في مقاييس الطغاة والجبابرة موسى عليه السلام وهو الرضيع الضعيف وهو المجرد من أية قوة فهو المعرض للموت غرقا ، فهو من تحفه المخاطر من كل جانب ، بدل فرعون من يملك القوة والجبروت ، إلا أنه ورغم قوة هذا الاخير وصلفه وغطرسته وتكبره غرق في البحر ونجّى الله عز وجل موسى الرضيع وتولى حمايته حتى لا يتعرض لأي مكروه ..
اقتضت إرادة الله أن تحيط الرضيع بالحماية والرعاية والصون حتى يشتد عوده ويبلّغ الامانة ، درس بليغ لجبابرة الارض ، فإذا اراد الله عز وجل أمرا قال له كن فيكون ، فهذا موسى النبي والذي ازهق فرعون العديد من الارواح البريئة ليحول دون مجيئه ، سيولد في العام الذي يُقتل فيه الصبية وسيرعاه الله وسيحميه وسيتربى في حجرفرعون ويتغذى على مائدته ، وهو من سيجتهد للبحث له عن المراضع وسيكون زوال ملككه وهلاك عرشه على يديه ..
فهذا الذي كنت تحرص على العثور عليه لتفتك به هو في قصرك وقد قذف الله عز وجل حبه في قلب زوجتك فتعلقت به وحرصت على التمسك به وغدا قرة عينها وسيسعدها في الدارين ، فهذا الذي كان يحذر منه فرعون واحتاط من وقوعه ، قد تحقق وهذا الذي حرص فرعون على تفاديه قد صار ، فإذا اراد الله عز وجل أمرا يتحقق ولن يحول دون وقوعه مكر ولا مكائد ولا مؤامرات ولا احتراس ..
وأمام قوة الله تنهار كل قوة على الارض مهما عظمت ، كل قوة مهما علت فهي هباءََ أمام قوة العزيز الجبار ، قال تعالى : وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) والاية الكريمة ليست خاصة بموسى عليه السلام وقومه فحسب بل هي عامة لكل المستضعفين في الارض وبشرى لهم ووعد لهم بالنصر والتمكين ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق