الثلاثاء، 12 أبريل 2022

فارس المنابر ..

 


((مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُۥ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلًا))


فادي شخيدم، الشهيد الذي ارتقت روحه بعد مسيرة حافلة بالبذل والعطاء، كان يصدح بالحق لا يخشى بطش الاحتلال ولا عنجهيته، كان يشيع ثقافة المقاومة ويحث عليها ويرفع معنويات الشباب، مؤكدا أن المقاومة هي من تحمي الحقوق وتذود عن المقدسات وتحفظ الكرامة، خطبه كانت مجلجلة قوية لها وقع في القلوب، تحشذ الهمم وتبث الحماس في صفوف الشباب، وتناهض الاستكانة والركون والقبول بالواقع المرير الذي يحاول الاحتلال فرضه بصلفه وبطشه. كان الشهيد يرفض املاءات الاحتلال ولا يستسيغ بقاءه جاثما على ارض الرباط وتؤرقه انتهاكاته بحق البشر والحجر والشجر وخاصة بحق المسجد الاقصى المبارك، كان برابط في الاقصى ليحمي حياضه من مكر الاحتلال واسفافه ويدافع عن حرمته ..

كان يعلم رواد المسجد وطلبته كيف تكون القدوة، اعطاهم درسا عمليا لكل المعاني الجليلة التي كان يدرسها لهم من اخلاص ووفاء للارض ودفاع مستميت عن الحقوق المسلوبة، باستشهاده علمهم كيف يكون الفداء والتضحية والجود في أرقى صوره وكيف يكون الوقوف في وجه الاحتلال وعدم التفريط في الارض والدفاع عن المقدسات وبذل الارواح والمهج لأجلها، كان يحمل هم الاسرى خلف القضبان وكان حريصا على نصرتهم والتعريف بمكانتهم وعظيم اجرهم وعدم نسيان معاناتهم ومساندهم والتخفيف عنهم والتضامن معهم والوقوف الى جانبهم حتى تحقيق مطالبهم وحتى استعادة حريتهم وفك قيدهم وتحريرهم من براثن السجون، كان يفتخر بالشباب المناضل الذي يدافع عن أرضه ويشيد ببطولاتهم ويثني على أدائهم وعلى بسالتهم ويعدد مناقبهم حتى يكونوا قدوة صالحة لغيرهم، ترجم كلماته لعمل فدائي قض مضجع الاحتلال وهز منظومته الامنية ..

أمضى حياته في الحث على الجهاد ونصرة المظلوم ومناهضة الظلم وتوجها بوسام الشهادة، كلما ارتقى شاب للعلياء تاقت روحه للشهادة وظل يحث عليها حتى نالها، ترك وصية تكتب بمداد من ذهب، تحث على بذل الغالي والنفيس لتحرير الارض من دنس الاحتلال، ستبقى جذوة كلماته النيرة حية في القلوب والاذهان فقد ترجمها لعمل هز اركان الاحتلال، دروسه القيمة أثرت في الشباب ورسمت لهم معالم الطريق نحو التحرير ودحر الاحتلال، فتسابقوا للجنان وكان الشهيد ينتظر بشغف للحاق بهم لذلك وطن نفسه لعرس الشهادة، توج جهاد الكلمة بعملية اثلجت الصدور، ليقول للاحتلال لا مقام لك على أرضنا وأن فلسطين كانت ومازالت وستبقى مقبرة للغزاة ..فالمقاومة باقية ما بقي الاحتلال وهي الرد الطبيعي على جرائمه ووحشيته وصلفه، كانت عمليته المباركة صفعة على وجه المطبعين، فهذا الاحتلال الذي تفتحون له الابواب وتروجون لاساطيره وتتبنون رواياته المزيفة، مقاومته واجبة حتى دحره عن أرض فلسطين وسيبقى منبوذا مرفوضا، سرطانا خبيثا سيتم استئصاله ومآله الزوال وزوال من ربط مصيره بمصيره ..

الكلمات تبقى هامدة جامدة لا نبض فيها وعندما يفديها الشهيد بدمائه الطاهرة تسري في أوصالها الحياة، دماء الشهادة تبقيها خالدة وراسخة رسوخ الجبال ..