كوارث قد تضرب دولا كبرى ، ومع ما لديها من طاقة وإمكانيات ، ترسل نداء استغاثة ، فينهمر عليها الدعم وتهب الدول لنجدتها وتقديم لها ما تحتاجه من مساعدة ، وتتدفق عليها المساعدة من كل حدب وصوب للتخفيف من آثار الكوارث وتساندها ، هذه في دول لها موارد كبيرة وتعيش أوضاعا مستقرة ، فما بلك بغزة المحاصرة ، والتي تعاني أصلا تداعيات الحصار وآثاره السلبية التي عمت عدة جوانب ، وجمدت عدة أوراش ، مع مخلفات عدوان المحتل على بنيتها التحتية ، حتما ستكون الكوارث الطبيعية لها تأثير بليغ ، ومع هذا لم تتقاعس الحكومة في غزة ، واجتهدت هي وكل الفصائل الفلسطينية والاهالي والقسام ، وساهم الكل في التخفيف من الآثار الناجمة عن هطول الامطار الغزيرة..
حاصرت الامطار الدور وغمرتها بالمياه وأغرقت أحياءا بأكملها وحولت بعض الشوارع لبرك من الماء واتلفت الممتلكات ،فكانت المدارس مأوى وملجأ آمن للتمضررين لحين شطف المياه المتجمعة ، كم حذرت تقارير في غزة من الكارثة الإنسانية التي تحدق بها في ظل حصار جائر يطبق عليها من الجانبين ، لكن ذهبت النداءات أدراج الرياح ولم تجد لها آذانا صاغية ، واليوم تعيش غزة تداعيات الحصار وعدوان المحتل الذي يستهدف دوما قطاعاتها الحيوية ، ومع هذا لم تبقى غزة مكتوفة الأيدي ، بل تحركت وفق إمكانياتها ، سعيا منها للتخفيف من المعاناة ومساعدة المتضررين ونقلهم لملاذ أكثر أمانا حفاظا على أرواحهم ، معبر رفح هو رئة غزة التي يتنفس منها ، يفتحه الجانب المصري لسويعات قليلة لا تفي بالغرض ولا تغطي حاجيات القطار ، في ظل حصار خانق من جانب المحتل وهدم الانفاق التي كانت تخفف من حدة الحصار حتما هذا يزيد الوضع استفحالا ..
وهذه المعطيات على الواقع تراكمت وساهمت في تأزم الوضع وزادت من معاناة القطاع ، كم من أوراش وضعت لها غزة حجر الاساس وتجدمت بسبب الحصار وبقيت شاهدة على ظلم القريب والبعيد ، وكم تضررت قطاعات حيوية بفعل انقطاع الكهرباء المتكرر جراء نقص السولار ، والذي يتضرر منه القطاع الصحي بشكل كبير ، الغاية من الحصار تركيع الشعب الصامد في غزة والذي يحتضن مقاومته ، يمارس المحتل ضغوطه حتى ينال من استقلالية القرار في غزة ، يبتز القطاع لتجويعه سعيا منه للتضييق على المقاومة التي حمت غزة ودافعت عن حياضها وتصدت للعدوان ، هذا الاخير في كل عدوان يشنه على غزة يستهدف دوما بنيتها التحتية ومنشأتها الحيوية ، ومع هذا أثبت سكان غزة أن الحصار قد يؤثر لوقت وقد يجلب معاناة لكن لن يكسر العزيمة ولن ينال من قوة الارادة..
وإن كانت دولا عربية وغربية تنال منها الكوارث مع ما لديها من موارد وتحتاج لدعم ومساندة ، فكيف بغزة التي تعيش وضعا استثنائيا ، قطعا الكوارث تزيد من تأزم الوضع ، ومع هذا شعب غزة صامد وهذا ما عودنا عليه دوما ولن تنال منه المحن والشدائد وهو من وقف أمامها بصلابة وقوة واستطاع أن يتجاوزها بيقين عالي وتماسك كل فئات شعبه والتي تداعت للتخفيف من الخطب وجندت كل الطاقات لتقديم المساعدة وكان الكل في قلب الحدث يدا واحدة ، وساهم الجميع في انقاذ المتضررين وإجلاء المحاصرين ..
كل هذا يجري في غزة والعالم يلوذ بالصمت على حصار جائر دخل عامه السابع ، صمت عربي مريع ونفاق غربي ، فهذا الغرب هو من يتغنى بالحرية والكرامة للشعوب ، وهو من يشارك في الحصار بصمته في خنق غزة ، ويعاقب غزة على اختيارها ، في حين المحتل تتوالى حكوماته الواحدة تلو الاخرى ، سمتهم الغالب التعنت والغطرسة واحكام الحصار ومع هذا يلقى الدعم من الغرب، بل ويبرر أفعالها الشنيعة وحتى حين يوغل المحتل في عدوانه لا نسمع سوى تنديد خجولا ، لا يرافقه اجراءات صارمة توقف العدوان أو تعاقب الجناة ..
ومع كل الجهود التي بذلت لتخطي المحنة ودعم قطر الدولة العربية الوحيدة التي لبت النداء مشكورة ، وقد يحرك موقف قطر ضمير دول عربية أخرى لسلك مسلكها وتقديم العون لغزة ، وكذا موقف تركيا المشرف والتي سارعت لعقد اجتماعات تتدارس من خلالها الواقع وتسعى لاغاثة غزة ، سيبقى القطاع في حاجة لدعم حقيقي للنهوض به ليتفادي تداعيات الكوارث مستقبلا ، ولن يستنى له ذلك إلا بكسر الحصار نهائيا ، فهو حصار جائر وتوالي سفن كسر الحصار للضغط على المحتل واحراجه ليوقف تعنته ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق