الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016

قناة الأقصى الفضائية في ربيعها العاشر..



تنير قناة الأقصى الفضائية شمعتها العاشرة ، مسيرة حافلة بالعطاء والإنجاز والإبداع ، الإعلام الهادف له رسالة قيمة ، ويُعد رافد من روافد صناعة المجد وتحقيق الإنتصار ، رسالتها السامية تكمن في تعزيز صمود الفلسطيني على أرضه ، وإسناد نضاله ودعم مقاومته بالكلمة الصادقة والمسؤولة ، قناة الأقصى بوابة فلسطين للعالم وصوتها الحر ، بدأت مشوارها بمعدات بسيطة واستطاعت أن تبلغ صوتها للعالم ، لازالت تشق طريقها النضالي رغم كل ما تعرضت له من منغصات ومعيقات تحول دون تبليغ رسالتها ، اعلام هادف يلامس هموم المواطن وما يلاقيه من شدائد ومحن في ظل الإحتلال ..

تعرضت للقصف الصهيوني محاولة منه لتكميم الأفواه ، وطمس الحقيقة ، بل تعرضت طواقمها للإستهداف واستشهاد صحافييها وهم يمارسون مهامهم في نقل الصورة الحية للعالم ، تُعرف بالقضية الجوهرية وما يعانيه الفلسطيني من آلام وظلم وقهر في ظل احتلال بغيض وما يحمله من آمال في رؤية وطنه وقد تحرر، وما يمتاز به من طموح ونجاح وإرادة وعزيمة قوية يقهر بها جبروت الإحتلال ..

عبرها اطلع العالم على صناع النصر ، من يحملون أرواحهم على أكفهم ، من يذودون عن حمى الوطن ، يسعون بهمة لتحرير المقدسات والإنسان والأرض ، من يشتاق الأقصى الشريف لإحتضانهم وقد طهروا ساحاته المباركة من دنس الإحتلال ، قاومت بجسارة كل ما يعيق مسيرتها وقفت بصلابة أمام كل المؤامرات التي حيكت لها لحجب نور الحقيقة ، فوتت على المحتل مراميه في إخماد صوتها ، تدافع عن الحق الفلسطيني وتتمسك به ، هي صوت فلسطين الحي إلى العالم ..

بالصورة الحية والبرامج القيمة نسفت روايات المحتل المشروخة ، وكشفت زيفه ووجهه القميئ الذي طالما لمّعه ليخفي حقيقته البشعة ، تزيح اللثام عن عنصريته ووحشته وانتهاكاته الصارخة بحق أصحاب الأرض ، تصدح بصوتها المجلجل معلنة للعالم أجمع أن هناك مقدسات تئن تحت وطأة الإحتلال ، وشعب يرزح تحت نيره ، شعب مخلص وفيّ لوطنه ، يفديه بروحه ، شعب ينبض بالحياة ويتوق لحريته وكرامته وعزته ويتفانى في حبه لموطنه ، ولعودته لقراه ومدنه ومصلاه ولمّ شمله ، شعب يتحرق شوقا لتحرير ربوع وطنه ، ينافح عنه ببسالة ، لم يستسلم ولم يرضخ لإملاءات المحتل ..

قناة تساند صمود الأسرى وتحمل همهم ، وتسلط الضوء على محنتهم ومعاركهم ضد الإحتلال لنيل حريتهم ، تثمن تضحياتهم وتضمد جراحهم وتدعم حقهم ..أسرى لهم إرادة لا تلين ، وثقة عالية بأن القيد سينكسر ويقينهم لا يتزحزح بأنهم قريبا سيعانقون شمس الحرية ويتنسمون عبيرها ، بإذن الله .. 
برامجها عديدة وقيمة ونخص هنا بالذكر برنامج نحو أمة واحدة ، برنامج رائع يعيد البوصلة لوجهتها الصحيحة ، نحو القضية المركزية للأمة ، وكيف يتسنى للأمة توحيد جهودها لتعود لمجدها وتنهض من كبوتها وتعلي صرحها ، وكذا صباح فلسطين ، مواده غاية في الروعة ، الإستفادة منها تتعدى الفلسطيني لعموم شعوب الأمة ، وغيرها من البرامج القيمة والهادفة ، نسأل الله لها مزيدا من التألق والإبداع والتميز.. 

الاثنين، 3 أكتوبر 2016

الهجرة النبوية : الدروس والعبر..



ماتركت قريش وسيلة خسيسة لوأد الدعوة في المهد والحيلولة دون انتشار الدعوة إلا وفعلتها ، ألبت عليه القبائل حتى لا يجد النصرة والدعم والمؤازرة وحرضتهم عليه ومنعته من تبليغ الدعوة، وشاءت قدرة الله عز وجل أن يبلغ صدى الدعوة نفر من المدينة ، فتح الله مغالق قلوبهم واسلموا وعادوا إلى المدينة ينشروا الدعوة ويقووا شوكتها وينشئوا النواة الأولى لدولة الإسلام  ..

بدأت الهواجس تقض مضجع قريش وترى في قوة الدعوة المتنامي في المدينة خطر داهما يهدد كيانها ويضر بمصالحها ، فعقدت اجتماعا آثما للتخلص من النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي الوقت الذي تعلن فيه قريش زهدها في سيد الخلق وتخطط للنيل منه ، هناك في المدينة قوم ينتظرونه وكلهم شوق للقياه ، هناك من آمن به ولم يره وينتظر رؤيته على أحر من الجمر ويتهيئون لاستقباله والحفاوة به والإبتهاج بمقدمه ، ولحماية الدعوة واسنادها واحتضانها وحفظها من مكر قريش ، وفي الوقت الذي تخطط فيه قريش وتتآمر على الدعوة وعلى سيد الخلق لخنقها ، جاء الإذن من الله عز وجل له بالهجرة ، حماية له مما تضمر له قريش من شر ومكر وأذى..

ولأهمية حدث الهجرة اختاره عمر بن الخطاب رضي الله عنه تأريخ للمسلمين ولما يحمله بين طياته من الدروس والمعاني ومنها :
- السرية التامة والتكتم على موضوع الهجرة حتى لا تفطن قريش وتفشلها ، وهو المعصوم من الله عز وجل من أن تمتد له يد بالغدر حتى يُتم نوره ، ومع هذا أحاط الموضوع بالسرية آخذا بالأسباب وحتى يفوت على قريش مآربها .. 
- التضحية والصبر على فراق مكة ، الوطن الذي ترعرع فيه وألفه وأحبه وارتبط قلبه به  ، قال عليه الصلاة والسلام وهو يغادر مكة إلى المدينة : والله إنك لخير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أُخرجت منك لما خرجت..عبارات تعكس آلامه ولمسة الحزن التي انتابته وشعوره بالقهر على فراق وطن تعلق به ..

- العمل الدؤوب والصبر على المشاق والمحن وكل ما اعترى طريقه في نشر الدعوة من منغصات ، وأذى قريش وإن أُغلب باب دونه ، طرق بابا غيره علّ تباشير الخير تهل عليه منه ولم يستسلم لليأس ، حتى أثمرت دعوته في المدينة وتُوج صبره بالنصر والتمكين ، ووجد في المدينة التربة الخصبة لزرع بذور الدعوة وإنمائها ، وبعد فترة من الزمن أثمرت بذور الدعوة مجدا ومنعة وسؤددا وتكلل صبره واصراره وقوة عزيمته بالنصر وتُوج صموده بالفتح العظيم ..

- ومهما علا جبروت عدوك وأراد بك شرا ، لن يفلح مادامت عناية الله تحيط بك وتحميك ، ومن تولاه الله بعنايته كفاه ونصره وحفظه من كل شر ، فمن كان الله معه فمن يكون عليه ..
- أختيار الرفقة الصالحة ، التي تعينه  على نوائب الدهر ، وكان الصحابي الجليل أبو بكر الصديق أهلا لهذه الصحبة الطيبة ، تشرف برفقة سيد الخلق عليه الصلاة والسلام كان يؤثره على نفسه ويخفف عنه آلامه وأوجاعه وكل ما أرقه ، ويتقدم عنه في أي موضع حلّا فيه حتى يدفع عنه أي مكروه أو أذى قد يصادفه ، ويؤنسه ويخفف عنه مشاق السفر ..

- اختيار الدليل المؤتمن الذي يحفظ العهد ولا يخون أو يغدر ، وله دراية ومهارة وعلم بالطرق التي نادرا ما تسلكها القوافل ، طريق طويل لكنه مؤمن ..
-  تجدد الأمل : فقد كانت الهجرة ضيقا ومكابدة المشاق وغربة عن الوطن واحساس بالظلم وبعدها جاء النصر المؤزر والفتح العظيم ، هاجر مكة خائفا مكرها مضطهدا وعاد إليها فاتحا منتصرا وقد مكن الله له في الأرض وقد أبدل خوفهم أمنا وفقرهم غنى وضعفهم قوة وتفرقهم ألفة وتماسك وعزة ..


الاثنين، 19 سبتمبر 2016

شبكة فلسطين للحوار في ربيعها أل15..


 ولأكثر من عقد أبدعت الشبكة وتألقت ولازال عطاؤها مستمرا ولازال نورها يشع وبريقها يلمع ، واليوم تنير شمعتها أل15، ويتجلى تميزها في طاقاتها الفاعلة وجنود الخفاء ودورهم الفعال في بناء هذا الصرح الشامخ ، وسهرهم على تحسينه وتطويره حتى يغدو في أبهى حلة ، وكذا المشرفين والمراقبين وألأعضاء والرواد والزوار وعطاؤهم الزاخر مع منسوب وعي عالي ، مع بعض الإستثناءات فالكمال لله ، إلا أن المنتدى حريص على رسالته السامية وتبليغها على الوجه المطلوب ، ويحرص دوما على إعادة البوصلة لوجهتها الصحيحة إن حُورت أو حاد عنها بعض الأعضاء ..

وأنت تتصفح محاوره لا تحس بالملل ولا ينتابك الضجر ، تنهل من حقول المعرفة وتتعرف على آخر الأخبار وتغتنم وقتك فيما يفيد ، مواضع هادفة ومتنوعة ويجد العضو أو الزائر بغيته ، كما أفسحت للفيسبوك خاصية التعليق ، وحتى وإن غابت أقلام وأسماء تركت بصماتها جلية على صفحاتها ، لا يؤثر ذلك على أداء الشبكة بشكل قوي ، فدماء جديدة تضخ في عروقها وأسماء جديدة تلمع في فضائها ، ونشاطها في تجدد ، فالشبكة معين من العطاء لا ينضب ، وتستمر مسيرة البذل والعطاء ولا تتوقف ، بإذن الله ..

إلا أن غياب الأسماء الكريمة أو رحيلهم يترك أثرا بليغا في نفوس ألفتهم وتعاملت معهم ووقفت على نبل أخلاقهم وسمتهم العالي ، وطيبتهم وإخلاصهم في العمل وهمتهم العالية وحبهم الكبير لفلسطين ، طاقات محبوبة تميزت بروحها المرحة ونشاطها الفائق وتفاعلها مع المواضيع وتحفيز الأعضاء على التجاوب الإيجابي معها وإثرائها بالنقاش ..
 وما ميز أيضا المنتدى الفريد أنه يرسخ معنى الجسد الواحد ، تآلف وأخوة ، الأعضاء من عدة دول ، جمعتهم رابطة العقيدة وهموم وقضايا الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين ، لا تحس بينهم بالغربة ، بل تشعر بدفء الأخوة ، منتدى يوطد علاقات الأخوة ويجعلها متينة ، مواضيعها الشيقة والتي يزخر بها المحور الثقافي تخفف آلامك وكل ما أثقل على الكاهل وتزرع بذور الأمل في النفوس ، كانت ولازالت وستبقى بإذن الله ، منارة للعلم وواحة غناء ترفل في جنانها الفيحاء..

إلا أن الملاحظ ومع المحن التي تعاني منها الأمة والتي أحدثت شرخا فيها ، انعكست على المنتدى فأثرت فيه ، فهو يعكس واقع الأمة ، زادت المناكفات وحدة النقاشات ، والشبكة لا تفتقر للمواضيع الهادفة والقيمة ، بل هي غنية بالمواضيع الجيدة إلا أنها تعاني من غياب تفاعل الأعضاء معها وإثرائها بالحوار ، ينصب معظم اهتمامهم على الأخبار ونقلها فقط ، ولا تلقى المقالات الإهتمام الذي تستحقه ، وهذا مدعاة لأن تزهد بعض الأقلام أوتغادر ، وقد يكون الخلل من الكاتب نفسه لا يواكب نقاشات الأعضاء ولا يرد على تعليقاتهم فيزهد الأعضاء في مواضيعه..

الشبكة تعلمك قيمة العمل الجماعي وقدره ، ومردوده الطيب على الجميع ونتائجه  الباهرة ، فالتكامل يسد الثغرات ويدربك على التعاون ويخلق جو رائع من التنافس في الخير ، وتكتاتف الجهود تسرع في انجاز العمل مع الإتقان ، ويعلمك الحوار البناء والمثمر ، طبعا النقاش الذي يلتزم بأدب الحوار البعيد عن الشخصنة و التجريح أوالإنتقاد الهدام  ، والمنتدى الطيب من ميزاته أيضا أنه يكتشف مواهبك و ملكاتك ويساعدك في تطويرها وتنميتها واستثمارقدراتك فيما يعود على أمتك بالخير والنفع، من خلال التشجيع والدعم والإهتمام ..

ميزة الحوارات تحفزك على البحث والتنقيب وتفتح لك الأبواب على مصراعيها للمعرفة ، وتغني ثقافتك وتثري مداركك وترفع من رصيدك المعرفي ، وهناك دورات قيمة  تعزز ثقتك بالله عز وجل أولا ثم بنفسك حتى تتغلب على هواجس تنتابك وكل ما يعيق مسارك ، وترفع معنوياتك وتحفزك على العطاء وتحدي الصعاب والعراقيل وكل ما اعترى طريقك من منغصات ، وتشحذ همتك ، وتزرع في روحك بذور الأمل حتى لا تستسلم لشبح اليأس أو الإحباط ..
وأخير كل الشكر والإمتنان وآيات الوفاء والتقدير والإحترام لهذا الصرح الشامخ ومزيدا من التألق والإبداع والتميز ونسأل الله للجميع التوفيق والنجاح والسداد ، اللهم آمين..



الأحد، 29 مايو 2016

إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق..




يجحف بحق الإسلام من يلصق نقائص ومساوئ بعض المنتسبين إليه ، من أخذوا القشور ولفظوا اللب ، فالإسلام ليس مواعظ تنثر وما تلبث أن تنسى أو عبادات جامدة لا تنعكس على سلوكك أو كلمات براقة تُقال ولا تجد لها وقعا أو أثرا على واقع الحال ، فلا تتحدث عن الإسلام بل دعني أرى أثره في سلوكك وأخلاقك ومعاملاتك ..

هي أوصاف جليلة وشمائل كريمة تلك التي وصفت بها السيدة خديجة رضي عنها سيد الخلق عليه الصلاة والسلام وهي صفات تحلى بها قبل البعثة قالت عنه :...فَوَالله لا يُخْزِيكَ الله أَبَدًا، وَالله إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ..تمعن جيدا فيما عددته من صفات ستجد  مجملها معاملات وسلوك طيب وأخلاق رفيعة وخصال فاضلة ، فهو الصادق الأمين ، يصل رحمه ، يشد من أزر الغير ، يكرم الضيف ، يعين المحتاج بل يتفانى في خدمته ، ييسر على معسر، جواد كريم ، يفيض عطاءا ، تجده مع الناس في مسارتهم وفي أحزانهم في مسارتهم يفرح لفرحهم وفي احزانهم يواسيهم ويخفف عنهم وو..

فالإسلام ليس عبادات جوفاء ، جامدة ، لا نبض فيها ، أو مواعظة تلقى وكلمات رنانة تقال وتزين بها المجالس ، بل هو سلوك ومعاملات وأخلاق ترى وتتجسد في الواقع ، تنعكس عليه فتغيره للأفضل وتجمله وتحسنه ، وتعزز فيك القيم الكريمة وترسخها ، فالناس تنظر للموعظة الماثلة أمام ناظريها ، موعظة تمشي على الأرض :
من اتصاف بصدق وأمانة وخير متدفق وعطاء وسلوط طيب وتواضع وشيم وحلم وسخاء ووفاء وإخلاص ونبل وشهامة وو...
قال عليه الصلاة والسلام : ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء..
وقال أيضا : إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً ..
والكثير من الاحاديث التي تحث على مكارم الأخلاق وعلى التحلي بالقلوب الطيبة الطاهرة مخبرا ومظهرا، والتي تخلو من الحقد والحسد والغل والتكبروالبخل والرياء والمن والتصنع وكل آفات القلوب وأمراضها ..

قال تعالى في وصف صفيه عليه الصلاة والسلام وخلقه الرفيع : 
 ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ...)
متواضع لين الجانب ، يشملهم بحلمه يتجاوزعن أخطائهم يصفح ويعفو عنهم ، صاحب قلب كبير ، يتفانى في حبهم ، يشاورهم يستغفر لهم ، يرحم ضعفهم ، وبذلك التفوا حوله ولو كان لاقدر الله سيئ الخلق وخشن أو قاسي القلب وجافي الطباع وغليظ القلب ،لانفضوا من حوله ، ترجم الإسلام لواقع ملموس وتجلى ذلك في سلوك وأخلاق ومعاملات راقية ، فقد كان عليه الصلاة والسلام قرآنا يمشي على الأرض ، بخلقه السامي ونبله ورقيه ، تتجلى آيات القرآن وآدابه وتهذيبه ونقائه في كل مناحي حياته ، قال عنه الله عز وجل : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين..

