الاحتلال والانظمة الاستبدادية وجهان لعملة واحدة : في قهر الشعوب ، إهدار الحقوق ، العصف بالحريات ، تكميم الافواه ، الزج بالمخلصين في غياهب السجون ، نهب المقدرات والثروات والرمي بالفتات للشعوب ، تخلف الامة ووو...قد تبدي هامش من حرية فقط تلميعا لصورتها لا غير وتسكين الوضع أو تنفيسه حتى لا ينفجر ، وإن كان الامر على هذا الشكل ، فلماذا نقلل من فظائع المحتل عندما نقارنها بفاشية الانظمة الإستبدادية ؟!!
أصلا المحتل بنى كيانه الهش على أشلاء ومعاناة وعذابات الابرياء وأصحاب الارض الاصليين ، صفحات التاريخ تغص بجرائم المحتل من مجزرة دير ياسين مرورا بمجزرة صبرا وشاتيلا وو..والمعاناة مستمرة ، الاحتلال في حد ذاته إجرام واغتصاب للارض وتنديس المقدسات وو..، يتناسى من يقارن فاشية الانظمة الاستبدادية بجرائم المحتل من قتل بطيئ في السجون وتشريد شعب عن موطنه وتلفيق له التهم جزافا عندما يرفض الاحتلال ويناهضه ويحصار شعب أبيّ يأبى نسيان حقه وتجويعه بغية تركيعه ، معلوم أن الاستبداد بسط نفوذه في كل مفاصل الدولة وحدد للشعب مسار تحركه ، وما إن يصدح هذا الاخير بالحرية ويطالب بالحقوق حتى يستشرس ويهدد ويتوعد وينفذ ، فهو يرى في تحرك الشعوب فقدان امتيازاته وزعاماته وتلاشي هيمنته ، فيبدي كل شراسة ، وجرائم المحتل متواصلة والمقارنة بينه وبين الاستبداد ما هو إلا تلميع صورة المحتل حتى وإن كانت بدون قصد ، المحتل كان يصف أنظمة مستبدة محيطة به بالانظمة الدكتاتورية حتى يتميز عنهم أويظهر أمام العالم بمظهر الحمل الوديع !!
ودكتاتوريتهم كانت تصب في صالحه وتطيل أمده ، وجاءت الثورات وحاصرته وأحس بالانزواء وانقبضت أنفاسه وتابع الوضع عن كثب ، وتسابق حلفاءه للاطاحة بالديمقراطية التي قضت مضجعه ورفعت ضغطه ، يعرف أن الشعوب إن تحررت من عقال الاستبداد فللقدس إن شاء الله ستمضي ، وللاقصى الاسير ترنو عيونهم وقلوبهم وتهفو أفئدتهم لتحريره بإذن الله ، يعرف أن حرية الشعوب ستبني نهضة حقيقية وستعيد للامة عافيتها وستستيقظ من سباتها الطويل وتنفض عن كاهليها غبار النسيان وتعيد للامة أمجادها وسؤددها وعزها ومجدها ، وتنفك من عقال التبعية وتستقل بقراراتها ..
والانكى من ذلك عندما يتناسون أن من قتل نفس بريئة واحدة بلا ذنب ولا جريرة وبلا وجه حق ، كأنما قتل الناس جميعا ، فحرمة المؤمن أجل وأعظم وظلم جسيم أن تحرم نفسا واحدة حقها في الحياة جريرتها أنها وقفت أمامك مطالبة بحقها في حياة كريمة تحت مظلة العدل ، وإن تركتْ في قلبنا أفعال الاستبداد والانظمة الفاشية غصة وألم وحسرة فلا ننسى أفعال المحتل الشنيعة من بقر البطنون وقتل الاجنة وكسر أصابع أطفال الحجارة وترويعهم في السجون وقتل حلم وبراءة الطفولة في نفوسهم الغضة في أن يتمتعوا بحقوقهم كما كل أطفال العالم ، تحت مرآى ومسمع عالم صدع رؤوسنا عن حقوق الاطفال وتغنى طويلا بحق الشعوب في العيش بحرية وكرامه ، في حين يغض الطرف عن جرائم المحتل ..
أطفال في عمر الزهور يُختطفون من بين أحضان أهاليهم ويُزج بهم في غياهب السجون يمرون بتجارب مريرة تؤثر في نفسيتهم ، ادوات الاستعمار تكمل مهامه في وئد حلم أمه تطلعت لغد مشرق وتسعى لبناء نفسها وتبلغ القمة وتلحق ركب التنمية ، ولا يخفى على أحد أصابع المحتل وحلفاءه في وئد هذا الحلم ، فهم من يحرك الدمى خلف الستار ، المحتل كما الاستبداد كما أنظمة فاشية يخزن ترسانته وعندما يحس بتهديد فعلي وحقيقي يمس بوجوده ، حتما سيخرج ضغائنه ليس على فلسطين وحدها بل على كل العواصم العربية ، فلا مجال للمقارنه في من هو أفظع ، كليهما في سلة واحدة وكليهما يسيرعلى نفس النهج القمعي والتلسطي ، وستبقى أدوات الاستعمار والاحتلال وجهان لعملة واحدة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق