قبل أن يقدم العسكر على قتل المعتصمين في رابعة والنهضة ، مهد للمجزرة ، أقدم على حملة تشويه وتشنيع في حق المعتصمين ، مع اطلاق سيل كبير من الاشاعات المغرضة ، حتى حين يرتكب المجزرة لا يأبه أحد بالدماء المسفوكة ،وحتى لا يكترث لهم أحد ، في حين كانت صورة للشهيد خالد سعيد كفيلة بشحن النفوس وقيام ثورة ! في حين استشهد المئات في يوم واحد لم تهتز لهم مشاعر البعض..
وقبل أن يحكم حصاره على قطاع غزة ، عمد لشن سلسلة من التهم الملفقة ، مع إعلام تحريضي يبث سموم الفرقة ، حتى يمرر مخططاته الخبيثة ، وهكذا يحاول أن يوظف أي حدث ، مهمد له من قبل ، ليخدم مآرب من سوق له ، والتي باتت فصولها تتضح يوما بعد يوم ..
وهذا شأن أحداث سيناء التي لا تحتاج للقبضة الامنية في غياب حلول أخرى ناجعة كالتي كان يصبو إليها د.مرسي ، من رصد ميزانية هامة لتنميتها ، ونشلها من براثن التهميش ، وفك عنها أغلال العزلة ، مع حوار فكري يزيح ما تكرس من مفاهيم مغلوطة أو خاطئة في العقول لدى البعض هناك ، غير أن الانقلاب نسف كل ما تقدم ، وشدد قبضته الامنية ، وكثف حملات التشهير ، لغاية في نفسه..
وبعد أحداث سيناء التي أودت بحياة العشرات من الجنود ، يأتي قائد الانقلاب ليتهم أطرافا خارجية ، على أنها هي المسؤولة أو المحرضة أو المنفذة ، ولم يسمي تلك الاطراف ، مع العلم أن الشعب المصري له عدو واحد ، سقى أصحاب الارض والعرب الويلات ، وهو المحتل لا غير ، وبدل رمي التهم جزافا أو تصريحات تنبئ عن مايضمره من شر للجوار ، أن يحمّل المسؤولية لمن قصر في حماية هؤلاء الجنود ، وأن يحقق في الحادث ، فالتحقيق يأخذ وقت ، أما أن يرمي بالتهم بلا دليل أوبينة ، فالامر يدعو للشك والريبة وكأن توجيه التهم مقصود ، ولا نستبعد أصابع المحتل ، وبينه وبينه حدود طويلة ، أطول من حدوده مع غزة ..
الحادث جاء ليخدم مصالح عدة أطراف ، أولهم المحتل فيما طرحه قائد الانقلاب من إنشاء منطقة عازلة ، وتهجير سكان الشريط الحدودي مع غزة ، والذين يبتزهم العسكر حتى يجليهم عن مساكنهم ،وهذا ما صرح به أحد أهالي سيناء ، ويشدد الحصار على غزة ، ويصرف أنظار الشعب في الداخل ، شعب متعطش للعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة ، وأن يثنيهم عن مطالبهم ،وأن يكون الهاجس الامني مقدما ومكافحة ما يسميه الارهاب أولوية على أي عدالة أو تنمية ، ذكرني حادث سيناء ، بحادث مجزرة الغوطة ، الكل ينفي صلته بالمجزرة ، وبعد أن انتزع السلاح الكيماوي ، الذي كان سيشكل تهديدا حقيقيا للمحتل ، لم نسمع أحد يأتي على معاقبة الجاني والتحقيق في الحادث ، وكأن هناك طرف ثالت ، حقق مصلحته من نزع السلاح الكيماوي وبقيت سوريا تتجرع المرارة..
وبعد الحادث انهالت القرارات والتأويلات ، وكأنها كانت على الرفوف ، تنتظر فقط الاجواء "الملائمة" لتمريرها ، هذا يتهم الجهة المنفذة أن غايتها تعطيل الانتخابات البرلمانية ، وما يسمى بخارطة الطريق ، وتناسى أن ما بني على باطل فهو باطل ، وأن الواقع المرير ما هو إلا افرازات الانقلاب ، وآخر يصدر قرارات تخدم المحتل .. ولماذا اللمز لحدود غزة ،والحدود مضبوطة وغزة تقوم بواجبها على أكمل وجه ، ولماذا أغلق معبر رفح ؟! وما أوجه الترابط بين الحادث وغزة ؟!!
الحقيقة الغائبة والله أعلم ، هي أن الانقلاب الذي باع الغاز المصري بسعر زهيد للمحتل ، وطبعا راح ثمنه لجيوب المفسدين ، وقّعوا على تشغيل الانبوب لفترة معينة ، الآن سيشترون الغاز من المحتل بثمن السوق ، ولتأمين الانبوب من أي هجمات ، سيمشطون تلك المنطقة ، والمحتل لن يخطو مثل هكذا خطوة إلا بشروط ، وحتما سيكون من بين شروطه خنق غزة ، والتضييق على المقاومة ..
وإن فكر الانقلاب في نقض العقد ، مطلوب يدفع تعويضات للشركة ، وطبعا ستخرج من جيوب من سرقوا الغاز المصري وباعوه بثمن بخس للمحتل ، وإلا قاضتهم الشركة التي أنشأت الانبوب في المحاكم التجارية الدولية ..
لذلك الانقلاب ليستمر في امتصاص دماء المصرييين الغلابى ، مستعد للتنكيل بغزة وبالمصريين ..
الحصار الجائر الذي كان يفرضه المحتل على غزة في منظروره كان كافيا لارهاقها وإضعافها ، ليستبيحها فيما بعد أو لخلق واقع مرير يخدمه ، وإلا متى انتبه العالم لحصار غزة وقد دخل عامه الثامن ، الحرب على غزة هي من أعادت غزة للواجهة ، ومن جديد سمع العالم لأنينها ومعاناتها مع الحصار الجائر ..
ومع الحرب طفت معاناتها من جديد على السطح ، هرول من شارك في حصارها لاعمارها !! مع سريان التهدئة ، غدت وعود الاعمار حبر على ورق ، الاحتلال يشن الحرب على غزة ، حتى يجس النبض ، ما تملكه غزة من اسلحة دفاعية ، وهل أثر الحصار على قدراتها ، وبعدها يحكم من جديد الحصار الخانق ، ففي ظل خنق الضفة بسُلطة لا تحمل الهم الوطني ، وتنسيق أمني جفف ينابيع المقاومة وحصار أعده لغزة ، إنهاءا للقضية الفلسطينية ، لاقدر الله ..
لذلك الشعب المصري اليوم مطالب بإسقاط الانقلاب البغيض ، الذي يعرض مصالح مصر العليا بل ومصالح الامة للخطر ، أهالي سيناء وغزة فقط كبش فداء ، لتحقيق مآرب المحتل على يدي أذنابه ، والمُعول عليه بعد الله انتفاضة الضفة ، لتسند غزة وإلا ضاعت القضية ، لا قدر الله ، فمن دعم الانقلاب يدرك أي دور مهين فصله للانقلاب ، دور سيزيد من إضعاف الامة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق