استبشرت الشعوب العربية خيرا بربيع ضخ دماء الحرية في شرايينها وأزاح ظلم الاستبداد ، وفضح نفاق الغرب الذي طلما غنى للديمقراطية وهو من كان يدعم المستبدين ويجمل صورتهم أو يغض الطرف عن سياساتهم المجحفة في حق شعوبهم ما داموا يحفظون مصالحه ، وحين أحس الغرب بالمركب ستتجاوزه ركب الموجة وانهالت كلمات رنانة على مسامع الثوار من قبيل حقوق الانسان وحق الشعوب في اختيار مسارها والعيش بكرامة وغيرها من شعارات رنانة ، رأيناه اليوم كيف انقلب عليها قبيل الانقلاب العسكري في مصر وظهرت للعيان نبرة أخرى للغرب تحابي الانقلاب وتغض الطرف عن مجازره وما تلاه من اجراءات تعسفية قوضت الحرية ونالت من حقوق الانسان وعصفت بالشرعية واهدرت الكرامة وو..
بعد الربيع العربي دشنت الشعوب بداية حرة ، وسعت للاستحقاقات رغم التحديات والمتاريس التي اعترت المسار وبعد جهد جهيد وبعد الوقوف على السكة الصحيحة ، جاءت النكسات وجاء الانقلاب في مصر ونُسف كل ما سبق وأن تحقق ، وتأزم الوضع ، لا يختلف المشهد الليبي والمشهد التونسي عن المشهد المصري ، ما يقع في تونس متزامن مع الانقلاب في مصر ، وكأن حركات التمرد لا تنشط إلا في دول الربيع العربي !!
أو هناك من يسخرها لتمرير مآربه تمهيدا لعودة الاستبداد ، في تونس وبعد أسابيع ماضية من الهدوء ، جاء اغتيال البراهمي الذي كان يشغل نائب بالمجلس التأسيسي فعصف الحادث بتونس وهز هدوءها وعكر صفوها وزعزع استقرارها ، استغله البعض للاطاحة بالمجلس التأسيسي واسقاط الحكومة ! ونسف كل ما تحقق وعودة لنقطة الصفر ، وكان أولى التريت والهدوء ومطالبة بتحقيق شفاف يحفظ نسيج تونس من التمزق ، فأي حدث وقع ، لتعرف الفاعل ، اسأل نفسك من المستفيد حتما ستقف على الفاعل ، المستفيد من الحادث هم اعداء الثورة حتى وإن تصدر المشهد غيرهم بعلم منهم أو بدون علم ، فحتما المستفيد من الاحداث هم من يريدون أن يقوضوا المسار الديمقراطية ويستنسخوا المشهد المصري في ليبيا وفي تونس ، لا قدر الله
وسمعنا نبرة غريبة بدت تعلو : أن هناك من تسلق الثورة خدمة مصالح حزبية وو..!! وهذه التصريحات لن تخدم الثورة أو تُحِلل الاستقرار ، بل ستزيد المشهد تعقيدا ، ونفس التصريحات التي كانت تُروج في مصر ، وحتى دون انتظار ما تسفر عنه التحقيق بدأت الاتهامات لتيار بعينه وبدأت الملامة دون بينة أو دليل ، وتحميله المسؤولية ، لماذا الحادث تزامن مع أحداث مصر ولماذا تتلبد السماء وتشحن الاجواء ، بعد أن مضى القطار في سكته الصحيحة رغم التحديات ؟!!
تصريحات الداخلية التونسية لا تبشر بخير بدأنا نسمع نبرة عن انقسام الشعب تعلو في تصريحاتها ، بين مؤيد ومعارض ، باتت الشرعية في دول الربيع العربي على المحك ، رغم أن المجلس التأسيسي كان قد اقترب من انهاء مهامه ولم يبق إلا القليل ،لكن بعد الاغتيال ، أعقبه انسحابات منه وهذا لا يبشر بخير ، صحيح أن طبيعة الجيش التونسي ليس كالمصري ، هذا الاخير له وجود في كل المرافق ، لكن مقتل مجموعة من الجيش التونسي تعود بذاكرتنا لمقتل مجموعة من جيش مصر وكأنما الفاعل واحد ، وإن اختلفتِ الوجوه الفاعل هو الذي يسعى لافشال المسار الديمقراطي وعودة الاستبداد ، لا قدر الله ، فأمام التحديات إن لم يكن هناك لصوت العقل آذانا صاغية ، حتما الاوضاع ستزداد تأزما ، وفي ليبيا المشهد لا يختلف عن تونس ، اغتيالات واعمال عنف ، هل أعطى المشهد المصري لأعداء الثورة ، انتعاشا ليعود الاستبداد !!!
المشهد في تونس منقسم ، هناك مؤيد للمشهد المصري وهناك معارض له
والدولة العميقة لازالت تشتغل والجهاز الذي كان يغذيها لازال قائما وفي مصر عاد ليشتغل ، ومعلوم أن النظام البوليسي هو من كان يقمع الثورة وهو من أذاق الشعوب الويلات ونكل بهم وقمع حرياتهم ، تصريحات الداخلية في تونس مريبة ، المفروض أن لا تشيع الانقسام أوتجعله امرا واقعا بل تكون في مسافة قريبة من الجميع ، وتدعم المسار الديمقراطي فهو صمام أمان لحفظ الثورة ، ومتابعة الاعلام حتى لا يجند كسلاح يجهض الثورة كما الاعلام المغرض في مصر فهو ضالع في الانقلاب وشيطنة كل شريف ..
الثورة الحقيقة هي من تسعى لاستئصال الفساد من جذوره وتبعد كل من صفق للاستبداد وكل من له قوة يمكن أن يوظفها في إعادة الاستبداد ، هذا الاخير سمم الاجواء وخلق طغمة متنفذة تحرق البلد ، همها مصالحها لا غير ، الثورة لن تغير تفكيرهم بين عشية وضحاها قد يواكب الثورة وقد يحني رأسه حتى تمر الموجة وحين تحين الفرصة يعود في توب آخر ، ليشن ثورة مضادة ، من يريد أن يستنسخ المشهد المصري فهو يمهد لعودة الاستبداد ، وإن لم تستوعب الشعوب الثائرة الدرس فالربيع العربي في خطر وإن عاد الاستبداد سيكون أشرس ، ومع كل هذه الغيوم المتلبدة والسحب السوداء، فالمواطن العربي رفض أن يعود لعيشة الذل والاستعباد والمهانة ومتمسك بخيار شرعي ديمقراطي سعى له لتحقيق الحرية والكرامة والعدالة ولن يحيد عنه ، إن شاء الله ..
طرح البارحة ضيف برنامج الاتجاه المعاكس ثلاثة سيناريوهات أمام التيار الاسلامي عموما والاخوان خصوصا :
سيناريو تركيا زمن اربكان ، نموذج الجزائر ، أو الصمود وسلمية المظاهرات لحتى يلوح تغيير في الافق إن شاء الله وتكلل مساعيهم بالنجاح .
طبعا سيناريو تركيا مستبعد ، مع ما نلمسه من الاقصاء الكلي للتيار الاسلامي ، قد لن يتحقق هذا الطرح ، الانقلاب كشر عن انيابه منذ اللحظة الاولى واقصى التيار الاسلامي وصادر صوته وصوت من صوت عليه ، تركيا كانت تصبو للانضمام للاتحاد الاوربي لذلك كانت تخشى على موقعها ومكانتها وتعي أن الاتحاد سيرفض دخول أو التحاق دولة ديكتاتورية به ،لذلك بقي الحزب وطور من أداءه وعاد بقوة واستفاد من سلفه ..
نموذج الجزائر : غير مطروح ، لأن الاخوان منهجهم واضح ، منهج رافض للعنف ولن ينجر له ، رغم أن الانقلابيين يهدفون من أعمال البلطجة أن تهوي مصر لهذا المستنقع الآسن ، لا قدر الله ، حكمة ورزانة الاخوان ستفوت على الانقلابيين مبتغاهم ومآربهم ، إن شاء الله ..
بقي الحل الاخير وهو المطروح بقوة ، الصمود والثبات حتى توتي المظاهرات السلمية أكلها مع مسيرات تُعري زمرة الانقلابيين وتكشف زيفهم ، صبر وثبات وصمود وهذا هو الطرح المتاح أمامهم ، نسأل الله لهم النصر والثبات ، اللهم آمين
كلما تحركتِ الحشود المؤيدة للشرعية في مسيرات تجوب المحافظات والسفارات ، كلما تصدى لها البلطجية ومن يحمونهم ، وأمام مشاهد الدماء نجد من يحمل المسؤولية للضحية بكلمة : لكن .. فلكن تنسف ما قبلها ، يجرمون أعمال البلطجية ويتبعونها ب- لكن - وبعدها يحملون الضحية كل المسؤولية ، حتى سمعنا أحدهم يقول : لماذا لم يتعرض لهم أحد في ميدان رابعة العدوية ؟!! لماذا ؟!!
وكأن زمرة الانقلابيين يريدون من الحشود أن يبقوا في الميادين دون أن يكون لصوتهم حس ويراهنون بعدها على تآكل المظاهرات لتمرير الانقلاب ، من حق الشعب أن يتظاهر وأن يعبر عن رأيه الرافض للانقلاب وأن يتم حمايته من البلطجية ، وأن يسير في مسيرات سلمية مؤيدة تبلغ الصوت للكل الداخل والخارج يُعبر بوضوح عن مواقفه ، بدل تجريم البلطجية ومن يحمونهم ، يتهمون الحشود ويجلدون الضحية ، والغريب في الامر أن الاتهامات تأتي ممن كان يلبس توب الثوار البارحة وما إن تحقق له مبتغاه ، حتى رأيناه كيف يقتصر رده عن مجازر تندى لها جبين الانسانية ، في حق الشعب بتغريدة أو بالاصح ليست تغريدة فهي أقرب لنعيق البوم منها للتغريد ، في استهانة تامة بدماء الابرياء ..
وقد رأيناه كيف كان يندد ويتوعد ويرغي ويزبد حين كان في المعارضة ، ما ميز المرحلة الراهنة أنها كشفت اللثام عن وجوه انخدع فيها البعض حين ارتدت توب الثورة واليوم انكشف مسارها ، حتى يصحح كل الشعب نظرته ويكون لكلمته صدى في رفض الانقلاب ويكون للشرعية نعم الحامي .
المسيرات لها وقع ولها حس وتُعرف عموم الشعب بما يُحاك له ، لذلك تستفز زمرة الانقلابيين ويتصدون لها بقوة ، ولها ميزة أنها تزيد من زخم الملايين المؤيدة ويقف الشعب كله على حقيقة ما يجري وتتجلى له الحقائق التي يسعى الاعلام المحرض لتغيبها ودفنها ، إذن فالمسيرات لها وقع ولها فائدة وسيكون لها حس ، يسعى البلطجية لبث الخوف والرعب بين صفوف المؤيدين حتى ينفض الجمع ، انقلب السحر على الساحر وزادت الحشود زخما وزاد اصرارهم ، واللافت للنظر أن البلطجية جن جنونهم عندما كانت تمة مسيرة متجهة للسفارة الامريكية ، رغم سلميتها فقد تصدوا لها وأرادوا الحيلولة دون بلوغ السفارة ..
هذا دليل على التعتيم الممنهج من الاعلام المحرض للملايين المؤيدة ، ففي بلوغ السفارة وبلوغ الصوت للخارج قوة تزيد من صمود الحشود وتعريف العالم بحقيقة المجريات على الارض مما يغيّبه الاعلام المحرض ، وفي جو مشحون وجو يغلي نرى كيف أن الانقلابيين يسعون في خطى خبيثة لتثبيت الانقلاب داخليا بالتعتيم والتكميم ومصادرة للصوت والتعرض للمسيرات السلمية بالقتل والتعدي والضرب وفي الخارج يواصلون طمس الانقلاب وتحويره وتغليفه حتى يتم قبوله ومن تمة فرضه ، لذلك مطلوب من الملايين المؤيدة للشرعية أن تعسى هي أيضا لفضح الانقلاب وتعريته وكشفه للداخل والخارج حتى يقف الكل على حقيقة ما يجري في مصر من انقلاب مكتمل الاركان وإن اراد الانقلابيون تغليفه .
ن تركيا من بلد تنفس عبير الحرية والديمقراطية وحمى إرادة الشعب ولم يصادر كلمته ، ولم ينقلب عليها حين افرزت حزب العدالة والتنمية والذي ارتقى بتركيا لمصاف عليا وحقق لها ما كانت تصبو إليه من تقدم وازدهار وأعاد لتركيا وجهها المشرق وانهى ديونها ، في حفل إفطار أعده حزب العدالة والتنمية تناول رئيس الوزراء التركي المشهد المصري من عدة جوانب تظهر الحقائق جلية ، والتي لازال الغرب مذبذب ولم يحسم أمره في توصيف ما وقع في مصرعلى أنه انقلاب ..
الرأي الرسمي الغربي لازال ضبابي وإن كان يريد للمشهد أن ينتهي فكلما طال كلما انكشف زيف الغرب أمام شعبه ، غرب يتغنى بالديمقراطية وحين تغتال أمام ناظريه يتلعثم لسانه ويرتبك ولا يعبر بصراحة عن موقفه من الانقلاب العسكري وإذا كان الاعلام الغربي الرسمي لم يحسم أمره ويتردد في توصيف المشهد على أنه انقلاب ، فهناك صوت تنامى في الشارع الغربي وقد سبق زعاماته وتجاوزهم وعبر عن مواقفه وكشف زيف الانقلابين ، معروف أن الغرب يتذرع كون توصيفه لما حدث في مصر على أنه انقلاب ستتلوه اجراءات ، إلا إذا كانت الاجراءات لا تصب في صالح الغرب نفسه وليس في صالح مصر، لذلك تجده يتردد رغم أن هناك أصوات عبرت بوضوح عن مواقفها وبصراحة وأن ما حدث هو انقلاب عسكري ..
استغرب أردوغان كيف للغرب أن يغض الطرف عن ما يحصل في مصر ..
طبعا كانت جموع المعارضة ما هي إلا مطية أو اطفاء الشرعية على انقلاب فاضح ، كان ممكن تمرير هذا الهراء في زمن ولى لكن اليوم هناك قنوات عدة تتناول المشهد وتقول كلمتها الصريحة التي تصف ما حدث على أنه انقلاب ، المعارضة فقط كانت لتمرير انقلاب هذا بات جليا ، تناسى الغرب أن شعوبهم تراقب المشهد عن كثب ولا يأمن الغرب إن كفرت يوما شعوبهم بالديمقراطية إن مُرر الانقلاب في صمت غربي ، لذلك نرى تحركات هنا وهناك لايجاد حل وسط ، إن شاء الله لن يُمرر مهما جندوا له كل أدواتهم الغير الاخلاقية ، لتمريره أمام اصرار الشعب على رفضه للانقلاب وتنامي وعيه ..
رفض أردوغان التواصل مع البرادعي لأنه ليس ممثل شرعيا لمصر..
طبعا التواصل مع من صفق للانقلاب وشارك فيه ، تزكية للانقلاب ، ونتساءل كيف ينقلبون على الشرعية وبعدها يبحثون لهم عن قنوات تغطي على انقلابهم ليتم تمريره ! حتى يفرضونه على الشعب ، فمن تواصل مع زمرة الانقلابيين فقد شارك فيه وزكاه وصادر صوت الشعب ، أوضح أردوغان ، مواقفه بأنها ليس لشخص بعينه لكن نابعة من احترامه للشعب المصري الذي قام بانتخاب محمد مرسي في انتخابات شفافة ونزيهة ..
وقال : كيف سأتحاور معكم ؟!! وقد تم انتخابكم من قبل حكومة وصلت للسلطة عبر انقلاب..
وتابع أردوغان كلمته ، مهما أردوا أن يمرروا انقلابهم ويضفوا عليه الشرعية ، فها هي حشود المؤيدين قد افسدت لهم حساباتهم .
وإن شاء الله ستُفشل انقلابهم ، وذكر كيف أن نفس السيناريو كانوا يريدون أن يمرروه في تركيا ، مستغلين أحداث تقسيم لكن فشلوا ..
طبعا لأن غالية الشعب هناك واعي ويعلم أن صناديق الاقتراع هي الفيصل وليست الحشود وفوت على البعض مبتغاه ، ومن أزاح رئيس منتخب شرعي واحتجزه في مكان مجهول وتعرض للمظاهرات السلمية المؤيدة ومن وضع حواجز دون بلوغها الميادين ومن اعتقل قيادات منتخبة وصادر صوت الشعب ومن يغتال الشرعية حين يغتال من يدافع عنها فهذا ماذا نسميه ؟! هو انقلاب لا محالة ..
وما استغرب له أردوغان أكثر هو كيف بمن قام بالانقلاب يحلف يمين أمام رئيس مؤقت هو من عينه !!
حماة الانقلاب فاتهم أن الزمن تغير وأن ما يمكن تمريره وتغليفه واستحقار واستغفال فطنة الشعب قد ولى ، والشعب اليوم له من وعي متنامي ، ما يجعله يعي ما يحاك له من زمرة انقلابية ..
سلاح الشائعات سلاح قديم ، يمارسه أهل الباطل عندما يخسرون في المعارك ، فتشتعل نفوسهم حنقا على أهل الحق فيبثون السموم للنيل من الحق وأهله ، له تأثير على بعض النفوس المهزوزة ، واليوم أصبح له قنوات تروج للشائعات وتحرض على الكراهية ، هو سلاح العاجز الذي يفتقد للحجج الدامغة ، سلاح يسعى لشق الصف وثني الناس عن اتباع الحق ، يرفضون الحق لأنهم يخشون من كلمة : من أين لك هذا ؟
يدركون أن الحق جاء ليرسي دعائم العدل ويحفظ الحقوق ويحمي كرامة الانسان ، يدركون أن الحق يؤمن بأن الناس سواسية كأسنان المشط ، يدركون أن الحق يرفع شعار : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ، يعرفون أن الافضلية للتقوى حتى يتسابق إليه الصالحون ، هذا ما يخشونه ، وحين تعوزهم الحجة والدليل لمواجهة الحق يبثون الشائعات ليحولوا بين الحق وبلوغه للنفوس حتى تتشربه ..
الشائعات سلاح فتاك ، الغرض منه اضعاف القوة وتفريق الشمل ليسهل القضاء على من يعدونه خصما لهم ، بعد شيطنته وتشويه صورته ، تسعى الشائعات في خطى خبيثة ، لتفكيك الشمل وتفريق الجماعة وخلق مناخ من الكره والحقد ، هي بضاعة كاسدة لن تلق رواجا أو تجاوبا في النفوس المحصنة الواثقة التي تستقبل الخبر من مصدره ولا تركن للشائعات ، قال تعالى :
( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )..
تزداد الشائعات كلما زادت قوة الحق ترسيخا وزاد مؤيدوه ، يعمدون لغلق باب الحق ، حتى يركن الناس لأبواقهم ، خلق الباطل مناخا غير نظيف وغير صحي يستقبل الشائعات دون تمحيص ودون تنقيح حتى حين تحين الفرصة تمتطيهم لتمرير الباطل ، سلاح الشائعات سلاح رخيص يتنافى مع الاخلاق ومع روح التنافس الشريف ويهوي لمستنقع آسن من بث البغضاء وشحن الانفس حقدا وخلق العداوات وهذه من مهام إبليس ، لن تلقى الشائعات تجاوبا في الأوساط الواعية ، لكنها تنال من الامة الضعيفة التي تفتقد لمقومات الصمود ، أما الامة القوية المتماسكة لا تتأثر بالشائعات بل تدحضها بالحق الذي بين يديها ولا تركن لها ..
مارست اليهود هذا السلاح الخبيث عندما عجزوا عن مواجهة الحق ، فلتجأوا لهذا السلاح الدنيئ ، نال من الفئة المؤمنة لوقت قصير لكن ما لبثت أن تجاوزته وتخطت آثاره المدمرة ، لأنها صلبة المراس ، قوية ، متماسكة سدت كل المنافذ ولم تترك للشائعات ثغرة لتنفذ منها ، الشريف ينافس في أي حلبة كانت ، حتى وإن لم ينجح يرضى بالنتيجة ويستعد للمنافسة الشريفة مرى أخرى ، أما دون ذلك ما إن يخسر أمام منافسه حتى تتحرك نفسه غيظا وحنقا فيشهر سلاح الشاعات لينال من خصمه وليضعف شعبيته ..
وفي صدر الاسلام عندما جاء الحق ليُزهق الباطل ويحرر الانسان ويعمر الارض بالخير ، استنفرت زعامات قريش آلياتها وجندت اسلحتها للنيل منه ، رغم أنها تدرك أن صاحب الحق صادق وأمين ، معروف أصله وفصله ، جحدوا الرسالة وشنوا حملة مسعورة لتشويه صورته والنيل منه والنيل من الجماعة المؤمنة ، يدركون أن الحق جاء ليمحي الظلم المستشري ويقضي على الفساد ، ويعيد القطار لسكته الصحيحة ، فما تركوا نقيصة إلا وألصقوها به ، ألبوا عليه الداخل والخارج ، في موسم الحج كانوا يعترضون قوافل الحجاج ويحذرونه من الاقتراب منه أو السماع له ، كانوا يدركون أن الحق سيزيل باطلهم ويستأصله من جذوره، التجأوا للترغيب تارة وللترهيب تارة أخرى لثنيه عن تبليغ الرسالة ومازاده ذلك إلا اصرارا على الحق والصبر في تبليغه ..
فحين يعجز الباطل عن ثني أهل الحق عن جادة الصواب يروم لسلاح مقيت ليزعزع النفوس الغير الواثقة وليبث سموم الفرقة ، لكن أمام صلابة البنيان ورسوخه لن تؤثر فيه الشائعات وسترتد الشائعات على أهل الباطل باطلهم وسينكشف للكل افتراءاتهم وهذا سيزيد أهل الحق ثباتا وصمودا ومضيا في درب الحق حتى بلوغ مرفأ الامان إن شاء الله ..
لم يقرأ الجيش المصري عواقب ما قام به من اغتيال الشرعية ووئد الديمقراطية ، الرئيس لم تاتي به جموع حاشدة لتكون هي الفيصل اليوم ، وحتى إن احتكمنا لها فحشود المؤيدين لها وزن ولها ثقل لا يستهان به ولن تُلغى أصواتهم ، بل جاءت به انتخابات شفافة ونزيهة وارتضاه الشعب وهي أيضا من نحتكم إليها ، وإن سلمنا بالحشود فمالذي يمنع من الاحتشاد في كل مرة رُفض فيها رئيس منتخب ويتكرر الامر مرات ومرات ، إلا إذا كان الحشد المعارض فقط ذريعة لازاحة محمد مرسي ، وحتى إن سلمنا بالحشود وجعلناها الفيصل فلماذا نغض الطرف عن حشود المؤيدين للرئيس ونعتم على مسيراتهم ؟!
كان الاولى الاستماع لصوت العقل والجلوس لطاولة الحوار والبقاء على رئيس منتخب وتقريب وجهات النظر وخلق جو نظيف للعمل الجاد ، كيف يتم العمل في جو تحريضي ، جند الاعلام التحريضي كل أجندته للنيل من الرئيس حتى شيطنته ، ليأتي الانقلاب ليكمل المسرحية ..
عزى الجيش تدخله لحقن الدماء وحث على المصالحة الوطنية هل تحقق ذلك ؟!
لا زال الواقع كما هو بل زاد الشارع المؤيد احتقانا وهو يرى إرادته تصادر ، ولازالت الحشود المؤيدة في تزايد رافضة للانقلاب على الشرعية ، تحدث الجيش عن تسامح ، كيف لفئة عريضة من الشعب تحس بالضيم ، آمنت بالديمقراطية وسعت لها وعندما افرزت صناديق الاقتراع الاخوان ، تم الانقلاب والغاء صوتهم ، التسامح يؤتي اكله حين تدعو لتقريب وجهات النظر أما الانقلاب زاد الهوة اتساعا ، كل متتبع لمسار الاحداث في مصر لن يشك أن الأمور كانت محبوكة لتبلغ النهاية المأساوية ، لا ننكر أن تمة أخطاء وقد اعترف بها الرئيس نفسه لكن الاخطاء تعالج بالتصحيح ومد يد العون له وإيقاف قنوات التحريض التي نالت منه ، وإزاحة المتاريس التي اعترت مساره ، وليس الاقصاء ..
والغريب في الامر أنه بعد تلاوة البيان بلحظات تم التعتيم على حشد المؤيدين وإغلاق قنوات تتحدث بإسمهم ، ماذا يعني هذا ؟!
الاعلام المغرض كان سلاحا فتاكا كان يدفن الانجازات ويوغر الصدور ويشنع ويبث الفتن وينال من الاخوان ، ورغم ذلك لم يوقفه أحد ، تحدث البيان عن عدم اقصاء أحد من المشهد السياسي ، وبعدها تم اعتقال قيادات من الاخوان ، كل من شارك في الانقلاب سيندم إن لم يتدارك الامر فمن أزاح الاخوان ومن انقلب على الشرعية ومن صادر صوت فئة واسعة من الشعب ومن أقصى الاخوان من المشهد ، من يمنعه أن يكرر الامر مع غيرهم ، وسيأتي دورهم : أكلت يوم أكل الثور الابيض..
والامر قد لا يقف عند هذا الحد فقد يستغل البعض الاحدات وجو الاحتقان ويفتعل اشتباكات وتلصق التهم جزافا للاخوان مع العلم أن الكل يقف على نهجهم المعتدل والنابذ للعنف ..
وأي رئيس جاء في الاجواء التي جاء فيها مرسي مهما اجتهد ومهما جاهد ليقضي على الفساد فله وقت ليتم له ذلك ، لا يملك عصى سحرية ليقضي بها على فساد مستشري لعقود بين عشية وضحاها ..
الجيش يحث على التظاهر السلمي والتعبير الشعبي بحرية ، في الوقت أن هناك من يضيق على حشود المؤيدين وقد استبق مظاهرة التي اطلق عليها اسم جمعة الرفض رسالة تحذير من الجيش مما سماه : إساءة استخدام حق التظاهر السلمي!!
كل مظاهرات المؤدين كانت عالية التنظيم ولم تهوي للعنف في حين كان يمارس عليهم عنف والتعدي عليهم من طرف بلطجية ، هل هذا ينبئ عن حرية التظاهر المكفولة لكل الشعب كما كانت مكفولة من قبل ، أم هو بداية لوضع حواجز والوقوف أمام المؤيدين ، ووقف التظاهر بخلق حجج واهية ، مع العلم أن حشود المعارضة لم يكن أحد يتعرض لها ..
من شارك في الانقلاب على الشرعية سيحصد ما اقترفته يداه لن يكون مصيره أحسن من المصير الذي يُطبح للإخوان الآن ، لذلك مطلوب من الكل أن يصطف مع صف الشرعية وحمايتها وعودة الثقة للشعب التي سيفقدها بمجرد مصادرة صوته ، شارك هذا الاخير بكل قوة في صناعة تاريخه بعد عزوف طويل في زمن البائد زمن الانتخابات المزورة ..
الجيش لازال يؤمن بعقلية ولّت ، اليوم العالم لكه ينبذ طريقة الانقلاب وإن لم يصرح بها الكل علنا فقد صرحوا بها كناية ، من المؤسف أن تبدأ مصر مشوارها بعد 25 يناير بدفن الديمقراطية ووئد الشرعية التي سعى الشعب لاحياءها في ثورته العظيمة ، مساندة الشرعية هي الضمان الوحيد لعودة الثقة وتقريب الهوة والمصالحة مع الحوار البناء المثمر ..
عندما يعجز الباطل على وأد نور الحق وحجب شمسه الساطعة بكل ما أوتي من قوة ونفوذ وبكل السبل الدنيئة التي تفقت عنها عقليته الآثمة والتي سخرها لينال من الحق ، يخلق ما سماها أحد الدعاة بحركات الضرار هذه الاخيرة تُعد معول هدم ، تجند كل الوسائل لتحطيم الحق وهدم أسسه لا قدر الله ، تستغل حاجات الناس وتستغل السدج منهم وتقوم بتلبيس الحق بالباطل وتبث السموم ، فتنفذ للنسيج لتفككه ، ولتوقف امتداد رقعة الحق ، وتخلق بذلك بذور الفرقة والشتات بغية اضعافه ..
الحق يقف على أرض صلبة لن تهزه ريح إن شاء الله لكن أمام سيل كبير من الاراجيف والحملات المسعورة التي جند أهل الباطل كل طاقاتهم وسخر لها كل امكاناتهم يكادون يفتكون بأهل الحق ويفرقون الشمل ويغرزون إسفين الفرقة ، ليس الكل يملك نور البصيرة ليميز بها بين الحق والباطل ، فقد يقع الكثيرون في شراك أهل الباطل وتنال منهم الشائعات ويصدقونها ويقعون فريسة سهلة تحت تأثيرها ، وقد يتسلل لنفوسهم الشك والريبة ، في غياب امكانيات لحماية الحق والذود عنه ..
لن يأتيك الباطل بوجهه الحقيقي المقيت ،الشرس ، البشع ، لأنك سرعان ما ستنتبه له وتكشف مبتغاك ، لكن غالبا ما سيتخفي وراء أستار ظاهرها فيها الرحمة وباطنها العذاب ، تجتذب النفوس المهزوزة ، يجندونهم لخدمة مصالحهم بشتى يافطات مغرية ، براقة ، فيصبحون لقمة سائغة بين أيديهم ويوظفوهم لمآربهم الدنيئة بعلم منهم أو جهل ..
للباطل قنوات عدة ينفذ من خلالها ويبث آكاذيبه لينال من أهل الحق ، يعمل ليل نهار ليقطع الطريق على أهل الحق ، يسعى لإزاحتهم من طريقه يركب أية وسيلة لتبلغه غايته ، صنف أهل الحق وعدهم أعداءه ،ومن تم جيش امكانياته يعلم أن المخلصين حماة الحق ، هم كالقلب من الجسد إن نفذوا إليه لا قدر الله ذبل الجسد كله وسهل الفتك به ..
ومادام الله قد منحك عقلا وميزك به عن سائر خلقه ، هذا أوان استعماله في محله ، وظفه لتميز به بين الغث والثمين ،أهل الحق لهم تاريخ مشرف لهم صفحات ناصعة لهم آيادي بيضاء أما أهل الباطل مهما نمقوا من الكلمات ما يلبث أن ينكشف زيفهم وتظهر نواياهم الحقيقية ، انتقد من توسمت فيهم خيرا انتقادا بناءا يكون الهدف تصحح المسار وتقريب الهوة وخلق جسور حوار تحمي الوطن وتحمي بها اللحمة ، دعاة التشنيع لم تكن غايتهم التصحيح بل كانت غايتهم النيل من أهل الحق ..
وفي المقابل لا يكتفي أهل الحق بالدفاع عن الحق فحسب ، ودحض الشائعات بل من واجبهم كشف مخططات الباطل ، ويكون للحق الذي بحوزتهم أثر ملموس على الارض ، يطورون من خطابهم ، يواكبون المتغيرات ، أهل الباطل جددوا من أسلحتهم لهم منابر يستغلونها لمآربهم ليكن لأهل الحق صدى ووقع وحس هم أيضا ..
طبعا لن تهوي لمستنقع أهل الباطل فهو يؤمن بسياسة الغاية تبرر الوسيلة ، لكن ليكون لك اعلام يصحح المغلوطات اعلام يضاهي اعلامهم ، اعتمد على الكفاءة مع الثقة ، خاطب الناس على قدر عقولهم ، لا يربك سيرك أهل الباطل مهما هولوا من باطلهم ، عالج كل مستجد بالحكمة والرزانة ، قيّم مسارك ، فقد تكون خلقت ثغرات استطاع الباطل النفود منها واستغلها أبشع استغلال ..
المشورة لها أهمية بالغة مع الاخذ بكل الآراء ، أنت الآن في بحر متلاطم من الامواج تقود سفينة النجاة ، كن على يقين أن القيادة الرزينة مفتاح الفرج وهي من ستوصلك لبر الامان بعون الله ، لتكن لك أهدافا سطرتها سلفا ، أهدافا واضحة المعالم ، أبلغها لمسامع الكل حتى يصحح الكل رؤيته ويلتف الكل حولك ويقطعوا الطريق على المغرضين وتجار الفتن ، اللهم سدد خطى أهل الحق ووفقهم لما تحبه وترضاه ، اللهم آمين ..