فهو القدوة والأسوة الحسنة لنا ، وقد يأتي المرء بصلاة وصوم وحج وو..وقد يكون حريصا على أداء الشعائر والعبادات ، لكن يؤذي جاره أو إخوانه أو يؤذي حيوانا ، أويسرق المال ويخون الامانة ويعتدي على ممتلكات الغير وو..فلا رصيد له ولا قدر له ، وكم من البلدان فتح الله مغالق قلوبهم وأسلموا ، تأثرا بالمعاملات الطيبة لتجار مسلمين حلوا ببلدانهم ، فكانت صفتهم الصدق وحفظ الأمانة ، فالناس لا تتأثر بمواعظ وكلمات رنانة ، جوفاء ، بل تمتلك قلوبهم بحسن أخلاقك وطيبة قلبك وبذْلك وعطائك ..

الأحد، 15 مايو 2016

الصبر مفتاح الفرج ..



قال تعالى : فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين )
سورة البقرة..

لو سبرنا أغوار هذه الآية الكريمة وأبحرنا في عمقها لبلغنا دررها المكنون وما تحمل بين طياتها من حكم ومعاني جليلة وما تزخر به من دلالات ، بعد أن خرج طالوت بالجنود لمحاربة الأعداء أخبرجنده أن الله مبتليهم بنهر فمن شرب منه فقد عصى أوامر الله ومن لم يطعمه فقد أطاع الله ونجا ، إلا من اغترف غرفة بيده على قلتها روت عطشه لأنه امتثل لأوامر الله خلاف غيرهم مهما شربوا من الماء بقي احساسهم بالعطش كما هو، النهر كان امتحانا لهم على صبرهم فهم سيلاقوا عدوا شرسا وقد يتعرضون لما هو أصعب وانكى وأمر وسيكابدون المشاق ، لذلك كان الإختبار حتى يكونوا على أهبة للاستعداد لأي خطب يصادفونه ، وكانت حكمة الله عز وجل تقتضي أن تتمايز الصفوف ، ليتميز المؤمن المخلص الصادق من غيره..

بعد هذا الإختبار استقلوا أنفسهم أمام قوة وعتاد عدوهم ، لأن الكثير منهم لم يمتثل للأوامر وشربوا من النهر ، لكن الموقنين بنصر الله ذكروهم بوعد الله الصادق وكيف ينصر الله الفئة المؤمنة حتى وإن كانت قليلة إن تمسكت بالصبر وأيقنت بالنصر، وبذلك ثبت أهل الإيمان وكان النصر حليفهم ، فكيف ترجو النصر والصفوف لم تغربل بعد ولم تتمايز، فيها العميل والمنافق والخائن والمتخاذل ووو...

عندما تخلص النية وتصفو الأنفس ، تجاهد في سبيل الله ولا تبتغي غير وجه الله تعالى واعلاء راية الحق خفاقة ونصرة للحق والذود عنه ، وتتخلص من كل ما أعاقها وعطل نصرها وتمحص الأنفس وتنقح الصفوف  من كل الشوائب وكل ما علق بها من الآفات والأدران وحب الدنيا وو.. وعندما تغدو صافية رقراقة ، ترجو أحدى الحسنيين : نصر أو شهادة ، نصرا يبني مجد الأمة ويعلي صرحها ، أو شهادة ترفع منزلته يوم القيامة ،عندها يمن الله عليها بالنصر..

فالقوم مقبلون على الجهاد وهو يتطلب الصبر عند الملاقاة ، الصبر على المحن والشدائد ، فإن لم يتدربوا وهم قادرون على أن يمنعوا أنفسهم فكيف سيصبرون وقت الصعاب والأهوال واشتداد المعارك وحمي وطيسها وكيف سيواجهونها، قد يتقهقروا أو يتراجعوأ أو توهن عزائمهم أو يخذلوا قائدهم ، لذلك كان التأهيل مسبقا حتى يكونوا على قدر المسؤولية ويستطيعوا تجاوز الصعاب وكل ما يعتري طريقهم ..

لذلك كانت الإبتلاءات والإختبارات حتى يصطفي الله عز وجل للنجاح والتمكين ويبلغ القمة من استحق الفوز عن جدارة ونال المنزلة العظيمة ، من أخلص النية ومن رخص للحق كل غالِِ ونفيس ، وحتى يبلغ مقام التمكين من اجتاز الإختبارات بنفس رضية وطاهرة ..عندها ستقف على من سيكون لصفك حتى النهاية ومن سيتخلى عنك أو يخذلك في منتصف الطريق أو من يتيه في سراديب تبعده عن جادة الصواب..

السيرة النوية تزخر صفحاتها المجيدة بالتضحيات والبذل والعطاء والفداء والملاحم ، وكان للنبي عليه الصلاة والسلام لإحتسابه أوتي الحظ الأوفر من الصبر على إيذاء قريش عندما صدح بالدعوة ، وكان القدوة لهم في تحمل العناء والثبات وعندما أثقلت كاهلهم المحن واشتد البأس وعانوا الأمرين ، وقفوا بين يديه يرجون النصرة والعون من الله ، سرد عليهم صبر من كان قبلهم وكيف آذتهم أقوامهم وصبروا وثبتوا على درب الحق ولم يتزعزعوا ولم تثنيهم المحن عن مواصل المشوار حتى أظهر الله الحق وزهق الباطل وبشرهم بالنصر فلا يستعجلوا ، قال تعالى : 
حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ) 
وقال أيضا : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } سورة البقرة..

وأول غزة همّ بها النبي عليه الصلاة والسلام كانت لاعتراض قافلة قريش ، إلا أن الله عز وجل أعدهم لما هو أعلى قدرا ، ونجحوا في الإختبار وصمدوا وماوهنوا وساندهم الله عز وجل بجند من الملائكة وقوى شوكتهم ، لذلك كانت الإختبارات حتى حين يحل النصر والتمكين تكون النفوس قد تطهرت وأخلصت النية ومؤهلة لنيل النصر ومتمسكة به ولا تفرط فيه ولو في أحلك الظروف ، فقد جاء بعد بذل الجهد وبعد التضحيات ، قصص القرآن جاءت لتشد الأزر وتسند الظهر فهي البلسم للجراح ، تبث التفاؤل في النفوس وتزرع الأمل فيها ..بأن النصر قادم لا محالة ،بإذن الله ، وكم من محن تحمل في طياتها منح كثيرة ..

سُئل الإمام الشافعي رضى الله عنه أيهما خير للمؤمن أن يمكن أو يبتلى !
فقال لا يُمكّن المؤمن حتى يُبتلى ؟
الإبتلاءات تصقل معادن النفوس ، فتشحن الهمم وتقوي الإرادة وتعلي العزيمة وتميز الخبيث من الطيب ، وتعلم أن ما تكابده من محن وتصبر لها أجر ولها جوائز ، ولا يتسلل القنوط لروحك ولا ينتابك اليأس والإحباط ، فأنت تسير على ردب الإنبياء والصالحين والأتقياء ، وتعلم أن طريق الحق ليس مفروشا بالورود بل دونه تضحيات جسام ، والعاقبة دوما للمتقين ..

الجمعة، 6 مايو 2016

الإحتلال والإستبداد وجهان لعملة واحدة..



من يدعم إرهاب الإحتلال بحق الفلسطيني ، الذي قتل واعدم الشباب بدم بارد ودنس المقدسات وقضم الأرض ونكل بأصحاب الأرض واعتقل وضيق وحاصر وو..هو نفسه من يغض الطرف عن جرائم المستبدين بحق شعوبهم ويدعم بقاءهم ويحمي كراسيهم وهو من يمنع منطقة آمنة في سوريا تحفظ أرواح الأبرياء ويمنع السلاح النوعي الذي قد يحسم الصراع بذرائع واهية وإلا كل ما يمتلكه الإستبداد من قوة يصبها حمما على رؤوس الآمنين ويستقوي بحلفائه في إبادة الشعب وهو من يوزع التصنيفات هذا معتدل وذاك غير معتدل وهو من زرع الورم في قلب الأمة ودججه بكل أصناف الأسلحة حتى ينفذ سياساته في إضعاف الأمة وشرذتمها وانهاكها في صراعات طاحنة تفتت قوتها ومتى ما توحدت الأمة قويت وأعادت بوصلتها لوجهتها الصحيحة، بإذن الله ..

وما نراه من محاكمات صورية يعقدها المحتل ما هي إلا تلميعا لوجهه القميئ ، حاخاماتهم يعبئون ويحشون عقول مستوطنيهم بعنصرية مقيتة نحو العرب والمسلمين بل نحو كل من ليس يهودي ، وإلا من اغتال بسمة وبراءة مئات الأطفال في غزة والآلاف منذ أن اغتصب فلسطين وفي المقابل يحاكم المقاومين بأحكام عالية مع أن مقاومة المحتل حق مشروع لشعب يرزح تحت نير الإحتلال ، وما يترتب عن هذا الإعتقال من انتهاكات وتعسفات وقتل بطيئ ويهدم الدور في عقاب جماعي يطال كل العائلة ، الإحتلال بنى كيانه على أشلاء ودماء أصحاب الأرض ، ارتكب المجازر المورعة بحق الفلسطينيين واستولى بقوة السلاح على الأرض وطمس معالم جريمته ، فهناك من الجرائم ما هو موثق بالصور وهناك الموثق بشهادات تشيب لها الولدان لمن نجى من المجازر..

أما الإستبداد استشرس لأنه بات يتعرض لتهديد حقيقي سيجثت بغيه وفساده من جذوره ، والله أعلم إلى أي مدى سيبلغ صلف الإحتلال عندما يتعرض لتهديد حقيقي يقتلع إرهابه ، الإستبداد يطيل أمد الإحتلال ، لأنه هو من يساهم في تخلف الامة وتدجينها والهائها وإشغالها بمشاكلها الحياتية واليومية عن هموم أمتها وتجهيلها ويثقل كاهلها ويغيّب وعيها ويكتم كل الأصوات المؤثرة أو يهمشها أوينفيها حتى لا تُحرك الشارع ، هومن يعيق نهضتها بكل ما من شأنه أن يبعدها عن قضايا أمتها وهو سبب تقهقرها ، كانت الأمة في مقدمة القافلة فغدت بفعل الإستبداد في ذيلها وغار مجدها وسؤددها ..

الإستبداد يؤمن مصالح الإستعمار تقاطعت مصالحه بمصالحه ، ومتى ما عجز عن تأمينها جاءت لتؤمنها بنفسها وتحرق الأخضر واليابس بذريعة محاربة "الإرهاب" وتئد حلم الشعوب في الإنعتاق من براثن الإستبداد ، وهو الحائل دون تحرر الأمة من أغلال التبعية وبتحرر الشعوب تتحررالأمة وتستعيد مكانتها بين الأمم وهذا بدوره يفضي لتحرير مقدساتنا ، تحرر كامل وحقيقي : في غدائها وسلاحها ودوائها..
الإستبداد خذل القضية الفلسطينية بل وتآمر عليها ، وتغنى بها لتحقيق مآربه ومؤتمراته كانت تعقد للشجب والإدانة دون أن تخرج بقرارات جادة وحاسمة توقف إرهاب الإحتلال ، وجاءت شراسه الإستبداد ودمويته التي قابل بها شعبه والتي نادت بالحرية والكرامة والعدالة ، دليلا على أنه كان فقط يتمسح بالقضية الفلسطينية حتى يمتص غضب الشعوب عندما تتعاطف مع القضية وحتى يحمي بذلك كراسيه ويبقى جاثما على الصدور..

وإلا لو استعمل ربع القوة التي قابل بها صدور شعبه في مواجهة الإحتلال لما كان ثمة كيان ، "يتكامل" دور الإحتلال والإستبداد في محاصرة المقاومة التي تدافع عن فلسطين ويغلق شريان حياتها معبر رفح رئتها التي تتنفس من خلاله ، وهو من يطيل أمد الإحتلال بخزي التنسيق الأمني مع محتل الأرض ويحارب المقاومة بشتى السبل ويقوضها ويفرط في الأرض ولا يحرك ساكناعندما تدنس المقدسات ويكتم كل نَفس مقاوم يعيد للقضية وهجها ويحييها وهو من يشجب تدنيس المقدسات وكأن مسؤولية حمايتها فقط يتحملها الفلسطيني وحده بيد أن من يتعرض للتدنيس والإنتهاك هو أولى القبلتين وثاني المسجدين ومسرى الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام ومسؤولية حمايته وصونه تقع على عاتق الأمة جمعاء ..
وهو من من يحرم غزة من أن تجني ثمار انتصاراتها وجهدها وصبرها وحقها في امتلاك ميناء و مطار ورفع الحصار الجائر عنها ، يربط رفع الحصار بتركيعها ، لا قدر الله ، وتخليها عن مقاوتها والتي تدافع عنها وصدت عدوان المحتل الغاشم ، الركوع أو الجوع وإحكام الحصار وخنق غزة ، فالأمة عانت من ويلات الإستبداد وكذا الإحتلال ولازالت ولن تتعافى إلا بأستئصال شرورهما..

الاثنين، 28 مارس 2016

لماذا تعثر الربيع العربي ..؟!


عندما ثارت الشعوب نادت بإسقاط النظام ، فهي ترى فيه المسبب لما آلت إليه أوضاع البلاد من تقهقر وطبقية وتخلف وضعف وتبعية وفقر وو...مع أنه كان فقط الواجهة لأكمة تتستر خلفه -والتي ستسفر عن وجهها القميئ بعد أن تتغول الثورات المضادة- ورفعت شعارات : كرامة ، حرية ، عدالة اجتماعية ، وشاركت فيها كل الأطياف وعقدت عليها الآمال العريضة نحو التغيير لغد أفضل وو..

ويبقى السؤال : هل سطر الثوار أهدافا للثورة ؟! حتى يستميتوا على تحقيقها ويبذل الغالي والنفيس لأجلها ، لأن الثورة المضادة والتي أعادت النظام القديم بأبشع صورة وضعت نصب عينيها هدفها وإن كان ضد إرادة الشعوب ، لم تتوانى ساعة واحدة حتى بدأت معاول الهدم تنهش في جسد الثورة ، وظفت كل ما تملكه من آليات واستغلت الأبواق الإعلامية لشيطنة الثوار واضعاف نسيجهم ، ووضعت خططا جهنمية للنيل منهم حتى تضعف التفاف عموم الشعب حولهم ، وعملت بكل الوسائل الدنيئة لشق صف الثوار وو..مع العلم ولو كان الصف متماسك لما نالت منه الشائعات..

ولا يكفي أن تسطر أهدافها بل توفر لها الإمكانات لنجاحها ، وحتى تكون يقظا وتفوت على الثورة المضادة مأربها ، وهذا للأسف ما لم يحصل في أغلب الثورات التي شهدها وطننا العربي ، ترهل الصف الثوري وانفرطت حبات عقده ونال منه الضعف ، في حين تغولت الثورة المضادة ، أو عادت بوجه مختلف مع بقاء النظام القديم ، إذن لا يكفي أن تسطر أهدافا للثورة ، بل تعمل لها بكل طاقاتك ولا تستكين إن تعثرت ، ولا ينتابك اليأس ، ولا تستعجل في جني الثمار قبل الأوان ، واعلم أن الحرية لها ثمن ، وتوطن نفسك على البذل والعطاء ، وتعلم أن طريق الحرية ليس سهلا هينا بل دونه تضحيات جسام ..

مهم أن تقوم بثورة مجيدة تبهر العالم والأهم أن تعرف كيف تحافظ عليها ، لأن الإستبداد عندما يعود سيكون أكثر شراسة ويشدد الخناق ويكون أكثر دموية ويغلق عليك كل المنافذ والثغرات حتى لا تستنهض الهمم من جديد أو يعود التفاف الناس من حولك ، ومعلوم أن السكوت على الظلم عقودا يرفع تكلفة إزاحته ، ومع هذا فهدفك الذي سطرته هو الوقود الذي يشحن همتك ، فلا يتنيك قهر وتجبر الإستبداد فالحق في النهاية هو من سينتصر ، بإذن الله ، وتكون لمن حولك القدوة ، صلابتك وصمودك وثباتك ومجابهتك للتحديات هو من يشحذ همتهم ويقوي عزيمتهم وسيزيد الملتفين حولك..

أما النكوص أو التراجع أو التوقف في منتصف الطريق هو خذلان لدماء سالت وضياع لتضحيات بذلت ، وضعفك لن يزيدك إلا هوانا ، لذلك من أسباب ضياع الثورة عندما تغيب الأهداف ،فلا يعرف الإنسان إلى أين يسير أو ما المطلوب منه ،يسير على غير هدى ..
 وهذه الأهداف التي سطرتها سلفا وعملت لها زمنا وهيأت لها الطاقات لتعمل بحماسة وتفانِِ ، وأهلتها لتخطي المعيقات وتتحدى المنغصات التي ستصادفها في طريقها ، هي من تمهد الطريق للنجاح ، مع بث الوعي بين الصفوف بأهداف الثورة حتى توفر لها الدعم ، وتكون قد  خططت لكل مرحلة كيف تتعامل معها وكيف تعالجها وكيف تجابهها ، مثلا الدولة العميقة لن تسلم بسهولة لإرادة الشعوب ،فهل خططت كيف تفشل مآربها ؟! كما خططت هي كيف تفشل تجرتك!..

فالبناء الشاهق لم يبنى بين ليلة وضحاها ، هناك مهندس ومخطط ترى بصماته بادية للعيان وهناك أيادي تعبت في تشيده واتقنت بناءه وهناك عيون سهرت عليه حتى غدا في أبهى منظر ، النفوس التي لم تتشرب ثقافة الثورة وتؤمن بإهدافها ، ستفرط فيها في أكلح الظروف ولن تحميها ، لذلك رسم الأهداف يوفر الطاقات ويصونها من الضياع وفي كل محطة تقيم مسارك حتى تقف على ماتحقق وما ينتظر وفي أي نقطة أنت ، العمل العشوائي والغير المنظم يضيع الوقت والجهد..

وتدرك كيف ترص الصفوف من جديد لتعود روح الثورة للجسد ، وتزرع بذور الأمل والتفاؤل في النفوس ،فالإستبداد بممارساته الشنيعة يحاور أن يبث في خلد الشعب اليأس والإحباط واستحالة التغيير ، ليعيده لحظيرة الإستبداد ، ومهم أن يدرك الثوار أن الشعب ركن للإستبداد عقودا ، وعندما يتشرب معاني الثورة ويقف على أهدافها النبيلة ، ويرى استماتتك حتى تحقيق مطالب الثورة ، سيتحلى بالصبر حتى تنضج ثمار ها ، بل سيكون مشاركا في بناء صرحها، بإذن الله ..



الاثنين، 7 مارس 2016

المرأة الفلسطينية في يومها العالمي ..



أن تتناول نضال وتضحيات المرأة الفلسطينية في عام مضى ليس معناه بخس تضحيات أخواتها في كل ربوع وطننا العربي ، هناك العديد من الساحات الملتهبة وتشهد تضحيات جسام  ، كان التركيز على المرأة الفلسطينية لما تشهده فلسطين من انتفاضة القدس المباركة ، ودور ها المؤثر والفعال في الذود عن فلسطين وحماية المقدسات ..

كان دور المرأة الفلسطينية جليا في صون وحماية الأقصى المبارك والدفاع عنه ، فالمرابطات كن الحائل دون تقسيم الأقصى المبارك ، فالمرابطة هي من تنوب عن الأمتين العربية والإسلامية في حمايته ، وإيقاف كل ما تضمره عقلية المحتل الماكرة من اجحاف ومكر بحقه ، ومع كل ما تتعرض له من انتهاكات ، ظلت ثابتة وبصمودها الأسطوري فوتت على الإحتلال مآربه ومخططاته الدنيئة ..

 برباطها أحيت القضية وأعادتها للواجهة ،بعد أن كادت تُنسى في خضم ما تعانيه الأمة من محن وشدائد ، استغل المحتل حالة التشرذم والتمزق والتفكك وحال الأمة المزري ، ليمرر مخططاته ويحقق مآربه ، إلا أن صمود المرابطات فوّت عليه مأربه ، المرابطات هن درع الأقصى الحصين ، ومع كل ما تتعرض له من إيذاء إلا أنها لازالت تسطر أروع الملاحم في تصديها لقطعان المستوطنين الذين يقتحمون باحاته ..

فالإضافة للرباط ، فقد كان لها الأثر البارز في انتفاضة القدس ، فهي تحس بما يورق الوطن وتدرك أن عليها واجبا نحوه ، وترى ما يعانيه الأقصى المبارك من تدنيس متكرر ، فعدالة القضية تشحن همتها وتقوي عزيمتها ، فهي ليست بعيدة عما يكابده وطنها ،فكل بيت في فلسطين إلا وقدم أسيرا أو شهيدا ، فهي تعيش الواقع المؤلم بكل كيانها ، وتسعى لتخفيف عنه أوجاعه وآلامه ..

 هي من ربت هذا الجيل المنتفض ، فكان هذا العطاء المبهر لشباب في عمر الزهور ، ويتنافس لنيل الشهادة ، ستجد بصماتها جلية خلف العمل المقاوم ، وهي من زرعت في قلوب الصغار حب الوطن والإنتماء للأرض والتضحية من اجل خلاصه بالغالي والنفيس ، هي من علمته كيف يعشق ثرى الوطن وهي من هونت عليه الصعاب ، هي من غرست في حنايا قلبه معنى العزة والكرامة والإباء ، فالدفاع عن حياض الوطن شرف ووسام تقلدته ، هي من انجبت هؤلاء الأبطال ، أسود الميادين ، هي من حفزتهم على البذل والعطاء والفداء ..

رأيناها كيف تستقبل شهادة فلذات أكبادها بالزغاريد وكيف تفتخر بشهادته وتثمن بطولاته ، وتعتز بها وتتقدم الصفوف لتحمل جثمان ابنها الشهيد ، في رسالة للمحتل أن شجرة العطاء لا تموت إن قطع غصن منها ، بل سينمو مكانه غصن أشد صلابة وقوة ، فالأرض المعطاءة تروى بدماء الشهداء الطاهرة ، وإن هدم الإحتلال منزلها لا تهتز شعرة منها ، ولا تنكسر عزيمتها ، بل تتوعد المحتل بالمزيد من التضحيات ، فكانت بذلك مدرسة في التحدي والصمود ، وهذا الثبات والصمود ليس جديدا عليها فتاريخها النضالي حافل بالتضحيات والعطاء ، وصفحات التاريخ تزخر بعطائها وصبرها ومقارعتها للمحتل ..

قدمت فلذات أكبادها فداءا لتحرير الوطن ، بل وشاركت في ملحمة الصمود ، وضحت بروحها وقاومت المحتل وساندت كفاح أخيها الرجل ، وتميزت في انتفاضة القدس ، تألقت وأبدعت في أشكال الصمود ، فكانت بذلك حافزا لغيرها في السير على نهجها ..
كان لها حضور مميز جسدته : السيدة الفاضلة فيحاء شلش زوجة الصحفي محمد القيق والتي كانت عنوان الوفاء والإخلاص ، ساندت زوجها ولم تترك بابا إلا وطرقته حتى تسمع صوته للعالم ، ليتعرف هذا الأخير على ما يتعرض له الصحفي الفلسطيني من حيف ، عندما يصدح بالكلمة الصادقة والصورة الحية ، ساعدتها مهنتها كصحفية في التعريف بالقضية وتوفير لها الدعم ..

كانت له نعم السند في محنته ، شدت من أزره ووقفت لجانبه ، حتى تكللت معركة الكرامة والتي خاضها بأمعائه الخاوية بالنجاح ، وكسر قيد السجان وقهر جبروته وتعنته ، جريرته أنه كان ينقل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من محن ومآسي وظلم ،فأراد المحتل أن يكمم فاه ، ويكتم صوته ، فكان العكس صموده وثباته بلغ أوسع مدى ، دعم قضيته العادلة كل حر وساند صبره وصموده حتى نال حريته ..
ولازالت أخوات صامدات يقبعن في سجون الإحتلال ، كل جريرتهن أنهن دافعن عن ترى فلسطين الغالي وجابهن صلف المحتل وتحدينه ، وقد زاد عددهن في ظل انتفاضة القدس ، ولازالت مسيرة النضال مستمرة حتى تحرير كل فلسطين ، بإذن الله

السبت، 5 مارس 2016

سوريا : إرادة شعب لن تنكسر



مع سريان الهدنة في عدة أرجاء من سوريا ، حل هدوء نسبي في عدة محافظات ، وعمت المظاهرات وخرج الشعب ليرفع نفس الشعارات والتي ثار من أجلها : إسقاط النظام ،في رسالة للعالم مفادها ، أن الشعب السوري لم ولن يستسلم رغم بطش النظام الغاشم وحلفائه ورغم المحن وقساوة العيش وضراوة المعارك وطول المحنة ، لن يرفع الراية البيضاء ، ولازال مصرا على مطالبه في نيل الحرية والكرامة ..

شعب أبيّ يتطلع لحياة كريمة في وطنه ، يقاوم القهر بالصمود والصبر والأمل ، النظام الغاشم هو من غيب المظاهرات السلمية بفعل براميله المتفجرة والقصف الروسي الغاشم ، خرج الشعب ليفند أكاذيب النظام ، الذي يزعم أنه يقاتل ما يسميه (الإرهاب) ، وهو يغتال شعب  صدح بصوته مطالبا بالحرية والكرامة ..

خرجوا من بين الأنقاض ليذكروا العالم بثورتهم السلمية ، والتي أدماها الطاغية بنيران دباباته وعسكرها ، وحتى يقولون له لن نستكين ولن نتراجع مهما علا طغيانك ،فالشعب لازال يستميت على مطالبه ، لازالت الحناجر تردد نفس الشعار : إسقاط النظام ، الذي مزق أوصال سوريا ، وأذاق شعبها كل أصناف الويلات ، شعب حيّ ودماء الحرية تسري في شرايينه ، يقارع عدوان النظام ببسالة وصمود..

شعب يتعالى على جراحه ويرسم البسمة على الثغور ، كله أمل في أن يكلل الله صبره وصموده بالنجاح وتشرق شمس الحرية والتي طال انتظارها وتزيح عن كاهليه العناء ، وأن يطهر وطنه من درن الباطل وأن يتخلص من الطغيان وأن ينعم بظلال الحرية بعيدا عن أزيز الطائرات المرعب ، وعن آلة الحقد التي حصدت آلاف الأرواح البريئة ، خرجوا ليدحضوا روايات النظام الغاشم فيما يدعيه محاربة (الإرهاب) ويقولون له لن يثنينا حقدك ولن توقفنا براميلك المتفجرة عن مبتغانا ..

هذا هو الشعب الذي ثار على نظام غاشم ودفعه هذا الأخير لحمل السلام للدفاع عن كرامته وعرضه ووطنه ، مع أن هذه المناطق التي عمت بالمظاهرات هي بحوزة المعارضة المعتدلة ، لم يخرجوا ضدها فهي تدافع عن حياض سوريا وتدفع صلف الغزاة وترد كيدهم ، وهي من حررتها من براثن الظلم، بل خرجوا ضد النظام الغاشم من دمر سوريا ومن هجر الآلاف ومن اغتال البسمة بل ومن اغتال الحياة برمتها في كل ارجاء سوريا الجريحة..

شعب يتوق لحريته ، بإرادته قوية وعزيمة لا تلين ، رغم جرحه النازف لم يدب الخور أو الضعف في جسده ، ولم تفت في عضده المحن والأهوال والخطوب ، لازال صلب المراس ، ولازال مصرا على اكمال مشواره حتى دحر الغزاة من على أرضه الطاهرة ، ولا زالت الثورة مستمرة وتشق طريقها نحو الحرية وتتحدى كل العقبات ..

الأربعاء، 17 فبراير 2016

قلوب طيبة..



القلب الطيب منحة من الله عز وجل وصفة جليلة وخلق محمود ، فالإنسان الطيب ، طاهر القلب كصفحة ناصعة البياض ، صافي الروح سليم النية ، نقي السريرة ، متسامح كريم معطاء ، يتمنى الخير للناس ، لا يحسد غيره على نعم حباها الله له ، بل ينظر في المقابل لنعم ساقها الله له ، فيحمد الله عليها وترتاح نفسه وتصفو روحه ..

صاحب القلب الطيب يحس بآلام الغير ، يتعاطف مع كل مظلوم ، يجتهد لرفع الظلم عنه ، يفرح لفرح الغير ويقرح لحزنهم ، يخفي ألمه وراء ابتسامته ، ويداري حزنه حتى لا يكدر صفو أحبته أو ينغص فرحتهم ..

قلب مفعم بالمحبة والعطف والحنان والعطاء وو..
 وحتى تعم هذه الصفات الحميدة ننشرها فيما بيننا ، حتى تسود في مجتمعاتنا ، فحين تغيب طيبة القلوب يحل محلها الأنانية والبخل والحقد والحسد وسوء النية والريبة والشك ، وكل أمراض القلوب ..
 ولا يقدر قيمة القلب الطيب ،إلا من اتصف بها ، وغُرس هذا الخلق السامي في قلبه ، فلنحرص على مصاحبة الطيبين ، وليكونوا لنا القدوة ..

صحبتهم خير ،فهم ملح الأرض وبلسم الجراح ونور يبدد دياجير الظلام ، يفتحون لنا أبواب الأمل على مصراعيه ، فتقوى العزيمة وتذلل العقبات وتهون المصاعب وتعلو الهمة ، لا مكان لليأس في قاموسهم ، ينسجون خيوط التفاؤل، فيخف العناء ، وتتطلع الروح لمستقبل يحمل بين طياته تباشير الخير ، بإذن الله ..