كان يحس بفراغ روحي لم يملأه أي شيئ في حياته لا جو العائلة ولا الكنيسة التي ينحدر منها ولا هوايته التي اشتهر بها وقد كان موسيقار معروف وله صيت في وطنه ، أمر واحد كان له عظيم الأثر على نفسه ومنحه الطمأنينة وأسعد روحه وبلّغه ما كان يصبو إليه وماكان يحتاجه هو حين تعرف على الإسلام واعتنقه ، عندها بلغ ماكان ينشده ..
في المقابل بعض العرب وبما أنهم ورثوه أبا عن جد للأسف فقدوا الإحساس بطعمه ولم يبلغوا قدره يلهج اللسان بكلمات التوحيد في كل وقت وحين لكن دون إدراك لقيمتها وغاب جوهرها الحقيقي ومعانيها السامية وكأنه جاءنا على طبق من ذهب وتناسينا التضحيات الجسام التي بذلت دونه ، ولم نُحرم منه عقود لنعي قدره حين نبلغه ، قال أحد الدعاة ، أنا دوما أردد الشهادتين لكن أحس بعظمتهما أكثر وقدرهما حين ألقنهما لمسلم جديد ، يقول : يقشعر بدني وأحس بثقلهما ومسؤوليتهما وقيمتهما الكبرى ..
بلغ الإسلام شغاف قلب السيد رولف فريس ، فمنحه ما كان ينقصه ، كان من المسلمين الأول ، فتح الله قلبه للإسلام وتشربت روحه معانيه الطاهرة الصافية ، هذا صحيح فالغرب ظل حائرا لعقود لم تستطيع المسيحية أن تلبي حاجياته الروحية بطقوسها المعقدة بل زادت من حيرتهم كلما أرادوا التعمق فيها لفهمها ، أو حين يطرحوا أسئلة لغرابة طقوسها فيزيدهم هذا بعدا عنها ، لكن ما إن يبلغوا مرفأ الإيمان حتى تهدأ روحهم وتزول الغشاوة ، هو الإسلام دين الفطرة ، يلبي حاجيات الإنسان ولا يقيد فكره ولا يقف جسرا أمام العلوم ، يمنحك السعادة المنشودة ، بينما المسيحية في الغرب افرغت من محتواها واضحت طقوسا تقام في المناسبات، لا تقدم للإنسان الغربي ما يسعد روحه والكل يعلم أن الكنيسة جمدت دورها ففي فترة اتخذت الدين غطاء للهيمنة ونالت من العلماء وبعد حرب ضروس ألغوها وأبعدوها ففقدت حركتها وبقيت المسيحية قابعة بين جدران الكنيسة ،أما الإسلام فهو رسالة خالدة يدعو لسبر أغوار العلم نظام متكامل شامل تجد فيه كل أمة مبتغاها ، دين ودولة نظم كل العلاقات ولم يغفل عن أي أمر كبير كان أو صغيروسن قوانين تحفظ للإنسان حقوقه وتحقق سعادته ..
المسلم فريس بدأت علاقته بالإسلام حين كان في رحلة لجنوب إفريقيا وهناك تعرف على فرقة موسيقية من مسلمي جنوب إفريقيا ترسل رسائل للعالم تبلغهم بها عن مناضهة العنصرية من هنا كانت البداية ، أحس بطعم ومعاني الكلمات التي ينشدونها فغمرته سعادة ، الكلمة الطيبة والمضمون الطيب ، الفن رسالة إن وُجهت في طريقها الصحيح لتخدم أهداف الأمة وتكون بذلك رافد من روافد الرقي والنهضة ، وهو كما ذكرنا كان عالم موسيقى ، فقد أحس بعمق كلماتهم ، تابع السيد فريس كلماته عن ما حببه للإسلام والاثر البالغ الذي ترك في نفسه شعور طيب هو : حسن المعاملة ، هذا كان في الستينات في أي دولة من دول الإسلام زارها أحس بطيب خلق أهلها وحسن معاملتهم له ، هذا زاد من شغفه وحبه للتعرف على الإسلام الذي تجلت بصماته على ذويه معاملة غاية في الطيبة ، فسحوا له قلوبهم وعاملوه معاملة حسنة ، حتما حين يتجلى الإسلام في واقعنا ويبلغنا نهجه الصحيح ويفيض بعدله وخيره علينا وتتجسد قيمه ومبادئه في أخوة تتجاوز الحدود تخلق جسدا متماسكا مترابطا ، حين تتشربه أرواحنا ويمحي بذلك جهلنا ويزيل أي شائبة علقت بنفوسنا فتصبح رقراقة صافية ، قلوب طيبة تبغي الخير للكل وحين يخلق جسورا للحوار بيننا وحين نرقى به للعلا ويتجسد رأفة ورحمة بيننا حينها سنكون باخلاقنا وواقعنا دعاة للإسلام نبلغه على افضل وجه ..
الغرب تحكمه قوانين في موطنه وما إن تنتفي حتى نقف على أبشع استعمارواحتلال ونهب الثروات ، لكن الإسلام بقيمه العليا ينظم حياتنا في موطننا وفي أي موطن حللنا به ، نحمله للآخر أخلاق عالية ومعاملة طيبة ، عودة للمسلم فريس ، لم يتوقف عند نطق الشهادتين بل واصل مسيره متنقلا بين معاهد وجامعات العالم الإسلامي يتعمق في فهم معاني الإسلام الجليلة يدرسه يسبر أغواره ليبلغ مضمونه حتى نهل من علومه الكثير،عاد لهولندا يحمل في حنايا قلبه جواهر ثمينة من العلوم وطيب الخلق فتعرف على جاليات من عرب ومسلمين حلوا عمالا بهولندا وذلك كان في أواخر السبعينيات فتح لهم الطريق وسهله لهم ودلل لهم الصعاب وساهم معم في بناء المساجد وأحدث هيئات تمثلهم..
ورغم ما شاب عالمنا العربي من تقتقر وتخلف وكل حملات التشويه التي يشنها الإعلام هنا وهناك وإلصاق النقائص بالإسلام من خلال سلوكيات بعض بنيه وتشويه الصورة إلا أن الإسلام ينتشر في صفوفهم وسيظل قويا فهو يستمد قوته من الحق جل وعلا ..
عبر السيد فريس عن تفائله الكبير لمستقبل الإسلام في الغرب وهذا الأخير سيقبل عليه رغم سهام الإعلام المسمومة التي يوجهونها له جزافا ، حتما فهو رسالة خالدة تحمل تحت طياتها الخير العميم للجميع ، جاء ليسعد البشرية جمعاء وماذلك إلا أن الغربيين يعيشون خواءا روحيا بعد ان انحسر دور الكنيسة في أمور شكلية مما جعل الكثيرين يغادرونها وكذا الكنيسة ابتعدت عن حياتهم في المقابل يلاحظ زيادة اعداد المسلمين وارتباطهم بالمساجد ، وما يؤرق فريس هو الإعلام الغربي الذي نال من الإسلام من خلال النيل من المنتسبين إليه ، ربطوا بعض أفعال بنيه بالإسلام جزافا والإسلام بريئ من أي نقائص كانت ، الإعلام يشوه من صورة الإسلام من خلال أفعال بعض المتنتسبين إليه ، لذلك حل التوتر في صفوف الغربيين لكن ما إن يبلغوا حقيقة الإسلام حتى يقبلواعليه ويعتنقوه ، لذلك مهمة المسلمين في الغرب تصحيح الصورة حتى يبلغوا الرسالة على أحسن وجه ..
السيد فريس اليوم هو إمام للمسجد في هولندا وله مهام أخرى فاعلة أهلته ليصحح صورة الإسلام ويوصل رسالته على أكمل وجه لوجدان الغربيين وابراز الإسلام بوجهه المشرق وبنوره الذي بلغ بأمتنا للعزة والقمة والكرامة ، ذاك المنبع الصافي ، أشار السيد فريس لبعض ممارسات لمنتسبين للإسلام وأخطاء يقعون فيها تؤدي لتشويه الصورة ، كما أن بعض السلوكيات التي يقوم بها بعض المسلمين تبلغ رسالة خاطئة للغربي فيزيد هذا من تشويه الصورة ، وأضاف : للأسف بعض المسلمين تمسكوا بالجزئيات وتركوا الرسالة الأصلية ..
لذلك تاهوا وخلقوا فجوة وهوة بين العالمين ، البعض احتكر الإسلام وتناسوا أنه رسالة للعالمين وتناسوا مسؤولياتهم في تبليغه للعالم في أحسن صورة ، وحين يتجلى الإسلام في أخلاقنا وفي معاملاتنا وتتجسد بصماته الطيبة على واقعنا وينظم خطابنا فهذا في حد ذاته دعوة وتبليغ للإسلام من حيث لا ندري..
السيد فريس غير إسمه من رولف فريس ل : الشيخ رفيق أحمد فريس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق