رغم كل ما زرعته يد الغدر من دمار وخراب ورغم كل ما حصدته آلة الحقد من أرواح بريئة ، ورغم أزيز الطائرات التي تهز الاركان وتزرع الرعب في نفوس الصغار ، ومن بين الركام ، كانت لبهجة العيد مكان في قلوب أطفال سوريا ، لم تستطيع المحن أن تمحي فرحة العيد ، انتصرت إرادة الحياة وارتسمت البهجة على الوجوه الذابلة ومسحت سحنة الحزن عنها ، فدبت فيها الحياة ، خلقوا من أشياء بسيطة عالما أدخل السرور على نفوس الصغار ، صعنوا كعك العيد ، بما توفر لديهم ،ولبسوا أجمل ثياب ، يحدوهم أمل في غد مشرق زاهي ، أمل يزرع في نفوسهم التحدي والثبات ، صنعوا الحياة بإصرارهم وصمودهم ، تغلبوا على المحن والشدائد وتناسوا الاحزان ..
خلقوا جو فرحة ، غنوا لحن الحرية ،كلهم أمل في رؤية وطن يملأه الامن والاستقرار والكرامة والحرية ، ملأوا المكان نشاطا وحيوية وحركة ، يحلمون بوطن يحضنهم ، يلعبون في أرجاءه لا شيئ يكدر صفوهم ، لاخوف ينتابهم ، ولا كوابيس تطادهم ،ولا مشاهد تروعهم ، أطفال في عمر الزهور كست الابتسامة محياهم ، غمرتهم الفرحة ، لن توئد يد الغدر ، فرحتهم وآمالهم وأحلامهم أو تكسر عزيمتهم، ولن تكتمل الفرحة إلا بزوال المحنة ، عندها ستشرق شمس الحرية وترسل أشعتها، فتعم كل الارجاء ، لتعود الحياة للجسد المنهك ، ويتعافى الوطن من جروحه وأسقامه..
يفتقدون الكثير ومع هذا استطاعوا أن يضيؤوا شمعة الامل وأن يرسموا للمستقبل لوحة مشرقة بهية، زاهية وبكل الالوان ، غمرتهم الفرحة وحلقت بهم في عالم مختلف ، وتناسوا لحين كل ما أرقهم ، وكل ما أفزعهم ، وكل ما نغصهم ، يحبون الوطن وله غنوا لحن الحياة ، نمى حبه في قلوبهم الصغيرة وضمته أرواحهم ، غنوا له أعذب الالحان ..
رسموا وطنا كما يتمنونه ، وطن تظللهم فيه السكينة والسعادة ، يزرعون بساطه وردا وبهجة فتفوح أرجاءه عطرا وشذى ، يزينون ربوعه بأناشيد الحرية ويسقونه من رحيق الحياة ، ينطلقون فيه مثل الفراشات ، يحلقون بأجنحتهم في عالم يكتنفه الامن والأمان ، من زهرة لزهرة تتنسم عبيرها الآخاذ ، يجوبون أرجاءه في اطمئنان وانشراح، يبنون ما دمرته الحرب ، يسعدون فيه ويقيمون جسور المحبة ويحرسون حياضه ويكونون له الاوفياء ، يحبونه ويبذلون له كل غالي ونفيس ، ويلتم الشمل ويعود للوطن بهاءه ورونقه ، ويعود الأحباب ويقر الوطن عينا بعودتهم وتفرح القلوب ، إن شاء الله..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق