تدخل الثورة السورية عامها الثالث وبعد عامين من القتل الضاري و المعاناة والعلقم الذي سقاه النظام الغاشم لشعبه حين صدح بالحرية ، وبعد أن تفرج العالم بأسره على محنة شعب نكل به النظام ...وشرده وهجره عن أرضه ، في حين لم يقدم له أي دعم يوقف شلال الدماء ، تحركات هنا وهناك في غياب حل ناجع ، بل حتى النازحين من فروا من ويلات الحرب طالهم جحيم الفقر والجوع والبرد والنسيان ، حرب كونية يكتوي بنارها الشعب المكلوم ، واليوم وبعد سبات دام عامين استيقظ الضمير العالمي فجأة !! وتذكر أن تمة شعب يُباد على مرآى ومسمع من العالم دون أن يحرك هذا الأخير ساكنا واهتم له اليوم ويريد أن يسلحه ليوقف شلال الدم !! العارفين بالواقع يتخوفون من توقيت هذا الدعم ، خاصة في ظل انجازات للجيش الحر على الأرض ..
وفي حرب غير متكافئة ، حُرمت المعارضة من سلاح تُدافع به عن نفسها أو تحمي مناطق حررتها وأضحت تحت نفوذها وترد هجمات النظام الغاشم في الوقت الذي يواجهها النظام باستخدام كل الأسلحة الفتاكة بما فيها أسلحة تستعمل في مدى أوسع استعملها هو في مجال ضيق وضرب بها الأحياء والذريعة أنها تأوي الثوار فزاد عدد الشهداء من المدنيين ، ولو حرصت الدول التي تلوك مسألة تسليح المعارضة لأقامت منطقة عازلة لتحمي المدنيين ومنها ينطلق الجيش الحر ، حتى لا تصاب الأحياء وتكون التكلفة باهضة وثقيلة ..
منعت بعض الدول تسليح المعارضة بحجج واهية حتى لا تمتد الأسلحة لأطراف أخرى ، والحقيقة غير ذلك ، كانت تتخوف من البديل المرتقب حين يزول النظام ، لكن حين أحسوا أن بقاء الازمة وإطالتها حتما سيخلق بديلا لكنه بديل لن يروق لأمريكا وحليفتها في المنطقة حركوا ملف التسليح ، لو كانت النوايا صافية لكل الأطراف التي اتخذت من أرض سوريا أرض تجاذبات لكان الحل منذ اليوم الأول ، ولما ارتفعت حصيلة الشهداء ل 70 ألف شهيد علاوة على النازحين وما يعانونه من الويلات ، كان الحل في أيديهم لكن تقاسهم جعل من الشعب لقمة سائغة للنظام الغاشم ..
من يؤيد تسليح المعارضة يرى فيها خطوة نحو ازاحة النظام وحسم الحرب ، ففي كل يوم تزداد فيه أعداد الضحايا ، والمتخوفون يعزون تخوفهم من أن تُعطي الخطوة لحلفاء النظام الغاشم ضوء أخضر في تدفق السلاح فهم عازمون على دعمه حتى آخر رمق ولن يتركوه يسقط بسهولة ، ليس حبا فيه بل توافق للمصالح ، وهنا سيزيد النظام من فتكه بالعزل ومن الدمار والخراب ، وهنا لن تبقى الحرب محسورة في أرض سوريا ستبلغ كل المنطقة ، وهذا ما يتخوف منه المتخوفون من تسليح المعارضة ، الغرب لا يهتم للشعب السوري ولو كان الهم هو الشعب لما تُرك لعامين وهو يجتر آلام القهر إن في الداخل أو في مخيمات الموت البطيئ ، هو يهتم لمصالح حلفاءه ، وخوفا من البديل الذي قد يشكل تهديدا لهم ولحلفائهم ..
كان الحسم سيوتي أكله قبل أن تعج الساحة السورية بأطياف عدة ، فقد رفض البعض أن ينضوي في الجيش الحر وهذا يشكل خطرا إن حل السلاح فقد يزيحوا النظام الغاشم لكن قد تفتح سوريا على واقع لم يكن في الحسبان ، الكل جعل من أرض سوريا أرض تصفيات حسابات بيد أن الشعب هو من يكتوي بنار الحرب المستعرة ، والغريب حين يبلغ مسامعنا من يدين تسليح المعارضة وهي روسيا وتصف الخطوة أنها غيرمشروعة بموجب القانون الدولي!! وتناست أن الفيتو ، القرار الظالم هو من أعاق أي حل وهو من جعل الأزمة تستفحل ولو كان الحسم من الأول لجنب سوريا هذا المسلسل المرعب من القتل والدمار والخراب ، لكنها أدوار يلعبها الغرب وبعض العرب ليكون لهم موقع في مستقبل سوريا في حين يدفع الشعب المكلوم من قوته وأمنه ودمه فاتورة غالية ، اللهم أزح عن الشعب السوري الغمة وفرح همهم ، وكن لهم نعم النصير ، اللهم آمين ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق