الثلاثاء، 10 أغسطس 2021

كيف نتصدى لخزي التطبيع ؟


الإيمان بعدالة القضية والشعور القائم الذي لن يتزعزع تجاه محتل غاشم هو ما يدفع أي حر شريف لرفض التطبيع مع الاحتلال، مصافحته، شراء منتجاته، وزيارة المسجد الأقصى وهو يرزح تحت نير الاحتلال، تلميع وجه الاحتلال القميء، تسويق وهم السلام، غض الطرف عن جرائم الاحتلال، الترويج لأكذوبة التعايش وكل أشكال التطبيع هي شرعنة للاحتلال وقبول به وتسليم له بما سرق ونهب، واعتراف به وعصف بالحق الفلسطيني وحق الأمة الإسلامية على أرض الرباط ..

ورغم بهرجة عرابي التطبيع إلا أن الأمة ما زالت حية وما زالت فلسطين تتربع على عرش قلبها وما زالت واعية بحقيقة الصراع، وهذا ما أثبتته الألعاب الأولمبية الأخيرة في طوكيو، رغم ما ينتظر اللاعب من حيف وعقوبة ويمكن أن يؤثر على مشواره الرياضي ويُحرم من الكثير من الامتيازات التي يتطلع إليها ويحلم بها كل لاعب، إلا أنه يصر على رفض التطبيع الرياضي ويعتبر مواجهة الاحتلال ومصافحته شرعنة له ..

ما لفت الانتباه الحملة التي قادتها الشعوب ضد المطبعين الرياضيين نصرة لفلسطين ورفضا للتطبيع مع محتل الأرض، فعندما تحاصر المطبع وتستهجن فعله الشنيع وتكشف جرائم الاحتلال وتفضح وجهه القميء وتكشف ميوعة من يبرر خزي التطبيع وذرائعه وحججه الواهية وسخافة تبريراته التي أسقطت آخر ورقة التوت عنه لتظهر حقيقته للعيان. في المقابل تحتفي الشعوب بالأحرار والشرفاء الذين رفضوا التطبيع مع الاحتلال وتكن لهم كل الاحترام والتقدير، فأنت تعزز صمود الشعوب الرافضة للتطبيع وترفع معنويات الشعب الفلسطيني الذي لا زال صامدا على أرضه ويسعى بكل جهد لاسترداد حقه السليب، بل وأنت بذلك تقاوم سياسة الانبطاح وسياسة الخنوع والخضوع وتعزز ثقافة العزة والكرامة وتشيع جو المقاومة، حتى تبقى القضية حية في وجدان وضمير الأمة وحتى تبقى حاضرة بقوة لا ولن يطالها النسيان وأنت بذلك تتصدى لخزي التطبيع وتفشل مراميه ..

مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا هاما في مواجهة التطبيع، دورها فعال ومهم لا يُستهان به، لذلك الاحتلال يحاربها بشراسة ويتصدى لها بخبث، فقد باتت تقض مضجعه وتشكل خطرا عليه ، لأنها تكشف زيف رواياته وأساطيره المشروخة، في المقابل تعزز الرواية الفلسطينية وتقاوم سياسة كي الوعي، فكم من الحسابات تعطلت وكم من الصفحات التي ألغيت عدا عن التقييد والحظر المتكرر، ورغم أن بعض الحسابات لا تحظى بالكثير من المتابعين أو أصحابها مغمورون، مع ذلك عطلها الفيسبوك بإيعاز من الاحتلال، فقد باتت تزعجه ولولا أهمية الكلمة في الدفاع عن الحق والاستماتة عليه لما تمت مواجهتها بهذا الشكل المتنطع والفظيع ، ومع ذلك فلازالت الشعوب تناضل وتنافح عن مقدساتها ولن ترفع الراية البيضاء ولن تستكين ولن تركن لاملاءات الاحتلال وأذنابه..

ورغم أن دولا عقدت اتفاقيات مع الاحتلال وأخرى غاصت في وحل التطبيع لكن الشعوب ظلت وفية لفلسطين وظلت على مبادئها، وكل شعب يتمتع بهامش من حرية التعبير إلا وصدحت فيه الحناجر بالرفض للتطبيع وعلت الأصوات المنددة به، إلا الدول التي كتمت أنفاس الشعوب وتنهج سياسة تكميم الأفواه والأنفاس فيها محسوبة والكل تحت المجهر ويحكمها الاستبداد بالحديد والنار، وإلا فالشعوب لن تنسى مقدساتها ومسرى نبيها والقِبلة الأولى. يتوهم دعاة التطبيع أن فلسطين تراجعت في تفكير الشعوب بعد أن أرهقها الاستبداد بالهموم وتوالت عليها الخطوب، إلا أنه مع كل وصمة عار للتطبيع، تصحو الأمة من غفوتها وتنفض عنها غبار الذل والهوان وتنتصر لمعقل عزها وعنوان كرامتها ومع كل بهرجة وتطبيل وتهاوٍ في مستنقع التطبيع تعود فلسطين من جديد لتتصدر المشهد ويرتفع منسوب وعي الشعوب نحو مقدساتها، فهي لم تغب عن ناظريها فلا زالت محفورة في ذاكرتها، إلا أن الشعوب اليوم تجدد عهد الوفاء والإخلاص لها كلما فكر الاستبداد في محوها من الذاكرة..

رب ضارة نافعة، صحيح أن التطبيع خنجر مسموم غرزه الاحتلال في ظهر الأمة إلا أن هذه الأخيرة تتطهر من الشوائب التي علقت بها وعرقلت مسارها..

وكلما أجريت إحصائيات أو استطلاعات للرأي، إلا وتصدرت نسب كبيرة وعالية من الشعوب رافضة لخزي التطبيع، باستثناء حفنة من المطبعين تقاطعت مصالحها بمصالح الاحتلال لذلك تراها تتمرغ في وحل التطبيع، من حمل هم ّ فلسطين وطّن نفسه لتحريرها وأعد العدة لفك قيودها أما من تركها تئن تحت وطأة الاحتلال لأكثر من سبعة عقود وجاء اليوم ليساوم بها أو يقامر بها ويعصف بالحق الفلسطيني ويسعى بكل خبث لتصفيتها فهي لم تكن من الأساس همه ولم تكن أولى أولوياته ولا شغله الشاغل ..

أصحاب المبادئ لا يتلونون ولا يبدلون جلودهم ولا يغيرون من قناعاتهم، فمن أحب أرض الرباط تفانى في صونها والذود عنها والدفاع عن مقدسات المسلمين وانتصر لها ولأن فلسطين كانت همهم الأول يظلون صامدين على مبادئهم، أما أصحاب المصالح والأفاعي السامة من تقاطعت مصالحهم مع مصالح الاحتلال ما إن خرج عفن التطبيع للعلن حتى خرجوا من جحورهم لينفثوا سمومهم، هؤلاء لم تكن فلسطين شغلهم الشاغل ولم تكن أصلا ضمن اهتماماتهم ..

الشعوب ترى الحقيقة الراسخة على الأرض وليس ما يلوكه دعاة 
التطبيع من وهم ، الحقيقة التي لن يغطيها زيف التطبيع، هناك أرض مباركة محتلة وشعب مشرد عن وطنه وشذاذ الآفاق جاءوا من أصقاع شتى ليستوطنوا أرض الرباط ومقدسات تدنسها قطعان المستوطنين أمام مرأى ومسمع من العالم الذي يكيل بآلاف المكاييل وهناك شعب يأبى نسيان حقه يقاوم الاحتلال ببسالة وصامد على أرضه وهناك احتلال بغيض يمارس أفظع الجرائم بحق أصحاب الارض الحقيقيين.

في الختام، الأمة لا زالت على العهد ولن تفرط في حبة رمل من ثرى 
فلسطين الغالي وفلسطين اليوم تتخلص من كل الشوائب التي علقت بها، ليميز الله عز وجل الخبيث من الطيب، ولتستعد الارض المباركة لولادة جديدة ولتتهيأ للفتح القادم بحول الله وقوته.