الثلاثاء، 13 يناير 2015

محبة الله طريقك للجنة ، بإذن الله



عندما تكتشف مواهبك وما تبدع فيه ، أو يكتشفها فيك غيرك ، فتحظى بتشجيعه ، يحفزك هذا للمزيد من العطاء وسقل مواهبك ، فتسبر أغوار المعرفة والعلوم وتبلغ كنوزها وتنهل من معينها الصافي ، وقد يكون التكريم عبارة عن هدية رمزية ، قد لا تعدو بطاقة تشكر وامتنان لعطائك وتحفيزا لك لتستمر فيه ، فتثلج الصدر وتبهج الروح وتقوي عزيمتك لترتقي بموهبتك وتنافس الغير ، تنال بعدها التشريف والتقدير ، وتبلغ مسامعك كلمات الثناء ، ويربت على كتفك أحبة حولك ، فيغمرونك بمحبتهم الصافية ، فتستمر في المشوار ، عندها تحس أن لحياتك معنى ، وأنت تخوض معارك التحدي فيقوى عودك ويشتد ، فتعلو أهدافك ، وتنطلق لمدى أوسع ، عالم يشاركك نفس الهدف ، ويكون لك عونا في بلوغه ، وهدفنا الاساسي أن نرى الامة وقد التأمت جراحها ، وعادة لها منعتها وعزتها ورفعتها ، والفوز بالجنة ، بإذن الله..

هذا إن حظيت بتشجيع بشر مثلك ، فكيف إن حظيت بتشجيع رب الكون لك ، في كتابه العزيز حثك على عمل الخير ورغبك فيه وشجعه عليك ، وأبرز لك الحكمة من خلقه لك ، وأسبغ عليك نعمه الجليلة ، لكي تكون عونا لك ، فيكون حبه لك حافزا للتضحية بكل غالي ونفيس ، عندها تتضاءل الدنيا أمام ناظريك وتستصغرها ، تغتنم وجودك عليها ، للعمل الصالح والمثمر والجاد ، فهي ليست للراحة أو الركون ، هي مستقر لحين ومستودع ، كن في الدنيا كغريب أو كعابر سبيل حاملا زادك معك ، مررت بشجرة فاستظليت بها لسويعات ورحلت عنها ، فطوبى لمن أعد الزاد وعمل لما بعد الموت..

من أحب الله أخلص في العبادة وأجاد فيها ،بل وجاد في سبيله بروحه ورخص كل غالي ونفيس لاجله ، لانك عرفته حق المعرفة ، وبلغت رحمته الواسعة وعطاءه الفياض ونعمه الجليلة والتي لا تعد ولا تحصى ، وأحببته ، حبك له دافعا لك للبذل والعطاء ، حبك له سيشحن طاقتك ، وسيقوي ضعفك ، ويسند ظهرك ، ويعلي همتك فيغدو هدفك عالي وسامي ، فتهفو القلوب لما أعده الله عز وجل من خير وجزيل عطاء لعباده الصالحين ، من نعيم مقيم ، وترنو العيون للفضل الكبير ، جوار الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ورؤية وجهه الكريم ..

لم يخلقك عبثا ، ولك أعد الجنة ، جنة عرضها السماوات والارض ، فيها مالا عين رأيت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، أحببته بصدق فبادلك نفس الحب بل وفاض حبه عليك ، فجعل الحسنة بعشر أمثالها وقد يزيد ، والسيئة بواحد وقد يعفو ، قريب مجيب الدعوات ، يمتحنك ليعلي قدرك ، ليطهر نفسك مما علق بها من الشوائب ، ليعِدّك لنعيم مقيم ، أمرك بالطاعة ورغبك فيها ووعدك بخير الجزاء ، ونهاك عن المعصية وبين لك مخاطرها ومضارها ، عينه عليك ساهرة حتى تحميك من مزالق السوء ، ما أمرك إلا بما سيعود عليك بالخير والمنفعة ، وما نهاك عنه إلا ليدفع عنك الضرر ، رعاك وأنت جنين ضعيف في بطن أمك ، ولو وقفنا على أسرار الجنين في الرحم ، لعبدنا الله دون انقطاع ، وسجدنا له شكرا حتى تقوم الساعة ، وبعد خروجك للدنيا أعد لك المأكل والمشرب ، وقذف في قلبي أمك وأبيك حبهما لك ، فكانت الرحمة والعناية والعطف ، فأنت مهجة الفؤاد وقرة العين وثمرة القلب .

أقبلْ عليه يغمرك آلاؤه ، ويشملك فضله وتحيطك عنايته ، خزائنه لا تنفد ، عطاؤه فياض ، جواد وكريم ، ترفل في جنانه ، يدرك طلبك حتى قبل أن ترفع يديك لتطلبه ، فإن دعوته لم يبخل عليه ، فإن كان خيرا عجله ويسره لك ، وإن كان عكس ذلك ، عوضك خيرا مما طلبت ، إن طلبت العون من الخلق ، وكلك لهم ، فتعست وإن دعوته بصدق ، واسندت ظهرك  لجواره الطيب ولحماه الآمن ، يسر لك خلقه ، وإن أحبتته كما ينبغي ، باتباع أوامره واجتناب نواهيه ، زرع حبك في قلوب الخلق ، فأحبوك وتفانوا في إرضائك وخير مثال على ذلك سيد الخلق عليه الصلاة والسلام وعلاقته الطيبة بصحابته الكرام ..

جعل لك مواسيم الرحمة والمغفرة ، فيها يمحى الذنب ويطهر القلب وترقى الانفس وتسمو للعلا فتغدو شفافة ، رقراقة وللخير معطاءه ، تتنافس في الخير ، وفيها يعلو شأنك ، بعث لك من قبل الرسل ، فكانوا لك مشعل هداية ، أناروا لك درب الرشاد ، وأخذوا بيدك نحو طريق الفلاح والهدى ، كانت أول كلمة نزلت هي إقرأ ، بالعلم والمعرفة تبلغ عظمته فهو مبدع الكون ، الكون كله يسبح بحمده ، ولتعرفه حق المعرفة ، فتحبه وتطيعه ، فتح لك أبواب الخير مشرعة ، فليكن لك فيها أثر طيب ..اللهم ارزقنا حبك وحب عمل صالح يقربنا لحبك ، اللهم آمين..



الخميس، 1 يناير 2015

عام مر من عمرك..!



عندما يولد المولود نعتقد أنها بداية لعمره ، غير أن الحقيقة مع أول ساعة نولد فيها ، تكون قد مرت من عمرنا ساعة ، عند ساعة الولادة يبدأ العداد يحسب كم بقي من عمرك ، فإن كُتب لك أن تعيش مثلا سبعين سنة فقد مضت من عمرك الآن ساعة ، ثم شهر ، وعام ، وهكذا ، حتى ينقضي العمر ...
وكل ما مر يوم من عمرنا اقترب الاجل ، لذلك كان لوجودنا هدف أسمى وأعلى ، ثم نرحل لنعيم مقيم وحياة خالدة بإذن الله ، فرحمة الله واسعة ، وهو عز وجل الرحمان الرحيم ..

 والطارق الذي طرق باب جارنا ، حتما سيأتي يوم ويطرق بابنا ، فالموت نهاية كل الحيّ ، ويبقى السؤال المُلح : هل استعددنا له كما ينبغي ؟ 
الطارق قادم لا محالة ، فمن استعد له وعمل لقدومه ، وجهز الزاد الوفير ، لا خوف عليه ، زادنا هو عملنا الصالح ، ومن غفل وانغمس في المهاوي ، وتكالب على لعاعة الدنيا وشغلته عن الهم الحقيقي ، ولم يستعد له ، جاءه على حين غرة ، فلم يتجهز له ، تحسر وندم على مافاته من خير ..

مر عام من عمرك ، تسعد بقدوم عام جديد ، عندما تكون راض عما حققته ، عام حافل بالانجازات والعطاء ، أما أن تلوذ للسبات العميق ، أو ضيعته في غير منفعة ، فالاولى أن تقف مليا على ما فاتك من خير فيه ولم تبلغه ، ولك فرصة للتعويض عما فاتك ، واللحوق بركب الصالحين ، أما أن تأني سنة جديدة ، وتطوي التي سبقت دون أن تقيّمها ، فقد فقدت البوصلة ، وليس لهذا خلقنا ، اليوم خذ ورقة وقلم واعمل جرد لحصاد العام ، ماذا حققت فيه ؟ وأين أخطأت ؟ وفيما لم تنجح فيه ؟ وأين قصرت وماذا فاتك؟ وهكذا...

وإن كان المفروض أن تقيّم عامك يوما بيوم وساعة بساعة ، حتى لا تتراكم عليك الاعباء وتتكدس ويصعب التعاطي معها ، فمن يقيّم خطواته ، حتما يقف على ما حققه ويقف على الاخطاء ، ويجتهد لتفاديها مستقبلا ، ويستفيد من الدروس التي مرت عليه ، فقد أكسبته خبرة ، لا تقلب الصفحة فهي الشاهد ، اقرأها بتمعن ، حتما ستقف على الخير الذي قمت به ، فنميه وعممه ، وحاول أن تتجاوز ما أعاق مسارك وتتحرر من كل ما كبلك ، وصحح ما أخطأت فيه ...

عام مر من حياتك بحلوه ومره ، وحتى تنطلق لرحاب أوسع ، لا تقف عند الاحداث الاليمة ، ولا تقف أمام الاطلال وتطيل البكاء ،فهذا لن يجدي ، قد يشعرك هذا بالاحباط أو  يتسلل لروحك اليأس من التغيير ، والقنوط لا مكان في قاموس المؤمن ، ومادام همك منصب على إحدى الحسنيين ، إما نصر أو شهادة ، نصر تعيد به مجد الامة وترفعها للقمة ، أو شهادة تعلي قدرك يوم القيامة ، فأنت دوما الرابح ، وإن فاتك شيئ اليوم تداركك غدا ، بعون الله ..
 لا تتحسر عن حلم راودك وحاولت تحقيقه وعجزت ، لا تخلق شماعة تعلق عليها إخفاقاتك  ، نحن أيضا نتحمل جزء من المسؤولية ، ضع يدك على الخلل وحاول إصلاحه ..

عام ودعنا ولم نودعه نحن هو من ودعنا ورحل ، عج بأحداث كثيرة وجسيمة ، شباب ثاروا على الظلم وصدحوا بصوت الحرية ، غير أن متاريس عدة اعترت طريقهم ، ليست نهاية الكون ، فالنملة مع إصرارها وتكرار محاولتها تبلغ هدفها ، تحاول عدة مرات ولا تيأس حتى تبلغ حبة الزرع للغار ، والطفل لايتعلم المشي إلا بعد عثرات عدة ، ويسقط أرضا وينهض ولا يستسلم للسقوط ، ويكرر المحاولة مرات تلو والمرات حتى يتعلم المشي، والآلة التي صنعها غيرك  ،واحكم كلمة السر ، لن تعرف كيف تعمل أو كيف تصنع مثلها ، إلا إذا فككتها وأعدت تركيبها ، وبعدها اصنع نموذجك الارقى والخاص بك ، نموذج يعكس آمالك ويلبي تطلعاتك ويحقق أهدافك وما خططت له..

الاحداث التي عاشتها الامة ، بعد جمود طويل ، هي إيذانا بعودة العافية للجسد العليل ، وعودة نبض الحياة إليه ، رغم الجراحات ورغم الالم ،فالجسد بعد مقاومة المرض سيكسب مناعة ، يتغلب بها على كل المنغصات والخطوب ، وسيتجاوز النكسات وكل ما عرقل طريقه ، من رحم الآلام يولد الامل ،بإذن الله ، فالمرض لن يؤثر في الجسد عندما يمتلك إرادة قوية للشفاء من العلات ، بإذن الله ، سيعود الجسد لنشاطه وحيويته وفاعليته ، وتستقبل العام الجديد بهمة عالية ،وقد أكسبتك التجرية ، مخزون معرفي هام ،واستفدت من الدروس التي مرت عليك ، ووقفت على كل ما عطل انطلاقتك ..
طبعا لن تكون الصفحة التي مرت كلها مآسي وأحزان وعثرات ، حتما فيها ومضات نيّرة ، وفيها ما يبشر بخير وفيها ما دون ذلك ، ننمي الخير ونصحح ما دونه ، المغبون من تساوت أيامه ، ونتطلع لغد أفضل يحمل تباشير الخير للامة ، تبنيه سواعد المخلصين ، بإذن الله..