أين تكمن خطورة الإعلام ؟!
التقدم العلمي فتح آفاق المعرفة وأضحت الساحة العربية والعالمية تزخر بكل جديد ، بكبسة زر تفتح نافدة على العالم بخيره وشره ، وكل ما بلغ العالم مصافا جديدة كلما تطور الأداء وأضحت الصورة أكثر جاذبية وشدت الأنظار ، فيما قبل كان شح ظاهر للأخبار إلا ما بلغنا من حقائق بعد عقود من وقوعها واليوم مع التقنيات الحديثة انفتح العالم عن اعلام سمعي بصري يتحدث بلغات شتى يبلغك الخبر لحظة وقوعه ، وتنهال عليك التحليلات من هنا وهناك ، ويتناول كل الإتجاهات على اختلاف مشاربها وأطيافها ، بل فرخ العالم قنوات بلا عدد أو حصر حتى شتت الإنتباه ، يقدم الصورة والتحليل وبذلك يشكل وعيك ورأيك بعدها ..
قبل الإطاحة بالرئيس المخلوع في مصر كانت مصر أصلا تعج بالقنوات أغلبها إن لم نقل معظمها كان يخدم سياسة الإستبداد ويضلل الفكر ويشوش الصورة التي تجذب أنظار المشاهد حتى تركزت الصورة الذي يريد أن يمررها لذهن المشاهد بعض الأفلام كانت تركز على مفهوم البلطجة لتوحي بأنها الفتوة والرجولة !! مفهوم مغلوط وخطير ، ومن المعلوم أن الإعلام غير محايد إما منحاز هنا أو هناك ومادام المرء له وعي وله نضج فقد يميز بين الخطأ والصواب وبين الحق والباطل وهناك إعلامي ربحي بالدرجة الأولى لا يهمه ما يقدمه من سخافات أو تشويه للصورة وهناك إعلام يضبب الصورة ويضلل المشاهد أو يحجب عنه الحقيقة ، وهناك إعلام يروج للخطأ دون تمحيص المهم حشو الأذهان هم يدركون أن عملهم هذا سيشكل رأيا يمتطونه عند الحاجة ..
ففي مصر مثلا خرجت للوجود بعض القنوات الغاية منها خلق صورة المصري وتصوراته على حسب مقاسها فقد أضحت أبواقا تنسف أي تقدم ملموس ومنها من اصطف وتحزب مع المعادين للمشروع الوطني النهضوي ومنها من تشن هجوما غير مسبوق أونسف أي انجاز للرئيس محمد مرسي بل وقد تكيل الإتهامات جزافا وتجد من يصفق لها ، تسوق الأخبار الغير الصحيحة والمغالطات تأثر بذلك على ذهن المشاهد ، في المقابل حفزت آخرين لأن يكون لهم مجالا للرد في إعلام آخر وهذا جيد إذا كان هم ّالكل خدمة مصالح الأمة وهناك إعلام يزيد من الشرخ وتمزيق النسيج وخلق فجوات وتصادم ..
المواطن العادي تنال منه الصورة المزيفة وقد يصدقها فهناك إعلام غير نزيه في نقل الأخبار ، يشوه الصورة أو ينقلها ناقصة أو لا يحللها بحيادية يعطي انطباعا للخارج أن مصر مثلا على أنها على حافة الإنهيار أو شارفت على الإنهيار ، وقد يكون الواقع غير هذا ، بمغلوطاته التي يُسربها يزيد من تأجيج الوضع وشحن الشارع ، و اعلام آخر يعطي انطباعا أن دولة ما تشهد ثورة وكأن الامور تسير سير طبيعي تزييف للصورة يزيد من انقسام الأمة ..
وفيما مضى حين كنا نقرئ عن الأبطال الحقيقيين كنا نعدهم فدائيين أو العلماء أو رجال الفكر وو.. وكنا نرجو أن ننال مكانتهم مستقبلا ، إذ بالإعلام الربحي يسوق لنا أن الابطال هو المطرب الفلاني أو الممثلة الفلانية حتى غدت قدوة لغيرها فتنافس البعض ليقلدها في تسريحة شعرها أو طريقة لبسها وو..
أو أبطال وهميين لكرة القدم رغم أن هانه الأخيرة رياضة لكن حين تصبح نجومية للمتاجرة بها أو حين تكون على حساب أمور مهمة ويصرف عليها أموال طائلة لا تصرف على البحث العلمي أو على الجانب الصحي أو غيرها من مشاريع تعود بالنفع على الأمة ، وعندما يسلط الضوء على مثل هكذا قدوات تتشكل انماط مستهترة بعيدة عن الهم الحقيقي لأمتها وتهدر الوقت في غيرمحله ولن تخدم مجتمعها مستقبلا
الإعلام يلعب دور خطير في حالة إن كان سلبي فقد يقتل في النفس الهمة للنهوض بالأمة أو يخلق جيل خانع فاشل لا يميز بين الغث والسمين فإن لم تكن محصنا بتربية أهّلتك لتميز بين الحق
والباطل فقد يجرك التيار وتتأثر بما يعرض دون أن تحلل بعمق ما تقدمه لك تلك القنوات وما يعرض عليك بعيدا عن ما تسوق له
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق