الأربعاء، 23 يناير 2013

الرحمة المهداة ..




قال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء

من رحمة الله بعباده أن بعث لهم الرسل والأنبياء مبشرين ومنذرين يخرجونهم من ظلمات الجهل لنور الحق يهدونهم للطريق القويم ، هم مشعل هداية للخلق ، اصطفاهم الحق عز وجل وسلمهم الأمانة ، يقيمون شرع الله ويحثون الناس على الخير وعلى عبادة الله ، يخرجونهم من عبادة العباد لعبادة رب العباد ، أرسلهم الله لإرشاد الخلق ، مهمتهم جليلة : إعلاء قيمة الإنسان الذي كرمه الله وحباه عقلا وفضله على سائر خلقه ، ينشرون العدل ويقاومون الظلم هم نور أشرق فبدد ظلام الجهل ، غايتهم اسعاد الخلق هم الحجة علينا بعثوا لنشر العدل وتطهير الأنفس مما شابها وتزكية النفس مما علق بها وإعلاء قيمتها ورقيها ..

ومن رحمته أن ختم الرسالات بخير نبي ، نبي الرحمة ، اختاره وقربه إليه وحباه أدبا وجمله بكل الشمائل والخصال الطيبة فكان المثل والقدوة الحسنة ، "إنما بعثت لإتمم مكارم الاخلاق" فالله عز وجل لا ينظر لصورنا مهما بلغ حسنها بل ينظر لجوهر الإنسان ، أخلاقه وسجاياه وأعماله الخيّرة ، غذا تحل ذكراه العطرة تلقي بظلالها الطيب علينا ونستسقي منها العبر من خلال تسليط الضوء على حياته وعلى مساره الكريم ، سيرته العطرة وما تحفل بها من مواقف طيبة نبيلة مشرقة ، فتح القلوب فتفانت في حبه ، تشربت الحق فكانت جنوده وحماة للإسلام حموه وضحوا بالغالي والنفيس ليبلغوه في أبهى صورة ، وحد الأمة ونشر الخير وعم خيره الكل ، صبر على البلاء تحمل مشاق الرسالة بكل حزم وصبر وجلد ، أدى الأمانة على أكمل وجه كان البلسم الشافي للصدور أزاح بطيبة أخلاقه الغمة وأقبلت النفوس طائعة لله ، وقد تشربت الأرواح الهدي وانشرح الصدر للإسلام ما إن تسمع كلام الحق حتى تقبل عليه طواعية .

بث روابط الأخوة ، اهتم بأمور المسلمين ، خلق مجتمعا مترابطا متماسكا لا تهزه ريح ، هو بشارة عيسى عليه السلام ودعوة إبراهيم عليه السلام ، خاتم النبيئين ، هو النور الذي بدد ظلام الجاهلية..

قال تعالى : 

بِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ آل عمران

فسح قلبه للجميع ولو كان فظا غليظ القلب لتفرقت القلوب من حوله ، كان سمحا حليما ، يحمل هموم الكل يحتويهم بعطفه وقبله الكبير وما تقرب منه أحد إلا وأحبه ، معجزته القرآن : حبل الله المتين الفرقآن فرق فيه الحق بين الحق والباطل من تمسك به اهتدى وفاز ومن زاغ عنه عاش معيشة ضنكى هو ربيع القلوب ، شفاء لما في الصدور فيه نبأ من قبلنا ونبأ من بعدنا فيه من الدرر المكنون فيه من قصص الأولين وما فيها من العبر والدروس نورا نتهدي به ..

في ذكراى العطرة يشدنا الحنين له ونشتاق لرأيته ونرجو أن يجمعنا به الحق عز وجل في الجنة إن شاء الله ، حتى نشرب من يديه الشريفتين شربة ماء لا نظمئ بعدها أبدا ، في ذكراه نقف على صحابة صناديد في الحق أبلوا البلاء الحسن دافعوا عن الإسلام ونصروا رسول الإسلام وحموه ، في ذكراه نتذكر رحمة الله علينا حين بعث إلينا رسولا يدلنا على طريق الفلاح ويحثنا عليه .

كم نحن في حاجة ماسة اليوم ونحن نحيي ذكراه العطرة أن تكون هناك محاضرات لعلماء أجلاء تسلط الضوء على سيرته العطرة فهو قدوتنا حتى نقف على مواقفه النبيلة وكيف بلغ عز الأمة مشارق الأرض ومغاربها ، ونقارن حالنا اليوم وما نحن عليه من ضعف وهوان وأمة الإسلام تجتر آلام الفرقة نبحث في السيرة عن الدواء الناجع لأمراضنا ، نسأل ماذا ينقصنا لبلوغ ما بلغوه لنصحح المسار ونتجاوز واقعنا المزري ، نقيّم حالنا ونتسائل هل نحن على المحجة البضاء التي تركنا عليها أم زغنا عنها ؟؟

لماذا تكالبت علينا الأمم ودب الضعف والهوان فينا ومقدساتها تحت احتلال ؟؟ وتناسينا أن في الإسلام عزتنا 

نشخص الأمراض ففي تشخيصها معرفة علة المرض ومن تم البحث عن الدواء ، فالتشخيص هو من سيفضي بنا للشفاء التام أما نرتق الحال ونركن لحلول ترقيعية ونغض الطرف عن جوهر العلة ، حتما المرض سيري في كل الجسد فكلما كان التشخيص فعال كلما تفادينا مضاعفات المرض وكلما حفظنا الجسد وإن لم نتدارك العلة فحتما سينخرنا المرض وسيستفحل فيه ويستعصي العلاج أو قد يطول فترة المعالجة وقد تمتدت لعقود ما لم نقف على حقيقة المرض ونسعى لعلاجه ..

سيرته العطرة مليئة بمواقف الحزم والشجاعة والتحدي ومجابهة الباطل لكن حين نكون يدا واحدة ، نُصر بالشباب ، أين دور العلماء في ارشاد الشباب فقد كانوا في عهده نعم الحامي للإسلام اهتم بهم وغرس في قلوبهم معاني الإعتزاز بالإسلام ففيه قوتنا ومعاني البطولة والأنفة والإباء ، الشباب هم أمل المستقبل ، نقيّم حاضرنا ونتسائل هل لو كان رسول الله عليه الصلاة والسلام بين أظهرنا هل كان سيرضيه حالنا ، أمة متقطعة الأوصال أمة تستجدي الحق أمة رضي البعض منها بالذل والهوان وحين نقف على مكامن الخلل فينا نجد ونجتهد للعودة بالأمة لصفاءها ونقاءها ونقوي الضعف ونلم الشمل ونبحث عن مكامن القوة فينا فهي كثيرة ، فالآخر ليس قويا بل نحن من مزقتنا الأهواء وابتعدنا عن الهدي الصحيح ، لا تمر ذكراه العطرة دون أن نستلهم منها العبر والدروس وتكون لنا نبراسا ينير لنا الطريق نحو التغيير للأفضل ، إن شاء الله..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق