عملية الخليل كما يبدو ، لم تكن لاطلاق سراح الاسرى الفلسطينين فحسب ، بل كانت لأعادة روح المقاومة للضفة وتخطيها الهزيمة النفسية التي أعاقت العمل المقاوم و إشعال انتفاظة ثالثة ، وعملية بهذا الحجم وفي ظل حراسة مشددة ومنظومة أمنية وعسكرية عالية من الدقة وتُوفر لها كل الامكانيات والمعدات والاجهزة ، استطاع المنفذون أن يتخطوا كل هذا وينجزوا العملية ، فهذا في حد ذاته انجازا يحسب للجهة المنفذة ، وخاصة في واقع الضفة الصعب ..
غير أن العملية كشفت حقيقة السلطة ومهامها وزاد الشارع توثرا خطاب رئيسها ، الذي لم يلامس هموم الشعب وتجاهل آلاف الاسرى الفلسطينين في سجون الاحتلال ، المحتل استباح الضفة ونكل باهلها ، وغاب دور السلطة في حماية آهالي الضفة ، بل أثبت الواقع أنها أضحت أداة في يد المحتل ، انتقام وتخريب وهدم وقتل في حين لازال البعض يحمل الضحية المسؤولية ولا يجرم أفعال المحتل ، أظهرت الاحداث أن المحتل والسلطة يسيران على نفس النهج ، والذي يكمن في وأد العمل المقاوم ، وكأن المقاومة أضحت عدو المحتل وكذا السلطة !!
وهذا ليس تحليل بل هو واقع ، التصريحات البعيدة عن هموم المواطن الفلسطيني والذي جرمت حقه في العيش بحرية ، أثار حفيظة الكثير من الاطياف ، التعريض بالانتفاضة والتبجح بالتنسيق الامني ، باتت السلطة عقبة أمام المشروع الوطني التحرري بل ويتخذ المحتل منها مطية لتصفية القضية ، وهذا سيزيد من الشرخ وسيزيد المحتل من الضغط عليها لتقديم المزيد من التنازلات بغية إضعافها وليس هدمها وفصلها عن واقعها الفلسطيني ،ومن تخندق لصف التصريحات ودافع عنها ، لم يكن همه مصالح فلسطين العليا بل مصالح فئة متنفذة ويدخل في نطاق التخندق السلبي ..
ورغم التنكيل وكل ما نقلته الشاشات من هجمة شرسة على الضفة وعدوان على غزة فشل المحتل في مسعاه ولم يبلغ أدنى معلومة توصله للجهة المنفذة ، فعاد لسياسة التهديد والوعيد ، المحتل ليس معنيا الآن باي تصعيد والله أعلم ، في ظل محيط يغلي ، والحصار الخانق كان أحد الاسلحة يتخذه المحتل لاضعاف غزة وتذمر الشعب ، غير أن الشعب واعي ولن يستسلم لسياسة الحصار وستشهد الساحة مستجدات جديدة ، المحتل ينهج سياسة الاغتيالات وتأليب الشارع على المقاومة من خلال التحريض عليها وتشويه الصورة بغية حرمانها من الحاضنة الشعبية ..
فشل المنظومة الامنية والعسكرية من التوصل للجهة المنفذة يظهر مهارة وذكاء المنفذين ،وهي سلسلة من العمليات بدأت ولن تهدأ بل تطورت ، ولحد الآن لازالت العملية لغز قائم ولم يجد له المحتل حلا ، وبدل تذمر الشعب على المقاومة في غزة كما كان يتمنى المحتل ، تذمرت عائلات المستوطنين على حكومة المحتل وعلى اخفاقاته في إيجاد خيط يوصله ، فقد وُجهت لها انتقاذات لاذعة وبدأت صورتهم تهتز أمام شعبهم ، وبدأت مسألة الامن تطرح وبقوة وفشل المحتل في حماية أمن المستوطنين يزيد من شعورهم أن أمنهم مهدد ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق