شكلت المظاهرات لزمة انقلابية مطية لبلوغ هدفها وإزاحة رئيس منتخب والانقلاب على الشرعية ، وما إن تسنى لها ذلك حتى إنقلبت عليها ، وسنت قانونا يجرمها ولا ينظمها كما تزعم ، وكما هو معلوم فالمظاهرات كانت آخر مكسب من مكاسب ثورة 25 يناير التي أجهزعليها الانقلاب برمتها ، ووسع الانقلاب بذلك دائرة استهدافاته لتبلغ حتى من جعلهم ستار لبلوغ مراميه ، ولم يقف تعسفه عند هذا الحد بل شمل كل من ناهض سياساته المجحفة ، لينزل أقصى العقوبات على فتيات في عمر الزهور والتهمة رفع بالونات تحمل شعار رابعة في المظاهرات السلمية ، أما التهم التي حوكمن عليها ، ما هي إلا تهما ملفقة لثنيهن عن مواصلة التظاهر والرفض للإنقلاب ..
لم يشفع لهن كونهن فتيات ولا عمرهن الصغير ولا كون هذه الاحكام ستكون سببا في ضياع مستقبلهن فحكم11سنة ليس بالهين ، أحكام أقرب للمهازل منها لاحكام يقبلها عقل ، في حين لا من تُحرك قضايا في من قتلوا المعتصمين السلميين ، الاحكام يعدها الانقلاب زجرية لتكميم الاصوات المناهضة للانقلاب ، وكل ما أوغل الانقلاب في تعسفاته كلما زادة دائرة الرفض اتساعا ، والغريب هو سرعة في تنفيذ الاحكام في حين تلكئوا لعامين في محاكمة المخلوع مبارك لتبرئته لاحقا !!!
التسريع في تنفيذ الاحكام تسفر عن نية مبيتة للاجهاز على كل مكتسبات الثورة ،أحكام جاهزة وجائرة ولا تستند لقانون فهي تُعد خرقا للقانون ، وقد أفاد رئيس هيئة الدفاع أحمد الحمراوي في تقرير نشرته الجزيرة نت أن الاحكام تعدي سافر على القانون ، كما عبر عن معنوياتهن العالية رغم مرارة الاحكام القاسية الصادرة في حقهن ، وطبعا الغاية من الاحكام مصادرة إرادة الشعب وتكميم الافواه وإعادة مصر لمربع الخوف والقهر والاستكانة ، وبدل محاكمة من جاروا على القوانين ومن ارتكبوا أفظع الجرائم في حق الشعب ، تحاكم فتيات في عمر الزهور ، فقط لأنهن عبرن عن رفضهن للانقلاب ، ولم يقف التعسف عند هذا الحد بل بلغ كل من جاهر برفضه للانقلاب بتهم سخيفة حتى ولو لم يشاركوا في مظاهرات كإعلاميين وعلماء ونشطاء من حركات شبابية وغيرهم كثيرون ..
سرعة تنفيذ الاحكم تدل على أن الاحكام مرصوصة على الرفوف ، تنتظر فقط الضحية ومن تم التنفيذ ، ومن يعتقد أن المسألة تخص الاخوان فهو واهم ، الاحكام الجائرة ستطول كل من عبر برأي يخالف ما سطره الانقلاب من اجحاف في حق الشعب وفي حق مصر ، ولن يرحم الانقلاب أحدا حتى من صفقوا له بالأمس والواقع مثال حيّ .
من يتطلع على وجوه الفتيات البريئات وهن خلف القضبان يحس بالحسرة والمرارةعلى مآل ومصير مصر في ظل حكم العسكر ، وجوههن البريئة تحكي عن وطن جريح يراد له أن يعود لذيل القافلة ، فحسب زعم زمرة انقلابية فهؤلاء الفتيات يشكلن خطرا على مصر !! وماذا عن أوعزوا البلاد والعباد للهواية ومن عبثوا بمقدرات مصرووو..
كان المفترض أن يكون خلف القضبان من عاث في الارض الفساد ومن أهدر الحقوق ومن نهب البلد ،وليس فتيات عبرن فقط عن رأيهن ، ومعروف ما سيتلو الاعتقال من تعسف وظلم ووو..، هو الانقلاب ظهرت معالمه منذ البداية انقلاب على الشرعية اغتصاب السلطة ، قتل المعتصمين في أماكن وميادين شتى ، واعتقالات بالجملة وتلفيق تهم ، مرورا بأحكام قاسية في حق الفتيات والقادم لا يتكهن به أحد إن استمرتِ الاوضاع على ماهي عليه..
رفض المحاكمة الهزلية لم ينحسر على ذوي الفتيات فحسب أو حماة الشرعية ومؤيديها بل بلغ أطيافا عدة على اختلاف اتجاهاتها ، وعدّوا الاحكام بالجائرة والتعسفية وتهم ملفقة ، وعلت أصوات الشجب والتنديد ، والتي الغاية منها ارهاب الشعب لحتى لا يعبر عن رأيه ، والغريب هو أن المظاهرات هي من تسلقها الانقلابيون ليطيحوا برئيس شرعي منتخب والآن ينكلوا بها ، والأغرب عندما نسمع عن من يستنكر تظاهر الفتات وتناسوا أن ثورة 25 يناير كان عمودها الفقري الشباب من كلا الجنسين ، وهم من ثاروا على الظلم ورفضوا الحكم البائد ، وعندما يعتقل الانقلاب القيادات الواعية والتي لها وزن ماذا ينتظر من الشعب أن يستكين ؟!! حتما سيخرج الكل وبكل فئاته معبرا عن هذا الظلم ومنددا به ورافضا له ..
هي بداية نهاية حكم العسكر إن شاء الله ، فقد أوغل في اجرامه ، يحكم على شباب ب17 سنة ويحكم على فتيات ب11 سنة ويهدد مستقبلهم ويضيعه ، هؤلاء الشباب هم عماد مصر وهو مستقبلها ، كيف ينكل بهم ؟!! في حين تصول وتجول وجوه شاخت عاشت في عصور حجرية وتناست أن الزمن تغير وتطور وأن العالم أضحى قرية صغيرة وأن ردة الفعل ستنكعس سلبا عليهم وللاحكام تداعيات في الداخل والخارج ، وأظن زمرة انقلابية من الغباء بمكان ولا تتابع الردود التي تلت الاحكام الجائرة وتصرفاتها الرعناء ، منتشين بقوة غاشمة لقهر الشعب ، هذه القوة التي وُجدت لحماية الشعب وليس لارهابه أوتخويفه أوالتنكيل به ، حتما الشعب المصري لا ولن ينسى من دعم الظالم ومن وفر له الغطاء ومن ساند الطغيان والاستبداد ..
بعد مرور مئة يوم على فض اعتصامي رابعة والنهضة ، وما شهدهما من مجازر يندى لها جبين الانسانية ، لازال الصمود والثبات هما سيدا الميدان ، مكملين المشوار رغم الجراح ورغم فراق أحبة سكنوا القلوب ، وعز علينا فراقهم ، وكلنا يتذكر مشهد الطفل المصري الذي حرمته آيادي البغي صورة أمه الزاهية ، ينظر إليها وهي مخضبة بالجراح جثة هامدة بلا حراك ، ودمها الزاكي ينزف بغزارة يسطر ملحمة الصمود ، ويناديها بحزن عميق : إصحي يا أمي ، لا تتركيني يا أمي ، يبكي بمرارة وقد أرقه فراق أمه ، وقد أدمعت أيادي البغي مقلتيه واغتصبت البسمة من شفتيه ، حرمه الظلم حضن أمه الدافئ وبسمتها الغالية ، حرمته كلمة : ماما ..ماما..
يبكي بحرقة وكأن روحه قد انتزعت من بين أضلاعه ، حرموه القلب الحنون ، يتذكر ابتسامتها وهي تودعه عند ذهابه للمدرسة وابتسامتها الوادعة وهي تستقبله ،وهي تدعو له ، تذكر فرحة العيد التي جمعتهما ، وكيف قضيا وقتا طيبا سويا ، لا يصدق أنها فارقته ولن تعود ، وقد أضحى يتيما ، كلمة يتيم لا يستطيع أن يتجرع مرارتها الكبير فكيف بصغير وهو يحس أنه غدا مكسور الجناح ، هي الام التي تسهر الليالي ليرتاح ابنها هي التي لا تنام حتى تطمئن على فلذات أكبادها ، هي التي يؤرقها حزنهم وتجتهد لاسعادهم ، هي الام من تضحي بوقتها وجهدها لترسم البسمة على شفاه صغارها ، هي الصدر الحنون ، هي من تضم أطفالها في شوق وحنين وهم صغار وترنو للمستقبل وقد غدوا كبارا ، حتما سيتذكرها في كل ركن من أركان البيت ، وسيمر طيفها أمامه في الاحلام واليقظة ، فهي تسكن حنايا قلبه الصغير..
قد يتساءل ببراءة ، هل كانت أمي تحمل رشاشا أو بندقية ؟!! لماذا إذن اغتالتها أيادي البغي ؟!!
كانت تحمل حلمها الكبير بين جوانح قلبها ، لوطن رسمت معالمه في وجدانها ، وطنا يسوده العدل وتظلله السكينة والامن والامان ، تسعد في كنفه هي وأولادها ، ويظللهما فيؤه ، وطنا يرفل في جنان العدل والحرية ، دمعاته الحارقة التي سالت على خديه ساخنة ، هي نار ستحرق من اغتالها ، لن ينساها ، فهي من كانت له شعمة أضاءت دياجير الظلام ، ونور دربه ، وسند ظهره ، غادرته وهو في أمس الحاجة للمساتها الحنونة ، افتقد اطيب الخلق لنفسه ، أحس أن فيض الحنان نضب مع رحيلها ، يبكي ومن بين دموعه يقول : من سيضمني لصدره في حنان ، من سيعتني بي بعدك يا أمي ، اصحي يا ماما ، هي الام نبض الحياة ونبع الحنان ، تروي نفوس أطفالها حبا وحنان وعطفا وطيبة..
من فقد حضن الام فقد معه طعم الحياة ، فهي الام من تحتوي أولادها بكل حنان ورحمة ، فهي المعين الذي لا ينضب ، ستبقى ذكراها العطرة حية في قلبه الصغير ولن يمحوها الزمن ، صغير قد لا يسعفه فهم أن هناك حياة أبدية وجنة ستجمعه بها ، يعبر عن ما يختلج روحه من ألم وغصة لفراق أعز الناس لقلبه ، ويعبر عنه ببراءة الطفولة المعهودة والتي لا تعرف لا المجاملات ولا التنميق ولا رص الكلمات ، وحتى إن غاب الاحبة فسيبقى الحنين للقائهم متأجج في الصدور إلى أن نلتقي بهم في الجنة إن شاء الله ، هم أحبة تركوا بصماتهم جلية في واقعنا و نقشوا على الصخر أسماءهم وجادوا بأرواحهم الزكية وأناروا لنا درب الحرية ، فداءا لله ثم الوطن ..
شكلت الهجرة الغير الشرعية من دول إفريقيا نحو أوروبا هاجسا يقض مضجع الغرب ، تلك القارة السمراء التي أنهكتها الحروب والتناحر والفقر والامية ، وتناسى الغرب أن له يد في مآسي إفريقيا، هو من يبيع السلاح ويخلق نزاعات وصراعات تضعفها وتنهك قوتها ، علاوة على تشكيل حدود جديدة وانفصالات تزيد من الشرخ وتزيد من تأزم الوضع ، إفريقيا لها ثرواتها الهائلة لكن لا تستفيد منها أو تباع بأبخس الاثمان لعدة عوامل ، ويستفيد منها الغرب ، والامر لا يقتصر على دول بعينها ، فالهجرة أضحت حلما يراود الكثيرين في دولنا العربية وتختلف الاسباب من دولة لأخرى ..
يحلم بجنة أوروبا ويبلغ مسامعه الرخاء وبلد حقوق الانسان ، فيظل يداعبه هذا الخاطر ويحلم بالامل المنشود في الضفة الاخرى ، يفضل سجنا في الغربة على ظلم ذوي القربى ، يتحين الفرصة ليمتطي قارب النجاة! ليعبر به لبلد المن والسلوى ، ولا يدري ما يخبئه القدر له ، من خطوب ومحن ، أجساد منهكة تكدست في قارب متهالك تالف لا يقوى على الرحلة ولا على الحمولة ، سحنات مختلفة ، كل مناها أن تحيا بكرامة ، تحلم بالعيش الرغيد ، يهربون من واقع مرير أو بطالة أرهقتهم ، أو وطن يحابي بين أبناءه ، لكل حاجته التي رسمها في مخيلته ، يمتطون القارب ويشقون به عباب البحر ، بحر متلاطم الامواج ، وبدل جنة أوروب يجد أسماك القرش تنتظره ليكون فريسة لها ، ومن نجى يمنّي نفسه بالعودة !!
ما الذي افتقده هؤلاء في أوطانهم وجعلم يركبون المخاطر ويغامرون بحياتهم ؟!!
فهم يرنون لعالم عادل ، وعيش رغيد وكرامة واحترام ولمن يقدر جهودهم ولا يغبنهم حقهم، وموطننا يزخر بالثروات والخيرات والطاقات ، والموارد ، والضير ليس فيما تزخر به الاوطان بل في حسن توزيعها ، فقد تكدست الثروات في يد فئة قليلة وحرمتها فئة عريضة من الشعب ، وهذا الغرب الذي يسعون إليه هو نفسه من استعمرنا ونهب الثروات ، ومزق الشمل بخلق حزازات بين الدول وحدود وهمية مزقت النسيج ، ودعم المستبدين من أوعزوا البلاد والعباد للفقر والتخلف وو..ليؤمون لهم مصالحهم ولو سدت كل المنافذ التي تؤرقه وتحقق ما يصبو إليه المواطن من حقوق وعدالة ، لما غامر بحياته وحياة أسرته وعرضهم للخطر المحدق ..
وهذا الغرب الذي أرقته الهجرة الغير الشرعية ، لماذا لا يشارك في الحل لوقفها ، من خلال الاستثمار في أفرقيا وتنميتها ، من خلال مشاريع توفر للمواطن ما يسد به حاجته ويغنيه عن ركوب المخاطر ، وحتى لا يفكر بالهجرة ومغاردة وطنه ، الغرب يجعل من دولنا حارسا لحدوده ،دون أن يقف أحد على معاناة المواطن ويجتهد هو والدول التي تشهد أفواج مهاجرة تتدفق عبر الحدود ، لحل أزماتهم وتوفير حاجياتهم ، هذا هو الكفيل لوقف الهجرة ، فحين سدت أمام وجوههم كل الابواب لم يبق لهم سوى البحر مع ما يشكله من أخطار تهدد حياتهم فأمتطوه..
هذا عن أفريقيا ودول تشهد نوعا من الاستقرار ، أما الامر أشد وأنكى عند الدول التي تشهد حروبا طاحنة ، كحال سوريا ، فإن بقي المواطن في سوريا فشبح الموت يطارده وإن إلتجأ لدول الجوار ، بعضها وليس كلها ، يجد الحيف والتعسف وسوء المعاملة ، فيفضل قواب الموت على العيش الغير الكريم ، في رحلة مريرة غالبا ما تنتهي بالموت أو الاسر تم التهديد بعودتهم لسوريا من جديد !!
عدا عن من يقع في شباك المحتالين من يستغلون ظروف المهاجر ، فيسلبه ماله أو يعرضه للخطر أو تتقاتل شبكات الاحتيال فيما بينها ويكون المواطن المهاجر الضحية ، لا يغامر المرء بحياته إلا إذا كان يعيش وضعا صعبا حرمه أبسط حاجياته ولم يوفر له حقوقه ولم يكن له الوطن الحضن الآمن وافتقد الكثير فيه ، وأضحى المواطن العربي اللاجئ بين نارين ، إما أن تفتك به آلة الحقد في سوريا أو يموت غرقا أو يموت بنيران عربية أضحت حارسا للغرب ..
لا يرمي المرء ينفسه في الشدائد إلا إذا كان الواقع مرا فيفضل الموت في عرض البحر على التهميش وسوء المعاملة أو عيش الذل في وطن عربي إلتجأ إليه ليحميه ، ليجد ظلم ذوي القربى ينغص عليه حياته ، ومن يوقف الهجرة الغير الشرعية هو وقف شلال الدم في سوريا وبسط الاستقرار في ليبيا وعودة الشرعية في مصر وتنمية إفريقيا وبسط العدالة الاجتماعية ..
في سابقة هي من نوعها أن يحاكم رئيس شرعي منتخب بعد الاطاحة به قبل أربعة شهور بإنقلاب مكتمل الاركان وإن سوق له البعض أنه تصحيح مسار ثورة والحقيقة هي ثورة مضادة وانقلاب امتطى بعض من استعجل قطف الثمار قبل أوانها وخذل الثورة في أحلك الظروف و جعل المعارضة ستارا لتمرير مراميه ، لم يكن يوما عاديا كما كان يعتقد الانقلاب أو كما كان يسوق له ، رغم أنه جهز له ترسانة هائلة وإعلام محرض وكأنه سيخوض حربا ضروسا ..
فمن عدوه خصما لهم صلب المراس ولم يزده الحجز والخطف إلا ثباتا وإصرارا على تكملة المشوار ، كانت محاكمة هزلية فهو الرئيس المنتخب ، عندما لم يجدوا للشريف تهمه لفقوا له تهما جزافا ، يحاكم على من قضوا في الاتحادية ومعظمهم إخوان ، أيُعقل أن يقتل الرئيس أنصاره ؟!! وحتى أسر الضحايا أنفسهم خرجوا ليقولوا للعالم ، لا نريد أن يحاكم د.محمد مرسي بل نريد أن يحاكم الجناة الحقيقيون ، يبدو أن الانقلاب في مأزق شديد ، فمن حفر حفرة لأخيه وقع فيها ..
لم تكن مصر فقط من تنتظر المحاكمة التي استهجنها عموم الشعب بل العالم بأسره كان يراقب عن كثب ماذا كان يجري في مصر المحروسة ، كان حدثا جلل ، كيف لزمرة انقلابية أن تحاكم رئيسا شرعيا منتخب لم يمر على حكمة سوى عام واحد ، والكل وقف على ما اعترى هذا العام من عراقيل وعقبات قوضت المسار ..
وأخيرا ظهر الرئيس د.محمد مرسي كالاسد الرابض خلف القضبان ، رفض أن يرتدي لباس السجن الاحتياطي وبقي بلباسه الرسمي بدى شامخا معتزا ، لم تهتز ثقته بالله عز وجل وبفرجه القريب ، أو ثقته بشعبه الذي أعطاه صوته وارتضاه ، هو لازال رئيسا لمصر ، في الداخل محاكمة هزلية باطلة تحاكم نزيها مخلصا لوطنه وفي الخارج الدنيا تموج لوقع المحاكمة وماذا ستسفر عنه لمصر أم الدنيا ، وفي قاعة المحكمة تهتز جنباتها هتافات رافضة للمحاكمة الهزلية وشعارات رابعة ترفع ، آلمنا أن نراه خلف القضبان وكان مكانه القصر الرئاسي في حضن الشعب ذاك الذي اختاره عن طواعية ، ولكن قدر الله ماشاء فعل ، كم من محنة تحمل تحت طياتها منح كثير ..
ولنافي قصص القرآن لعبرة ، فهي لم تأتي للتسلية بل كانت لأخذ الدروس والعبر ولتكون لنا نبرسا ينير لنا الطريق وسلوى لما يعترينا من منغصات ، فهذا يوسف عليه السلام وقد أنقذه الله عز وجل من كيد إخوته ومن ظلمة الجب ، واسكنه بيت العزيز وقد رفع قدره وقربه إليه وحضي بمكانة مرموقة ولقي من الرفعة وعلو الشأن القدر الاوفى ، يغبطه عليه آخرون ، لم تدم طويلا تلك النعمة وذلك العز والغنى ، فقد كانت كومضات ما فتئت أن انتهت ليعود للسجن من جديد ، من ظلمة الجب لمعاناة السجن ورحلة العذاب مجددا ، عذاب الظلم وتشويه الصورة للنيل منه ولتهتز مكانته ، وكما كان فأل خير على مصر وهو خارج السجن كان كذلك خيرا على من ضمتهم به السجون ، أرشدهم للخير وبدد ظلمه السجن وظلمة النفوس وماران عليها من كدر وقهر وحيف ..
حتى جاءه الفرج ليتبوأ بعدها مكانا عاليا ولو كان للجاه طامعا لاستعجل الخروج بالعفو و لكنه رفض مغادرة السجن حتى يعاد له الاعتبار ويبرأ مما نسب إليه كيدا وجورا ، ونال الحضوة وأصبح عزيز مصر وكان خيرا عليها ، أعز أهلها وأكرمهم وبإخلاصه جنبهم المحن وأبلغهم بر الامان وجند روحه وجهده ووقته لمجابهة الشدائد والخطوب حتى تخطى كل الصعاب ، لا ننظر دوما للإبتلاء على أنه شر فقد يتلوه الفرج القريب والعاقبة للمتقين..
زمرة انقلابية تسعى لنزع الشرعية عن د.محمد مرسي ، في محاكمة هزلية ليتسنى لهم بعد ذلك إحكام قبضتهم الآثمة على الوطن ، والتاريخ سيحاكمهم ، وكل من صفق للمحاكمة أو شمت فلن يكون حالهم أفضل من حال زبانية فرعون وفي القيامة يتلاومون ، د.محمد مرسي جاء به الشعب عبر صناديق الاقتراع وهو من له الحق في إزاحته أيضا عبر صناديق الاقتراع ، وليس عبر دبابة أو بالاكراه أو عبر ثورة مضادة أو عبر مسرحيات مفبركة وقتل وترويع ووو..يريدون أي يجعلوا من مرسي الذي لم يحكم سوى عام وحتى هذا العام كانت كل مفاصل الدول تعمل ضده ، كالمخلوع مبارك الذي أفسد العباد والبلاد ،شتان بين رئيس شرعي منتخب وبين من جثم على الصدور لثلاثة عقود ، من أوعز البلاد والعباد للتخلف والفقر والامية والتبعية وو..
إعتقدوا أنهم اختاروا التاريخ أو يستعجلون إزاحة الرمز والرأس ليهوي الجسد لا قدر الله ، خاب ظنهم الدولة على شفى جرف هار وقد انهك خزينتها الانقلاب والاقتصاد في انهيار والاوضاع مزرية والدول التي تدعم الانقلاب بدأ الملل يتسرب لنفسها وأمريكا تتخوف من الفوضى ، فإن أنت نكلت بالاخوان فلا تتكهن ما الذي سيحمله غيرالاخوان في جعبتهم وهم يرون رئيس مننخب ينكل به ويحاكم على نزاهته ، فإن صبر الاخوان على الابتلاء وهم من كابدوا المحن وتجلدوا بالصبر حماية للوطن فغيرهم قد لا يكون على درجة وعيهم ، لذلك الغرب يتخوف من أن تعم الفوضى لأن مصالحه ستتهدد وبذلك سيتدخل هو بشكل سافر في المشهد المصري وليس عبر الدمى ..
من توافقت مصالحهم مع زمرة انقلابية هم أيضا ترتعد فرائسهم خوفا من أن يطوي الانقلاب صفحة مرسي لا قدر الله ويأتي دورهم وينكل بهم هم أيضا لذلك لا يؤمّنون لإجراءات الانقلاب ، وتراهم في تخبط دائم ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، لن يستقر الوضع إلا في حالة عودة الشرعية ، فهي صمام أمان لحفظ النسيج المصري وتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع..
صمود د.محمد مرسي انعكس على الشعب ومحبيه والمتعاطفين معه ثباتا وصمودا وزخما ، الانقلاب يملك فقط القوة الغاشمة وإعلام مغرض محرض لا غير ،وعلى الار ض زخم الشعب في تزايد والرافضين للانقلاب من كل الاطياف خلاف ما تلوكه زمرة انقلابية أن من هم في الساحة فقط إخوان ، وإن كانوا إخوانا كما يزعم السيسي إذن فعموم الشعب كله أضحى إخوان فليفرج عن رئيسهم لماذا يحتجزه ؟!!..
مرّ اليوم الذي حمل همه الجميع معارضين ومؤيدين ومتابعين ، ليترك تداعيان جمة ، إلى أين تمضي مصر ؟!! وهل سيقوم السيسي بقتل كل الشعب ، البارحة قسمه واليوم يحاكم رئيسه وقد يحمل الغد في جعبته الكثير من المفجآت مادام الشعب لا ولن يستكين ولازال ملتف حول رئيسه الشرعي وماض في طريقه وزاده ثبات رئيسه قوة وصلابة وتمسكا بالمطالب الشرعية ومهما قابله السيسي بالرصاص الحيّ وتكميم الافواه ومهما قدم من شهداء ، ومهما ضحى بالغال والنفيس لعبور بمصر لمرفأ الامان ، فلن تثنيه الخطوب في مواصلة المشوار حتى كسر الانقلاب إن شاء الله ..
الانقلاب يملك قوة فقط أما على الارض فالشعب يملك إرادة تفوق قوة وبطش السيسي ، ومهما سعى الانقلاب لتلميع الصورة في الخارج ، فلازال الغرب لم يهضم الانقلاب ولم يستطيع أن يقنع شعبه أن ما جرى هو تصحيح ثورة كما يدعي الانقلاب ولازال في الغرب يجادل في برلماناته ، على أن ما جرى هو انقلاب وليس كما يسوق له الإنقلاب وفشلوا في أن يجدوا مبررات أو مصوغات ليمرروه أو يجعلونه أمرا واقعا ، أجلوا محاكته ل8 يناير ، هل يدور في خلدهم أن الاوضاع ستهدأ في هذا التاريخ المحدد ؟!! أم هناك طبخة يطبخونها لتمرير تعسفهم في حق مصر كلها ، لكن فاتهم أن بأفعالهم الشنيعة خدموا د.مرسي كثيرا فاليوم قد أضحى رمزا للصمود كما شعار رابعة ..
والحل يكمن في عودة العسكر لثكناتهم وعودة المسار الديمقراطي وأن تتجاوز المعارضة عقدها ونظرتها المجحفة في حق الرئيس الشرعي وفي حق إرادة الشعب وأن يكوّنوا معارضة قوية تتكامل مع الرئاسة خدمة مصالح الوطن ..