كانت فلسطين هي وجع الامة والجرح الغائر ، واليوم إضحى كل الجسد ممزف، من العراق ، ليبيا ، سوريا ومصر واليمن ووو..أينما وليت وجهك تسمع الانين ، عيون أرقها الساهد ، وأجساد أنهكتها المحن ، والدمع احتبس في المقل ، مخيمات اللجوء زادت وكل يوم تزف الامة شهداء ، ولازالت آلة الحقد تحصد الارواح ، امة تمر بمخاض عسير ، قدمت ولا زالت تقدم فلذات أكبادها لتعبر لضفة الحرية ، يبدو أن المشوار طويل ، وكل ماطال ، كل ما أوغل البغي وزادت الجراح واتسعت النتوء ، وغابت البسمة وماتت احلام الصغار واغتال البغي الفرحة ودفنها بين الركام وتحت الانقاض ..
هي الحرية ثمنها غالي وعلى عتباتها ، قدم المخلصون التضحيات الجسام ، وسيق الخيرة للسجون ، لم يهزمهم السجان ولم تكسر إرادتهم الاغلال ، ولم تفت في عضدهم الشدائد ، الوطن غالي مثل الام الرؤوم التي تحضن صغارها في لهفة وتذود عنهم وتدفع عنهم الآفات ، جاءت تبكي في لوعة تحتضن وليدها وأخرى تدعي أن الرضيع لها ، لكن عندما رأت أنها ستفقده للأبد تنازلت عنه وقالت والقلب يعتصر ألما : هو لها فقط اتركه سالما ،ولا تمزق أوصاله ، هذا هو التعبير العالي لحب الولد ،فمن كان يحب الوطن كحب هذه المرأة الثكلى لفداه ولتنازل حتى لا تتمزق الاوصال ويعلو الانين ، لكن الوطن عندهم مصالح لا غير ، ولا قيمة للانسان عندهم ولا لكرامته ، لن تنتهي المأساة بإنتهاء الحرب ، ستستمر لعقود ، حتى يلتئم الجرح وتتجاوز آثار الحرب وما خلفته من ندوب ، وقد لا تندمل وكل ما حلت الذكرى نكأت الجرح..
يدعون حب الوطن وهم من أدموا قلبه قبل أن يدمعوا عينه ، سقوا الشعوب أصنافا من الويلات وجرعوهم المر ، كل أمتنا تئن ، يحز في النفس أن تتألم لكنك عاجز عن نصرتهم ، أضحت شعوب امتنا كالايتام على مائدة اللئام ، فاض كأس الاسى بأمتي كل عيد نمني النفس بالفرج القريب ، وزوال الخيام فهي مرحلة عابرة ، ونرنو للوطن وننتظر ساعة احتضانه فقط طال الشوق والحنين وأرقهم البعد عنه ..
في الغد تهتز النفوس على وقع مشاهد القصف ، ومواكب الشهداء ونستفيق على آهات المحرومين ، وعلى وطن تقطعت اوصاله ، وعلى قلوب مكلومة ، تبكي رحيل الاحبة ، أضحى الدم رخيصا وتبلد الحس ومات الضمير ، ونستجدي الحل من الغير ، وأضحى بأسننا بيننا شديد ، أضحت أوطاننا ملعبا للاعداء ، توغر الصدور وتفصم العرى وتشق الصف وتسلح هذا وذاك والقاتل والمقتول كلهم عرب ، والغاية اضعاف أمتنا ونخرها ، وتمكن عدوها من خيراتها ،متى تتعافي يا أمتي من أوجاعك ، متى تعيدي مجدك التليد ، متى يتنفس الصبح ، متى ترفرف رايات النصر متى نغني للحرية بأعذب لحن ..متى...متى....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق