غزت أوطاننا مسلسلات بعيدة عن قيمنا وثقافتنا ، تدغدغ عواطف الشباب وتؤججها وتعطي مفهوما مغلوطا للحرية وتفسد الاخلاق وتدمرها وترسم في أذهانهم صورة خيالية لا تمت بصلة للحقيقة أو للواقع ، الغرض ابعاد الشباب عن همومهم الحقيقية واشغالهم عن قضايا أمتهم ، ولو وفر الشباب طاقاتهم لخدمة قضايا أمتهم بدل اهدار أوقاتهم في التفاهات لكان انفع ، أضحت أمتنا أمة مستهلكة لكل وافد دون تحميص ودون انتقاء الافضل ، تستقبل كل سم زعاف ، ولو كان هناك حرص على شبابنا لكانت هناك مسلسلات تبني الشخصية القوية وتحض على مكارم الاخلاق وتقوي روابط الاسرة وتبنيها على أسس متينة من الحوار الهادف البناء والاحترام والتقدير وتبرز الوجه المشرق لحضارتنا الزاخرة بنماذج راقية وقدوات طيبة ليحدو حدوها شبابنا.
الخطر في تلك المسلسلات أنها تنقل صورة غير جدية لكلا الجنسين الفتاة والشاب ، صورة بعيدة عن الواقع هذا ينظر لفتاة أحلامه على مقاس شكلتها رؤيته للفتاة التي رآها في المسلسل الفلاني والفتاة تنظر لفارس الاحلام على شكل البطل الفلاني !
وعند الزواج يصطدما بالواقع ، لم يتستحضرا المسؤولية ولم يكونا جديرين بتحملها وتناسيا أن الحياة كد وكفاح ، ولم يزودا من بالنصائح والتوجيهات التي تساعدهما في حياتهما ، وعندما تبنى مؤسسة الزواج على دعائم هشة ما يلبث أن يهوي البناء.
فلا يغرنك بنيتي ما يلفظه الاعلام المسموم من تخدير للعقول ولا تنخدعي بما ينسجه من حكايا تسحر الالباب وهي السم المغلف وهم وخيال وليس الواقع ، تسلحي بنيتي بالعلم والمعرفة وكلما نمى وعيك كلما نضجت أكثر ، وتعلمي أن مؤسسة الزواج صرح عالي لا تبنيه الكلمات الجوفاء ولا العبارات العابرة ، بل تبنيه مخزونك من المعرفة وما تسلحتي به من نصائح ، وعندها ستفكرين بعقلك وليس بقلبك فقط ، فإن انصب اختيارك على القلب فقط حتما ستتغاضين عن كثير آفات ، لن تنتبهي لها إلا بعد فوات الاوان ، عندما اختار النبي عليه الصلاةوالسلام السيدة خديجة رضي الله عنها ، اختار رجاحة العقل وهي اختارت الامانة والصدق والوفاء ، وكانت له نعم السند ، وكان لها نعم الزوج الصالح الورع ، خدمت الدعوة في المهد وساندتها وكانت ركيزة من ركائزها ، وظل وفيا لها حتى ماتت وبعد موتها عدد ، وكان زواجه خدمة للدعوة .
وإليك أختي اجلسي مع بنتك ومديها بالنصائح التي ترشدها لطريق السليم وتنير لها الدرب ، كوني لها الاقرب ، سددي طريقها بخبراتك وتجارب الغير حتى تكون لها نعم الرصيد ونعم الرفيق ،اغدقي عليها من حنانك حتى لا تبحث عنه فتكون فريسة لمن يستغلها ، جفاف القلوب من الحب وحنان الابوين هو من يجعل الكثير من الشباب يبحثون عنه ، اشبعيهم من حنانك الفياض وكوني لهم نبعا من الحب الذي لا ينضب ، اروي قلوبهم بالكلمات الطيبة والمعاملة الحسنة ، اهتمي لما يتعبهم وما يعانونهم من صعاب في الجامعة أو وما يقف أمامهم من منغصات حاوريهم لينفسوا عن ما يثقل قلوبهم ، امنيحهم كل ما يحتاجونه لا تحريمهم من عطفك ، اجيبي عن أسئلتهم حاوريهم ..
وتأكدي أن تربيتك لهم على النهج القويم سيكون لهم دخرا عند شبابهم ، اهتني بهم منذ نعومة اظفارهم اروي روحهم بكل خير حينها ستغدو ارواحهم صلبة المراس عنئدئد لن تخافي عليهم ، فهم محصنين بإذن الله ، يجابهون الصعاب بثقة ويدللون المصاعب بعزيمتهم ويكونون أقوياء النفس ،حتى ان اختاروا لن يخيب اختيارهم ، إن شاء الله ، الشجرة الوارفة الظلال ، ما هي إلا فسيلة تعهدها صاحبها بالرعاية والعناية ، واختار لها السماد الطيب وحماها من الحشرات وقوم أغصانها من أي اعوجاج حتى نمت وغدت شجرة سامقة ،والعكس صحيح إن أهملها نخرها السوس واكلتها الحشرات ونمت اغصانها معوجة ، عندها لن تعطيك أي ثمار ، ولا تبخلي أختاه عليهم بكل جهد ولا تجعليهم يفتقرون لحنانك ، أفيضي عليهم من عطفك حتى يستغنوا عن البحث عنه ، وقوي روابطهم بالله عز وجل ، إذا غمر القلب حبه لن يترك فراغا في فؤادهم لغيره ..
في بادرة طيبة أقدمت ماليزيا على خطوة هامة حقا اعجبتني، يشجعون الشباب على الزواج ويسهلون لهم تكاليفه ،يساهمون بذلك في وقاية المجتمع من الآفات ويحصنونهم ، وقبل الزواج يقومون بدورات تدريبية للمقبلين على الزواج الغاية تأهيلهم ليكونوا مستعدين لبناء عش هادئ ومسلحين بكل ما يوفر لهم حياة تسودها الراحة والطمأنينة ..
فكل مجال تريد اقتحامه يتطلب منك دورات تكوينية تجعلك ملما بكل ما يحيط ذاك المجال عارفا بما يتطلبه منك حتى تكون ناجها فيه ، للأسف القليل من الدول العربية من تقيم مثل هكذا دورات ، والنتيجة ابغض الحلال عند الله ، الغاية من الدورات حتى تطلع على سبل بناء مؤسسة الزواج وكيف تسير بسفينتك لبر الامان والطرق الناجعة لتربية النشئ حتى نخرج للعالم جيل معافى من كل الامراض ،ويكونون دخرا للوطن ولبنة صالحة ، مؤسسة الزواج الكل يتطفل عليها والنتيجة ضياع الحقوق واهمال التربية وو...