لم ينقسم المشهد العربي كما انقسم على المشهد السوري ، الثورات السابقة تلتها ردود متباينة لكن لم تبلغ الانقسام ، وكلما ضرب كيان المحتل أرض سوريا ، كلما ازداد الموقف العربي انقساما وتشرذما والكل يفسر الضربة انطلاقا من رؤيته أو فهمه ونظرته للثورة ، هناك من فرح وهلل وكأن من تلقى الضربة هو بشار وتناسى أن من انضرب هي أرض عربية ، ولم يقفوا على أبعاده ، أما من يرى في الثورة أنها مؤامرة كونية اعتبروا الضربة أنها جاءت في سياق دعم الثوار !! وتناسوا هم أيضا أن المحتل لا يهتم إلا لمصالحه وأمنه ، لم يكن يوما قلبه مع الشعب السوري ولا مع غيره ، النظام الغاشم اختار حلفاء كما اختار غيره حلفاء والحلفاء ما يحركهم هي لغة المصالح ولو اعدم الشعب السوري عن بكرة أبيه ، لن يتحرك فيهم ساكنا ورأينا كيف احتل حادث بوسطن حيزا كبيرا ، رغم أن الحدث مستهجن من الكثيرين لأنهم يدركوا أنه سيوظف للنيل من الإسلام ، في المقابل لم تهز مشاعرهم لمشاهد الدمار وشلال الدماء النازف في سوريا..
النظام الغاشم في سوريا كان يدرك أهمية سوريا وأن لها موقع ولن يكتمل أي مشهد إلا إذا كانت سوريا حاضرة ، وحين ارتمى البعض في حضن الغرب ارتمى هو في حضن الشرق ، تجاذبات لا تنتهي ويكتوي الشعب بنيرانها ، والغريب ليس وعيد النظام وتهديده بالرد على الضربات لأن هذا الأخير لو كان ممانع لما هوتِ البلاد لهكذا مصير مخيف ، بل الغريب هو صمت العرب ، المحتل يدخل فقط لخلط الأوراق وتعميق الانشقاق ، هو يدرك أن العرب مواقفهم متباينة حول المشهد السوري ، فيستغل هذا التمزق لتحقيق مصالحه ، أيا كان موقع الضربة فهو اعتداء على أرض عربية ووجب اتخاذ موقف حازم من العرب ، المحتل ما إن يتدخل حتى تنهال الردود وكل ينطلق من منظوره للثورة ، ويزيد الصف انقساما ، بين من يعد الثورة حربا كونية ومن يعد الضربة دعم للثوار !!!! وتناسوا أن المحتل يستشرف المستقبل فإن نجح الثوار فهم في نظر مناهضي الثورة جاؤوا بدعم من المحتل !! وعندها لن تستقر المنطقة والمحتل لا يريد من تدخله سوى زيادة أمد الازمة وتدمير سوريا ..
نفس سيناريو العراق يتكرر ، الغرب يدعم الإستبداد بأية طريقة كانت وما إن تنتهي مهمته حتى يخلق ذرائع لينفذ منها ، أحكم الغرب على العراق حصارا خانقا بدد الطاقات وأضعف الشعب وأثقل الكاهل ونالت سنين الحصار منه وخلق في قلوب الشعب والجيران حقدا دفينا على النظام ، لأنه لو كان حقا يهمه الوطن لعمد لازاحة النظام عندها لن يكون تمة حصار ولن تكون للغرب مبررات لاحتلال العراق الحصار اكتوى به الشعب لا غير ، حتى حين تتدخل أمريكا تظهر بمظهر المنقذ !!
وتجد الارضية خصبة ولن تجد مقاومة ، وسيتركونها تصول وتجول في أرض العراق ، لكن لم يكن هذا حال الكل ، قاوم البعض أمريكا والبعض الآخر خذل العراق وتركه لقمة سائغة للاحتلال الأمريكي ، اعتقد أن ما إن ينزاح نظام البعثي حتى تكون لهم قائمة ، واليوم والعراق ماثل أمام أعيننا بجراحه النازفة تنخره الطائفية ..
فمن هلل للضربة نقول له أخطأت رغم أنه لجانب الثورة ، لأن هذا ما يريده المحتل تشويه صورة الثورة ، والاحداث متسلسة تشد بعضها بعضا ، وفلسطين ليست حلقة منفصلة ، وما يشهده الاقصى من اعتداء وغطرسة المحتل لأن العرب لم يتبنوا مواقف حازمة ، يستغل المحتل ترشذمهم ليمرر تنازلات على الأرض ، كان مطلوبا من العرب الصد للضربة لأنها لا تستهدف النظام الغاشم بل تستهدف نخوة العرب وتمتهن كرامتهم ، سوريا ليست بشار هي أعلى شأنا ، ومن عدها تكريسا لحرب الكونية أو دعم الثوار نقول له أخطأت أيضا ،ديدن المحتل فرّق تسد ،الغرب يخلق مستبدا ويُكِن له كل دعم ، إما بغض الطرف عن مساوءه أو دعمه دعم حقيقي أو خلق منه فزاعة ليخيف به جيرانه ، حتى يكنوا له الكره ويأتي هو كالمنقذ ليس خشية على الشعوب بل لتحقيق مصالحه وإطالة أمد الضعف والاستكانة بالأمة ..
والمطلوب أن لا يستجدي العرب الحل من أمريكا أو روسيا ، بل يكون الحل عربي وإسلامي يتمثل في ازاحة النظام الغاشم ، وقف نزيف الدم ، تقريب وجهات نظر الثوار حتى لا تهوي البلد لحرب طائفية ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق