إشتاق عليه الصلاة والسلام لرؤية إخوانه ، بل وذرفت عيناه الشريفين دمعا شوقا وحنينا لرؤيتهم ، ألا يحفزنا هذا الشوق والحنين ، للتمسك بنهجه القويم واتّباعه ، فهو الرحمة المهداة ومشكاة الهداية ، ينير القلوب والدروب ، حتى نتشرف نحن أيضا برؤيته وننال هذه المنزلة الكريمة ، فمن يتشرف بهذه المكانة القيمة ، هم أعزة وهم من سيعيدون مجد الامة ، رغم المحن ورغم المكائد سينتصرون للحق وسيرفعون رايته خفاقة ، بإذن الله..
عرّفهم سيد الخلق عليه الصلاة والسلام ، أنهم قوم آمنوا به ولم يروه ، كانوا لرسالته نعم الحامي والحارس الامين ، احتضنوا الحق بين جوانحهم ، لا يلهج لسانهم بحبه فحسب ، بل يُترجم الحب لسلوك طيب واتباع وخلق سامي وتبليغ للحق وإسناد أهله ، فمن بلغ هذه المكانة كان جديرا بهذه المنزلة العالية ، فمن عايشه حظي بالعون والسند وشاهد المعجزات وكانت لهم المنعة والقوة ، أما في زماننا هذا ، القابضون على الجمر قلة وقد تكالبت عليهم الامم ..
وعندما تقف على حجم المحن والشدائد التي يمر بها المؤمن المخلص ، تدرك قيمة هذه المنزلة وقدرها العالي ..
ليست تشريفا أكثر منها تكليفا ، فهم الفئة الصابرة والصامدة والمرابطة ، التي لا ولن تخذل الحق وستذود عنه بكل ما أوتيت من قوة ، متحدية كل الصعاب والاهوال والمنغصات التي ستصادفها في طريق الحق ، فهذا الاخير ليس مفروشا بالورد والزهر بل دونه تضحيات جسام ، أمنوا به معناه تمسكوا بنهجه المستقيم وساروا على دربه النيّر ، ما بدلوا وما حادوا عن جادة الحق وما وهنوا وما فرطوا وما بخلوا عنه ، بل جادوا لأجله بالارواح ، نجحوا في اجتياز اختبار الابتلاءات ولم تنال منهم المحن ، ولم تثنيهم عن مواصلة سبيل الرشاد..
هم من يستحقون أن يكونون إخوانا لسيد الخلق عليه الصلاة والسلام ، فازوا بهذه المكانة وكان لهم شأنا ، لعطائهم الفياض وصبرهم في مجابهة قوى الظلم ، إذن هي مكانة عالية لا ينالها إلا من كان أهلا لها ، من ضحى بالغالي والنفيس ، من حمى حياض الحق ، ومن نصره في نفسه وعلى الارض ، روى شجرة الحق بدمائه الطاهرة ..
والمحن تغربل الصفوف وتمحص النفوس ، فلا يصطف مع الحق إلا من اصطفاه الله واختاره لنيل هذه المرتبة الغالية ، نفوس نقية تقية تجردت لله من كل لعاعة الدنيا ، ونافحت عن حمى الحق ..
يضاعف لهم الاجر زيادة في إكرامهم وحضهم على الثبات والاصرار ، فالمنزلقات كثيرة ، وأبواب الشر مشرعة الابواب ، وأعوان الشياطين قد تفننوا في نصب شراكهم ، ليردوا أصحاب الحق عن مناصرته ، فكان الاجر مضاعفا في زمن عز فيه المعين وقل فيه النصير ، وأضحى فيه أنصار الحق غرباء ، فطوبى للغرباء..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق