الخميس، 22 أغسطس 2019

نساء خالدات ..



نســــاء خــــالدات

المرأة الفلسطينية لا تحرس العرين وتربي الأشبال وتتعهدهم حتى يشتد عودهم ويغدوا فرسان الميادين، وتزرع في نفوسهم معاني العزة والأنفة والشموخ والكبرياء وتعدهم ليوم النزال فحسب، بل تخوض غمار التحدي والصمود وتجابه صلف الاحتلال بصلابة وقوة ورباطة جأش، وتجود بنفسها فداء لله ثم للوطن، وتسطر بدمائها الزكية الطاهرة أروع الملاحم، بطولاتها حُجة على المتقاعسين والمتخاذلين، من يبحثون عن الأعذار 
حتى لا يدعموا القضية وينصروها.




الاستشهادية: الحاجة فاطمة النجار، هي الحرة الأبية التي عايشت فصول النكبة وشاهدت ما كابده شعبها من محن اللجوء ومعاناة التشرد،

رفضت عيشة الذل والهوان وتطلعت لوطن محرر تسعد في كنفه ويرفل بين أفيائه أبناؤها وأحفادها، مع أن عمرها قارب على 70 سنة، إلا أنها امتازت بإرادة فولاذية وعزيمة قوية وهمة عالية يفتقر إليها غيرها، طلبت الشهادة بكل اصرار وتصميم ونالت ما تمنته، تقدمت للشهادة بروح جسور وبشجاعة قل نظيرها.

قمة في الوفاء والتضحية، بشهادتها تجلت صور التضحية والفداء والصمود والتحدى في أبهى وأرقى صورها، إذا كان هذا حال حرائر فلسطين، فكيف بحال الابطال الأشاوس من يذودون عن الحمى؟ 

شعب تجود حرائره بالغالي والنفيس وهمته عالية، لا بد أن يكون النصر 
بعون الله حليفه.






أم نضال : خنساء فلسطين:

سجل حافل بالنضال والصبر والوفاء والفداء، مصنع الرجال وعرين الابطال، دائمة الابتسامة في الشدة والرخاء، قدمت ثلاثة من أبنائها شهداء، عندما تودعهم توصيهم بأن يثخنوا في العدو، فإما نصر أو شهادة، منبع الحنان وعطاء لا ينضب، لم تستسلم ولم تيأس أمام صلف الاحتلال، في كل مرة تودع فيها فلذة كبده، شامخة دوما، عجز الاحتلال عن كسر إرادتها، مهما توالت عليها الخطوب من فقد الاحبة بين شهيد وأسير وهدم للبيت، تجلدت بالصبر.

كان بيتها عرينا للأسود، يأوي المجاهدين وكانت أما حنونة على الجميع، صبورة وصامدة رغم المحن. لم تفت في عضدها الشدائد. انجبت لفلسطين قناديل النصر ومصابيح النور ومشاعل الخير، تعلم أن الولد غال والوطن أغلى، ارضعت بنيها العزة والكرامة وفي حضنها الدافئ تنسموا عبير الحرية والشهامة ولوسام الشهادة اشرأبت اعناقهم وتطلعت نفوسهم، تودعهم بالزغاريد، تضمد الجراح بكلماتها الطيبة، وفي بيتها تتنسم عبق الشهادة






الشهيدة ريم الرياشي :

الأم الفلسطينية تختلف عن غيرها من الامهات إضافة لحبها الكبير لفلذات أكبادها وسعيها لإسعادهم، همتها عالية، فهي تتطلع لأن تهب لهم وطنا محررا يسعدون في كنفه وينعمون بالحرية في حضنه، تحب أن يكبر أبناؤها في وطن يفخر بأبطاله، جادت بأغلى ما منحها الله إياه لتصنع نصرا مؤزرا لأبنائها وشعبها وأمتها، الحت على طلب الشهادة ودللت كل الصعاب بإصرارها واستماتتها حتى نيلها .

شابة في مقتبل العمر لم تتجاوز الثانية والعشرين من عمرها، من اسرة غنية ولها زوج وأم لطفلين، مع ذلك لم تركن للاحتلال وقد نغص عليها حياتها وتاقت روحها للشهادة، نشأت نشأة صالحة وترعرعت في كنف اسرة اتسمت بالاخلاق الرفيعة وقد وجدت في المسجد مبتغاها. فيه نهلت القيم والمبادئ والمثل العليا وقد امتازت بالتدين والالتزام منذ صباها.

هو اصطفاء من الله لها لحمل لواء الجهاد والفداء والتضحية، إن اشترط غيرها من النساء عند الخطبة المال أو الجاه أو شيئا من لعاعة الدنيا، فهي اشترطت أن تنخرط في العمل الجهادي، بل وتجود بروحها فداءََ لله ثم الوطن، نساء من طراز رفيع، تطلعت للشهادة منذ صباها وهي في الصف الاعدادي، ولم تنجح محاولاتها ومع ذلك لم تفتر همتها وكررت المحاولة، ولم تكل ولم تمل واستماتت على مطلبها حتى تحقق مناها ونالت ما تتمناه، تقدمت للشهادة بكل سكينة وطمأنينة، رسالتها للاحتلال كانت بليغة، نساء فلسطين لا يلدن الاشبال فتتعهدها حتى تغدو فرسان الميدان وتحث على الصمود والثبات فقط بل تتطلع للشهادة ولا تثنيها الصعاب ولا المتاريس في بلوغ مبتغاها. ..






الفدائية دلال المغربي :

كل الناس لهم وطن يعيشون فيه وينعمون بخيراته ويسعدون تحت ظله، إلا الفلسطيني الذي هاجر موطنه قسرا، والذي شرده الاحتلال عن مهجة فؤاده، حب فلسطين تربع على عرش قلبه، فبذل له الغالي والنفيس وتفانى في الدفاع عنه، فدائية لم تتجاوز العشرين ربيعا، تنحدر من مدينة يافا، لجأت إلى لبنان ابان نكبة 1984، عُرفت دلال منذ صباها بجرأتها وحماسها الثوري والوطني، والتحقت بالحركة الفدائية الفلسطينية وهي على مقاعد الدراسة، ومع أن العملية البطولية التي نفذتها الفدائية دلال لها عقود من الزمن إلا أن وقعها كان ولازال وسيبقى شديدا على الاحتلال، لا زالت تؤرقهم وتقض مضجعهم، فقد اوعز نتنياهو لسفير بلاده لدى الامم المتحدة لتقديم شكوى ضد السلطة لاحتفائها بذكرى استشهادها ..

عملية نوعية هزت أركان الاحتلال حتى كلف فرقة خاصة للتعرض للحافلة ومن فيها من الثوار والتي كانت دلال في مقدمتهم وهي من كانت تقود العملية، العملية البطولية هشمت مقولة الكبار يموتون والصغار ينسون، الكبار لم يفرطوا والصغار لا ولن ينسوا، الصغار كبروا واصبحوا ثوارا، وبددت وهم أن الشتات والبعد عن الوطن سينسي الفلسطيني ارضه وقضيته وجرحه ولوعته وحبه لوطنه، إلا أن عملية دلال البطولية عبرت عن وجدان كل فلسطين في الشتات وما يكنه من حب ووجد وحنين وشوق لوطنه، من يحمل هم وطنه أينما حل أو ارتحل، ويسعى بكل جهده لفك قيوده وتحريره من براثن الاحتلال ومجابهته بقوة حتى دحره عنه، تركت دلال وصية بليغة تكتب بماء من ذهب وتحفظ عن ظهر قلب، دعت فيها لتوحيد الصفوف ونبذ الخلافات وتوجيه البوصلة نحو وجهتها الصحيحة، نحو محتل غاشم، وحثت على استقلالية القرار والذي تحميه بنادق الثوار ودعت للسير على هذا الدرب، درب التضحية والفداء، فهذا هو الخيار الذي اثبت نجاعته، وهذا ما يوجع الاحتلال ويؤرقه ويعجل بزواله بإذن الله





الاستشهادية : هنادي جردات 

ارهاب الاحتلال لم يسلم منه أحد، رجلا كان أو امرأة، طفلا كان أو مسنا، بل حتى الشجر والحجر لم يسلم من بطش الصهاينة، وبهذا زادت التحديات وزاد حجم المعاناة وثار الشعب بكل شرائحه فالكل مستهدف والكل اكتوى بنيران الاحتلال وبات على كل غيور رجلا كان أو امرأة خوض غمار التحدي ومقارعة الاحتلال، فحجم القهر والمعاناة دفع الجميع للتسابق للجنان والاثخان في العدو ..

ادركت الشهيدة هنادي أن الكل مطلوب أن يلبي نداء الوطن ويشارك في صنع الانتصار ويكبد الاحتلال الخسائر للجم شره ووقف صلفه، وأدركت أن زوال الاحتلال والخلاص من شره وبطشه لن يتحقق إلا بالبذل والعطاء والفداء والتضحية، ويبقى الجود بالنفس أرقى واعلى مراتب الجود، لم تتأخر عن تلبية نداء الواجب، فسارعت إليه واثقة الخطى موقنة بالنصر والفوز والنجاح، عازمة على تنفيذ عمليتها على اكمل وجه، لم ترتبك ولم تثر الانتباه حتى لا يثنيها أحد أو يعرقلها شيء عن اداء واجبها، ولم تثر الشكوك حولها حتى تتكلل عمليتها بالنجاح، الشهيدة هنادي كانت ستمارس مهنة المحاماة، غير أنها أدت مهمة المحاماة في أرقى صورها، فقد دافعت عن حق شعبها في العيش بكرامة وحرية ودافعت عن حقها المسلوب بدمائها الزكية بكل قوة وصلابة، فهي صاحبة حق وذادت عنه كما المطلوب، وجهت للاحتلال ضربة في الصميم اهتزت لها اركانه، فقد احزنها وحرمها أحبتها واغتال كل فرحة في قلبها وكدر صفوها وشاهدت غطرسته وشره وارهابه بأم عينيه، اسفرت عمليتها البطولية عن مصرع العشرات من شذاذ الآفاق عدا عن الجرحى ..

نالت وسام الشهادة الذي تمنته بجدارة والذي تاقت إليه ورسمت ابتسامة الرضا على محيا اهلها رغم مرارة الفراق، افتخروا بشهادتها واثلجت صدورهم عمليتها البطولية، فقد ردت للاحتلال الصاع صاعين وهزت عرش الجبناء من يستقوون على العزل والابرياء، بدمائها الطاهرة، عبدت طريق الحرية والكرامة والاباء، زرعت الامل في النفوس التي اغتمت لفراق الاحبة فلن يتسلل إليها اليأس وقد أخذت بثأر كل المكلومين وشفت صدور المؤمنين.

نساء فلسطين قبل رجالها سيبقين شوكة في حلق الاحتلال، هن فخر الامة وعنوان العزة والكرامة، وحق على الأمة أن تحتفي بهن وأن تعتز وتفخر بهن. بأدائهن المتميز رفعن قدر الامة وأعلين شأنها، هن تاج على الرؤوس وهن من علمن العالم أجمع كيف يكون حب الوطن: فلسطين






الاستشهادية وفاء ادريس :

حكاية الألم والوجع لشعب شرده الاحتلال عن موطنه تتشابه، تختلف فقط في الاسماء ولكن الجرح واحد، تعددت فصول الحكاية والمعاناة واحدة، وقصة الشهيدة وفاء ادريس واحدة من تلك القصص المؤلمة.

هجر المحتل عائلتها من مدينة الرملة التي احتلها عام 1948، ليستقر بهم المقام في مخيم الامعري. كانت الظروف الاجتماعية للعائلة جد صعبة، الاحتلال نكل بها واعتقل معيلها وضيق عليها سبل الحياة، إلا أن الشهيدة تحدت كل تلك الظروف القاسية وكل المنغصات ولم تكسر ارادتها ولم تهزمها ولم تنل من عزيمتها.

تطوعت كمسعفة في الهلال الاحمر الفلسطيني لتكون قريبة من هموم شعبها، وتخفف عنهم آلامهم وتداوي جراحاتهم وجرحاهم، وفاء كانت للاخلاص والتفاني في عملها الانساني قمة في الوفاء، وكانت محبوبة من الجميع..

عملها كمسعفة جعلها تقف على حجم ارهاب الاحتلال ووحشيته وفظاعته وبشاعته، تأثرت بمشاهد الموت والدم والاشلاء وآهات الضحايا ودموع الاحبة على فراق فلذات اكبادها، كانت ترجو أن يأتي يوم وتوقف فيه هذا الصلف وتنتقم من الاحتلال الذي اوجع قلوب الاحبة وادمع عيونهم وأرق حالهم وفرق شملهم.

كانت ترى بأم عينيها كيف يستبيح الاحتلال دماء الابرياء وكان قلبها يتمزق ويحترق ويعتصره الألم وهي تودع كل مرة مواكب الشهداء، تداوي جرحى الانتفاضة وتئن لاناتهم وتضمد جراحهم ومع كل قطرة دم زكية تسقط من جريح أو شهيد ينفطر قلبها وتكتوي بنيران الآلام. أدركت أن هذا الاحتلال لا يفهم سوى لغة القوة وما اخذ بالقوة أو بالأحرى ما أخذه بالوحشية والاجرام لا يسترد إلا بالقوة.. فهذا الاحتلال البغيض الذي هجرها قسرا عن موطنها هو من اوعزها لعيشة الهوان وضيق عليها معيشتها ونكل بشعبها وأهدر دماءهم الزكية.

هذه المشاهد المؤلمة دفعتها لأن يكون لها هي أيضا دور في الدفاع عن موطنها والنضال لاجله، ردت على اجرام الاحتلال باللغة التي يفهمها، بعملية بطولية. ودّعت صديقاتها يومها وقالت لهن: سأقوم بعمل يرفع رؤوسكن. وقالت لأهلها بأن الوضع صعب ورمبا يستشهد الانسان في أية لحظة، يبدو أنهم وقتها لم يلتفتوا لتلميحاتها ولم يفهموا كنه عباراتها وما ترمي إليه، حتى اُعلن عن العملية ومنفذتها، عندها فهموا مقصدها.

لقنت وفاء الاحتلال درسا لن ينساه، فهذا الشعب الذي ينبض بالحياة وتسكن فلسطين حنايا قلبه ويفديها بروحه لا ولن يرضى الذل والهوان، كل شرائحه ستقتص منه، هذا شعب لا ينام على ضيم ولا يقبل الظلم ويرفضه ويجتهد لرفع الجور عنه، عمليتها البطلوية اصابت الاحتلال بالذهول والصدمة. تجلت فيها معاني البطولة والتضحية والشجاعة في ابهى صورها. فتاة في مقتبل العمر تجود بنفسها، ليتحرر الوطن من براثن الاحتلال ولتسكن جراحات القلوب المكلومة ولتوقف إجرام الاحتلال بحق الأبرياء. وبهذه اللغة التي لا يفهم الاحتلال سواها، قالت له: لن يطول مقامك على ارضنا وأنتم حتما إلى زوال.
بإذن الله ..
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق