مذ استشرس الإستبداد ونكل بالشعب وزج بكل صوت مناهض له في غياهب السجون ، مع ما رافق الموت البطيئ في مقابر الأحياء من تعذيب وتجويع وانتهاكات صارخة بحق المعتقلين واهدار للكرامة ، واعتدى على الحرمات وشرد الشعب ودمر الأوطان وعصف بالسيادة حتى استباح حلفاؤه الأرض طولا وعرضا وو..والبعض يقارن شراسته بالصهاينة !! فبدأ ينظر للإحتلال على أنه حمل وديع أمام فظاعة الإستبداد !!
وتناسى هؤلاء أن الإحتلال بنى كيانه على أشلاء ودماء أصحاب الأرض ، دمر واغتصب وروع الآمنين واحرق وشرد وأباد وطمس قرى بأكملها ليخفي معالم جريمته ، جرائمه لا تقل فظاعة عن الإستبداد ، ومهما سعى عبثا لتلميع وجهه البغيض ، فحقيقة بادية للعيان ..
ينعت المقاومة التي تصد عدوانه ، بنعوت مجحفة كما الإستبداد ، عندما عسكر الثورة نعت المعارضة المعتدلة ب "الإرهاب" ومن قبل نعت الشعب بالمندسين أو البعض نعتهم بالجرذان ، وإن طالب بحقه فهو يخدم أجندة خارجية وو..مع أن مقاومة الإحتلال حق كفلته كل الشرائع والقوانين والاعراف الدولية لشعب يرزح تحت نير الإحتلال ، المقاومة حق مشروع ..
وجرائم الإحتلال ماثلة للعيان في ثلاثة حروب على غزة ، استهدف الإحتلال البشر والحجر ، كل موضع في غزة إلا وشاهد على بشاعة الإحتلال وتأتي حادثة السيدة التي تعرضت للإغتصاب لتعري الجيش الذي يزعم أنه الأكثر أخلاقا في العالم ، وطبعا من دنس المقدسات ليس غريبا عنه أن يدنس الحرمات وينال من الأعراض ..
الإستعمار الذي زرع هذا الورم السرطاني في جسد الأمة هو نفسه من نصب وكلاء يحفظون مصالحة وهو من يغض الطرف عن جرائمهم وهو من كان يدعمهم بالأمس القريب ، وإن عجز يوما في تأمين مصالح الغرب جاء بنفسه ليؤمنها حتى ولو أحرق الأخضر واليابس !! وهذا ما يُفسر كيف أن كل البلدان التي شهدت ثورات ، حالها بئيس إما ترميم للنظام الذي ثارت عليه الشعوب أو تغيير الوجوه وبقاء المنظومة القديمة ، أو احتراب لا نهاية له ، حتى تقترب الأمور للتهدئة وتعود لتشتعل من جديد والحوار لايكاد يكون إلا بلغة السلاح ، حواضر دمرت ودكت واعراض انتهكت وشعوب شردت ومآسي لا تنتهي ، وكأن هناك من لا يريد لهذه الأمة أن تشفى من أورامها وتستعيد عافيتها وتعود لمكانتها وتحقق نهضتها ..
البعض يحاول جاهدا اظهار إنسانية الإحتلال المزعومة والتي لا مكان لها في واقع الشعب الفلسطيني ، ولا يلمسها على أرض الواقع ، على الحواجز قتل بدم بارد موثق بالكاميرات ، وهدم للبيوت والعقاب الجماعي والتنكيل اليومي ، وإن أظهر انسانية مزعومة في المحنة السورية مثلا ، فمن باب عدو عدوه صديقه !! أو له مآربه أخرى يجنيها خلف ذلك ، أوخلط الأوراق فقد غدت الساحة السورية ساحة تجاذبات ، وبحث عن مصالحه ليس إلا..
البعض أيضا مفتتن بديمقراطيته المزعومة ولو كان حقا واحة الحرية والديمقراطية كما يدعي ، لما نكل بالصوت الفلسطيني وزج بالصحفيين في السجون ، ليغيب الحقائق ويطمس معالمها ويكمم الأفواه ، الدفاع عن المقدسات ولو بالكلمة غدا في عرف الإحتلال جريرة ينعتها ب "التحريض" إبداء الرأي يُحاسب عليه الإحتلال ، كما الإستبداد الرأي المخالف مقصي وصاحبه معرض لكل أصناف التنكيل ..
من يعارض رواياته المشروخة لا مكان له ، أغلق منصات اعلامية تدافع عن الحق الفلسطيني بالكلمة وتنقل الحقائق على الأرض من ممارسة الأحتلال التعسفية ، حرية التعبير مجرمة في عرفه ، من يعبر عن حبه للأقصى أو لوطنه فهو مدان !! فأين من يتشدق بحرية وديمقراطية الإحتلال ؟! ويبقى الإحتلال والإستبداد وجهان لعملة واحدة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق