لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
مهما اتخذت لك من أُسوة وتأسيت بها واخترتها بعدما توسمت فيها خيرا فحتما سيتسلل إليها التقصير ولن تبلغ درجة الكمال ، ومهما حوت سيرة قدوتك من مناقب فلن تُضاهي أخلاق ومناقب رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام من جمع كل الخصال الحميدة من مروءة وقيادة رشيدة وشهامة وجود وكرم وعفو عند المقدرة وحلم ، مهما تعرض لأذية قومه ، ليقول لهم عند فتح مكة والأنفس تنتظر القصاص : لا تتريب عليكم اذهبوا فأنتم الطلقاء ..
كان مخبره صافي ونقي مثل مظهره ، تجسدت فيه كل الخصال الحميدة جاء ليتمم مكارم الاخلاق ، كان يُلقب قبل البعثة بالصادق الأمين ، وبعد البعثة لقبوه بأبشع النعوث لأنه جاء ليصحح مفاهيم مغلوطة ويرد القطار لسكته الصحيحة ، ويُخرج العباد من عبادة العباد لعبادة ربّ العباد ، جاء ليقول : كلكم لآدم وآدم من تراب ، الناس سواسية كأسنان المشط ، أكرمكم عند الله أتقاكم، بزغ بقدومه نور الفجر فبدد الظلام وساد العدل ومُحي الجور والظلم .
سيرته العطرة تنبع من المنبع الصافي ومنه تستمد القوة فيدعم الحق ، أنشأ جيلا نقيا تقيا زرع في قلوبهم الخير وحصد بذلك الخير ، فقد تجد لك قدوة في مجال ما لكنه حتما سيفتقر للحنكة والدراية في مجال آخر أما سيرته فقد حوت كل الجوانب ، لم تترك مجال إلا وأحاطت به ، شاملة كاملة لا يمتد لها تقصير ، اختاره الله واصطفاه على كل خلقه وقربه إليه منزلة ، هو معلم البشرية كان خلقه القرآن في بيته كان الزوج الكريم والأب الرحيم لم يكن فاحشا متفحشا حوى الكل بصدره الطيب وافسح للكل قلبه كان مثالا للقدوة الصالحة الخالدة في كل الجوانب ، شيمته العفو والصفح قال تعالى : (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) [آل عمران : 159
لو كان فظا غليظ القلب لما التّفت حوله القلوب ، فالناس تحتاج للكنف الطيب يأوون إليه وإلى سماحته محتاجون للقلب الكبير يحتويهم بعطفه ووده ورضاءه كل من عاشره أحبه ، حتى المنصفون اليوم من الغربيين يُشيدون بحكمته وحنكته في قيادة الأمة، وحد شملهم وعزز روابط الأخوة فيهم، جمع كل الخصال الكريمة ، حتى قبل البعثة كان يُعين الضعيف على نوائب الدهر صافي السريرة،طاهر القلب..
كلما قرأنا سيرته وقفنا على حقائق غابت عنا، للاسف اليوم اتخذنا قدوات فتبنينا أفكار ابعدتنا عن النهج القويم وتركنا القدوة الحسنة من علمه الله واحسن تعليمه ، فلو كان غليظ القلب لتفرق عنه اصحابه ونبذه الكل ، كان يُجيد التعامل مع الكل مع الصديق والجار والصبي والمرأة جمع محاسن الأخلاق ، يبدل لهم النصح بكل ود ورحمة ..
متواضع رحمة للعالمين ، كان نعم القائد أقام العدل ونشر الخير كان نورا أضاء الكون وبدد الجهل نبراسا ومشعلا للهداية ، قاد أمته للعزة والكرامة ، ليبلغ عزها مشارق الأرض ومغاربها كيف لا وهو يستمد تعاليمه من المنبع الصافي الله عز وجل ، تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، ما أحوجنا لقراءة سيرته العطرة ونقارنها بما نحن فيه اليوم لنجد البون الشاسع ، جاء ليبلغ الإسلام ويشع نوره على الكل ، عدلا في السلم و في الحرب لن تجد القدوة الحسنة إلا في كنفه دعى البشرية بحكمة وبالموعظة الحسنة فتح القلوب فتشربت معان الإسلام وأقبلت عليه بكل طواعية ..
أُوذي من قومه كثيرا ، ومازاده ذلك إلا أن دعا لهم أن يُخرج الله من أصلابهم قوم يُؤمنون بالله ، كم نحن اليوم في حاجة لنهجه القويم وفكره المستنير ورؤيته الثاقبة وقد تكالبت علينا الأمم ، فاليوم البشرية في حاجة ماسة ومتعطشة للخلاص ، ولن تجده إلا في اتباع نهجه فقد جربت كل نظم وضعية جرّت عليها الوبال ، فالإسلام هو المصحح وهو المخلص بما يحمل بين طياته من خير للكل ، نظام شامل سيعيد للبشرية أمنها وطمأنينتها وسعادتها ولن يتأتى ذلك إلا حين نقتدي به وبمبادئ الإسلام السمحة حتى تُقبل عليه البشرية وتفتح قلبها له ، الإسلام هو الامل المنشود وأمة الإسلام مُكلفة بتبليغه على أحسن وجه حتى تمحي بذلك عقود العتمة والجهل والظلم وتسعد في حماه..
الله سبحانه وتعالى خلقنا لإعمار الارض بالخير ونشر العدل وإنقاذ البشرية من الهلاك ونشلها من التيه ، فحتما إن أنت زرعت بذور الخير ستحصد ثماره ، عاشت البشرية في ظل عدل الإسلام وليس فقط المسلمون بل حتى غير المسلمين سعدوا تحت كنفه لأنه عمهم بعدله ..
حتى في الغزوات وحالة القتال تبدو أخلاق الإسلامية جلية ، فالإسلام شرع الجهاد للدفاع عن بيضة الإسلام وحماية الدين والحرمات والمقدسات ، شُرع حتى يُخلي الظلمة بين الفاتحين وبين الشعوب حتى تختار عن طواعية ولا تُكرّه بل تُرغب ، وكم أقبلت الشعوب على الإسلام حين خُيرت بل وأصبحت جنوده الأوفياء ، الغزوات في الإسلام لم يكن الهدف منها إراقة الدماء ، بل لنشر العدل وإرشاد العباد للحق ، لذلك حتى في حالة الحرب جعل لها ضوابط وقوانين ، فالأسير لا يُقتل ولا يُنكل به بل يُتعامل معه بالحسنى ..
فالاعداء ليسوا قُدوتنا قدوتنا الرسول عليه الصلاة والسلام ، فالرسول الأكرم كان يوصي صحابته خيرا : لا تقتلوا النساء ولا الاطفال ولا الرهبان في معابدهم لأننا نُحاربهم بأخلاق الإسلام ما احوجنا للمقاوم الرباني العالم بحق الله عليه ، يوصيهم بأن لا يغدوا وأن لا يقتلوا وليدا ولا يحرقوا جشرا ولا يُفسدوا في الأرض ولا يُمثل بالقتلى ، العدل والإنصاف تجلى في أبهى صوره حتى في الحروب ، بل يوجهوا القتال للمقاتلين المعتدين ، فالإسلام لا يُقاتل انتقما أو ثأرا بل بعقيدة ، يُوصيهم إن أبروا عهدا أن يوفوا به إلا إذا نكث الآخر العهد ..
والسيرة حافلة وغنية بالمواقف الكريمة ، واليوم نحن في حاجة لدراستها من كل الجوانب والإحاطة بها والوقوف على نبل وأخلاق الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام حتى نتخذه قدوة لنا في تبليغ رسالته بالحكمة والموعظة الحسنة حتى يسود الإسلام من جديد ويعم بخيره على كل البشرية ...
|
ردحذفThank you for your wonderful topics :)
شكر الله لكم مروركم الطيب
ردحذفthank you for you beautiful words
وشكرا على كلماتكم الطيبة :)