وماقام به النظام من حرق للأوطان وتمزيق للأوصال وانهاك الشعب واستنزاف للثورة ، يصب في صالح الإحتلال ، خدمة مجانية له ، وإن كان النظام كما كان يزعم أنه يتعرض لمؤامرة ، لماذا لم يحاول أن يتفاداها ويفوت على الإحتلال مراميه ، وحليفة النظام لقنته درسا بليغا في الحفاظ على الأوطان وكيفية حمايتها ، لكن فات الأوان لكي يستفيد منه ، والإحتلال طالما أشاد بدور النظام الأب وبعده الإبن في الحفاظ على حدود هادئة مع الإحتلال ، وكأن ثمن بقائه جاثما على صدر شعبه ، توفير الهدوء للإحتلال !..

إباب انطلاقة الثورة قال أحد ازلام النظام متوعدا ومهددا الإحتلال ، إن زعزعة استقرار النظام في سوريا ، يُقابله تسخين جبهة الجولان !! يبدو أنه هكذا تتسم العلاقة بين الإحتلال ومستبدون لفظتهم شعوبهم ، حفظ الكراسي مقابل بقاء الإحتلال جاثم على المقدسات !! وما خفي أعظم بل وأبشع ، وإلا بماذا يُفسر بقاء مقدسات المسلمين ترزح تحت نير الإحتلال لبسعة عقود وهي لازالت تئن تحت وطأته وتتعرض للتدنيس الشبه اليومي في ظل صمت مريب ، والإحتلال نفسه من اعتبر صفقة بيع الغاز المسروق من فلسطين لمصر يوم عيد وتباهى بها!! 
وكأن الإنقلاب يرد "الجميل" للإحتلال ، فهو من سوق له انقلابه ، مع أنه ثمة دول عربية تملك الغاز وممكن الإستعاضة بها عنه ، بدل الإرتماء في الحضن الصهيوني فلهذا ثمنه الباهض ، في النهاية هو انقلاب يفتقد للشرعية ولا رصيد شعبي له ويفرض نفسه على الشعب بقوة السلاح ، ويبقى الإحتلال بوابته لنيل رضا امريكا !..

يسعى الإحتلال أن يجعل المشاهد العربي يفاضل بين الإحتلال أو إيران أو المقارنة بينهما وخاصة في ظل استشراس النظام وارتكاب أفظع الجرائم بحق شعبه المكلوم ، مع أن كلاهما له مشروعه الخاص وهدفه الذي يعمل له ويخدم مصالحه ، وحتما لا يخدم مصالح الامة العليا ، فما تشهده المنطقة من تدمير وتهجير قسري ، وتمزيق لأوصال الأمة وشلال الدم النازف ، وتشتت وانهاك المنطقة في حروب طائفية طاحنة ، تهديد حقيقي للأمة ينهكها ويترك أحقادا دفينة توغر الصدور وتدكي نيران الثأر وتؤجج الحروب ، وتُحور البوصلة ..

فإن كان ثمة بين النظام وحليفته وبين الإحتلال عداء ، فالحاصل على الأرض هو العكس فالمنطقة تجرعت مرارت كليهما ، إيران تدعم استبداد نكل بشعبه وداس كرامته واهدر آدميته ، فأنّى له أن يصون أو يحفظ أو يحمي كرامة شعب آخر !! والإحتلال بدوره ينكل بشعب يتوق لحريته وكرامته وينشد حقه في العيش الكريم على أرضه ، متعطشا لفك قيده وتحرير وطنه من براثن الإحتلال ، هذا عدا كون الإحتلال كيان وظيفي زرعه الإحتلال في قلب الأمة ، لحفظ مصالحه ولشرذمة الأمة والحيلولة دون وحدتها ، والتي هي سر قوتها ، كما نصب وكلاء يؤمنون مصالحه ويكملون ما بدأ من ترهل الأمة وتقهقرها وتخلفها وحرمانها من استقلالية قرارها حتى غدت في ذيل الأمم وفقدت مكانتها وهذا ما كشف عنه الربيع العربي ..

أما العربان الذين يتهافتون على صفعة القرن ، فهم كالمستجير من الرمضان بالنار ، وإلا لو دعموا الربيع العربي واصطفوا لخيار الشعوب ، وساندوا حقها في خياراتها ولم يصادروا صوتها وأقروا بحقوقها المشروعة ولم يعصفوا بثوارتها ، فهذا يقويها ويجعلها تقف سدا منيعا في مواجهة تغول إيران ، وأطماعها التوسعية وليس العكس ، افشال الربيع العربي ومحاولة اجهاضه ووأد التجربة في المهد ، أحدث فراغا ملأته إيران وتوسعت فيه وسهل عليها بسط نفودها ، الإحتلال يبيعهم الوهم هو لايسعى للتصعيد مع إيران ، معقول يخوض معارك نيابة عن العرب !..

يحاول الإحتلال بخبث تلميع وجهه القميئ ليظهر بمظهر الحمل الوديع مقارنة ببشاعة وفظاعة النظام وما يركتبه من مجازر بحق شعبه ، وكلاهما : أي الإحتلال والنظام يعملان على وأد الثورة ، كل بطريقته الخاصة ، أليس النظام في مرمى حجر من الإحتلال ، لماذا لا يستهدف سوريا إلا عندما يحس بتهديد أمنه كأستهداف قيادات الحزب أو استهداف شحنات أسلحة يعتقد أنها ذاهبة للحزب وو..

أما التدمير الحاصل في سوريا فهو يصب في صالح الإحتلال ، رد الإحتلال المحدود على النظام وحليفته وعدم توسعة نطاق المواجهة ، دليل على أن جعجعتهما يُترجمانها تنكيلا بالمستضعفين ولا يكتوي بنيرانهما إلا الشعوب المكلومة ، بل تلا محدودية الرد أن هرع الإحتلال لروسيا معلنا رغبته في عدم التصعيد ومحدودة الرد والإكتفاء بما جرى ! لأن التدمير الحاصل في المنطقة المستفيد منه الأول هو الإحتلال ، الإحتلال والإستبداد وجهان لعملة واحدة ..