عام مضى على استشهاد الرئيس محمد مرسي ولا زالت قلوب محبيه وكل الاحرار يلفها الحزن على فراقه ولا زالت العيون تذرف الدمع على رحيله. ما لم يُقتص من الظالمين، فلن تزول الغمة ولا الغصة من قلوب محبيه ولن تُضمد الجراح ولن تتلاشى آلام الفقد والفراق، وسيبقى هذا الجرح مفتوحا ينزف، ولن تسكن الآلام حتى ينال الظالمون ما يستحقونه وحتى يقتص سيف العدالة من جلاديه. عام مضى يستذكر محبوه وكل عشاق الحرية وكل الأحرار كلماته الصادقة ومواقفه المشرفة وحبه لوطنه وغيرته عليه وآماله وتطلعاته، عام اتسم بالشهامة والنخوة والأصالة والاعتزاز للانتماء لأمة لها تاريخ مجيد وماضٍ تليد وتتطلع لمستقبل عزيز ..

بون شاسع بينه وبين الانقلاب، من عصف بالحقوق وفرط في الأمانة، من يبيع الوطن بأبخس الأثمان حتى يحمي كرسيه. محبوه لا يحزنون على شهادته ورحيله، فهذا وسام وشرف يسعى لنيله الكثيرون، لكن لا يناله إلا من استحقه وكان أهلا له وكان جديرا بهذه المنزلة العالية، ما يحزنهم رؤية القتلة يسرحون ويمرحون، أخذ الحق ممن نكل به، واعادة كل ما سلبه الانقلاب منهم هو ما سيشفي القلوب ..
الكل استشعر البون الشاسع بين رئيس جاء من رحم الثورة، يعبر عن نبض الشارع الثائر وبين من جاء على ظهر دبابة، من نسف كل مكتسبات الثورة، حتى غدا الحال أسوأ مما ثاروا عليه !!

الكل يذكر كيف كان الرئيس المنتخب رحيما بشعبه، يؤرقه حالهم ويشعر بآلامهم ويجتهد للتخفيف عنهم، ويسعى بكل جهد لتحقيق الاستقلال الحقيقي، استقلال يقود مصر للريادة ويكسبها المناعة ويبلغها مصاف عليا ويكسر القيود التي كبلتها وحالت دون نهضتها، وكيف اغتال الانقلاب أحلام الشباب وحولها إلى كوابيس. الطاقة الواعدة، أمل المستقبل بين موت بطيء في سجون تعج بالاوبئة وليس آخرها كورونا، فيه تضيع زهرات شبابهم بين جدرانها الكالحة، ووطنهم يحتاج لجهدهم وعطائهم وبين قتلهم والتنكيل بهم بذرائع كثيرة ومختلقة!! انقلاب يعصف بمقدرات مصر ومستعد لكل خيانة ، يدفعها ثمنا لبقائه على كرسيه ..

الشهيد مرسي كان يشكل كابوسا للاحتلال، قض مضجعهم وهذا ما لمسوه في العدوان على غزة، حيث تداعت مصر بكل أطيافها وبشعبها ورئيسها لنصرة غزة والتضامن معها وحماية حقوقها والتنديد بإجرام الصهاينة. أما الانقلاب فيشكل كنزا لهم لذلك سوقوا له، الاحتلال يزعم أنه واحة الديمقراطية في محيط يعج بالدكتاتوريات. وعندما جاء رئيس مدني منتخب، يمكن أن يرسخ دعائم الحرية والعدالة والديمقراطية سوقوا للانقلاب وشاركوا بكل خبث في اجهاض ثورات الشعوب، ونسف التجربة الوليدة ..

ما تعرض له الشهيد من اعتقال واجحاف وظلم وهضم للحقوق جعل القلوب تلتف حوله، تترحم عليه وتلعن قاتليه، عطاؤه ومواقفه وتضحياته تركت الأثر الطيب في النفوس، حتى من اختلف معه أنصفه وخاصة عندما اكتوى بنار العسكر، الذي نكل بالجميع. لن ينقطع ذكره بإذن الله وسيأتي من يُنصفه ويعيد له اعتباره ويشيد بمواقفه النبيلة ويبرئه من كل التهم التي لفقها له الانقلاب. فالجور والظلم لا يدوم وحتما ستشرف شمس العدل والحق عن قريب بإذن الله. هو أيقونة للحرية والعدالة، ضحى بروحه من أجل هدف أغلى وأسمى ودافع عن حق شعبه في العيش بكرامة وحرية ونافح عن وطنه باستماتة حتى يراه وقد تعافى من كل أورامه وعادت له عافيته وعاد لمكانته ..

أراد الجلاد من اغتياله، أن يغتال الأمل في النفوس التي تتطلع لغد أفضل، حتى تفقد الشعوب المكلومة الأمل في التغيير، وحتى تصاب بالإحباط وتغرق في بحار من اليأس وتلفها الهزيمة النفسية وتستسلم للواقع المرير وتركن للاستبداد ولا تفكر مرة أخرى في مناهضته، إلا أن الشعوب تتمسك بحقوقها ولن تحيد عنها. وسيبقى أروع وفاء لتضحيات الشهيد مرسي، إكمال مشواره الذي بدأه وسقاه بدمائه الزكية، والسير على دربه وتحقيق ما كان يصبو إليه من خير لمصر وشعبها ولن تخبو جذوة الامل بإذن الله ..