الاثنين، 28 مارس 2016

لماذا تعثر الربيع العربي ..؟!


عندما ثارت الشعوب نادت بإسقاط النظام ، فهي ترى فيه المسبب لما آلت إليه أوضاع البلاد من تقهقر وطبقية وتخلف وضعف وتبعية وفقر وو...مع أنه كان فقط الواجهة لأكمة تتستر خلفه -والتي ستسفر عن وجهها القميئ بعد أن تتغول الثورات المضادة- ورفعت شعارات : كرامة ، حرية ، عدالة اجتماعية ، وشاركت فيها كل الأطياف وعقدت عليها الآمال العريضة نحو التغيير لغد أفضل وو..

ويبقى السؤال : هل سطر الثوار أهدافا للثورة ؟! حتى يستميتوا على تحقيقها ويبذل الغالي والنفيس لأجلها ، لأن الثورة المضادة والتي أعادت النظام القديم بأبشع صورة وضعت نصب عينيها هدفها وإن كان ضد إرادة الشعوب ، لم تتوانى ساعة واحدة حتى بدأت معاول الهدم تنهش في جسد الثورة ، وظفت كل ما تملكه من آليات واستغلت الأبواق الإعلامية لشيطنة الثوار واضعاف نسيجهم ، ووضعت خططا جهنمية للنيل منهم حتى تضعف التفاف عموم الشعب حولهم ، وعملت بكل الوسائل الدنيئة لشق صف الثوار وو..مع العلم ولو كان الصف متماسك لما نالت منه الشائعات..

ولا يكفي أن تسطر أهدافها بل توفر لها الإمكانات لنجاحها ، وحتى تكون يقظا وتفوت على الثورة المضادة مأربها ، وهذا للأسف ما لم يحصل في أغلب الثورات التي شهدها وطننا العربي ، ترهل الصف الثوري وانفرطت حبات عقده ونال منه الضعف ، في حين تغولت الثورة المضادة ، أو عادت بوجه مختلف مع بقاء النظام القديم ، إذن لا يكفي أن تسطر أهدافا للثورة ، بل تعمل لها بكل طاقاتك ولا تستكين إن تعثرت ، ولا ينتابك اليأس ، ولا تستعجل في جني الثمار قبل الأوان ، واعلم أن الحرية لها ثمن ، وتوطن نفسك على البذل والعطاء ، وتعلم أن طريق الحرية ليس سهلا هينا بل دونه تضحيات جسام ..

مهم أن تقوم بثورة مجيدة تبهر العالم والأهم أن تعرف كيف تحافظ عليها ، لأن الإستبداد عندما يعود سيكون أكثر شراسة ويشدد الخناق ويكون أكثر دموية ويغلق عليك كل المنافذ والثغرات حتى لا تستنهض الهمم من جديد أو يعود التفاف الناس من حولك ، ومعلوم أن السكوت على الظلم عقودا يرفع تكلفة إزاحته ، ومع هذا فهدفك الذي سطرته هو الوقود الذي يشحن همتك ، فلا يتنيك قهر وتجبر الإستبداد فالحق في النهاية هو من سينتصر ، بإذن الله ، وتكون لمن حولك القدوة ، صلابتك وصمودك وثباتك ومجابهتك للتحديات هو من يشحذ همتهم ويقوي عزيمتهم وسيزيد الملتفين حولك..

أما النكوص أو التراجع أو التوقف في منتصف الطريق هو خذلان لدماء سالت وضياع لتضحيات بذلت ، وضعفك لن يزيدك إلا هوانا ، لذلك من أسباب ضياع الثورة عندما تغيب الأهداف ،فلا يعرف الإنسان إلى أين يسير أو ما المطلوب منه ،يسير على غير هدى ..
 وهذه الأهداف التي سطرتها سلفا وعملت لها زمنا وهيأت لها الطاقات لتعمل بحماسة وتفانِِ ، وأهلتها لتخطي المعيقات وتتحدى المنغصات التي ستصادفها في طريقها ، هي من تمهد الطريق للنجاح ، مع بث الوعي بين الصفوف بأهداف الثورة حتى توفر لها الدعم ، وتكون قد  خططت لكل مرحلة كيف تتعامل معها وكيف تعالجها وكيف تجابهها ، مثلا الدولة العميقة لن تسلم بسهولة لإرادة الشعوب ،فهل خططت كيف تفشل مآربها ؟! كما خططت هي كيف تفشل تجرتك!..

فالبناء الشاهق لم يبنى بين ليلة وضحاها ، هناك مهندس ومخطط ترى بصماته بادية للعيان وهناك أيادي تعبت في تشيده واتقنت بناءه وهناك عيون سهرت عليه حتى غدا في أبهى منظر ، النفوس التي لم تتشرب ثقافة الثورة وتؤمن بإهدافها ، ستفرط فيها في أكلح الظروف ولن تحميها ، لذلك رسم الأهداف يوفر الطاقات ويصونها من الضياع وفي كل محطة تقيم مسارك حتى تقف على ماتحقق وما ينتظر وفي أي نقطة أنت ، العمل العشوائي والغير المنظم يضيع الوقت والجهد..

وتدرك كيف ترص الصفوف من جديد لتعود روح الثورة للجسد ، وتزرع بذور الأمل والتفاؤل في النفوس ،فالإستبداد بممارساته الشنيعة يحاور أن يبث في خلد الشعب اليأس والإحباط واستحالة التغيير ، ليعيده لحظيرة الإستبداد ، ومهم أن يدرك الثوار أن الشعب ركن للإستبداد عقودا ، وعندما يتشرب معاني الثورة ويقف على أهدافها النبيلة ، ويرى استماتتك حتى تحقيق مطالب الثورة ، سيتحلى بالصبر حتى تنضج ثمار ها ، بل سيكون مشاركا في بناء صرحها، بإذن الله ..



الاثنين، 7 مارس 2016

المرأة الفلسطينية في يومها العالمي ..



أن تتناول نضال وتضحيات المرأة الفلسطينية في عام مضى ليس معناه بخس تضحيات أخواتها في كل ربوع وطننا العربي ، هناك العديد من الساحات الملتهبة وتشهد تضحيات جسام  ، كان التركيز على المرأة الفلسطينية لما تشهده فلسطين من انتفاضة القدس المباركة ، ودور ها المؤثر والفعال في الذود عن فلسطين وحماية المقدسات ..

كان دور المرأة الفلسطينية جليا في صون وحماية الأقصى المبارك والدفاع عنه ، فالمرابطات كن الحائل دون تقسيم الأقصى المبارك ، فالمرابطة هي من تنوب عن الأمتين العربية والإسلامية في حمايته ، وإيقاف كل ما تضمره عقلية المحتل الماكرة من اجحاف ومكر بحقه ، ومع كل ما تتعرض له من انتهاكات ، ظلت ثابتة وبصمودها الأسطوري فوتت على الإحتلال مآربه ومخططاته الدنيئة ..

 برباطها أحيت القضية وأعادتها للواجهة ،بعد أن كادت تُنسى في خضم ما تعانيه الأمة من محن وشدائد ، استغل المحتل حالة التشرذم والتمزق والتفكك وحال الأمة المزري ، ليمرر مخططاته ويحقق مآربه ، إلا أن صمود المرابطات فوّت عليه مأربه ، المرابطات هن درع الأقصى الحصين ، ومع كل ما تتعرض له من إيذاء إلا أنها لازالت تسطر أروع الملاحم في تصديها لقطعان المستوطنين الذين يقتحمون باحاته ..

فالإضافة للرباط ، فقد كان لها الأثر البارز في انتفاضة القدس ، فهي تحس بما يورق الوطن وتدرك أن عليها واجبا نحوه ، وترى ما يعانيه الأقصى المبارك من تدنيس متكرر ، فعدالة القضية تشحن همتها وتقوي عزيمتها ، فهي ليست بعيدة عما يكابده وطنها ،فكل بيت في فلسطين إلا وقدم أسيرا أو شهيدا ، فهي تعيش الواقع المؤلم بكل كيانها ، وتسعى لتخفيف عنه أوجاعه وآلامه ..

 هي من ربت هذا الجيل المنتفض ، فكان هذا العطاء المبهر لشباب في عمر الزهور ، ويتنافس لنيل الشهادة ، ستجد بصماتها جلية خلف العمل المقاوم ، وهي من زرعت في قلوب الصغار حب الوطن والإنتماء للأرض والتضحية من اجل خلاصه بالغالي والنفيس ، هي من علمته كيف يعشق ثرى الوطن وهي من هونت عليه الصعاب ، هي من غرست في حنايا قلبه معنى العزة والكرامة والإباء ، فالدفاع عن حياض الوطن شرف ووسام تقلدته ، هي من انجبت هؤلاء الأبطال ، أسود الميادين ، هي من حفزتهم على البذل والعطاء والفداء ..

رأيناها كيف تستقبل شهادة فلذات أكبادها بالزغاريد وكيف تفتخر بشهادته وتثمن بطولاته ، وتعتز بها وتتقدم الصفوف لتحمل جثمان ابنها الشهيد ، في رسالة للمحتل أن شجرة العطاء لا تموت إن قطع غصن منها ، بل سينمو مكانه غصن أشد صلابة وقوة ، فالأرض المعطاءة تروى بدماء الشهداء الطاهرة ، وإن هدم الإحتلال منزلها لا تهتز شعرة منها ، ولا تنكسر عزيمتها ، بل تتوعد المحتل بالمزيد من التضحيات ، فكانت بذلك مدرسة في التحدي والصمود ، وهذا الثبات والصمود ليس جديدا عليها فتاريخها النضالي حافل بالتضحيات والعطاء ، وصفحات التاريخ تزخر بعطائها وصبرها ومقارعتها للمحتل ..

قدمت فلذات أكبادها فداءا لتحرير الوطن ، بل وشاركت في ملحمة الصمود ، وضحت بروحها وقاومت المحتل وساندت كفاح أخيها الرجل ، وتميزت في انتفاضة القدس ، تألقت وأبدعت في أشكال الصمود ، فكانت بذلك حافزا لغيرها في السير على نهجها ..
كان لها حضور مميز جسدته : السيدة الفاضلة فيحاء شلش زوجة الصحفي محمد القيق والتي كانت عنوان الوفاء والإخلاص ، ساندت زوجها ولم تترك بابا إلا وطرقته حتى تسمع صوته للعالم ، ليتعرف هذا الأخير على ما يتعرض له الصحفي الفلسطيني من حيف ، عندما يصدح بالكلمة الصادقة والصورة الحية ، ساعدتها مهنتها كصحفية في التعريف بالقضية وتوفير لها الدعم ..

كانت له نعم السند في محنته ، شدت من أزره ووقفت لجانبه ، حتى تكللت معركة الكرامة والتي خاضها بأمعائه الخاوية بالنجاح ، وكسر قيد السجان وقهر جبروته وتعنته ، جريرته أنه كان ينقل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من محن ومآسي وظلم ،فأراد المحتل أن يكمم فاه ، ويكتم صوته ، فكان العكس صموده وثباته بلغ أوسع مدى ، دعم قضيته العادلة كل حر وساند صبره وصموده حتى نال حريته ..
ولازالت أخوات صامدات يقبعن في سجون الإحتلال ، كل جريرتهن أنهن دافعن عن ترى فلسطين الغالي وجابهن صلف المحتل وتحدينه ، وقد زاد عددهن في ظل انتفاضة القدس ، ولازالت مسيرة النضال مستمرة حتى تحرير كل فلسطين ، بإذن الله

السبت، 5 مارس 2016

سوريا : إرادة شعب لن تنكسر



مع سريان الهدنة في عدة أرجاء من سوريا ، حل هدوء نسبي في عدة محافظات ، وعمت المظاهرات وخرج الشعب ليرفع نفس الشعارات والتي ثار من أجلها : إسقاط النظام ،في رسالة للعالم مفادها ، أن الشعب السوري لم ولن يستسلم رغم بطش النظام الغاشم وحلفائه ورغم المحن وقساوة العيش وضراوة المعارك وطول المحنة ، لن يرفع الراية البيضاء ، ولازال مصرا على مطالبه في نيل الحرية والكرامة ..

شعب أبيّ يتطلع لحياة كريمة في وطنه ، يقاوم القهر بالصمود والصبر والأمل ، النظام الغاشم هو من غيب المظاهرات السلمية بفعل براميله المتفجرة والقصف الروسي الغاشم ، خرج الشعب ليفند أكاذيب النظام ، الذي يزعم أنه يقاتل ما يسميه (الإرهاب) ، وهو يغتال شعب  صدح بصوته مطالبا بالحرية والكرامة ..

خرجوا من بين الأنقاض ليذكروا العالم بثورتهم السلمية ، والتي أدماها الطاغية بنيران دباباته وعسكرها ، وحتى يقولون له لن نستكين ولن نتراجع مهما علا طغيانك ،فالشعب لازال يستميت على مطالبه ، لازالت الحناجر تردد نفس الشعار : إسقاط النظام ، الذي مزق أوصال سوريا ، وأذاق شعبها كل أصناف الويلات ، شعب حيّ ودماء الحرية تسري في شرايينه ، يقارع عدوان النظام ببسالة وصمود..

شعب يتعالى على جراحه ويرسم البسمة على الثغور ، كله أمل في أن يكلل الله صبره وصموده بالنجاح وتشرق شمس الحرية والتي طال انتظارها وتزيح عن كاهليه العناء ، وأن يطهر وطنه من درن الباطل وأن يتخلص من الطغيان وأن ينعم بظلال الحرية بعيدا عن أزيز الطائرات المرعب ، وعن آلة الحقد التي حصدت آلاف الأرواح البريئة ، خرجوا ليدحضوا روايات النظام الغاشم فيما يدعيه محاربة (الإرهاب) ويقولون له لن يثنينا حقدك ولن توقفنا براميلك المتفجرة عن مبتغانا ..

هذا هو الشعب الذي ثار على نظام غاشم ودفعه هذا الأخير لحمل السلام للدفاع عن كرامته وعرضه ووطنه ، مع أن هذه المناطق التي عمت بالمظاهرات هي بحوزة المعارضة المعتدلة ، لم يخرجوا ضدها فهي تدافع عن حياض سوريا وتدفع صلف الغزاة وترد كيدهم ، وهي من حررتها من براثن الظلم، بل خرجوا ضد النظام الغاشم من دمر سوريا ومن هجر الآلاف ومن اغتال البسمة بل ومن اغتال الحياة برمتها في كل ارجاء سوريا الجريحة..

شعب يتوق لحريته ، بإرادته قوية وعزيمة لا تلين ، رغم جرحه النازف لم يدب الخور أو الضعف في جسده ، ولم تفت في عضده المحن والأهوال والخطوب ، لازال صلب المراس ، ولازال مصرا على اكمال مشواره حتى دحر الغزاة من على أرضه الطاهرة ، ولا زالت الثورة مستمرة وتشق طريقها نحو الحرية وتتحدى كل العقبات ..