الاثنين، 15 أبريل 2019

ضد التطبيع ..


التطبيع خيانة لدماء المسلمين التي روت ثرى فلسطين الطيب، منذ الفتح الإسلامي ليومنا هذا، والتطبيع تفريط في مكانة أرض الرباط والعصف بمسؤولية الأمة نحو مقدساتها، نحو أرض الإسراء والمعراج وما تمثله من منزلة رفيعة لدى المسلمين، وفي قلبها يتربع الأقصى المبارك أولى القبلتين وثاني المسجدين، وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، ومسرى الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام ، وقد قرن الله عز وجل بين الاقصى المبارك والمسجد الحرام، لنقف على اهميتهما وواجب الأمة نحوهما والذود عنهما، ومن يفرط في أحدهما فكيف له أن يحفظ الآخر أو يصونه!!

التطبيع يبث سموم الفرقة بين صفوف الأمة ويشتت شملها ويعصف بجهدها ويمزق نسيجها. التطبيع يمكّن الصهاينة من التسلل لكل مفاصل الأمة لينخرها. فالصهاينة ليسوا لا قوم حرب ولا قوم سلم، فغزة العزة بددت وهشمت مقولة "جيش لا يقهر " وظهر للعيان جبنهم وخورهم وحقيقتهم. لا يستعرضون عضلاتهم إلا على العزل والأبرياء من الأطفال والنساء، ويرتكبون أفظع الجرائم التي لن تسقط بالتقادم، وفي السلم يبرز لؤمهم ونذالتهم وخستهم ومكرهم ويأخذون فيه ما عجزوا عن أخذه ببشاعتهم وشناعتهم في عدوانهم، فهم من يبث النعرات ويذكي الحروب لإضعاف الأمة ويفتتها ليسهل الانقضاض عليها ..

بالتطبيع يغدو العدو المتربص بأمتنا، صديقا وجارا وحليفا والمناهض للتطبيع خلاف ذلك!! يسعى المطبعون لتغيير نظرة شعوب الأمة لعدوها الحقيقي، للمغتصب للحق ومدنس المقدسات ومحتل الأرض وتحوير بوصلة الأمة، فكيف للأمة أن تتعايش مع سرطان ينهش في قلبها ويهدد دعائمها وينخر في مفاصلها، الورم الخبيث يتجيش له الجسد كله، فيواجهه بقوة وصرامة حتى دحره، لن تتعافى الأمة من مصائبها وتعود لمجدها حتى تواجه الورم الخبيث بحزم وتستأصله من جذوره ..

عدو الأمس هو نفسه عدو اليوم، هو من يؤجج الصراعات ويذكي نيران الحروب لينهك جسد الأمة، لتغدو لقمة سائغة بين يدي عدوها، والكل وقف على الحكمة من قصة قيس بن شاس، الذي أغاظه لحمة المسلمين ووحدتهم وتآلفهم ومودتهم ونبذهم لخلافاتهم التي انهكتهم، فأرسل غلامه ليحرض ويفسد بينهم ويفرق شملهم، ويذكرهم بحزازات الجاهلية فيوغر الصدور حتى كاد القوم أن يتقاتلوا لولا رعاية الله التي حفتهم، ثم رسول الله صلى الله عليهم ذكرهم بنعمة الإسلام الذي جمع شملهم ووحدهم وأذاب حزازات الجاهلية ..

فكيف لك أن تضع يدك في يد من حاصر أخاك ومن اغتصب أرض الرباط ومن يحتل مقدساتنا التي تعربد فيها قطعان مستوطنيهم، الأمة السليمة لا تركن للتطبيع ولا تستسيغه فهي تدرك مخاطره الجمة عليها، بل تأنف منه وتناهضه وترفض أن ترسف في اغلاله ولا تكبلها قيوده، والتطبيع لا يعني توزيع الابتسامات على الشاشات وكم المجاملات التي ينثرها البعض هنا وهناك!! بل يتجاوز هذا كله لما هو انكى وأخطر، التطبيع اخطبوط يمتد لكل الجسد، ليعم كل المناحي وكل المجالات ويبلغ كل مفاصل الأمة لينخرها فسادا وسوسا ويدمرها لا قدر الله فيتداعى البنيان، الجسد الذي يستسلم للسرطان يقضي على مناعته ويفنيه.

الهدف الخبيث من وراء التطبيع سلخ العربي من هويته وتغيير نظرته وشعوره نحو المحتل وكي وعيه، يمرر روايات الأحتلال المشروخة بحذافيرها، تزوير للتاريخ وتسليم للواقع المر، واستساغة للهزيمة وانقلاب على كل الحقائق والعصف بحقيقة الصراع بين الأمة ومحتل مقدساتها، وفتح الأبواب على مصراعيها للصهاينة للعربدة بعد التغلغل في نسيجها وحتى يعيثوا في الأرض فسادا، هو خيانة لأمانة تشرفت بحملها الأمة. وحادثة الإسراء والمعراج لا تخلو من دلالات عظيمة، فهذه الأمة التي تشرف نبيها بالصلاة إماما بكل الأنبياء وتسلم مفاتيح القدس، واختصت بشرف حماية وصون الأقصى المبارك، كيف لها أن تتنكر لواجبها وتعصف بوعودها أو تنسف عهودها أو تفرط في الأمانة، وتترك مقدساتها تئن تحت وطأة الاحتلال لأكثر من سبعة عقود؟
التطبيع انقلاب على كل المفاهيم !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق