قبل أن تفتح سفارة للكيان الصهيوني على أرضك أو مكتب اتصال أو تتواصل معه !!
إسأل الفلسطيني كيف بنى هذا المسخ كيانه على أشلاء أصحاب الأرض ودمائهم ؟
وكيف هجر الفلسطيني من قراه ومدنه وبياراته وكيف غيّر الأسماء وطمس معالم جرائمه ، وكيف أحرق المزارع ، وكيف ألجأه لبعض اللئام ، من أساء لكرم الضيافة ، من ضيع الحق الفلسطيني ، ومن خذل وقصر وخان الأمانة ..
إسأل الفلسطيني كيف يقتل الإحتلال أبناءه في معابر الموت بدم بارد ، وكيف حاصر غزة وحرمها مقومات الحياة ، غزة الصغيرة في مساحتها الكبيرة والشامخة بعزة شعبها الذي يحتضن مقاومته ، ومقاومة تذود عن حمى وحياض الوطن بل عن حمى الأمة ، وتصد العدوان وتخلق توازن الردع ..
إسأل الفلسطيني على ثلاثة حروب مدمرة على غزة الصامدة ، أودت بحياة الآلاف من المدنيين العزل ، بل عائلات بأكملها استشهدت ، لم تستثني آله الحقد الصهيوني حتى المرافق الحيوية من مدارس وجامعات ومستشفيات وكذا بنية تحية ، إسأله عن أحبة فرقهم الإحتلال بإغلال الأسر والإعتقال الإداري وغيبتهم سجونه لعقود ..
إسأل الفلسطيني كيف يُنكل به عند الحواجز والمعابر التي تمزق أوصال الوطن ، إسأله كيف يبتزه في قوته وقوت عياله ، بغرض تركيعه لاقدر الله ، وكيف يبتزه عند حاجته للعلاج بغية إسقاطه في براثن العمالة ، أو اعتقاله عند العبور ، إسأل جنوب لبنان أيضا عن قانا ، كيف احتمى المدنيون بمبنى الأمم المتحدة ، وكيف استهدفته آلة حقده وحصدت الأرواح البريئة ، فأحالت المبنى لركام ودمار ، وأحالت الأجساد الغضة لأشلاء..
إسأل الفلسطيني كيف يهان المسجد الأقصى ويدنس مسرى نبيك الكريم ، مع ما تضمره عقلية الإحتلال العنصرية من شر للأقصى الشريف وأنت تلوذ بالصمت المطبق ، وفي أغلب الأحيان تنديد وإدانة وشجب ، لا تغير من واقع الحال شيئا ..
هذا الشعب ينبض بالحياة ، ينشد حقك ، وكما قاومت الإستعمار الفرنسي حتى أخرجته من وطنك ، هو أيضا يتوق لحريته وحرية موطنه ..
ومن يقف عند كل هذه الجرائم وهذا الظلم والحيف وهذه المعاناة ويمضي في غيه ، فقد تبلد حسه وبات بلا ضمير حيّ ، فهناك من غير العرب أو المسلمين ومع ذلك يناصر القضية ويساند نضال شعبها أكثر من بعض العرب ، بل هناك يهود غير صهاينة يقرون بالحق الفلسطيني ويناهضون الصهيونية ودعاياتها المهترئة ، فأنظر في أي صف أنت تصطف أوتقف..!!!
ليست المقارنة هنا على فلذة الكبد أو أي غالِِ وعزيز على نفسك فارقك ، فالفراق صعب في كل الأحوال ، إن كان الغالي على نفسك شهيدا أو أسيرا ، فالأمر واحد ويشق على المرء فراقه ، وما يخفف العناء ويضمد الجراح : عدالة القضية وطلب الأجر والثواب من الله عز وجل ، وفداء وطن يستحق البذل والعطاء والتضحية ..
المقارنة هنا بين حالة الأسر والشهادة ، في حالة الشهادة يضفي الله عز وجل على أهل الشهيد الرضا والصبر ، مع كل ما يتمتع به الشهيد من كرامات وفضائل ونعم ، تحدثت عنها آيات وأوردتها أحاديث جمة ، الشهيد حيّ يرزق في حمى آمن ، عند رب رحيم ودود كريم ، عطاؤه لا ينقطع ، تطمئن نفسك على أحواله ، فالشهيد في رحاب فسيحة في جنان فيحاء يرفل وعند رحيم رحمان يتنعم ، سكن قلوب أحبته ، التي ستظل ألسنتهم تلهج بذكره ، لن ينسوه أبدا مع ما للشهادة من شرف وعزة فهي عنوان الكرامة والإباء ، الشهادة وسام تشرف به الشهيد وأهله واكليل فخر وشهامة تزين به جبينه الوضاء وكذا أهله ..
أما الأسير مسلوب حقه ، محروم من العيش بحرية وكرامة في موطنه ، مقيد بالأصفاد ، بعيد عن دفء العائلة ولمة الأهل والأحباب والأصحاب ، في الأسر ذبل الجسد وانهك، يحس بالقهر عند وفاة أحبته دون أن يلقي عليهم نظرة وداع ، يفتقدهم ويفتقدونهم في المناسبات السعيدة ، سنين عدة اقتطعت من عمره ظلما وجورا ، يصبح ويمسي في عتمة السجن على سحنة السجان ، يحمل أثقالا من الأوجاع تنوء بحملها الجبال ، يخففها بصبره وصموده وثباته وإيمانه .
الأسير يقبع خلق القضبان ب"جريرة" حبه لوطنه والذود عنه ، جريرته أنه فلسطيني ينتمي لهذه الأرض الطيبة المعطاءة ، دافع عن أرضه وعرضه ومقدساته وحمى ثرى وطنه الغالي ، رفض ذل الإحتلال وتاقت روحه لحريته وحرية موطنه ، أسير في عتمة السجن يقبع ، بين يدي قلوب انتزعت منها الرحمة ، فغدت أشد وأقسى من الحجر ، الأسر موت بطيئ ومعاناة لا تقف عند الأسير بل تتعداه لتطال كل أحبته ، ولوعة الشوق والحنين لا تطفئها سويعات الزيارة خلف الحواجز مع ما يرافقها من حيف وصلف المحتل وتعسفاته ، بل تؤججها ، كم من زيارة تلتها حرقة وغصة في القلب وحزن مرير وأمراض بل وموت ، ولا يحس بمرارة الإنتظار إلا من تجرعها واكتوى بنارها..
هم جنرالات الصبر ، يحدوهم الأمل في لقاء أحبتهم ، لهم عزيمة قوية لا تلين ، ويقين عالِِ بفرج الله ومعانقة شمس الحرية ، بإذن الله ، وثقة في جهود المقاومة ، بأن تثمر خيرا ، بإذن الله ، فقد وعدت ووفت ، وحققت حلما طالما راود الأسرى لسنين فغدا حقيقة جلية ، وقريبا بحول الله سيتحقق الوعد وستدخل الفرحة والسرور والبهجة قلوب طالما انتظرتها ، بعون الله ..