الأربعاء، 22 أبريل 2015

إن تنصروا الله ينصركم..



مهما طغى الظلم وتجبر وعات في الارض الفساد فله نهاية ، وهذا ما استلهمناه من العبر الودروس والتي جادت بها قصص القرآن ، تناولت أسباب علو الظلم واستعباد الخلق وكذا بطانة السوء من تطبل للظلم وتزين أفعاله المشينة وتلمع وجهه القميئ ، ومن يركن للظلم أو يهادنه هو أيضا يطيل أمده ، قصص القرآن تزخر بالدروس والعبر لنصرة الحق جل وعلا للمستضعفين في الارض ومآل الظلم ونهايته الحتمية ..

هذا فرعون طغى وتجبر وادعى الربوبية ، وسفك الدماء البريئة ليحول دون مجيئ موسى عليه الصلاة والسلام ، أزهق الارواح البريئة ظلما وعدوانا ليحجب نور الحق ويئده في مهده ، فكان أن جاء موسى عليه السلام لتحميه رعاية الله وتذود عنه ، ولد في العام الذي يقتل فيه الصبية ، فشاءت الاقدار أن يكون في عقر قصر فرعون ، نجاه الله عز وجل من مكره ، تغلغل حبه في قلب زوجته فغدا قرة عينها وكان سببا في نجاتها ، وكان هلاك ملكه على يديه ، عاقبة الظلم وخيمة والله يعجل للظالم العقوبة في الدنيا مع ما ينتظره في الاخرة من عقاب وحساب ، جراء عتوه وتجبره على الخلق ..

ومن رحمة الله عز وجل لعباده أن يرسل لهم الرسل، يهدونهم لجادة الحق وينيرون لهم الطريق ويقيمون عليهم الحجة، وعندما يصم الظالم أذنيه عن سماع صوت الحق ويعاند ويجحد انعم الله عليه ويكابر ، تحل عليه النقمة وسوء المصير ، حتى نعلم أن المسؤولية هي تكليف وليست تشريف ، وإن تحملت أمانة فإما تحافظ عليها فتؤجر ، أو تضيعها فتسأل عنها وتحاسب على ضياعها ، عندما تنظر للمسؤولية بهذه النظرة ، على أنها تكليف وستسأل عنها إن قصرت فيها ، حتما تحس بثقلها وتؤديها على الوجه المطلوب وتطلب العون من الله ، الحاكم خادم للناس يحرس على الامانة ويرعى مصالح الناس ويحافظ عليها ..

وكما قص علينا القرآن قصص الظلم وعاقبته ، قص علينا محن وابتلاءات مرت على أنبياء فزادتهم صلابة وقوة ويقين بنصر الله وتأييده ، هذا يوسف عليه السلام من كاد له إخوته وأرادوا به شرا وأبعدوه عن ناظري أبيهم وهو مهجة فؤاده ، وقد كان أشد تعلقا به ، دمعت عيني يعقوب عليه السلام ولعا وشوقا على فقد ثمرة فؤاده حتى فقد بصره أما عناية الله فكانت الحصن المنيع ليوسف عليه السلام حمته ورعته ، فكانت البيئة الجديدة سندا له في تحقيق رؤياه ، وبعد محنة الجب جاءت محنة السجن ظلما ، ليخرج بعدها معززا مكرما ، استثمر ما حباه الله من منح لتحقيق رؤياه ، يرفل في عز وسؤدد غبطه عليها إخوته بعد أن ألجأتهم الفاقة والحاجة إليه ..

وليس هذا معناه أن تركن للظلم وتنتظر المخلص!! بل تسعى لرفع الظلم عن كاهليك ، قبل أن يبلع شعاع نور الدعوة مشارق الارض ومغاربها مرت بإبتلاءات ، زادت أهل الحق ثباتا ورسوخا وتمسكا بالحق ، و معلوم أن طريق الحق ليس مفروشا بالورود بل دونه تضحيات جسام ، لذلك كانت المحن والشدائد التي تعترض مسار أهل الحق تمحيصا للصفوف ، حتى لا يصطف لصفك إلا المخلص ، الشدائد تصقل المعادن فتخرج أجود ما فيها ، تجده منافحا عن الحق يدافع عنه باستماتة ويدفع عنه الظلم ، والمؤمن دوما هو الرابح ، لانه دوما يرنو لاحدى الحسنيين ، يتسلح بالصبر والثبات واليقين بنصر الله ويتخطى كل المعيقات حتى يبلغ الهدف المنشود ، أو يقارع الظلم والباطل بجسارة لا يستسلم ولا ينكسر ولا تنال منه الخطوب حتى ينال وسام الشهادة ..

غزوة الاحزاب كانت الشاهد الحي على تمحيص الصفوف ، جحافل قادمة من كل صوب وحدب متجهة صوب المدينة لتتمترس أمامها ، جاءت لتستئصل شأفة المسلمين ، فكان النصر حليف الفئة المؤمنة وتمايزت الصفوف وتفرق شمل الاحزاب ، فقد كانت المصالح من تجمعهم ، وظهر خبث اليهود وقد نكثوا العهود والمواثيق ، وظهر نفاق المنافقين وبقيت الفئة المؤمنة المخصلة راسخة ، قابلت كل المستجدات برباطة جأش لم تهزها ريح ولم تضعفها التحديات بل زادتها قوة وصلابة ، صمدت في الساحة حتى اندحر الباطل ، لذلك لن تبني مجدا دون بذل وعطاء وتضحيات ، بالاصرار والتحدي تبلغ الهدف المنشود ، ميزة التمحيص غربلة الصفوف ، فالراسخ لا يتزعزع ودونه يهوي ويسقط سقوطا مدويا . فلا تحكم على أحد في وقت الرخاء فالمحن والشدائد والابتلاءات هي الفصيل وهي من تصنع الرجال وتبرز معادنهم..

ولا تستعجل النصر فما تدكس لعقود في العقول لن تكنسه بين عيشة وضحاها ، فالجسد المنخور والعليل ، يتطلب العلاج الناجع ووقتا طويلا حتى يوتي الدواء مفعوله ، وفترة النقاهة قد تطول حتى يتعافى الجسد ويعود لنشاطه وحيويته ويزول ضعفه ، وإرساء دعائم العدل لن يتأتى إلا بمقارعة الظلم وبذل الغالي والنفيس ، ويرافق هذا الخير كله الاخلاص ، وكما أحاطتنا دروس التاريخ بأسباب الهزيمة أمدتنا بأسباب النصر ، ومن تمسك بأسباب النصر بلغه والعكس صحيح ،  الحق الذي بحوزتك هو اليوم فسيلة ولتغدو شجرة وافرة الظلال ، تختار لها الارض الطيبة وأجود السماد وتتعهدها بالرعاية والعناية وتعالجها حتى تقيها من السوس وتقوّم المعوج منها ، وبعدها ستثمر خيرا بإذن الله وتجود عليك بظلالها وتنعم بفيئها ، الاخلاص في العمل والنية مدعاة للفوز والنصر ، كانت غاية المسلمين رفع راية الاسلام خفاقة ونيل رضا الله عز وجل ، أمدهم الله بالنصر ..إن تنصروا الله ينصركم ..عندما تغدو النفوس طاهرة شفافة رقراقة وقد تخلصت من كل ما شابها ، يتحقق لها كل ما كانت تصبو إليه من عزة ومنعة ونصر، بإذن الله