بالأمس القريب كنا نقول أهلا رمضان واليوم نقول مهلا رمضان ..
رمضان ضيف كريم خفيف الظل محبب للقلب مقدمه مقدم السعد والفضل بين يديه، يهل هلاله كل سنة فيحمل دوما معه الخيرات والمسرات والبشريات، من رحمة ومغفرة وعتق من النار، بإذن الله، ننتظره كل عام بلهفة وشوق، نشتاق لمقدمه، ونستبقله بهمة ونشاط، نفرح لمجيئه ونحزن لفراقه وكل من بلغ منزلته وعلو قدره يرجو من الله عز وجل لو أن كل شهور السنة رمضان ..
هو شهر البطولات والفتوحات والأنتصارات، يرفع الهمم ويحشذ الطاقات، يعود كل سنة ليسعد بمجيئه قلوب محبيه ويزيل عنهم الوحشة والكدر ويؤنسهم بلياليه التي تأسر الارواح بجمالها، فترى النفوس عاكفة على قراءة كتاب الله ومناجاته والتضرع إليه، يمحو كل ما شوش على النفوس طيلة أيام السنة فيه تستشعر نفحات إيمانية وترتاح الروح في كنفه، وتتخفف من كل ما ارهقها، فيه يتضاعف الأجر وتحلو الليالي بالطاعات والقربات ..
نفحات ونسمات عليلة تغمر الروح فتسمو بها وتحفزها على فعل الخيرات، فيه تشحن الطاقات وتبلغ النفوس أرقى الدرجات، فالعاقل من اغتنمه وحرص فيه على الطاعات فما أعجل رحيله، فيه الأرواح تشرق بهاءََ وبهجة وتعلو البسمة محيا الاطفال، بعد صوم العصافير تنتظر بلهفة وشوق اشراقة يوم العيد حتى تظهر بملابس العيد في أبهى وأجمل حلة، فيه ينساب الجود والكرم وتكثر موائد الرحمان ويفيض العطاء ويتدفق الخير..
فيه تزدان صلة الرحم بتبادل الزيارات وتتوطد العلاقات ويلتم الشمل على مائدة الإفطار، لمة تنسي الهموم وتخفف الأعباء وتبهج الروح، فيه تشتد العزيمة وتقوى الإرادة وتعلو الهمم ويتنافس الكل في الخير، فيه يجلو صدأ القلوب فتصفو الارواح وينجلي الكدر فتقبل على الخير وتسارع في أعمال البر والإحسان، فتفتح القلوب مغالقها فينساب الخير وتستقبل نفحاته بالحبور، فهو محطة تستشعر الأرواح بين أفيائها الطمأنينة والراحة والسكينة..
فيه ترتوي الأرواح بعد ظمأ فيزول عطشها، فيه تعود النفوس الأصيلة لصفائها ونقائها وطهرها وتتخلص من كل ما شابها وما أعاقها وكل ما ران عليها، وتشكر الله على كرمه وفضله أن بلغها رمضان، فكيف تطيق الأنفس رحيله ومفارقة الضيف الكريم، أما هو فمن المؤكد أن له عودة، حتما ستفتقده الأرواح التي ألفته وسعدت في رحابه الفسيحة، وستتطلع أن تلقاه كل عام لتسعد باستقباله، وترجو من الله أن يبلغها إياه من جديد، ستنتظر كل سنة بحول الله ومنّته، حتى تحتفل به لتكرم وفادته وتستقبله باهتمام وبكل بما يليق به وإن مر منه الكثير فما بقي ارقى وأجل وأعظم، وهي العشر الأواخر فيها ليلة القدر أعظم ليلة، الفوز لمن شهدها وعادت عليه بالخير والرحمة والمغفرة والقبول ورفعته لأرقى الدرجات ، فما زال الوقت ليلحق المقصر منا بالركب وينهل من معين فضله ..
واللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا، اللهم آمين ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق