احتكموا للصندوق فأفرز من اختاره الشعب عن طواعية ، غير أن من لفظهم الشارع ومن عرفهم حجمهم الحقيقي وبعض المغرر بهم ومن لم ينضجوا سياسيا وقعوا في شراك أباطرة السياسة ، وغدوا مطية للإنقلاب ، خرجوا في حشود لعزل أول رئيس مدني منتخب!! والحقيقة أن الانقلاب تستر خلف الحشود لتحقيق مآربه ، تناسى من خرج يومها أن خلع مبارك ليس لإنه لم يعجب الشعب ، بل لانه أفسد في الارض لثلاثة عقود ، ولانه لا يعبر عن إرادة الشعب ، والانتخابات في عهده لم تكن شفافة ولا نزيهة ، والشارع كان يومها يشهد عزوفا عن العملية الانتخابية ، لانه يدرك أن صوته لا قيمة له ، وعاد للحياة السياسية يوم أن أحس أن لصوته قدر وقيمة واختار من يعبر عن إرادته.
أما إزاحة رئيس منتخب شرعي لن يتأتى إلا من خلال الآليات التي أفرزته ، وإزاحته بالقوة يُعد انقلابا عليه ، مهما بلغت شعبيته فالصندوف هو الفيصل وهو الحكم ، مع أن إفشال المسار الديمقراطي كان مدبرا منذ الوهلة الاولى ، فاعتصم رافضي الانقلاب وكل يوم يسفر الانقلاب عن وجهه القميئ تزداد أفواج الرافضين ومن كل الاطياف ، اعتصوا ليقولوا للأنقلاب احتكمنا للصندوق فأفرز د.مرسي وانقلبتم عليه ، احتكمتم للشارع فها هو الشارع ينتفض ويثور ويعبر عن رأيه الرافض للانقلاب ، ويرفض أن يلقى بصوته في سلة المهملات .
سيعتصم حتى تعود الشرعية ويعود المسار الديمقراطي ويشارك كل الاطياف في العملية السياسية ، كان مقتل الشاب سعيد كفيل لاشعال ثورة ، بينما قَتل مئات الارواح ، لم يحرك ساكنا وكأن الضمائر قد ماتت وتبلد حسها ، وماذاك إلا لأن أبواق الانقلاب شنت حملة مسعورة من التحريض والتشويه بحق المعتصمين ، بل ونسجت حولهم الاكاذيب ، حتى نالت منهم حملة التحريض والابواق المسومة التي زرعت حنظل الكراهية ، حتى حيت تمت الجريمة لم يجد من يبكيهم أو من يتعاطف معهم ومن يطالب بإنصاف المظلومين !! ومع تغول الثورة المضادة اتضحت الصورة لكل ضمير حيّ ..
لن ينسى من نجا من المجزرة تلك المشاهد المروعة ، فلازالت عالقة في الاذهان ، من حرق وقتل وقنص ، في رابعة والنهضة اغتال الانقلاب حلم شعب تاق للحرية ، اغتال ابتسامة الاطفال وأذرف دموع التكالى والارامل والايتام ، وداس على كرامة الانسان ، ولم يحترم أو يرحم آدميتهم أحياءََ كانوا أم شهداء ، كم من الآمال نسجت على أعتاب رابعة لوطن يسوده العدل والسكينة ويحترم حقوق الانسان ونهضة شاملة تعيد لمصر بهاءها وريادتها ، لكن الانقلاب نسفها وحولها لجراح وذكريات أليمة تؤرق من فارق الغوالي ، عادت الذكرى لتنكأ الجراح وتعيد للأذهان صور صادمة ودم نازف ، تذكرهم برائحة الغدر والموت وهي تعم المكان ..
شهداء رابعة هم شهداء الحرية ،جادوا بأرواحه رفضا للإنقلاب ودفاعا عن حقهم في العيش بكرامة وحرية وعدالة ، ضحوا بأرواحه ليعلموا الشعب كيف يكون الاخلاص لقضية عادلة ، حق جليّ في مواجهة باطل يستند لقوة غاشمة ، بدل أن تسخر لحماية الشعب ، ويصوب العسكر حرابه لعدو الامة وجه سهامه المسمومة نحو صدور شعبه الاعزل ، تعود الذكرى والشارع لازال ملتهبا ولازالت جذوة الثورة متقدة ، ومصر في ظل الانقلاب تفقد ريادتها وتهوي لمستنقع آسن من الكراهية ويزداد الاستقطاب استفحالا ، فشل الانقلاب مع كل قوته أن يعيد الشعب لحظيرة الاستبداد ..
ومع أن الانقلاب ماضِِ في غيه ،إلا أن رافضي الانقلاب أفشلوا مقولة : مالا يؤخذ بالقوة يؤخذ بالمزيد من القوة ، فهذه المقولة يعتمد عليها ويستند إليها الانقلاب في تكميم الافواه ، رافضي الانقلاب لازالوا يقارعونه في الداخل بصمودهم وثباتهم وفي الخارج بكشف وجهه القميئ ، الانقلاب اليوم يحارب رمز رابعة ، لانها تذكره بجرائمه والتي لن تسقط بالتقادم ، اليوم كل من وقف في مواجهة الانقلاب يُتهم بتهم جزافا ، واهم من يعتقد أن من اغتال الاحرار سيؤسس لديمقراطية أو يحمي الحقوق و الحرية ، كل يوم يكشر عن أنيابه ويبلغ صلفه حتى من امتطاهم البارحة ، وثبت عبر دروس التاريخ أن الحق لينتصر مطلوب قوة تحميه..