الأربعاء، 19 سبتمبر 2018

ملخص الباب الخامس للكتاب : هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس..



الكتاب القيم : هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس

ملخص الباب الخامس : 
الآثار العامة لحركة الإصلاح والتجديد ..

أسفرت الحركة الإصلاحية التي شملت ميادين عدة في إخراج دولة المهجر : الدولة الزنكية ، بعد أن ضرب اليأس أطنابه في ترميم أمة لفظت أنفاسها وأخذت تتحلل ، جاءت الدولة الفتية لتبعث الأمل في نفوس المخلصين وقد هرع إليها كل من يرغب في خدمة الدعوة والعمل في سبيل الله والإخلاص فيه وتصحيح المسار وعوة بالأمة لمكانتها ، والتي بدأ عماد الدين في توطيد أركانها وبعد أن مات شهيدا خلفه ابنه نور الدين ، فقد سبغها بالطابع الإسلامي ، فتحت الدولة الجديدة أبوابها لكل مخلص راغب في الإصلاح والتجديد ، قدم إليها كل الإتجاهات التجديدية وتلامذة المدارس الإصلاحية ، تابعت الدولة الفتية مهامها إصلاحية والتي شملت كل المجالات ، وبدأت توسع رقعتها ، لتخلق بذلك الوحدة الإسلامية ..

وأول ما بدأت الإهتمام به دور التعليم ومؤسساته وفتحت أبوابها خاصة لأولئك الذي تخرجوا من المدارس الإصلاحية ، استفادت الدولة الجديدة من جمهور المخلصين التي انتجتهم الحركات الإصلاحية والتي لم تترك مضمارا إلا وألمت به ، وأزالت كل الشوائب التي خلُصت إليه ، وأعادته لجادة الصواب ، فلا تعصب لمذهب ولا حساسية والكل فيها طالب علم حتى القادة ، فكانت الملاذ للعلماء والشيوخ وكل الطاقات المخلصة وتظافرت الجهود وترتب عن ذلك اسباغ البيئة بالطابع الإسلامي الخالص ، وإخراج جيل تجلت فيه الروح الإسلامية والإرادة الصلبة القوية ، جيل يُعول عليه في تحدي الصعاب ..

القيادات العلمية والسياسية والإدارية والفكرية تخرجت من المدارس الإصلاحية وتشبعت بالتربية الإسلامية ، مزجوا بين العلم والدراية والحنكة والذكاء والفطنة والأخلاق الرفيعة ، حنكة سياسية وحكمة وشجاعة وإقدام مع علمهم الديني وورعهم وحفظهم لكتاب الله عز وجل ، مع تواضعهم وحلمهم ، فبذأ التحشيد لمقدرات الأمة واعدادها وتوطيدها لمجابهة تحديات وأخطار الداخل والخارج ، كانت القيادات الفكرية والسياسية تجلس في مجالس العلماء الأكفاء ، حتى تنهل من علمهم العزير ، حتى لا يكون عملهم ارتجالي أو انفراد في اتخاذ القرارات وسادات الشوري ، فلا يقطع نور الدين أمرا إلا بعد مدارسته والمشاورة فيه مع أهل الإختصاص والمخلصين ودوما يتم تغليب المصلحة العليا للأمة ، ما ميز الدولة الحديثة : الزهد وبذل المال في أوجه البر والإحسان ، والتعفف وعزة النفس ، والقادة يضربون المثل والقدوة الحسنة لمن حوله من وزراء وقادة وجيش ومدراء ، فانعكس ذلك عليهم وعلى الأمة خيرا وصلاحا ..

مع أن الأموال كانت تفيض بين يدي نور الدين إلا أنها مرصودة خدمة لمصالح الأمة ، وبدل الأخذ انتشرت ثقافة العطاء ، رصد الأغنياء اموالهم في بناء المدارس لنشر الفكر الإسلامي ، مدارس تستقطب من تخرجوا من المدارس الإصلاحية لينشروا الخير ويعمموه في صفوف الرعية ، تدفق العطاء والبذل ، بنيت الجوامع والمستشفيات وكثرت الهبات والعطايا والإنفاق في سبيل الله ، وتنافست نساؤهم في هذا المضمار هن أيضا ، فكان العطاء هو السمة السائدة يومها ، وارسى القائد نور الدين دعائم العدل واحترام كرامة الإنسان وحفظ له حرية الرأي وحرص على تنمية روح العزة والأنفة في نفوس الرعية وكذا الشعور بالكرامة ، افسحت لهم الدولة الجديدة الباب على مصراعيه للنقد البناء ، حتى نقد القادة فيما يخدم الصالح العام ، حتى يقطع الطريق على المتزلفين للسلاطين والطامعين في قربه ..

وكما تقدم في الباب السابق اهتمت المدرسة القادرية بأبناء النازحين من المناطق التي تعرضت للهجزم الصليبي ، فكانت تنتشلهم من حياة الضياع والتشرد أو الإهتمام بالمصالح الشخصية حتى ينسون قضيتهم ويفرطوا في حقهم ، وتعدهم وتهتم بهم وتعيدهم لأرض الرباط ، وكانوا بذلك يحشدون الطاقات لمواجهة الإحتلال الصليبي ، المدارس الإصلاحية التي اهتمت بالجانب العسكري والجيش والجهاد هي من أولت الإهتمام لأسرة صلاح الدين ومنها تخرجوا وبذلك امتازوا بالحنكة السياسية واتخذ من تلك المدارس مستشارين له عرف عنهم ذكاءهم وحكمتهم ، فقد فوتوا على الإعداء محاولات فاشلة عدة للإطاحة بصلاح الدين وأفشلوا المآمرات التي حيكت له من اعادء الأمة ..

ازدهرت الحياة الإقتصادية في الدولة الجديدة واحسن الناس كيفية التعامل بمصادر الثروة وأزالت الدول كل ما كان يعيق أو يثقل كاهل التجار ، وأوجدت فرص العمل وحفز هذا الإنتعاش الإقتصادي لأفواج من العمال من كل الأقطار العربية للوفود إليها ، مع ما كان توفره الدولة من مسكن والإقبال على التعلم والمعرفة ، وأي مجال يختارء الوافد إلا ويجد تسهيلات وظروف متاحة ومحفزات حتى يتفوق فيه ، فتدفقت الكفاءات ووجدت المحضن الطيب ، أحسن وفادتهم وأجاد في استقبالهم وطور أداءهم ، اهتمت الدولة أيضا بإنشاء المرافق الحيوية من طرقات ومستشفيات وأماكن خضراء من بساتيت وكذا الحمامات وو.. 

اهتم صلاح الدين ونور الدين ببناء القوة العسكرية خاصة في ظل التهديدات الصليبية المحدقة ، من بناء التحصينات والمصانع الحربية وعتاد ، وخضع هذا أيضا للمدارس الإصلاحية والتي مهدت للفتوحات فيما بعد ، كان القائد نور الدين هو نفسه من يتفقد أحوال الجند حتى لا ينقصهم شيئ ، يوفر لهم كا ما يحتاجونه ، واهتم بالإعداد العقدي واسند لأولئك الذين تخرجوا من المدارس الإصلاحية لبلورة مفهوم الجهاد والحكمة منه واخلاص النية فيه ، حتى يقفوا على احكام الجهاد والغاية والمغزى الحقيقي منه ونبل رسالته ، وحتى يحفز الجندي للجهاد ويحثه على الرباط والبذل والتضحية والصمود والثبات ، تربية إيمانية لتوطد الأنفس لمجابهة الأعداء بروح عالية وبكل بسالة وشجاعة ، وانعكست مدارس الإصلاحية التي قادها جناح النساء لإخراج جيل من النساء ساهمن في حركة الجهاد وكن من كافة الطبقات من القيادات حتى للطبقات الشعبية وأولين الإهتمام للمدارس والمستشفيات التي تهتم بعلاج جرحى الجهاد وكذا اهتموا بالإعداد التربوي والإيماني كن منهن عالمات وواعظات وزاهدات وفقيهات وسرد الكاتب اسماء لامعة كانت لها بصمة جلية في تخريج جيل صلاح الدين والمساهمة في التحرير ..

ركز أيضا على الوحدة الإسلامية ، لما فيها من قوة ومنعة للمسلمين ، فهي السبيل لتحرير المقدسات ودفع الأخطار ، وخاصة أن البعض تحالف مع الصليبيين للقضاء على بعضهم البعض طمعا في السلطة وخدمة لمصالحهم الذاتية وانهكوا بذلك الأمة واضعفوها ، وبعد استتباب الوحدة استطاع نور الدين أن يواجه صلف الصليبيين ، وفي رحلته الجهادية أعد نور الدين منبرا جديدا للمسجد الأقصى المبارك إلا أن المنية وافته فأوكل الأمر لصلاح الدين ، ضم جيش صلاح الدين كل الفئات من العالم إلى الجندي ، أثرت فيهم الروح الجهادية التي تربوا في محاضنها وتشربتها أرواحهم ، فتدافعوا لنيل إحدى الحسنيين ، وتحققت على أيديهم المعجزات وكان لهم النصر والتمكين ، فٌتحت القدس وكانت أول جمعة أقيمت في المسجد الاقصى مؤثرة ، رقت لها القلوب وفاضت لها الأعين بالدمع ولهجت الألسن بالحمد والشكر على فضله العظيم ومنته ، لم يقف صلاح الدين عند ما احرزه من نصر وتمكبن فقد كانت همته عالية تناطح الصحاب ، فقد رأى استئناف الفتوحات الإسلامية ، إلا أن هذا الهدف العالي يتطلب حشد الطاقات وتظلفر الجهود وتوحيد الأمة من شرقها حتى غربها ..

نصف قرن من الزمن والأمة مرت عبرها بعملية تصحيح وتجديد وغربلة للصفوف ، حتى تخرج جيل تفخر به وتعتز به ، جيل قوي يجابه الصعاب بإرادة فولاذية وصلابة وشجاعة ، نصف قرن من تغيير ما بالأنفس حتى غير الله عز وجل أحوال الأمة ، وحل محل الضعف القوة ومحل الفرقة والتشرذم الوحدة ، وحلت محل الهزائم والنكسات الإنتصار والفتح والتمكين ..

الاثنين، 10 سبتمبر 2018

ملخص الباب الرابع للكتاب : هكذا ظهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس ..


هكذا طهر جيل صلاح الدين وهكذا عادت القدس 

: ملخص الباب الرابع  

 ..انتشار حركة الإصلاح والتجديد والمدارس التي مثلتها 

كان من آثار مدرسة الإمام الغزالي ظهور نوع جديد من المدارس والمؤسسات التربوية التي استلهمت روح منهاجه التربوي الذي بلوره في علاج أمراض الأمة والتي عجت بها الساحة وكذا مفرزاتها وآثارها ، انقسمت هذه المدارس إلى قسمين ، قسم اهتم بالنابغين والنابهين ليكونوا مشايخ في التربية وقيادات سياسية واجتماعية وقسم اهتم بالعامة ، وهؤلاء هم من كان يعتمد عليهم السلاطين الظلمة ليكونوا عساكر وشرطة تحمي سلطانهم ..

ومن المدارس الرئيسية اللامعة مدرسة القادرية نسبة لمؤسسها الشيخ عبد القادر الكيلاني ، والتي ركزت نشاطها على القيادات اللازمة للعمل الإسلامي ونشر رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ووضع منهاج العمل التربوي والدعوي ورسم الخطط واعداد البرامج ، أفاض الكاتب في سرد سيرة الشيخ المؤسس ، فقد نشأ بيت صالح زاهد وينحدر من نسب شريف ، وعاش قرابة أل18 سنة في موطنه الأصلي ، ثم رحل للعراق ، وهذه الأخيرة كانت يومها تعج بالإضطرابات السياسية والإجتماعية والثقافية ، تأثر الشيخ القادري بالإمام الغزالي خاصة فيما سُمي بالإنسحاب الإيجابي ومجاهدة النفس ثم العودة ، وتأثرت أيضا كتاباته فترة من الزمن إلا أنه ما لبث أن استقل عنه وكانت له طريقته الخاصة في الفكر والتطبيق ..

آلت له أحدى المدارس بعد وفاة شيخه ، فما كان منه إلا أن زاد في بنائها وتوسعتها ، حيث جعلها مركزا لنشاطات عديدة ، منها التدريس والإفتاء والوعظ ، مدرسة تؤهل طلبتها لحمل رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد أن تعدهم روحيا وعلميا واجتماعيا ، بل ولعبت المدرسة دورا هاما في اعداد جيل المواجهة للخطر الصليبي ، وكان من بين طلابها الذين تخرجوا منها مستشارين لصلاح الدين سياسيين وعسكريين ..

اعتمد الشيخ القادري نفس نهج الغزالي ، فكان يرى إصلاح دين الفرد لا يتم إلا بإصلاح القلب وإزالة كل ماشابه من حب الدنيا وكل ما يشغله عن الله ، هذا وبعد أن شخص أمراض المجتمع الأساسية للفساد المطنب ، أول ما وضع اليد عليه فئة العلماء ، ابتعدوا عن واجبهم وتخلوا عن رسالتهم وبذلك عمت البلوى ميادين شتى ، الملاحظة المهمة أنه هو أيضا بدأ بالعلماء كما الإمام الغزالي ، وهو أيضا أفاض في وصفهم ، من بين اوصافهم أنهم يصفقون للعالم المتغلب حتى ولو كان ظالما ويفتون بفساد المنهزم وكما تصدر لهذه المنزلة الرفيعة علماء غير أكفاء ، فتصدى لهم الشيخ وكشف عاهاتهم من التزلف للحاكم والمتاجرة بالدين وحذر الناس من حضور مجالسهم ، فهم من يطيل أمد السلاطين الظلمة بعد أن يحكموا قبضتهم على العامة كما واجه التعصب المذهبي الذي يؤدي للمشاحنة والتناحر ..

كما شن حملة على السلاطين الظلمة وبين أخطارهم وابرز انحرافهم ومظالمهم ، هم ومن يدور في فلكهم وأن لا يطيعوهم في معصية ، كما تصدى لأمراض القلوب التي تفشت في المجتمع من رياء ونفاق وو..وزال الإخلاص ، حتى غدت مظاهر التدين لا روح فيها ولا نبض ، فإن تصدق المرء أو صلى أو صام فطلبا لحب الثناء ، كما انتقد الفوارق الطبيقة والهوة السحيقة بين الأغنياء والفقراء ، وترجم أقواله لواقع على الأرض فقد أفسح للفقراء مكانا كبيرا في قلبه ، يأويهم ويطعمهم ويحضرون دروسه وينهلوا من علمه الغزير ، حتى التفوا حوله وتعلقوا به ، بعدها تصدى للتطرف الشيعي الباطني والتيارات الفكرية المنحرفة ، بعد اطلاع واسع والإلمام بشرورها ، وكشف انحرافاتها ، فهناك من تدثر بالتشيع لأهداف سياسية واحكام قبضتهم على مقدرات الأمة وبث سموم الفرقة وو..

وانفتح على المذاهب وقلص الفجوة بينها وكان محمودا عند كل المذاهب واستفاد منها وأوقف الخصومات بينها ، وصحح مفهوم التصوف الحقيقي ، واعاده لجادة الصواب ، ولوظيفته الأصلية مدرسة للتربية وتعليم الزهد والتجرد لله وطهرها من البدع التي خَلصت أليها ، كما رسخت الحملة القادرية على التوحيد والإخلاص فيه ، التوحيد في منهاجه متصل بالحياة الإجتماعية ، حتى يطمع المرء بما عند الله وأنه النافع الضار والعاطي والمانع ، من خلال هذه التربية جرد السلاطين من مظاهر القوة المعنوية وحتى يدرك السلاطين أن المسؤولية تكليف وليست تشريف ، وصحح مفهوم القضاء والقدر ، عدم الإستسلام للهزائم وعدها قدرا محتوما ، بل النهوض لدفعها ومواجهتها وعدم الإستسلام لها ، ووصف كيف يكون الإيمان بالله ، وترجمه للعمل والإخلاص فيه ، فالتدين لا يكمن في العبادات والشعائر بل بالعمل والإخلاص فيه ، وبذلك رسخ للتكافل الإجتماعي ، كيف يصح إيمان عبد وجاره جائع ..

واحيى نشر رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتي تصدرها العلماء الأكفاء وقد بين أوصافهم الجليلة ، هم من يدرك معنى ورثة الأنبياء ، سانده في حملته الإصلاحية أقرانه المخلصين وتلامذته من النابغين ، علاوة على مدارس انتشرت في الأرياف والبوادي والنواحي ، مهمتها نشر الدعوة وارشاد الناس للطريق السليم وتصحيح المفاهيم وخلق جيل يجابه الصعاب ومستعد للتضحية ويتحدى المخاطر ، ومن هؤلاء من شكل النصيب الأوفى من جيش صلاح الدين ، الذي حقق الإنتصارات وانجز الفتوحات ..

كما لم يغفل الكاتب دور المرأة المسلمة في اصلاح المجتمع ، وذكر اسماءََ لا معة تركت بصمات جلية في واقعها ، فقد كان منهن الصالحات ،الوارعات ، التقيات والواعظات ولعبن دورا متميزا في تخريج جيل صلاح الدين ، فقد كان منهن العالمات وقادة الإصلاح ، ساهمن بشكل فعال في تخريج جيل قوي ورع تقي يواجه التحديات ويحرر المقدسات ، واسفرت جهود التنسيق بين كل المدارس الإصلاح لتوحيد الجهود والتنظيم والتعاون ، وطرح المشاكل والبحث عن علاجها ، وإيجاد قياة موحدة حتى ينتظم العمل ويكلل بالنجاح ، وبذلك تظافرت الجهود وعكف الكل على الإصلاح المجتمعات ، حتى تخرجها من حالة الضعف والهوان ، وبدأ الإعداد والتوجيه بإخراج جيل ينفض عن كاهله الهوان ويواجه الأخطار المحدقة بكل بسالة واقدام وشجاعة ..