تحل ذكرى يوم الأسير غدا إن شاء الله الموافق 17 نيسان في ظل تفاقم معاناة الأسرى ، وتصاعد احتجاجاتهم في تعبير صارخ لما يلاقونه من حيف وتعسف ونسيان ، معاناة لا تنتهي ولا تقف عند الأسير بل تطال كل الأهل ، تأتي الذكرى لتسلط الضوء على أحوال الأسير وأوضاعه المزرية ، الأسر حكم بالموت البطيئ ، الإحتلال لا يقف عند تلفيق اتهامات جزاف بل يمعن في سياسة التعذيب النفسي وكذا الجسدي الهدف منها كسر معنويات الأسير واحباطه من خلال مسلسل من المعاناة المستمر من لحظة الإعتقال إلى لحظة الإفراج ، الأسر عبارة عن عقاب جماعي يطال الأسير وعائلته ، كم من الأسرى حرموا من زيارات ذويهم بل وحرموا من أية وسيلة تواصل بينهم وبين ذويهم بحجج واهية ، ينقطعون عن العالم الخارجي ، الأسير الفلسطيني مهضوم من حقوقه كأسير ، حقوق ينعم بها غيره من المعتقلين في بلدان شتى ..
صحيح أن الأسير صامد على درب الإباء وقد جند روحه وخاض غمار الصبر والتحدي في المقابل يبقى دعمنا لهم سندا وعونا لهم ، يخفف من معاناتهم ويشد من أزرهم ويقوي عزيمتهم ، الأسير في المعتقل يكابد أوضاعا صعبة من تماطل سلطة الإحتلال في تقديم العلاج حتى يستفحل المرض ، كم سمعنا عن أسرى بترت أطرافهم والسبب الإهمال الطبي ، كم من الأسرى نالت منهم الأمراض المزمنة التي غالبا ما تودي بحياتهم ، كم من الأسرى يخرجون من الأسر في توابيت ، بل كم من الأسرى من ماتوا بُعيد خروجهم من المعتقل فقط بأيام قلائل ، كم من الأسرى صاحبتهم الأمراض وظلوا يعانون منها لزمن والسبب سوء المعاملة وهضم الحقوق حتى إن عجزنا عن تحريرهم فلا أقل من أن نسعى لتخفيف معاناتهم وترسيخ حقوقهم وتحسين أوضاعهم ..
بل كم من الأسرى أصيبوا بعاهات مستديمة جراء التعسف والممطالة في تقديم العلاج أو اعطائهم مسكنات للألم لا ترفع الضرر عنهم ، بل تجعل المرض يستشري عندها يصعب الشفاء منه ، في كل وقت وحين نسمع عن سلسلة اعتقالات لا تفرق بين صبي أو شيخ أو إمرأة أو مسن أو مريض أو معاق أو نائب أو كاتب أو......بلا جريرة إلا إذا كانت المقاومة بشتى أشكالها للتعبير عن رفض الإحتلال إما بالقلم أو الحجر أو الغضب تُعد في عرف المحتل جريمة يستحق عليها الفلسطيني أن يفني شبابه خلف القضبان !! بل بلغ بسلطة الإحتلال أن تعامل الاسرى القُصر كما الكبار دون مراعاة سنهم ، تحرمهم بذلك من مقاعد الدرس ، وتكبلهم بالأصفاد وتعرضهم لعنف لفظي يترك جروحا في نفسيتهم أو قد يتعرض لحبس المنزلي يترك في نفيسته الاثر البليغ مما يعيق مسارهم في المستقبل ، ويذوب الأسير في المعتقل كالشمعة يوما بعد يوم ..
وغالبا ما يصاحب الإعتقال ترويع للآمنين وما يخلفه عن نفوس الأطفال من خوف وهلع سيان عندهم الليل أو النهار ، عدا عن سياسة الإبعاد مساومة الأسير بين الأمرين الإعتقال أو الإبعاد وكلاهما مر ، حرمان الأسير من حقه في أن تكون له ذرية وهو حق معمول به في شتى بلدان في حين يحرم منه الاسير الفلسطيني ، أضحت كل أشكال رفض سياسة الإحتلال تعني الأسر وبأحكام أقرب للمهازل منها للأحكام قد تبلغ لآلاف السنين ، في جو محاكمة يفتقر لأي احترام للقانون هذا الأخير الذي يتغنى به الغرب لكن من إن يبلغ مرفأنا حتى يتبدد فيحل محله قانون الغاب وإهدار كرامة الإنسان والنيل منه والتنكيل به وضرب بالحائط كل المواثيق الدولية المعمول بها والتي تصون آدمية الإنسان وتحفظ كرامته..
فإن وجدت التهم وطبعا التهم هي المقاومة بكل أشكالها فنحن عندنا بطل يرفض الإستكانة لسياسات المحتل المجحفة وفي عرفهم : مخرب ، ارهابي ، وو..) مسميات اختلقوها ليمرروا ظلمهم على الأسير صاحب الحق وصاحب الأرض ، مع العلم أن حق المقاومة مكفول في كل النحلل والملل مادامت ثمة أرض مغتصبة ومقدسات تئت تحت نير الإحتلال وإن لم توجد أيضا يتم اعتقال الفلسطيني بدون أن توجه له أية تهمة وهو ما يعرف بالإعتقال الإداري لا يحدد وفي كل مرة يمدد حتى يبلغ سنين في أي قانون سنّ هذا الحيف ؟!
لن ينسى العالم بأسره كيف قام الغرب ولم يقعد على أسير واحد حتى أضحى إسمه على كل لسان بينما يقبع الآلاف في معتقلات تفتقد لأبسط الحقوق المكفولة للاسير ، أضحوا أرقاما وكاد العالم ينساهم لولا أن منّ الله على المقاومة الباسلة وكللت جهودها بوفاء الاحرار ، وتنفس ألاسرى عبير الحرية وأعادت بذلك البسمة للثغور ولمت الشمل ومسحت عقود الكلل والقهر عن كاهليهم ، ليعودوا لدفء العائلة ، ومادام ملف الاسرى لم يبلغ أن يكون هما عربيا وإسلاميا وتبذل الجهود من كل القوى الفاعلة لتعطيه زخما قويا في إحياء ذكراه فسيظل الاسير حبيس سياسة الإحتلال يستفرد به في غياب من يصون حقه ومن يدافع عنه ..
في ذكرى الأسير ولا يكفي يوم فمن يعانى جحيم الأسر ليس كمن يعبر عن مآساتهم مهما بلغ جرحهم ومعاناتهم ، لتكون ذكرى يوم الاسير حافزا لدعم صمودهم والعمل على تحريرهم وتحسين ظروفهم ونصرتهم ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق