نحن أمام المشهد السوري من جديد وإثر الإنفجار المدوي ، الذي إستهدف مبنى الأمن القومي
وما أحاطت به من تساءلات ، والذي أعده البعض خطوة نحو التغيير في سبل المواجهة ،
وأعده البعض الآخر خطوة تصعيدية من النظام و تباينت التحليلات وإختلفت الردود حول
هذا المشهد وكثرة الأسئلة والقيل والقال ، هنا إن شاء الله سنقف عند هذا المشهد
لمعرفة ولو جزء من الحقيقة وأين تكمن ، هل في التحليل الأول يعني منعطف جديد في
المشهد السوري أو العملية لا تعدو أن تكون مدبرة من لدن النظام لحاجة في نفس يعقوب
، وتبقى الحقيقة الكاملة يعلمها الله ..
فمن داخل هذا المبنى كانت تطبخ
قرارات الإجهاز على الشعب المكلوم ، والسؤال لماذا أُستهدف هذا المكان بالذات ؟؟
وما الرسائل التي يحملها منفده للداخل والخارج ؟؟ فقد أسفر الإنفجار على مقتل
مسؤولين كبار في جهاز الأمن ، لكن حقا البعض تُساوره الشكوك حول هوية المنفد وغايته
من العملية ، إذ كيف لأحد أن يصل لهكذا موقع محصن وبحراسة مشددة ، المرور له صعب ،
إلا إذا كان الدعم جاءهم من داخل المبنى نفسه ، مساندة مثلا ، والله أعلم
...
المهم الإنفجار خطوة تصعيدية أبهرت الكثيرين ، خطة محكمة وتنفيد دقيق ،
فإن كانت المساعدة قُدمت للمنفذ من داخل المبنى فهذا له تفسير واحد ، فمن في الداخل
أرهقتهم مشاهد القتل ، وقضت مضاجهم مناظر الموت وأثقل كاهلهم المضي في سياسة الفتك
، فأرادوا أن يجعلوا لها حدا ..
وفي قراءة أخرى مخالفة لهاته التي أدرجناها
، أن المُخطط من داخل النظام والمنفذ أُرصد له الدعم الكافي ليصل للمبنى ، وأن هذا
يخدم النظام أكثر مما يخدم الثوار ، لأن الخطر بلغ معقله الأخير الذي يتحصن فيه ،
وأضحى مهددا وضُيّق عليه الخناق ، فهو قد يُقدم على أي شيئ يُطيل أمده ولو ضحى
بالمقربيين منه ، وهذا خطير لأنه سيُصبح أكثر شراسة في حق شعبه ، وإن سار في هذا
المنحى فشلال الدماء سيستمر والمشاهد المروعة تنذر بمزيد من التصعيد الشرس لهذا
النظام ، قد يأكل الكل حتى المقرببين منه ، قد تطالهم لعنته إنه هو أحس بتهديد قريب
.. والله اعلم
وفور سماع النبأ المدوي توالت الردود والتفسيرات والتحليلات
وتباينت الآراء ، هناك من رآها خطوة جديدة لكسر شوكة النظام المجحف في حق شعبه ،
وهناك من رآها خطوة من النظام حتى يزيد من تصعيده ، خصوصا وأنه شارف على النهاية
..والله أعلم
في المقابل أعطى هذا العمل النوعي زخما مهما للثوار ، ونشطت
الإنقسامات حتى بلغت مستوى عال ، أعادت الأمل للشعب في الحرية والإنعتاق من عقال
النظام .... ولقد صرح بعض المنشقين حديثا أن الإمتعاض والإحتقان بلغ شكلا كبيرا
حتى من المقربيين منه ، فالذي يُقال في السر لا يُقال في العلن مخافة فتك النظام
بهم ، يعني في الكواليس أصبح الكثيرون ينقمون من النظام وسياساته التي لا تخدم غير
أعداء الأمة ..
وفي المقابل رأينا كيف أن الآلة الإعلامية والدبلوماسية
العربية والعالمية ، تحركت لمزيد من تزكية مواقف الشعب ، الذي يُنادي بالحرية ،
وبحقن الدماء ، وبدل أن يستقبل النظام الرسائل بمزيد من الوعي ، زاد في عنجهيته
وتغول وتوغل في سفك الدماء في حرب مواجهة مفتوحة ، أصبح ماكان يقوم به سرا يقوم به
علنا ، فهو متأكد من حليفه الروسي معه !! وورقة الفيتو السوداء التي لن ينساها
الشعب السوري مشرعة دائما أمام أي خطوة لحقن الدماء ، الفيتو سلاح قتل صامت في حق
الشعب المكلوم ...
فالردود التي إنهالت بعد العملية خَلصت أن جبهة النظام
الداخلي أصبحت هشة وسهُل إختراقها وهذا مؤشر أن ساعة الحسم إقتربت ، وبدأت ثمار
الحرية تينع ، وهناك من رآى في العملية ، خطة محبوكة من النظام وهو من ألف هاته
الأفعال في بلدان قريبة منه ، حتى يُشتت الأفكار وتحيط الشكوك بالعملية ومنفذها ، و
حتى يُثبت للعالم أنه أمام إرهابيين !! خطيرين وإنه سيزيد من ضرباته ليدافع عن نفسه
!! لأن المكان التي وقعت فيه الاحداث من المستحيل ولوجه ، إلا في حالة دعم من داخله
، وكيف لعمل دقيق وذكاء خارق أن يخترق المكان إلا إذا حُضي بدعم هام من القريبيين
من النظام ..والله أعلم
وحتى يوهم العالم أيضا أنه يتعرض لمؤامرة كونية !!
وهو فقط يُدافع عن نفسه !! فيزيد من شراسته .. في حين هو يُمارس أبشع ما رأته
البشرية من أساليب قمع إتجاه الشعب المكلوم .. وفنذ أصحاب هذا التحليل أنه تعاطى
مع التفجير بطريقة مغايرة ، نقْل مكان التفجير وحتى تداعياته وطريقة الحسم مع من
يصفهم بالمندسيين والمسلحين زادت وثيرتها ، وأنه قبض على مشتبهين وما إلى ذلك ، لكن
حتى وإن كانت من أفعال النظام فقد ينقلب السحر على الساحر ، فقد بدأت تداعيات
العملية توتي أكلها ، فقد شهدت سوريا إنشقاقات مهمه في الجيش زادت من تشبت الثوار بمطالبهم
المشروعة ..
وهناك من التحليلات من قالت أنه عمل نوعي يُراد به أن يبعث
الروح في الداخل حتى تزيد حماسة الثوارن وكذا دعوة للخارج للتحرك نحو مساندة فاعلة
للشعب ليخرج من هذا الوضع الكئيب والذي أودى بحياة الآلاف ، فحين تُغلق الأبواب
ويبلغ الأسى منتهاه ويبلغ السيل الزبى ويرى الشعب المكلوم أنه لم يحضى من العالم
الحر !! سوى تنديدا وشجبا ولا يُحرك ساكنا لإنقاده من المحرقة ، ويرى إنسداد الآفق
، فجائت هذه العملية النوعية ، حين تفرج العالم على شعب يُذبح بدم بارد ، وحقوق
تُنتهك حتى أحرجتهم في معاقلهم ، مادام الدم دم عربي أو مسلم فلا ضير عندهم
!!.
ونحن على أبواب الشهر الفضيل نرجو من الله العلي القدير ، أن نرى سوريا
وقد بدأت تتعافى من أوجاعها وعادت لها عافيتها وتنفست الصعداء ، فاللهم فرّج همهم ،
وداوي جرحاهم ، وكن معهم في مصابهم ، وارحم شهداءهم ، وعجل فرجهم ، وكن لهم السند
والمعين..اللهم آمين
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق