السبت، 8 ديسمبر 2018

النساء شقائق الرجال ..




النساء شقائق الرجال : هكذا ينظر الإسلام لكلاهما على السواء ، نظرة تكامل وتعاضد وتآلف وأنسجام ، وليس تصادم وتنافر وتباين ، وكفل لكليهما الحياة الطيبة ، قال تعالى :(( من عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )) بهذا الفضل وهذا المنّ يثمن الله عز وجل عطاءهما وعملهما الصالح ويجزيهما أفضل الجزاء ، مساواة في الأجر والعكس صحيح ، فلا المعصية تتفرد بها المرأة دون الرجل كما يتوهم البعض ، ويبني عليها نظرته المجحفة ويعممها على كل بني جنسها ، وينظر لها نظرة دونية ويعتبرها مصدر الشرور !! ولا الصلاح والإستقامة حكر على الرجل دون المرأة ، فهي نظيرة له في الأجر والثواب والعكس صحيح ..
وعندما حضيت المرأة بتربية صالحة وامتازت بوعيها وهذب الإسلام خلقها ووجدت فيه بغيتها ، فهو من أكرمها وأعلى قدرها ، أنشأت جيلا تفتخر به الأمة وكانت معول خير في بناء المجتمع الإسلامي ، وساهمت في بناء صرح الأمة وشيدت مجدها مشاركة الرجل هذا الفضل ، فأول من آمنت كانت السيدة خديجة رضي الله عنها ، بل دعمت الدعوة في المهد بمالها وآوت النبي صلى الله عليه وأسلمت وانتصرت لنهجه القويم ، وكانت لزوجها نعم العون والسند ، ترفع معنوياته وتشد من أزره وتقوي عضده وتعزز ثباته وتخفف عنه ما يجده من عناء في تبليغ الرسالة ، وكانت له الصدر الحنون والملاذ الآمن والسكن للروح وبلسم للجروح ..
وهو أيضا قابل عطاءها وتفانيها بالإخلاص لها وثمن تضحياتها حتى بعد مماتها ظل يذكرها بخير ويثني عليها ويذكر مناقبها ، ولم يتزوج عليها حتى ماتت ، وكلما اشتدت غيرة السيدة عائشة نحوها ، لكثرة ذكره لها يرد عليها بذكر فضائلها على الدعوة وحتى عليه : فعَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَكَادُ يَخْرُجُ مِنَ الْبَيْتِ حَتَّى يَذْكُرُ خَدِيجَةَ ، فَيُحْسِنُ عَلَيْهَا الثَّنَاءَ ، فَذَكَرَهَا يَوْمًا مِنَ الأَيَّامِ ، فَأَدْرَكَتْنِي الْغَيْرَةُ فَقُلْتُ : هَلْ كَانَتْ إِلا عَجُوزًا ، فَقَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا ، فَغَضِبَ حَتَّى اهْتَزَّ مُقَدَّمُ شَعْرِهِ مِنَ الْغَضَبِ ، ثُمَّ قَالَ : " لا وَاللَّهِ مَا أَخْلَفَ اللَّهُ لِي خَيْرًا مِنْهَا ، وَقَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِيَ النَّاسُ ، وَصَدَّقَتْنِي وَكَذَّبَنِي النَّاسُ ، وَوَاسَتْنِي مِنْ مَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الأَوْلادَ مِنْهَا ، إِذْ حَرَمَنِي أَوْلادَ النِّسَاءِ " ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : فَقُلْتُ بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي : لا أَذْكُرُهَا بِسَيِّئَةٍ أَبَدًا "
وأول شهيدة في الإسلام كانت السيدة سمية أم عمار بن ياسر ، التي وقفت في وجه الباطل متحدية جبروته وصلفه وجادت بأغلى ما منحها الله إياها ، روحها قدمت رخيصة فداءََ لله ثم لدينها ، واستماتت على كلمة الحق ولم يرهبها بطش البغي ولم تستكين للباطل حتى فاضت روحها لبارئها ، نموذج من الصبر والتحدي ، وصورة من صور ما لاقته المرأة من عناء وابتلاء ومعاناة للتمسك بدينها والدفاع عن عقيدتها ونشرها للدعوة ، وبذلك شاركت أخاها الرجل هذا الفضل ، بل كان لها النصيب الأوفى في بناء مجد الأمة وسؤددها ، وغيرهن من النساء الخالدات من سجلن أسماءهن في صفحات التاريخ المجيد ، بمداد من فخر وعزة ، وانجبت للأمة قادة انبهر العالم بأنفتهم وعزتهم وبسالتهم وبطولاتهم وبلغوا بعز الأمة مشارق الأرض ومغاربها ..
أما عندما تعرضت للمهانة وأثروا عليها الذكر واهملوا تربيتها وتركوها لقمة سائغة بين يدي المسلسلات المستوردة والبعيدة عن قيمنا وثقافتها أو للغثاء الذي تجع به القنوات ، رأينا بصماتها على شخصيتها وتربيتها لأبنائها مستقبلا ، وبهذا سينشأ جيل مستهتر عاجز عن مواجهة التحديات لا يُعول عليه ، خانع ضعيف مهلهل ، فهِمت التحرر على غير حقيقته ، بأنه التعري والتبرج والإهتمام بسفاسف الأمور عن جوهرها ولبها ، وبذلك ابعدوا المرأة عن واجبها ورساتها وهي المشاركة في بناء مجد الأمة وتربية النشء التربية الصالحة ودورها الرئيسي في رفع راية الإسلام خفاقة ..
وغدت المرأة بين إفراط وتفريط ، بين من أعادها لزمن ما قبل الإسلام ، وعرضها لوأد أفظع وأنكى من الوأد المتعارف عليه ، مع أن الإسلام أعلى قدرها وصان حقوقها ، وحباها حق الحياة وحق التعليم وطلب العلم والحق في التملك والحق في التصرف في حرّ مالها ، وحق أختيار الزوج ولم يفرض عليها ابن القبيلة أو ابن عمها ، وكانت مستشارة و كان يُعتد برأيها ولرأيها وقع وحس ويُسمع له ، وتداوي الجرحى وتسقي الماء وتجاهد في سبيل الله ، فمن تحمل سيفا لتجاهد به ، حتما خضعت لتدريب مسبق وإلا كيف لها أن تحمل سيفا ثقيل الوزن ، اليوم بعض النساء يتعرض لوأد أشنع من الوأد الأول ، فإما طمس شخصيتها وحرمانها من كل حق صانه الإسلام لها ، وإما استغلالها أبشع استغلال في الإشهارات والمسلسلات الهابطة ، وإلا فما معنى اشهار ليسارة وبجانبها امرأة شبه عارية !!
والوأد الذي تحدثنا عنه سابقا هو من يستغله دعاة التغريب والتخريب ويوعزون وضعها المزري ويردون تخلفها وجهلها للدين !! ويلفقون للإسلام التهم جزافا ، وأوهموا المرأة أن الحرية تكمن في نزع حجابها والتخلي عن رسالتها في الوقت الذي حرموها من التعبيرعن رأيها بحرية في شؤون وطنها وكمموا فاهها وكذا التسلط وطلب المساواة فيما فصل فيه الشرع لخصوصية كلاهما ، حتى يحصل التكامل والإنسجام وليس انتقاصا منها ، فغدت بذلك سلعة مبتذلة والبعض اختلق قدوات بعيدات عن نبض الإسلام وعن نساء خالدات ، القدوات الصالحات ..
والأنكى عندما تُفسر نصور القرآن والأحاديث حسب الهوى !! أو يجزّأ الحديث فيخرجونه عن سياقه ، ليوهموا ضعاف النفوس أن الإسلام انتقص من المرأة !! كالحديث عن الضلع الأعوج وناقصات عقل ودين ولو فهموا معناهما الحقيقي لوقفوا على تكريم الإسلام للمرأة ، فالأول يتحدث عن طبيعتها التي جبلت عليها لتضفي على البيت لمسات حنونة وطيبة والثانية لو أكملوا الحديث لوقفوا على معناه الحقيقي ، فهو يثني على المرأة ويحثها على إعمال عقلها الراجح فيما ينفع الأمة ، وكذا الضجة التي أثير حول الإرث ، وكلها حروب مختلقة لإشغال المجتمع عن همومه الحقيقية وابعاد كلاهما عن رسالتهما الهادفة ، فرسالة المرأة في بناء مجتمع نظيف وقوي وإعادة مجد الأمة ، لا تقل أهمية عن رسالة الرجل وقد تفوقه أهمية ، لعظم رسالتها فهي نصف المجتمع وهي من تلد وتربي النصف الآخر ، فبيتها عرين الأبطال ومصنع الرجال إن هي أجادت في رسالتها حتى تعيد الأمة لمكانتها وحتى تحقق مميزات ومؤهلات الخيرية التي امتازت بها أمتنا لتعود خير أمة أخرجت للناس ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق