دعاة التطبيع يخدعون السذج ليمرروا حيفهم، عندما يربطون بين اليهود الذين عاشوا في دول عربية لقرون وشملهم عدل الاسلام ومارسوا طقوسهم بحرية ونعموا بالامن والأمان ولا زال بعضهم يعيش فيها ويكنون الولاء لأوطانهم الأصلية ويقرون بالحق الفلسطيني ويناهضون الصهاينة والصهيونية، وبين المحتلين للحق الفلسطيني وحق الأمتين العربية والإسلامية على أرض الرباط، هؤلاء تنكروا لفضل الاسلام وقد ردوا جميله بأقبح المكر والشر، احتلوا أرض الرباط ودنسوا مقدسات المسلمين وعاثوا في الارض فسادا ونكلوا بأصحاب الأرض وشردوا شعبا عن موطنه، هؤلاء مطلوب محاسبتهم على ما اقترفته أيديهم وليس مكافأتهم على ما اغتصبوه بالتطبيع معهم وتلميع وجههم البغيض ..

قبل أن تتأجج حمى التطبيع وهرولة البعض للارتماء في الحضن الصهيوني، كان الفن عندما يتناول الشأن الفلسطيني والصراع العربي الاسرائيلي كان يلامس شعور العربي نحو فلسطين ويعبر عن نبضه ويُبقي نظرة العربي نحو الاحتلال قائمة، هو كيان غاصب احتل فلسطين ونكل بشعبها، لكن بعد التطبيع رأينا كيف يسخر ممثل من صاحب الحق ويشوه صورته ويحاول تمرير اكذوبة "باع الفلسطيني" أرضه ويروج لوهم السلام ولأكذوبة التعايش مع محتل بنى كيانه على أشلاء ودماء أصحاب الارض وروع الآمنين وارتكب أفظع الجرائم ليقيم كيانه العنصري ..

التطبيع الفني يتبنى روايات الاحتلال بحذافيرها ويلمع وجهه القميء ويروج لمظلوميته الزائفة، حتى أن الاحتلال رحب بهذا الحيف بحق القضية العادلة واحتفى به وترجمه وبثه لجمهوره، أصبح صاحب الحق مذنبا ومتهما وناكرا للجميل والاحتلال مرحب به ومقبول!! كل هذا العفن خرج للعلن بعد الهرولة للتطبيع، حتى يصبح الاحتلال مرحبا به وتُفتح له الابواب على مصراعيها لبث سمومه ولتخريب الأوطان وليعيث فيها فسادا وليسلم له بما سرقه ولا يحاسب على جرائمه ..

هذه المسلسلات لا تروج للتعايش مع الاحتلال فهم يعلمون أن التعايش مع الاحتلال مرفوض وغير ممكن، بل ينشرون ثقافة الخنوع والخضوع والاستسلام للاحتلال والقبول بالواقع المر والقبول بالهزيمة والركون والاستكانة، ويتناسون أنه الاحتلال مصدر الشرور ولا حدود لشراهته وشهيته، ومن فرط في القدس لن يحمي غيرها من المقدسات وكلما غاص البعض في ذل التطبيع زاد الإذلال والهوان والابتزاز وزاد الاحتلال تغولا وبشاعة ..

ومهما حاول دعاة التطبيع تلميع وجه الاحتلال البغيض وقلب الحقائق، فالواقع يصدح بالحقيقة، التي يحاولون تغييبها وطمس معالمها، الواقع يفند أكاذيبهم وشمس الحقيقة لن يغطيها زيف غربالهم، المواطن العربي يرى بأم عينيه صاحب الحق صامدا ثابثا مرابطا على أرضه، يدافع عنها باستماتة، يبذل لأجلها الغالي والنفيس، يفديها بروحه، يحمي مقدسات المسلمين ويذود عنها، يرى أحرارا خلف الأسوار ضحوا بزهرات شبابهم خلف القضبان، لأنهم دافعوا عن حقهم في العيش بكرامة وحرية على أرضهم، ويرى محتلا غاصبا طال جوره البشر والحجر والشجر، ما فوق الارض وما تحتها يئن من وطأة الاحتلال وينتظر ساعة الخلاص، يرى عنصريته وإجرامه وبشاعته، وعنجهيته وصلفه بحق الأبرياء، ويرى هدم البيوت بذريعة عدم الترخيص، احتلال سرق الأرض واغتصب الحق يحاسب صاحب الحق ويحرمه من حقه في العيش في موطنه وإن طالب برخصة بناء حرمه منها باختلاق الذرائع ..

لذلك مطلوب تحصين الأمة من هذا الاختراق الصهيوني على كل الأصعدة، وإخراج مسلسلات تعيد بوصلة الأمة لوجهتها الصحيحة وتنمي في خلدنا الشعور بالانتماء لأمة عزيزة لها مجد ولها ماضِِ مشرف ولها قوة ومنعة ولا ترضى بالهزيمة وقد تمرض لكن لا تموت وتغفو لكن لا تغرق في سباتها، وحتما ستعيد سؤددها وتعود لمكانتها بين الأمم عندما تضع يدها على مكامن الخلل فيها وتبحث عن الدواء الناجع لأمراضها، ما أن تتعافى من اورامها حتى تستعيد مجدها ..

فن هادف وله رسالة يشيع ثقافة المقاومة ويحصن الأمة من آفة التطبيع حتى تكسب مناعة لمواجهة هذا الحيف الذي يريدون فرضه على الأمة لسلخها من هويتها. الفن الهادف يحمي الأمة من خزي التطبيع ويظهر حقيقة الاحتلال الجبان الذي يستعرض عضلاته على الأبرياء والعزل ونعامة أمام رجال المقاومة، فن يقاوم سياسة كي الوعي ويظهر بطولات المسلم وكيف أنه لا يستسيغ الهزيمة ويقاومها بجسارة وقوة إيمان، ويعد العدة والعتاد لدحر الاحتلال واستئصال هذا الورم الخبيث الذي زرعه الاحتلال في قلب الامة ليحول دون وحدتها 
والتي هي سر قوتها، عندها ستتشبع الأمة بكل هذه المعاني الجليلة وهذه القيم السامية وستتغلب على خوفها وعلى ضعفها وتنفض عن كاهليها غبار الذل والهوان، عندها بإذن الله ستعود لمميزاتها التي أهلتها لتكون خير أمة أخرجت للناس ..