شكل اغتصاب فلسطين بداية لقصة دامية نسجت فصول حكاية مريرة من معاناة شعب مع احتلال مقيت مزق الشمل واحرق الأرض وابعد الروح عن الجسد ، حكاية شعب هُجر من أرضه ، احرقت بساتينه ونسف بيته وحال الإحتلال بينه وبين موطنه ، وقاده السجان لمقابر الموت ليلفظ أنفاسه فيها ، تحت التعذيب ، لكسر معنوياته او يفرج عنه بساومته على ابعاده ، ويقتلع من أرضه بلا جريرة اقترفها ، ذنبه أنه فلسطيني !!
لم تتوقف سياسة الإبعاد و لم تفتر مذ اغتصبت فلسطين ، وإن اختلفت أساليبها ، لكن كل السبل تصب في ما يخطط له المحتل من أفراغ الارض من أصحابها ، عمد الإحتلال لإزالة أي وجود للفلسطيني على أرضه ومحو آثاره كانت البداية بالمجازر المروعة وطمس قرى بأكملها وترويع الآمنين ومع هذا ظل الشعب متشبت بأرضه رافضا سياسة الإحتلال متصديا لها ، احتلال بنى كيانه على أشلاء شعب مكلوم بعد أن مزق أوصاله وهجر أهله ..
تفتقت عقليته المقيتة في خلق سبل شتى لأخلاء الأرض وإزالة أي وجود للفلسطيني فيها ، من تضييق وحرمانه من رخص البناء وهدم المنازل وتغيير معالم الحضارة الإسلامية بدعوى الترميم ، والإستيطان الذي يقضم الأرض وحواجز فرقت الوطن ومزقت أوصاله ، وجدار عنصري دق أسافين الفرقة ومزق شمل العوائل ، واليوم يبتز الاسير وهو تحت رحمته حين خذله الكل ولم يرقى حجم التضامن للجهود والتضحيات التي بذلها الاسير ، مساومة الأسير على حريته بين الإعتقال أو الإبعاد وكلاهما مر ، الأبعاد تمزيق الروح عن الجسد ، والغرض واحد ، حتى يفرغ فلسطين من أهلها ..
سياسة الإبعاد سياسة مقيتة انتهجها المحتل حتى يفرغ أهلها منها ، قسرا أو مساومة أو ترويعا أو... ويُبقي على القلة فيذوبهم في مجتمعه فيصبحوا أقلية في وطنهم ، لا حول لهم ولا قوة ويستفرد هو بالأرض ، ويجتر من بقي آلام الإغتراب في وطنه والتمييز والعنصرية ، الإبعاد جريمة في حق الفلسطيني وما لم تحضى باحتمام بالغ وتسلط عليها الضوء والتفاعل معها بحزم فقد يلجأ المحتل لإبتكار أصنافا وطرق مختلفة من التضييق لتغيير التركيبة السكانية على الأرض فيصبح المواطن الفلسطيني غريبا في موطنه ، المحتل يساوم الأسرى بين الموت أو الموت البطيئ فالإبعاد هو أيضا موت ، فراق الروح عن الجسد ، الأسرى قاوموا المحتل بكل طاقاتهم وتبقى المسؤولية على عاتق الجميع ، والإبعاد سياسة مستهجنة وتبقى معركتهم الشريفة التي خاضوها ، ثورة في وجه الظلم ، حين اغلقت أمامهم كل المنافد .
النشطاء هم وقود الأمة فإن غابوا فترت الهمم واستكان الباقون للإحتلال وهذا ما يسعى له المحتل ، الإبعاد انتهاك للمواثيق التي تُعنى بحقوق الإنسان المعمول بها حيث تجرم هكذا سياسات ، لكن للأسف تبقى حبر على ورق في انتظار من يُفعلها ، ويتصدى لهكذا أنتهاك..
معركة الأمعاء الخاوية خطوة جادة وسلاح فعال ضد صلف المحتل ، وحين نتناول جريمة الإبعاد الأسير ليس من باب بخس تضحياته أو التقليل منها أو اجهاض ثورته ، كلا ، لكن نتناولها من باب تجريم سياسة الإبعاد وخطورتها على مستقبل فلسطين ..
ثورته أبلغت صوته وكانت لها صدى وتحدى غطرسة المحتل ولم ينال هذا الأخير من عزيمته ، أثبت الأسير من خلال ثورته انتصاره على الظلم و فوت على المحتل مبتغاه في كسر إرادته أوشل عزيمته .
لكن للأسف لم نكُن لهم نعم العون ونقوي صموده طبعا كل في موقعه ، وتبقى سياسة الإبعاد جريمة في حق الأسير وتطال أيضا أهله وذويه ، حيث يحرمه من دفئ العائلة ويمزق الشمل ، والخوف من هذه السياسة المجحفة أن تصبح ديدن المحتل ، وتتكرر مع أسرى آخرين فتعتقل نشطاء ومن تمّ تبتزهم وتطيل معاناتهم حتى يرضخوا لسياست الإبعاد ، هي جريمة في حق الاسير لكن حين تكون الهبة والتضامن لا يوازي تضحياتهم ، يستفرد بهم المحتل ويمرر سياساته المجحفة في حقهم ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق