( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا )
كل الناس لهم وطن يعيشون فيه أما الفلسطيني وطنه يتربع على عرش قلبه ، تفانى في حبه فبذل له كل غالي ونفيس ، تغلغل حبه في كيانه كله ، كيف لا وهي أرض مباركة روتها دماء زكية ، حكايا البطولات لا تنتهي تشدك مواقف أبطالها وتقف على طراز رفيع وهمم عالية وعطاء فياض ..
البارحة كانت ذكرى استشهاد ريم الرياشي ، هي أم ككل الامهات تحب وتحن أن ترى أطفالها يشبون في وطن محرر يفخرون بأبطاله ، يترعرعون في مروجه الخضراء يلعبون في حقوله ، يشربون من معين مائه النقي الصافي ، يستظلون بظله ، يُحسون بدفء شمسه فيغمرهم السرور والحبور والفرح ، يتنسمون عبير الحرية بين أكنافه فجادت بروحها الطيبة لتهب لأطفالها وكل الأمة نصرا مؤزرا ، إذا كانت أمهات العالم تهب لإبنائها الحنان والدفء والطيبة فالأم الفلسطينية إضافة للحب والحنان التي تمنحه لأطفالها ، همتها عالية تسعى لأن تهب لأبنائها وطننا محررا يسعدون في كنفه وينعمون بالحرية في حضنه..
منك أختاه استلهمنا دروس الإباء والشموخ ، والصمود والثبات ، مع كل فجر جديد تنجب الأم الفلسطينية أشبالا هم مصابيح النور ، تغرس في قلوبهم حب الأٌقصى وحب فلسطين وحب الإنتماء لأرض الآباء والأجداد وحب العطاء ، الشهيدة ريم طلبت الشهادة وسعت لها وألحت على طلبها، فنالت وسامها ، دللت الصعاب بإصرارها وإرادتها الصلبة ، ذكرتينا أختاه بنساء خالدات تركن بصمات جليلة وضمتهن صفحات التاريخ هن قدواتنا ، صدح جسد ريم الطاهر ليبلغ للعالم رسائل جمة ..
أن فلسطين ونساءها لا يلدن الإشبال فحسب فتغدو أسودا وقادة ولا يحثونهم على الثبات والصمود بل يتطلعن للشهادة ولا يثنيهن الصعاب عن بلوغ مبتغاهن ، هو درب الحق ، درب الجهاد ماضون فيه حتى التحرير بإذن الله
وصيتها تحمل تحت طياتها معاني عالية ، نبرتها ولغتها تفصح عن همة وعزة وحماس ، ما شدني كلمتها لعلماء السلاطين من فرطوا في سلطانهم ، من صفقوا للظلم أو غضوا الطرف عن مساوئ الزعماء ونسوا أن أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر، حقا هي كلمات خالدة تكتب بمداد من ذهب وتحفظ عن ظهر قلب حتى لا تُنسى ..
قري عينا أختاه فالظلم بدأ ينزاح والظلمَة اهتزت الأرض من تحت أقدامهم وهاهم اليوم يتهاوى مجدهم المزيف دبت الحياة في جسد الأجساد المنهكة وكسرت القيود وصدحت بالحق كما صدحتِ به أختاه ، ستبقى كلماتكِ تشع نورا وتحيي فينا الهمم ، ذهب زمن المتخاذلين ولفظتهم شعوبهم وزاد الرجال وزاد القابضون على الجمر ، ستبقى كلماتها ترن في الآذان ، نستشف من بين السطور عبير أم فلسطينية شامخة تحدت كل المخاطر لتكتب بدمائها نصرا مجلجلا وتهديه لفلسطين ، كلماتها أمانة على عاتق الجميع حتى نمضي على نفس الدرب ونكمل المشوار إن شاء الله ..
وصيّتك أختاه بليغة ، نثرت بين أيدينا كل ما أجهدك من واقع الأمة المرير وتخاذلها وتفريطها في الحق ألقيتِ بكل ما كدر صفوك ، اليوم أختاه تغير الكثير انتفضت الأمة واقتلعت الظلم ولا زال المشوار أمامها طويلا لكنها مادامت في الطريق الصحيح فالخير قادم إن شاء الله ، وبدأت تشخص الأمراض وتضع اليد على الجرح وستتعافى إن شاء الله من أوجاعها ..
الله يرحمك يا أختي ريم ويجعل مثواك الجنة ويخلف لك الخير في عقبك ، اللهم آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق