قِيم الثورة ..
حين يغلق الأستبداد كل نوافد الحوار ويبدد الثروات ويخلق فُرقة بين مكونات الوطن ، فئة قليلة متنفذة وغالبية تجتر آلام التمييز والفقر والتهميش والمعاناة ، وحين يهوي بالبلد للتخلف ويعيق ركب تنميتها ، ويوقف مسيرة الإبداع فيها ، تأتي الثورة لتعيد القطار لسكته الصحيحة ، تنشد العدل والإنصاف لتبرز الطاقات التي غيّبها الظلم وتنعم في كنف وطن يظللها بالحرية وتنعم فيه بعدل افتقدته ، الثورة تصحح المسار وتعيد الأمور لنصابها ..
تحمل الثورة بين طياتها أهدافا واضحة ، فالثورة التي تفتقر لإهداف واضحة المعالم ما إن يهوي الإستبداد حتى تتخبط وتحيد عن جادة الصواب ، فالثورة قبل انطلاقها ترسم أهدافا تتوحد عليها ، من احقاق الحق وترسيخ شعارات الحرية والكرامة والعدل والعزة والعيش الكريم ، فتعمل عليها حين تزيح الظلم عن كاهليها ، وتجتهد السواعد لتبني الوطن ، وتحقق مكاسب الثورة ..
والثورة الناجحة هي التي تحمل قيما تتجلى في أخلاق الثوار ، وتترجم على الواقع ، ثورة تجمع كل مكونات البلد تحافظ على الممتلكات فهي ذخر لها لا تتعرض لها بالحرق أو التدمير ، تحافظ على نقائها ، ثورة بأخلاق سامية ، قد يعمد الإستبداد لاستخدام القوة لكبح جماح الثورة ومع ذلك فلن تهوي أخلاقك للحضيض الذي بلغه الأستبداد ، تدافع عن النفوس بعيدا عن نوازع الإنتقام والضغائن ، هنا تتجسد قيم الثورة النابعة من أخلاق الإسلام ، لتحفظ نقاءها ، قدوتك في ذلك النبي عليه الصلاة والسلام قارع المعتدي حين حال دون بلوغ الحق للناس حتى تتشرب نفوسهم معاني الحق وتؤمن به عن طواعية ، أخلاق الثورة تتجسد قبل وبعد الثورة..
قبل الثورة تتجلى في أخلاق عالية لا تهوي لأخلاق المستبد وبعد أن ينزاح الإستبداد ، تبدأ معاول الخير تشق الطريق وتبني ما دمره الإستبداد وتكنس مخلفاته معنوية كانت أو مادية ، يشارك الكل في مسيرة البناء ، تزرع معاني سامية غيبها الظلم لعقود ، تنشر العدل ، تزرع حب الوطن في النفوس ، وتمحي ثقافة سادت لعقود من الأنانية وعدم المبالاة عطلت الجهود ، وتغرس معاني جليلة كلها رفعة ،تعلو بقيمة الانسان الذي كرمه الله عز وجل ، وتعيد روابط الاخوة وتبني مجتمعا متماسكا مترابطا يحيي الخير الذي أباده الإستبداد في النفوس فتعود لصفائها ونقائها وتنظفها من ألأوحال التي شابتها ، وتزيل ما تكدس من آفات ذميمة وتزرع معاني الطِيبة ، تزيد المجتمع الوليد لحمة وأخوة..
وتأكد أن القيم التي زرعتها ستنبت خيرا وسيجني المجتمع ثمارها ، رفعة وعزة وأخوة ووفاءا وإخلاصا وحلما وتكافلا وسلامة صدر ، الكل يدا واحدة ، الكل يعمل لتطهير البلاد من الفساد ، تطهيره من الجذور ، اجتثات كل مخلفات الماضي وقطع دابرها ، ومن قيم الثورة أن تزرع الثقة المتبادلة بين كل مكونات الشعب والصبر حتى توتي الثورة أكلها ، فالبلد لازالت مثخنة بالجراح والأمراض ، منهوكة تحتاج لوقت لتلملم شتاتها وتتعافى من أوجاها..
فلا ننسج أحلاما كبيرا تفوق قدرة البلد فتفتر الهمم حين تعجز عن تحقيقها ، بل يكون الكل واقعي مدرك حجم التحديات ، ويعمل الكل على تحقيق أهداف الثورة من كرامة وحرية وعدالة ، والاهم هو بناء الإنسان من جديد ، تأهيله ، العمل على نقاء السريرة ، واحياء كل القيم والمثل العليا التي بدد الظلم معالمها ، ضخ دماء جديدة نقية نظيفة في الجسد ، تسمو به فتشيع معاني الأخوة والتعاون ، الكل يمتطي سفينة واحدة وهي الوطن فإن تركوا البعض يخرقها غرق الكل وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعا ، والإخلاص هو عنوان كل خير ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق