أحيت المقاومة الإسلامية حماس عرس انطلاقتها الواحد والثلاثون في جو مفعم بالعزة والكرامة والكبرياء والأنفة ، وقد غصت الكتيبة الخضراء وكانت إسما على مسمى ، فقد توشحت الكتيبة بالأخضر وغدا عنوانها ، وغصت بالمبايعين لنهج المقاومة ، لم يفت في عضدهم الحصار ولا المؤامرات ولا العقوبات ولا التضييق ، بل صقلت معدنهم و زادتهم إصرارا وثباتا وصمودا ، حاصنة شعبية وفية لمقاومة تبذل الغالي والنفيس لحمايتها وتصد عدوان الإحتلال عنها ..
وشعب مخلص لمقاومته الباسلة يسندها ويحتضنها ، فهي عنوان كرامته وعزته ، ومقاومة باسلة تحمي الشعب وتدافع عنه وتصد صلف الإحتلال وتبهج الروح بأدائها المميز ، مسيرة حافلة من الإبداع والإنجازات والبذل والعطاء ، استهدف الإحتلال قادته ليكسر شوكتها وليضعفها ، إلا أنها حركة ولادة ومعطاءة ومعينها لا ينضب ، تقيّم دوما مسارها وتطور من أدائها ومع كل إنجاز لها يشتد عودها وتقوى شكيمتها ، وتجتاز كل محنة اعترتها بثبات وقوة وصلابة ..
شكّل تصديها للمجموعة الخاصة الصهيونية صاعقة للإحتلال ، شلت تفكيره واربكت حساباته ، وأكيد ما أسفر عنه رئيس المكتب السياسي في عرس الإنطلاقة النزر القليل مما لدى المقاومة مما أنتهت إليه من مخزون غدا بحوزتها ، بلغة سيفهمها الإحتلال واكيد استوعبها : غزة غدت محرمة على الغزاة ، وعصية على الإنكسار ، غزة تحميها وتحرسها عناية الله ، وتذود عنها سواعد أمينة وقلوب مخلصة ، وعيون تسهر على ثغورها ، أراد الإحتلال من خلال إستهدافه للشهيدين أشرف علاونة وصالح البرغوثي ، خاصة قبيل الإنطلاقة ، تعكير الصفو وادخال الحزن على القلوب والنيل من صلابة المقاومة وكسر إرادتها ، تناسى أن من اختار درب الفداء ، يرنو دوما لإحدى الحسنيين : إما نصر أو شهادة ، وفي كلاهما نصر ، والمقاوم يدرك أن للحرية والكرامة ثمن ، والشهادة وسام شرف وعزة لا يناله إلا من اصطفاه الله عز وجل لهذه المنزلة الرفيعة ، ويدرك أن حرية الأوطان لا تتحقق إلا بالتضحية والفداء وقد وطّن نفسه لنيل الشهادة ..
ومع ذلك كانت له المقاومة بالمرصاد وردت له الصاع صاعين ، لم تترك له المقاومة الوقت ليتنفس أو لينتشي بما اعتقده نصرا احرزه ، حتى جاء رد المقاومة مزلزلا ، فالمقاومة لا تنام على ضيم ، وردها جاهز ، جاءت عملية فدائية أخرى ، أثلجت الصدور وأشفت القلوب وابهجت الروح وضمدت الجراح وزادت من زخم عرس الإنطلاقة ، وشهداؤنا في الجنة وقتلاهم في النار ، وبون شاسع بين المحتل للأرض المغتصب للحق ، وبين صاحب الحق ، هذا الأخير جسور في طلب حقه ، يجود بروحه ليحمي حقه ، يستميت في طلبه ، يقارع بأخلاق ، أما المغتصب للحق جبان ، حتى عندما يستهدف الشهيد ، يعاقب كل العائلة ، بهدم الدور أو اعتقال الأهل والتنكيل بهم ، هذا له تفسير واحد ، انعكاس للعقلية الإجرامية المتغلغة في داخله ولطبيعته النشاز واجرامه المتأصل في كيانه، هو عصابات اجرامية طلع لها كيان ..
رسالة الجماهير التي غصت بها الكتيبة الخضراء للمحتل : لن تشق صفنا ولن تفرق شملنا ، التحام تام بين المقاومة وشعبها ، بل ارتباط وثيق بينهما ، وعندما يكون الشعب واعي ، لن تنال منه الإشاعات المغرضة ولن يلتفت إليها ولن تفت في عضده المحن والخطوب ، فهو يدرك أن المحتل وزبانيته هم من يحاصرونه ويحرمونه مقومات الحياة لينفضّ عن مقاومته ، الحشود الغفيرة التي امتلأت بها الكتيبة تعلن التفافها حول المقاومة ، التفاف يزيد المقاومة قوة وتماسك وعنفوان ، وهذا ما بدا في عرس الإنطلاقة وقرّت به العيون ..
كل محب لنهج المقاومة كحل عينيه بمشاهد العزة والرفعة والفخار ، مشاهد عز ابتهجت لها قلوب المحبين وأغاظت الصهاينة وأذنابهم ، شعب لا ولن يخذل مقاومته ومقاومة لن تفرط في شعبها ، بإذن الله ، شعب يدرك بوعيه أن ضريبة الكرامة والعزة مهما علت هي أهون من ضريبة الركون والإستسلام والخنوع ، مقاومة تاج على رؤوس الأمة فهي من تقف بشموخ واعتزاز وقوة أمام المشروع الصهيوني وهي رأس الحرب في مقارعته ، ومقارعته بذكاء في إطار صراع الأدمغة لا تقل مقارعة في الميدان ، وقد تفوقها لتسد الفجوة لإختلال توزان القوة ، مقاومة في تطور مضطرد ومتواصل ودؤوب ولا تفتر همتها ، فكان لها الشعب نعم الظهير والوفي والمثمن لجهودها وفي عرس انطلاقتها جدد البيعة لها ، أراد الإحتلال أن يرتد الشعب عن المقاومة في عقر دارها ، بإستهدافه لحاضنتها في كل مرة وبكل السبل الخبيثة ، إذ بالضفة تلحق غزة وتهتز على وقع ضربات المقاومة أقدامه ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق