ، تعكس ما يقاسيه الاسير من آلام الاسر والبعد عن الاهل والاحبة وما يعانيه في أقبية التحقيق من تنكيل ولوعة الفراق ، وتطلعه لشمس الحرية وكسر القيود ..

أراد السجان أن يجعل من الاسر مقبرة للاحياء ، يكتم أنفاس الطاقات ويخنق الملكات وينهك الجسد والروح معا ، أشبه بالموت البطيء ،غير أن الاسير فوت على المحتل مبتغاه ، فجعلها ساحات تحصيل علم وتفجير طاقات ابداعية ، فدبت الحياة في الاجساد المنهوكة وأمدتها بطاقة زادتها قوة وصلابة وتحدي ، فتخطت الالام بعزيمة تهتز لها الجبال وإرادة قوية تقهر جبروت المحتل ،  فخطت الانامل  في براعة كلمات الوفاء للقضية العادلة وكل معاني الصبر والثبات والحنين للحضن الدافئ ، وتفتق الابداع وجرى القلم على الصفحات بسلاسة يدوّن الاحاسيس والمشاعر والاشواق والآمال ويبوح بجروح النفس ،جروح لن تلتئم إلاعندما يحتضن الاسير ثرى الوطن ويعانق شمس الحرية ويعود لدفء العائلة ويمتع ناظريه بجمال موطنه .

يقطع الاسير رحلة الاسر الطويلة والمريرة ، بكل ما يفيده وكل ما يقوي صموده ويعلي يقينه ويشحذ همته ، حولوا عتمة السجن لنور المعرفة ، بددوا جو الاسر الكئيب بإضاءة شمعة الامل في النفوس ، عدالة القضية تقوي عزيمتهم وتسند ظهرهم ، وعون الله لهم يجبر كسرهم والرفقة الصالحة تشد من أزرهم وتسكن أوجاعهم ، وتخفف من لوعة بعد الاهل والاحبة ..

ومن رحم الآلام يولد الامل ، في الاسر ينمي الاسير مواهبه ويرقى بملكاته ويصقلها بكثرة القراءة والكتابة ، لا يركن للهموم  بل يقهرها بالصبر والاناة والمثابرة ، حولوا السجون لساحات تنافس في الابداع ، اكتشفوا مواهبهم المكنونة ،أخلصوا في تعبيرهم عن معانتهم ، فكان الابداع حاضرا ، إبداع لا يشوبه تصنع أو تكلف ، عنوانه الوفاء والاخلاص ، عاش التجربة وعبر بصدق عن كل ما أرقه وكل ما يختلج فؤاده ،فأجاد التعبير وانسكبت الحروف من محبرته وانسابت الكلمات الحارة ، لتسرد فصول الحكايا ولازالت المعاناة مستمرة ...



الاثنين، 9 مارس 2015

المرأة...في يومها العالمي ..!!



تخلد المرأة العربية مناسبة مايسمى باليوم العالمي للمرأة ، بالمزيد من الصمود والثبات في شتى الساحات الملتهبة ، فهي الثكلى والارملة ، هي من فقدتِ المعين والسند ، هي من حرمتها الحروب كل الغوالي ، هي المعتقلة في سجون الاحتلال ، تعاني مرارة البعد عن الاهل والاحباب ، واحتضان فلذات أكبادها ودفء العائلة ، أو حرمها أحبة لها لعقود لتجتر آلام فراقهم ، هي من جادت بروحها وهي تمني النفس بلقيا مهجة القلوب ، أحبة غيبهم الاحتلال عن ناظريها ، واغتصب البهجة من قلبها ، ونغص عليها فرحة الاعياد وأدمع مقلتيها شوقا وحنينا لاحبتها ..

 هي من زج بها الاستبداد في مقابر الاحياء ، فقط لانها عبرت عن رأيها الرافض للانقلاب ، هي الشهيدة من روت شجرة البذل والعطاء والصمود بدمائها الزكية الطاهرة ، هي من تحملت مرارة النزوح والتشريد في مخيمات الموت البطيئ . بعد أن دمر الاستبداد منزلها ، وروع أمنها وأمن صغارها، وأحال موطنها الجميل لخراب ، هي من حملت لواء التحدي في غياب الزوج والاب والابن والاخ ، تحملت من الصعاب ما تنوء بحمله الجبال ، لترى حلمها في وطن يسوده العدل وتغمره السكينة والطمأنينة قد تحقق ، وطن يحقق لها ما تصبو إليه من عدالة وحرية وكرامة ، هي من كابدت المشاق لتسند ظهر أحبتها وتخفف عنهم العناء ، تماسكها وصبرها يرفع معنوياتهم ويقوي ظهرهم ، هي من صبرت على استشهاد فلذات أكبادها محتسبة الاجر عند الله ، هي من جادت بروحها في الساحات والميادين ، وهي تدافع عن حقها في العيش بكرامة ، من الحيف أن يُرصد لها يوم واحد وننساها الدهر كله..

هي معول خير إن تلقت التربية السليمة ، هي شريكة الرجل في بناء نهضة وطنها ، هي من تحرس وتصون العرين وتربت على الكتف ، وتزرع بذور الامل في نفوس صغارها ، هي من تقابل ظلم الواقع بثبات وجلد وصبر ، حقوق المرأة لازالت شعارات رنانة ، ولم تحس المرأة بوقعها ولم تغير من واقعها المرير ، عالم يبخس حقها في أن تنعم بالحرية ، إن صدحت بصوتها ، كممه ونال منها ، أو نكل بها الاستبداد لكسر إرادة من يناهضه من أهلها وو...
 غير أن المحن لم تنال منها ، بل زادت من عزيمتها ، ولم تفت في عضدها الشدائد ، تكافح كل أشكال الظلم ، تدرك أن الحقوق تنزع ولا توهب ، حتما يوم واحد لايكفي ولن نوفي حقها فيه، ولن نحيط بكل معاناتها في شتى الساحات ..

عام مضى اغتالت آلة الحقد الصهيونية بسمتها المشرقة ويتمت صغارها ومزقت شمل العائلة ، ولا تقِل معانتها في ساحات أخرى عما سبق ذكره ، فهي في ساحات أخرى بين نارين إما إفراط وتفريط ، تعاني التهميش وتكبلها أغلال التقاليد وتعطل ملكاتها ، وتتفشى في أوساطها الامية أو يتبنى قضيتها دعاة التغريب ، فيلصقوا كل حيف طالها للاسلام ، مع أن الاسلام هو من صان حقها وحفظها وأعلى قدرها ، فيبتذلونها ويمسخوا شخصيتها ويهينوا أنوثتها ، وبذلك يبعدونها عن رسالتها السامية ، مشاركتها الفعالة في النهوض بأمتها واستثمار قدراتها وملكاتها خدمة لمجتمعها ، وتربية لجيل تفخر به أمتها ..

كلما تناولت موضوع المرأة ،إلا واستحضرت كلمات سيد الخلق عليه الصلاة والسلام وهو من تعامل بخلق راقِِ مع المرأة ، يكن لها كل احترام واجلال وتقدير ، كان الاب الحنون والزوج الطيب العطوف والمعلم الهمام والفارس المقدام ، كلمات كتبت من نور : استوصوا بالنساء خيرا ...
عذرا رسول الله ضاعت الامانة في زمن ماتت فيه المروءة والشهامة.. 

الجمعة، 20 فبراير 2015

في معاقل داعش..!




بعد أن حاز السياسي والاعلامي الالماني يورغن تودنهوفر على صك أمان من زعيم داعش ، أمان على ماله وعلى حياته وحياة من يرافقه حتى يؤدي مهمته ، قرر التوجه لمعاقل داعش ، ومما زاد في اطمئنانه ، نشر مواقعهم لصك الامان ، غير أن انصار داعش اعتبروه صيدا ثمينا ، رغم أنه مناهض لسياسات الغرب ويريد أن يسمع من الآخر حتى تستبين له الصورة ، قطعا لا يحكّمون عقولهم ، تشربوا سياسة الانتقام ، فطالت حتى الابرياء ، يعتقدون بفعلهم هذا يرعبون الغرب ، وهم فقط يشوهون صورة الاسلام ، ويأخذون البريئ بجريرة الجاني والظالم .

ومع ما قرأه من سيل الترهيب ، ولغة الذبح التي اتسمت بها تعليقاتهم والتي تقطر دما ، قرر الذهاب ، انطلق من فكرة أن تسمع للكل ، وكونه قاض سابق يسعى ليتحدث مع كل الاطراف ، لبلوغ الحقيقة عن قرب ، كانت له مطالب غير أن داعش استجابة للعديد منها ولم تستجيب لبعضها ، ومن بين تلك المطالب التي لم تستجيب لها ، مقابلته للمدعو جون (الجهادي) ، وهو المكلف بقطع رقاب الصحفيين ،الغريب في الامر أنه بعد هذا اللقاء المثير ، انصار داعش ركزوا فقط على ما يوافق هواهم ، ولم يلتفتوا لحقائق جاءت على لسان الضيف ، وقد شاهدها في رحلته هاته وتحدث عنها..

عندما تقف على منطق انصار داعش ، تدرك حقيقة هامة ، عندما سالت الدماء وبغزارة ، ولم يجد المظلوم من ينصفه ، استغل مأسي هؤلاء من يضمر الشر للامة ، ووجدوا من يشحن شهوة الانتقام في نفوسهم ويغذيها ويبررها ، دون تفعيل للعقل أو معرفة مآل تلك الافعال الشنيعة ، وفي مصلحة من تصب ، تاهت النفوس ، وعندما ينكل بصوت المواطن ويرمى به في سلة المهملات ويزج به في مقابر الاحياء وو...حتما هذا سيدفعه لسلك هذا المسلك المجهول العواقب ..
مثل الطفل المحطم نفسيا أو من تعرض لظلم شديد ولم يجد من ينصفه ، يتحول لعدو نفسه ، فيسقط فريسة سهلة في أيادِ ضالة ، فينقلب لوحش كاسر يؤذي نفسه قبل أن يؤذي غيره ، لذلك التربية الايمانية السليمة تنير العقول ..

أول من يتحمل مسؤولية هذا المآل ، هم العلماء ، يحملون القسط الاكبر من المسؤولية ، علماء لم يحملوا الامانة كما يجب ، بل غدا بعضهم أبوقا للاستبداد ، من اصطفوا لصف الاستبداد ، أو تنكروا لشعاراتهم ، ورسبوا في امتحان الاختبارات والابتلاءات ، ونكصوا عن قول الحق في وجه الاستبداد ، تناسوا أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ، بل تماهى بعضهم مع الاستبداد ، فتركوا الساحة فارغة استغلها كل من يحمل الحقد الدفين لأمة الاسلام ، ويسعى لتشتيتها ، فالشباب عندما يفقدون ثقتهم في علماء يبصرون طريقهم ويصححون أخطاءهم ، حتما سيقعون فريسة سهلة في يد فئة ، تحشوا عقولهم بمفاهيم وأفكار هدامة، أو تستغلهم ، فيتيهون عن جادة الحق ..

عندما شكك في اسلامهم ، لا أدري حقا ماذا رأى في سلوكهم جعله يشكك في اسلامهم ، بل وصف أن ما يعيشونه ليس اسلاما!!  ومادام احتك من قبل بمسلمين في بلدان أخرى ووقف على حقيقة المسلمين وحقيقة الاسلام ، حتما ستكسبه دراية بسلوك المسلمين وأخلاقهم الحقيقية ويقارن بين هؤلاء وأولئك ، شباب قدموا من دول شتى ، من يبصرهم يا ترى بحقيقة الاسلام ويوعيهم ، وهذا ظهر جليا من قول أحدهم أن نبي الرحمة جاء بالسيف ، وتناسى لا إكراه في الدين ، هذا تجني على نبي الرحمة!! نبي الرحمة جاء بالحق ورحمة للعالمين ، على حسب كلام الضيف ، جمعهم أمر واحد ، احساسهم بسياسة التمييز نحوهم ، كونه مسلم يعيش في الغرب ، هل هم مسلمون أسلموا مجددا ، ولا يعرفون حقيقة الاسلام ، وإلى ما يدعو له ، أم هم ابناء عرب ولدوا في الغرب ، وعانوا التمييز والاقصاء، هذه نقطة لم تفهم جيدا .

كما قالوا يعمدون لابراز البشاعة القتل ، حتى يروعوا قلوب اعدائهم ، وتناسوا أنهم بفعلهم هذا شوهوا صورة الاسلام المشرق ، الاسلام يقارع المعتدي ولا يتلذذ بمنظر الدماء ولا "يتفنن" في القتل بشكل سادي ، ولا يقتل ابرياء ، حسب قولهم يستدرجون الغرب لمقاتلتهم ، بينما الغرب يوغر قلوب العرب ويشعل فتيل الحرب ويؤجج نار الانتقام بينهم ، لا يفهمون أن الحماسة الزائدة والجسارة في القتال ، لا تقل عن فهم الواقع ، ونور البصيرة ، فغدوا بذلك وسيلة في يد كل من يضمر الشر للامة ، فتحولوا لادوات لتحقيق مآربهم ..

فمن خلال حديث الضيف ، من السهل اختراق داعش ، استسهال إراقة الدماء وزهق الارواح البريئة ، الجهاد ليس انتقاما وتدميرا ، الجهاد على نور و بصيرة هو حياة وتعمير الارض بالخير ، وتعميم الفضائل ، قال الضيف أن هؤلاء خطر على الغرب وعلى الاسلام ، إلى الآن هم يشكلون خطرا على الاسلام ، يشوهون صورة الاسلام المشرق ، منطقهم : من ليس معهم فهو ضدهم ، هذا منطق بوش الصغير ، الغرب يقتل ويبرر مجازره ، وهم أيضا يبررون بشاعتهم ، يتعاملون بنفس منطق الغرب ، وهل الغرب غدا قدوتهم ؟! الغرب يحارب الاسلام السياسي من خلال غض الطرف عن جرائم الاستبداد ، وداعش تعد من آمنوا بالديمقراطية وسعوا لها ، هم أيضا أعداؤها!! ..

يوازون بكم الارواح التي ازهقها الغرب وكم قتلوا هم ، وتناسوا أن قتل نفس واحدة بغير وجه حق ، فكأنما قتلت الناس جميعا ، لذلك إزاحة الاستبداد وانصاف المظلوم وتقديم الظالم للمحاكمة ، هو من ينهي داعش ، وإلا تفشى قانون الغاب ، لان محاربتهم مع إبقاء البيئة التي تنمو فيها بشاعتهم ، لن يجدي ، بل سيذكي نارالصراع ، ويزيد اتباع فكرهم الغير السوي ، ويزيد المنضمين لصفوفهم ، إعادة الثقة للعدالة وانصاف المظلوم ، وعودة العلماء لدورهم الريادي في اصلاح حال الامة ، والوقوف مع خيار الشعوب في الانعتاق من براثن الاستبداد هو الحل ، ومعلوم أن طول المحنة السورية ، والاحتلال الامريكي للعراق هو من مهد لظهورهم ، حين قسم العراق قسمة ضيزى بين أبناء الوطن الواحد ، بدل دق طبول الحرب وافناء بعضهم البعض إعادة الحق لاصحابه ، لان المستفيد قطعا عدو الامة، والتطرف دوما يولد التطرف ..

الجمعة، 13 فبراير 2015

سياسة الكيل بمكيالين ..



عندما كانت الامة تتمتع بالمنعة والعزة والاباء ، كانت استغاثة امرأة مسلمة كفيلة بأن يجهز لها المعتصم جيشا عرمرا لينتصر لها ويلبي نداءها ويرفع عنها الظلم والحيف ، هي الغيرة على الحرمات والشهامة والنخوة ،التي اتصف بها الاسلام وانعكست على بنيه أخلاقا راقية ، فزادتهم شجاعة واقداما ، اليوم تلام الضحية بدل معاقبة الجاني ، وبدل نجدتها ونصرتها ، وينكل بالحرمات في غياب حاميها ، وفي قصة لا تقل بلاغة ونورا وعزة واجلالا عن الاولى ، قامت غزوة محتدمة نصرة لامرأة مسلمة تطاول عليها يهودي في السوق ، فانتصر لها المسلمون وحموها ودافعوا عنها ،الامة العزيزة تعز أبناءها وتكرم أهلها وتذود عنهم وتزيح عنهم أي ظلم يلحقهم ، وترفع قدرهم ولا تقبل المهانة والمذلة أن تطالهم..

إذن ما نراه اليوم من استخفاف بدماء المسلمين هنا وهناك ، ماهو إلا انعكاس لما تعانيه الامة من ترهل وضعف وانتكاسة وانحطاط وصراعات زادتها وهنا ، وعندما تفشى داء الظلم بيننا تغول عدونا علينا وتجبر ، وحتما من نكل بالمواطن العربي في موطنه ومن يستهين بحرمته ومن يقتله بلا جريمة ، إلا أنه صدح بصوت الحرية ، مطالبا بحقوقه المشروعة ، أو عبر عن آرائه ومواقفه ، فهل سيهتز لمقتل أبرياء في الغربة ؟!!

قبل أن نستنكر موقف الغرب من الاحداث ، نظرة لمحيطنا العربي ، نظرة عميقة ومتفحصة ، لنرى كيف ينكل الاستبداد بالشعوب ، وبكل الاسلحة الفتاكة ، فالبعض في الغرب لم يتجرأ على التطاول علينا والاستهانة بحقوقنا وبدمائنا ، إلا عندما شاع الظلم بيننا ، عدا عن اعلام  يبث الكراهية ويغذي العنصرية ويزيد من شحن النفوس حقدا وغلا وغيظا على كل ماهو عربي وإسلامي ، فتتكون صورة مشوهة في الاذهان ، عملية غسيل دماغ وتصوير الاسلام بطريقة بشعة ، وحتما من يقف وراء هذه الافعال نفوس شريرة تحمل الحقد الدفين للاسلام واهله ، فيغدو بعض الغربيين آله صماء يصدق كل ماينفثه الاعلام التضليلي اعلام يقلب الحقائق بلا فلترة ، بل وينفذ جريمته البشعة بدم بارد ..

وعندما يقوم غربي بعمل إجرامي ، يعرضونه على طبيب نفساني ، وكأن (الاسوياء) عندهم ، منزهين من الاجرام !! وتناسوا أن ساساتهم ومن يقودونهم للهاوية ، أياديهم تقطر من دماء الابرياء ، أما إن كان الفاعل عربي ، تهمة الارهاب لصيقة به ، يُتهم دينه على أنه المحرض ، وتُحتل أرضه ويُضيق على الجالية المسلمة هناك ، وينظر للعرب قاطبة نظرة دونية ، يعني العربي في منظور البعض ، متهم حتى تثبت براءته !!

وطبعا النظرة الدونية والمجحفة في حق المسلمين ، ستنعكس بدورها على طريقة تناول الاحداث والكيل بمكيالين بعيدا عن الموضوعية ، تنفخ في أحداث وتهولها وتتبعها اجراءات تعسفية تطال المظلومين ، في حين تتجاهل أحداثا أخرى فقط كون القتلى مسلمين ، بل وتفسح مجالا واسعا تتناول فيه احداث فرنسا في حين مجزرة تشابل هيل لم تلق نفس الاهتمام ولم يفسح لها نفس الحيز ، وهذا انحياز ظالم لجهة دون اخرى ..
 استهجان واسع تلا احداث شارلي إيبدو ، ورأينا كيف أن الغرب والاستبداد في وطننا العربي وكل من يقتات من الاحداث ، وظفوا الحادث خدمة لمصالحهم ، مع العلم أن الصحيفة أقدمت على فعل منكر في حق مليار مسلم ، ومع هذا استهجن كل عاقل الاحداث لانها تضر بالاسلام وتشوه صورته أكثر مما تخدمه ..

عندما تداس كرامة العربي في وطنه ويستخف به وينكل به ويُجار على حقه ، فمن يا ترى سيحميه في الغربة ؟!! الامة العزيزة والعادلة هي من تدافع عن بنيها وتجعل لهم قيمة وقدرا ..
 ورأينا كيف هرول للمسيرة عرب حتى دون أن تكون لهم شروط مسبقة للمشاركة فيها ، شروط تحفظ كرامة العربي والمسلم ، واصطفوا لصف المحتل ، من عانت فلسطين من ارهابه لاكثر من ستة عقود ولازالت تعاني الامرين ..

هذه النظرة الدونية وهذه المعاملة المنحازة لجهة دون غيرها ،تصب في مصلحة من يضمر الشر لكل البشرية لا تخفى آيادي الحقد خلف تكوين هذه النظرة الظالمة والتي تجعل الاسلام كله فيه قفص الاتهام وهو بريئ من التهم الملفقة له ، الاسلام رسالة تقوم دعائمه على العدل ، وإلا كيف يرغي البعض ويزبد لاحداث بعينها ، في حين يتجاهل مقتل ابرياء بلا جريرة ولا ذنب فقط كونهم مسلمين ، حقا الاحداث التي وقعت في امريكا جاءت لتكشف النفاق الغربي وتعري بعض العرب من يستهينون بكرامة المواطن العربي ، عالم يكيل بمكيالين ، إن كان المقتول عربي فلا حس ولا خبر وإن كان غربي يجد كل الاهتمام ..!!




الأحد، 1 فبراير 2015

المقاومة فخر الامة وعزتها ..


لم يكتفي العرب بإطالة أمد الاحتلال على مقدساتنا وأرضنا العربية ، بخذلانهم القضية ، وبحلولهم الترقيعية وصراعاتهم وتمزقهم ، والتي لم تزد الوضع إلا وهنا وضعفا ، وزادت من تغول الاحتلال ، وضياع الحق الفلسطيني ، بل يسعى الانقلاب بخطى خبيثة لكتم النفس المقاوم من خلال توصيف المقاومة توصيفا مجحفا ، القسام مقاومة شريفة أعادت للامة عزتها وكرامتها ورفعت رأسها عاليا ، بعد أن داسها الاحتلال في حروب سابقة مع العرب ..
 ومعلوم أن الاحتلال هو من يعتبر المقاومة إرهابا ، لانها قضت مضجعه وأذلته ، ومرغت أنفه في التراب ، وأحالت جيشه "الذي لا يقهر "، لاشلاء وقد دب الخوف في أوصاله ، وتقهقر أمام صلابة القسام وجسارة رجاله ، ومن عاش منهم تطارده كوابيس الحرب ليلا ..

ولولا فضل الله ، ثم يقظة المقاومة وجهوزيتها ، لاجتاح الاحتلال قطاع غزة واستباحها ، كما يفعل بالضفة التي اغتال الاحتلال وأدواته النفس المقاوم فيها وجففوا ينابيعها ..
 والامر يكاد لا يفهم ، إذ كيف تتبنى جماعة أحداث سيناء ، ويطال الانتقام غزة ومقاومتها !!
والزعم دوما موجود : الانفاق ، مع أن الانفاق وُجدت للتخفيف من آثار وتداعيات الحصار المرير من الجانبين : المصري والاحتلال ، وإن كانت الانفاق تشكل مصدر قلق للانقلابيين في مصر ، فليفتحوا معبر رفح ، الانقلاب أغلق كل المنافذ ومع هذا لم يجد من الشعب الصامد ، غير الصبر والاناة ، وحفظ عرى الاخوة والجوار ، وذريعة الانفاق التي يعتمد عليها الانقلاب ، ذريعة زائفة ، مع كل الحيف الذي طال غزة ، ولحق أهالي سيناء من نسف دورهم والتنكيل بهم ، استمرت العمليات ، وكان الاجدر البحث عن مكامن الخلل واصلاحها ، وليس تصدير الازمات والبحث عن شماعة لتعليق عليها اخفاقات العسكر ونكساته 

وإن كانت الذريعة حفظ الامن القومي المصري ، فغزة هي من تشكل السد المنيع وخط الدفاع الاول للامن القومي ، ومن يضيق عليها هو من يهدد الامن القومي وليس العكس ..

غزة بوابة الامن القومي المصري..
http://kawther2012.blogspot.com/2014/07/blog-post_12.html

وما إن يقع حدث ما في سيناء ، حتى تنبري أبواق الانقلاب لتلفيق التهم جزافا ، حتى قبل أن يأخذ التحقيق مجراه لمعرفة الفاعل ، وهذا دليل على أن التهم جاهزة والنية مبيتة ، ولا تنتظر غير حدث ما لتمتطيه ، لتزيد من خنق غزة ، وتشديد الحصار عليها والنيل من مقاومتها ، لا قدر الله ، القسام له معركة وحيدة ، معركته ضد محتل غاشك ، وله تسدد المقاومة سهامها ، لغة الاعلام المأجور والقضاء المسيس ، تتماهى مع مواقف المحتل تجاه غزة ومقاومتها ، وطبعا نتيجة متوقعة من استبداد نكل بشعبه ونعته بالارهاب ونال من كل صوت نزيه وشريف يناهضه ، غير أن وجهه المقيت انكشف للعيان مع اصدار هذا القرار الجائر ، اليوم الانقلاب يسعى للعصف بالقضية الفلسطينية من خلال استهداف المقاومة ، وتلفيق لها التهم ، ويضعفها ويجعلها لقمة سائغة بين يدي عدوها ، لاقدر الله

الاعلام المغرض له غاية من حملة التشهير والتشنيع ، حتى إن حل عدوان ما على غزة ، لاقدر الله ، يفقدها الحاضنة الشعبية ، مع العلم أن هذا غباء مركب ، فالشعوب تدرك جيدا من العدو الحقيقي ، والمقاومة حق مشروع ورد طبيعي على جرائم المحتل ، غزة تتصرف بحكمة رغم مرارة الحصار ، تبقي على شعرة معاوية ، ولم تقع فريسة اعلام مأجور ، وظلت تتعامل بروية وطول نفس ، مع كم التحريض عليها ، عل وعسى يكون للعقلاء في مصر صدى ويوقفوا هذا الحيف ..

ما يقوم به قائد الانقلاب ، يصب في صالح الاحتلال ، فهو يزج بالجيش في معارك تضعفه ، وخاصة طريقة تعاطيه مع الملف السيناوي ، حتى تتآكل قوته في حين جيش الاحتلال في كامل قوته ، وإن بقي الامر على ما هو عليه ، قد يقع مالا تحمد عقباه من تفكك ، وتهوي البلد لحرب تأكل الاخضر واليابس ، حيف الانقلاب يمس الداخل المصري كما الجوار ، عدا عن اختراقات تزيد من وهن وضعف الامة وانهاكها ...
 من أقدم على هذا الفعل الشنيع في حق مقاومة باسلة قدمت الشهداء وحفظت الحق العربي والاسلامي على أرضنا ومقدساتنا ، هو يسلم رقبتها للمحتل ، ويوقع للمحتل على بياض حتى ينكل بغزة متى شاء وكيفما شاء ، مادامتِ المقاومة غدت في منظوره ارهابا!!

عدا عن تحوير البوصلة وتبديد الجهد ، في معارك ليست معارك مصر بل معارك يخوضها من يمتصون دماء المصريين ويزجون بهم في آتون حروب مختلقة ، ليبقوا جاثمين على الصدور ، معركة جيش مصر مع محتل غاشم يتربص بها وبكل المنطقة ، القرار الجائر ، بإذن الله لن ينال من المقاومة ، لكن يظهرها أمام محتل غاشم ، مكشوفة الظهر ، أو يصورها على أنها معزولة عن عمقها العربي ، فهو يشكل الدعم لها في مواجهة غطرسة المحتل ، هل هذا هو ثمن بقاء الانقلاب !! ضياع القضية الفلسطينية والنيل من المقاومة والتفريط فيها ، هذاحتما يشعل غيظ كل غيور ، الانقلاب وأذرعه تغولوا فقط على أهالي سيناء وعلى غزة المحاصرة ، إضافة لاعلام الردح الذي من "مهامه" ، قلب الحقائق وتزييف الوعي وتخدير العقول ..

وحتما هذا الاجراء سيؤثر على الدور المصري في عدة ملفات ، فلن تكون وسيطا نزيها وهي تعتبر المقاومة ارهابا ، ولن يعول عليها مجددا في أية وساطة ، ومن الغريب أن يعتمد أبواق الانقلاب على من يعدون حماس خصما لهم في تقييمها ، الخصم لا ولن يكون منصفا في تقييمه لك ، عدا عن زيادة الشرخ وتكريس الانقسام الفلسطيني ، ونهج سياسة خبيثة : سياسة فرق تسد ، قائد الانقلاب يأخذ مصر لتتملص من دورها الريادي نحو قضية الامة ، بعد إخراجها من الصراع سلفا بتوقيع اتفاقية مجحفة ، وهو اليوم يقودها لتصطف لصف العدو الصهيوني في توصيفاتها المجحفة وهذا خطير ، توصيف لا يخدم سوى العدو ، وحتما ستكو له تداعيات وتبعات لن تكون في صالح غزة ولن تخدم القضية الفلسطينية ..

الثلاثاء، 13 يناير 2015

محبة الله طريقك للجنة ، بإذن الله



عندما تكتشف مواهبك وما تبدع فيه ، أو يكتشفها فيك غيرك ، فتحظى بتشجيعه ، يحفزك هذا للمزيد من العطاء وسقل مواهبك ، فتسبر أغوار المعرفة والعلوم وتبلغ كنوزها وتنهل من معينها الصافي ، وقد يكون التكريم عبارة عن هدية رمزية ، قد لا تعدو بطاقة تشكر وامتنان لعطائك وتحفيزا لك لتستمر فيه ، فتثلج الصدر وتبهج الروح وتقوي عزيمتك لترتقي بموهبتك وتنافس الغير ، تنال بعدها التشريف والتقدير ، وتبلغ مسامعك كلمات الثناء ، ويربت على كتفك أحبة حولك ، فيغمرونك بمحبتهم الصافية ، فتستمر في المشوار ، عندها تحس أن لحياتك معنى ، وأنت تخوض معارك التحدي فيقوى عودك ويشتد ، فتعلو أهدافك ، وتنطلق لمدى أوسع ، عالم يشاركك نفس الهدف ، ويكون لك عونا في بلوغه ، وهدفنا الاساسي أن نرى الامة وقد التأمت جراحها ، وعادة لها منعتها وعزتها ورفعتها ، والفوز بالجنة ، بإذن الله..

هذا إن حظيت بتشجيع بشر مثلك ، فكيف إن حظيت بتشجيع رب الكون لك ، في كتابه العزيز حثك على عمل الخير ورغبك فيه وشجعه عليك ، وأبرز لك الحكمة من خلقه لك ، وأسبغ عليك نعمه الجليلة ، لكي تكون عونا لك ، فيكون حبه لك حافزا للتضحية بكل غالي ونفيس ، عندها تتضاءل الدنيا أمام ناظريك وتستصغرها ، تغتنم وجودك عليها ، للعمل الصالح والمثمر والجاد ، فهي ليست للراحة أو الركون ، هي مستقر لحين ومستودع ، كن في الدنيا كغريب أو كعابر سبيل حاملا زادك معك ، مررت بشجرة فاستظليت بها لسويعات ورحلت عنها ، فطوبى لمن أعد الزاد وعمل لما بعد الموت..

من أحب الله أخلص في العبادة وأجاد فيها ،بل وجاد في سبيله بروحه ورخص كل غالي ونفيس لاجله ، لانك عرفته حق المعرفة ، وبلغت رحمته الواسعة وعطاءه الفياض ونعمه الجليلة والتي لا تعد ولا تحصى ، وأحببته ، حبك له دافعا لك للبذل والعطاء ، حبك له سيشحن طاقتك ، وسيقوي ضعفك ، ويسند ظهرك ، ويعلي همتك فيغدو هدفك عالي وسامي ، فتهفو القلوب لما أعده الله عز وجل من خير وجزيل عطاء لعباده الصالحين ، من نعيم مقيم ، وترنو العيون للفضل الكبير ، جوار الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ورؤية وجهه الكريم ..

لم يخلقك عبثا ، ولك أعد الجنة ، جنة عرضها السماوات والارض ، فيها مالا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، أحببته بصدق فبادلك نفس الحب بل وفاض حبه عليك ، فجعل الحسنة بعشر أمثالها وقد يزيد ، والسيئة بواحد وقد يعفو ، قريب مجيب الدعوات ، يمتحنك ليعلي قدرك ، ليطهر نفسك مما علق بها من الشوائب ، ليعِدّك لنعيم مقيم ، أمرك بالطاعة ورغبك فيها ووعدك بخير الجزاء ، ونهاك عن المعصية وبين لك مخاطرها ومضارها ، عينه عليك ساهرة حتى تحميك من مزالق السوء ، ما أمرك إلا بما سيعود عليك بالخير والمنفعة ، وما نهاك عنه إلا ليدفع عنك الضرر ، رعاك وأنت جنين ضعيف في بطن أمك ، ولو وقفنا على أسرار الجنين في الرحم ، لعبدنا الله دون انقطاع ، وسجدنا له شكرا حتى تقوم الساعة ، وبعد خروجك للدنيا أعد لك المأكل والمشرب ، وقذف في قلبي أمك وأبيك حبهما لك ، فكانت الرحمة والعناية والعطف ، فأنت مهجة الفؤاد وقرة العين وثمرة القلب .

أقبلْ عليه يغمرك آلاؤه ، ويشملك فضله وتحيطك عنايته ، خزائنه لا تنفد ، عطاؤه فياض ، جواد وكريم ، ترفل في جنانه ، يدرك طلبك حتى قبل أن ترفع يديك لتطلبه ، فإن دعوته لم يبخل عليه ، فإن كان خيرا عجله ويسره لك ، وإن كان عكس ذلك ، عوضك خيرا مما طلبت ، إن طلبت العون من الخلق ، وكلك لهم ، فتعست وإن دعوته بصدق ، واسندت ظهرك  لجواره الطيب ولحماه الآمن ، يسر لك خلقه ، وإن أحبتته كما ينبغي ، باتباع أوامره واجتناب نواهيه ، زرع حبك في قلوب الخلق ، فأحبوك وتفانوا في إرضائك وخير مثال على ذلك سيد الخلق عليه الصلاة والسلام وعلاقته الطيبة بصحابته الكرام ..

جعل لك مواسيم الرحمة والمغفرة ، فيها يمحى الذنب ويطهر القلب وترقى الانفس وتسمو للعلا فتغدو شفافة ، رقراقة وللخير معطاءه ، تتنافس في الخير ، وفيها يعلو شأنك ، بعث لك من قبل الرسل ، فكانوا لك مشعل هداية ، أناروا لك درب الرشاد ، وأخذوا بيدك نحو طريق الفلاح والهدى ، كانت أول كلمة نزلت هي إقرأ ، بالعلم والمعرفة تبلغ عظمته فهو مبدع الكون ، الكون كله يسبح بحمده ، ولتعرفه حق المعرفة ، فتحبه وتطيعه ، فتح لك أبواب الخير مشرعة ، فليكن لك فيها أثر طيب ..اللهم ارزقنا حبك وحب عمل صالح يقربنا لحبك ، اللهم آمين..



الخميس، 1 يناير 2015

عام مر من عمرك..!



عندما يولد المولود نعتقد أنها بداية لعمره ، غير أن الحقيقة مع أول ساعة نولد فيها ، تكون قد مرت من عمرنا ساعة ، عند ساعة الولادة يبدأ العداد يحسب كم بقي من عمرك ، فإن كُتب لك أن تعيش مثلا سبعين سنة فقد مضت من عمرك الآن ساعة ، ثم شهر ، وعام ، وهكذا ، حتى ينقضي العمر ...
وكل ما مر يوم من عمرنا اقترب الاجل ، لذلك كان لوجودنا هدف أسمى وأعلى ، ثم نرحل لنعيم مقيم وحياة خالدة بإذن الله ، فرحمة الله واسعة ، وهو عز وجل الرحمان الرحيم ..

 والطارق الذي طرق باب جارنا ، حتما سيأتي يوم ويطرق بابنا ، فالموت نهاية كل الحيّ ، ويبقى السؤال المُلح : هل استعددنا له كما ينبغي ؟ 
الطارق قادم لا محالة ، فمن استعد له وعمل لقدومه ، وجهز الزاد الوفير ، لا خوف عليه ، زادنا هو عملنا الصالح ، ومن غفل وانغمس في المهاوي ، وتكالب على لعاعة الدنيا وشغلته عن الهم الحقيقي ، ولم يستعد له ، جاءه على حين غرة ، فلم يتجهز له ، تحسر وندم على مافاته من خير ..

مر عام من عمرك ، تسعد بقدوم عام جديد ، عندما تكون راض عما حققته ، عام حافل بالانجازات والعطاء ، أما أن تلوذ للسبات العميق ، أو ضيعته في غير منفعة ، فالاولى أن تقف مليا على ما فاتك من خير فيه ولم تبلغه ، ولك فرصة للتعويض عما فاتك ، واللحوق بركب الصالحين ، أما أن تأني سنة جديدة ، وتطوي التي سبقت دون أن تقيّمها ، فقد فقدت البوصلة ، وليس لهذا خلقنا ، اليوم خذ ورقة وقلم واعمل جرد لحصاد العام ، ماذا حققت فيه ؟ وأين أخطأت ؟ وفيما لم تنجح فيه ؟ وأين قصرت وماذا فاتك؟ وهكذا...

وإن كان المفروض أن تقيّم عامك يوما بيوم وساعة بساعة ، حتى لا تتراكم عليك الاعباء وتتكدس ويصعب التعاطي معها ، فمن يقيّم خطواته ، حتما يقف على ما حققه ويقف على الاخطاء ، ويجتهد لتفاديها مستقبلا ، ويستفيد من الدروس التي مرت عليه ، فقد أكسبته خبرة ، لا تقلب الصفحة فهي الشاهد ، اقرأها بتمعن ، حتما ستقف على الخير الذي قمت به ، فنميه وعممه ، وحاول أن تتجاوز ما أعاق مسارك وتتحرر من كل ما كبلك ، وصحح ما أخطأت فيه ...

عام مر من حياتك بحلوه ومره ، وحتى تنطلق لرحاب أوسع ، لا تقف عند الاحداث الاليمة ، ولا تقف أمام الاطلال وتطيل البكاء ،فهذا لن يجدي ، قد يشعرك هذا بالاحباط أو  يتسلل لروحك اليأس من التغيير ، والقنوط لا مكان في قاموس المؤمن ، ومادام همك منصب على إحدى الحسنيين ، إما نصر أو شهادة ، نصر تعيد به مجد الامة وترفعها للقمة ، أو شهادة تعلي قدرك يوم القيامة ، فأنت دوما الرابح ، وإن فاتك شيئ اليوم تداركك غدا ، بعون الله ..
 لا تتحسر عن حلم راودك وحاولت تحقيقه وعجزت ، لا تخلق شماعة تعلق عليها إخفاقاتك  ، نحن أيضا نتحمل جزء من المسؤولية ، ضع يدك على الخلل وحاول إصلاحه ..

عام ودعنا ولم نودعه نحن هو من ودعنا ورحل ، عج بأحداث كثيرة وجسيمة ، شباب ثاروا على الظلم وصدحوا بصوت الحرية ، غير أن متاريس عدة اعترت طريقهم ، ليست نهاية الكون ، فالنملة مع إصرارها وتكرار محاولتها تبلغ هدفها ، تحاول عدة مرات ولا تيأس حتى تبلغ حبة الزرع للغار ، والطفل لايتعلم المشي إلا بعد عثرات عدة ، ويسقط أرضا وينهض ولا يستسلم للسقوط ، ويكرر المحاولة مرات تلو والمرات حتى يتعلم المشي، والآلة التي صنعها غيرك  ،واحكم كلمة السر ، لن تعرف كيف تعمل أو كيف تصنع مثلها ، إلا إذا فككتها وأعدت تركيبها ، وبعدها اصنع نموذجك الارقى والخاص بك ، نموذج يعكس آمالك ويلبي تطلعاتك ويحقق أهدافك وما خططت له..

الاحداث التي عاشتها الامة ، بعد جمود طويل ، هي إيذانا بعودة العافية للجسد العليل ، وعودة نبض الحياة إليه ، رغم الجراحات ورغم الالم ،فالجسد بعد مقاومة المرض سيكسب مناعة ، يتغلب بها على كل المنغصات والخطوب ، وسيتجاوز النكسات وكل ما عرقل طريقه ، من رحم الآلام يولد الامل ،بإذن الله ، فالمرض لن يؤثر في الجسد عندما يمتلك إرادة قوية للشفاء من العلات ، بإذن الله ، سيعود الجسد لنشاطه وحيويته وفاعليته ، وتستقبل العام الجديد بهمة عالية ،وقد أكسبتك التجرية ، مخزون معرفي هام ،واستفدت من الدروس التي مرت عليك ، ووقفت على كل ما عطل انطلاقتك ..
طبعا لن تكون الصفحة التي مرت كلها مآسي وأحزان وعثرات ، حتما فيها ومضات نيّرة ، وفيها ما يبشر بخير وفيها ما دون ذلك ، ننمي الخير ونصحح ما دونه ، المغبون من تساوت أيامه ، ونتطلع لغد أفضل يحمل تباشير الخير للامة ، تبنيه سواعد المخلصين ، بإذن الله..