هي قصة رائعة بما تحمله من معان جليلة وأفكار إبداعية
وأهداف سامية ، تجعلك تعيش مع القصة وكأنها تحيا فصولها ، أو أصبحت جزءا منها ، حرص
الكاتب أن يُقدم فيها كل تجديد وتنويع فقد خالف مضمون قصصه ، فهي أقرب للخيال
بالشخصية التي أدرجها فيها ، لكن أضفت عليها قيمة فنية عالية ، تجتهد لقراءتها كي
تصل للنهاية وتتسائل مع نفسك كيف ستكون ؟؟ فقد تتبع الكاتب أسلوب رائع في السرد ، والقصة
تحمل رسائل ذات معنى جليل ..
هي تحكي عن مدينة القدس وعن الجيل الجديد الذي وُلد تحت
الأحتلال وترعر في كنف المقاومة ، يأنف أن يظل قابعا تحت الإحتلال ويتطلع لتغيير
الحال ، وكله أمل أن الأحوال ستتغير إن شاء الله ، لا يأس في قاموسه بل تفائل وأمل
، أكبر من عمره يحمل هم الوطن سطر هدفه وأدرك مسيره وسعى إليه بهمة ونشاط
..
من الممكن أن الكاتب كتب حقا عن شباب لهم وجود وما أكثرهم على ساحة
فلسطين ، أو كانت الغاية أن يكون شبابنا على شاكلة هذا الشاب الكريم الذي تدور فصول
القصة حوله وحول الخليفة ، ففي خضم ما كان يُعانيه ، وهو يحمل في قلبه حبّ الوطن
ويسعى بكل جهده لتبقى القضية حية في زمن الكل نساها أو تناساها ، المهم سيلتقي
بالخليفة ، الذي أوهى الإسلام حين إستشهد ، لعدله وقوته في الحق ..
وأيضا
ممكن أن الكاتب كان يرجو أن يعود زمن الخليفة الراشد أو يُقارن زماننا بزمانه ، بون
شاسع بيننا وبينهم ، أدمعت عينا الخليفة حين علم أنه في مدينة القدس وكم حنّ
لرأيتها لكنه في زمانه لم يستطيع حيث حال بينه وبين الزيارة وباء فشى فيها ، قاطعه
الشاب بقول : واليوم هي تشهد وباءا ألم بها وتئن تحت نيره ، هو الإحتلال أنكى من
الوباء الاول ، لأن الوباء يفتك بالبشر فقط ، أما الوباء الحالي فتك بالأرض والمقدسات
والتاريخ ..
هنا ستبدأ رحلة الخليفة من الشاب ليقف على مكامن الخلل فينا ،
هوان وضعف وقد تخللت القصة كلمات نابعة من قلب صادق مخلص للقضية ، كلها حكم ودروس
ونصائح غالية ، إستغرب الخليفة من حال المسلمين ، كيف غاب الحق وغاب الأمر بالمعروف
والنهي عن النكر وأنه أصبح لا يكثر الإخوة بحال إخوانهم ، وقف على حقيقة أن طبيعة
اليهود لم تتغير على مدى الزمن ، إذن نحن من تغيرنا وأوجدنا منافذ وثغرات دخل منها
الإحتلال وفرق شملنا وحاك لنا الدسائس ..
وكيف والقرآن يحكي خصالهم فكيف
تجاهلناها ، وكيف أغفلناها حتى حل بنا ما حل ، وأن اليهود حاكوا الغدر للإسلام من
يومه الأول ناصبوه العداء ، وقف على ضياع الأخلاق حين هوت هوى الإسلام ، وهوت
العزائم وحل الفتور ، كاد يموت كمدا مما يسمع ويرى ، علم أننا تخلينا عن عزتنا
وأبتغينا العزة في غير الإسلام فأذلنا الله ، علم أن الوهن تسرب لأرواحنا وغابت
الشجاعة والإقدام ، وحل التكلف والمجاملة محل البساطة والتواضع ، أدرك إذن من أين
جاء الخلل حتى حلت بنا الهزائم ..
تتخلل فصول القصة من حين لآخر كلمات عز
وفخر للخليفة كلمات بلسم وشفاء للآهات ، نور يشع إخلاصا ويحث على المقاومة كلمات وجدت لها
صدى في القلوب ، الإخلاص الذي إفتقدناه في حياتنا ، وقف على أمر خطير ، كيف أن بعض
من بني جلدتنا صدقوا الإحتلال ورواياته وأنه ينشد السلام والتعايش !!! وغايته الحقيقية هي شق الصف
وخلق جو الفرقة حتى يقضي على الكل ..
وتُختم القصة بنصائح رائعة تحمل تباشير
لأمتنا بنصر قادم بحول الله كلها حشد للهمم ، وأنه لا يصلح حال الامة إلا بما صلح
أولها ، وأن يكونوا يدا واحدة حتى يُفشلوا كل ما يُحاك لهم ، بقوة وحزم وأن
يُقيّموا أخطاء الماضي وهو الأفضل بدل التمادي في الخطأ ، وأن معركة الحق ضد الباطل
ماضية إلى إن يرث الله الأرض ومن عليها ، وأن هذا هو قدر أمة الإسلام حاملة مشعل
الهداية والسعادة لكل البشرية أن تناف وتكافح عن الإسلام وتحميه وتحفظه، ورغم
التضحيات الجسام فالنصر قادم ، فمن أسماء الله الحسنى العدل والعادل فلا يرضى الظلم
ولن يرتضيه لعباده ، وإن مع العسر يسرا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق