الاسير ضحى بالغالي والنفيس ، لترفرف رايات النصر خفاقة في ربوع الوطن ، ذاك الذي أمضى زهرة شبابه خلف القضبان ، بصبره بصموده كتب عز الوطن وسطر ملاحم الثبات ، قارع المحتل بجسارة في ساحات الوغى ، وفي السجون أبدع في صناعة الحياة وتحدى الاغلال ، كله امل في يوم يبزغ فيه فجر الحرية ، ويعانق نسيمها العليل ويتنفس عبيرها الفواح ، هو من أذهل العالم بصلابته وتحديه عتمة السجون ، هو فخر الامة وتاج على الرؤوس.
الاسير حسن سلامة أحد هؤلاء الابطال الصامدين ، تتحدث عنه خطيبته بكل فخر واعتزاز ،قرأت سيرته الحافلة بالتضحيات ،اطلعت على كتاباته التي تعبر عن مدى حبه للوطن وفدائه للقضية وتمسكه بالحقوق ، نظرت لابتسامته وهو في قاعة المحكمة ، ابتسامة قهرت قيد السجان ، وتحدت غطرسته ، ورفعت المعنويات..
كان يرفض فكرة الارتباط وهو خلف القضبان ، حتى لا يظلم رفيقة دربه ، أو يسبب لها الآلام ، آلام الانتظار الطويل ، غير أن غفران تلك الفتاة التي رأت فيه فارس أحلامها ، رأت في الارتباط به ، مشاركة له في تضحياته ونوعا من الجهاد ، فكانت له البلسم الشافي للجراح ، خففت عنه آلام الاسر ، كانت طاقة الامل من خلالها يتنفس عبير الحرية ، أدركت غفران أن الاسير الذي ضحى بسنيّ عمره خلف القضبان وفاءا لله ثم للوطن ، يحمل بين جوانحه قلبا نقيا صافيا ، مفعما بالحنان والمحبة والطيبة ،قلوب طاهرة لم تفرط في شبر واحد من الوطن ، أخلصت للوطن ولم تبخل عليه بجهدها ووقتها ، حتما ستكون قلوبا وفية مخلصة محبة للخير معطاءه ..
وهو تعرف عليها من خلال كتاباتها والتي تزرع في النفوس إشراقة الامل ، أسير خلف القضبان أبدع في رسم معالم النصر ، فكان نبراسا ينير درب المقاومين ، وأبدع في صناعة الحياة ...تعانقت الارواح فبددت عتمات السجون .. فأشرق النور من بين الاجدران وترعرع الامل وتحدى ظلمة الاسر .. فتلاشت الاحزان ، نفوس كلها ثقة ويقين أن الظلم لن يطول ، وأن فجر الحرية قريبا سيسطع ، بإذن الله ومهما طال البعاد سيجدها على مرفأ الحرية تنتظره ليكملا المشوار ..
الحب الحقيقي مثل شعاع النور ، لا ينتظرالاستئذان ليُغرس في النفوس ، بل يحتاج لقلوب طاهرة نقية ، تعرف معنى الوفاء والتضحية ، تفتح له المنافد فيعم النور كل الارجاء ، غفران نفس كريمة طيبة تعكس قصة وطن يهفو للحرية ، وكسر قيد الاسر ، كالارض المعطاءة تجود على بنيها الابرار بالحب والحنان وتثمن تضحياتهم وتتفانى في عطائها لهم ..
الحب الحقيقي ينمو ويترعرع في النفوس التقية ، معين لا ينضب من التفاني والاخلاص ، تلاقح الاهداف يذلل العقبات ويخلق التكامل ، أراد المحتل أن يجعل من السجون مقابرا للاحياء ، يكسر المعنويات ويأسر الروح والجسد ، غير أن الاسير حوله لواحة غناء من العطاء المتدفق ،ففاضت المشاعر النبيلة في رحاب النفوس الطاهرة وتحدت الحواجز ..
جنة المؤمن في قلبه ، تزداد بهجة وتألقا ، كلما أدخل السرور على قلوب محبيه ، يشاركهم أفراحهم ، يرسل لهم الهدايا ، فهي توطد العلاقة وتقوي الروابط ، وتعزز الاواصر ، مشاعرهم جياشة ، يغمر محبيه بالمحبة والطيبة والاهتمام ، صاحب القلب الكبير مع كل ما يعانيه من ألم الاسر ، يحاول جاهدا إدخال السرور والبهجة على القلوب ، أرواح تلاقت على الخير..فتآلفت فشيدت جسورا من الالفة والمحبة رغم القيد ورغم المعاناة .. صاحب القلب الكبير انسان بكل معنى الكلمة .. يرسم الابتسامة على محيا محبيه ... هو حر خلف الاسوار ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق