الأحد، 8 ديسمبر 2013

الاخلاء خطوة أولى لكنها لا تكفي ..



لاقت الاحكام القاسية التي اهتزت مصر على وقعها الصادرة في حق فتيات الاسكندرية استنكارا واستهجانا واسعا من عدة أطياف من داخل مصر ومن الخارج ، وقد طالبت جمعيات ومنظمات حقوقية محلية ودولية سلطات الانقلاب بالافراج عنهن فورا في وقت سابق ، وقوبلت الاحكام بالتنديد الواسع ومن عدة جهات ، وكانت غصة  اكتنفتِ النفوس ، وحسرة على مآل مصر وتساءل الكثيرون كيف يزج بشباب مصر في المعتقلات وهم عماد الامة ، بلاذنب أو جريرة والتهمة مناهضة الانقلاب بالطرق السلمية أو التعبير عن الرأي برفع بالونات عليها شعار رابعة كما شأن فتيات الاسكندرية..

وبعد أسبوع من هذه الاحكام الجائرة التي قضت بها محكمة الجنح ، وبعد الاستئناف تم تخفيفها لسنة واحدة مع وقف التنفيذ وتبرئة سبع قاصرات ، والاخلاء إن كان خطوة أولى مهمة ، لكنه غير كافي لما لحق الفتيات من تعدي على حريتهن ، وهن في عرف القانون لازلن مدانات كما صرح بذلك أحد محامي هيئة الدفاع ، لذلك سيتم نقض الحكم والطعن فيه لتبرئتهن بالكامل مما نسب لهن جورا ، ليحضين بالبراءة الكاملة ،بل ومطلوب ردّ الاعتبار لهن ورفع عنهن ما نسب لهن من تهم ملفقة ..

ولاقى إخلاء سبيل الفتيات ترحيبا واسعا واستحسان من أوساط شعبية وحقوقية ومن عدة دول ، واحتضن الاهل فلذات أكبادهن بعد مرارة الاحكام التي نزلت عليهم كالصاعقة وقد أثبت الاهل صمودهم ودعمهم للفتيات وإصرارهم على نيل الحرية ، وتواصلت المظاهرات المنددة بالاحكام التي طالت وتطال فعاليات ونشطاء مناهضين للانقلاب ، كان الانقلاب يسعى من خلال أفعاله الشنيعة أن يزرع الخوف في صفوف الشعب أو يوهن العضدد أو يوقف التظاهر أو يكتم الانفاس ، أخفق الانقلاب في مسعاه ورسالته قوبلت بالرفض وبعد صدور الحكم بالاخلاء صرحت إحدى الفتيات أنهن مكلمين ومواصلين المشوار ، فهن يدافعن عن قضية عادلة بكل ثبات وقوة وعزيمة وإصرار على مواصلة المشوار وزادتهن تجربة السجن صلابة واستماتة على مواقفهن ..

اتسمت مشاهد اللقاء بالعزة ، كانت توحي بقوة العزيمة لم نشاهد انكسارا أو خوفا في عيون الفتيات أو وهنا أو ضعفا ، بل كانت معنوياتهن عالية ، عشن جوا بهيجا وهن في أحضان آبائهن وأمهاتهن ، تتنسم من خلال اللقاء عبير الإباء والاصرار ، كانت الغاية من الاحكام ترهيبهن وثنيهن عن مواصلة التظاهر ..
 ولم يقف الانقلاب عند الاحكام الجائرة والتي تقرع مسامعها كل فترة وحين بل يسارع الخطى قبل حلول ذكرى 25 يناير من خلال فرض مسودة ال50 لشرعنته ، وكما أسقط الشعب محاكمات جائرة بالتصميم والاصرار ففي يده أن يسقط هذه المسودة التي لا تعبر عن طموح الشعب الذي ثار على الاستبداد والظلم ، وتقيد حربته ، وما بني على باطل فهو باطل ، والبناء الذي لا أُسس له حتما سينهار لا محالة ،إن شاء الله. 

شكلت التظاهرات التي تلت الاحكام الجائرة في حق الفتيات والضغط الشعبي وعدم الاستكانة للاحكام والتحرك على على الاصعدة ومناصرتهن من شخصيات لها وزنها داخيا وخارجيا ، ضغطا على سلطات الانقلاب ، ورغم الجو الذي اتسم بالترهيب لهيئة الدفاع تابع الكل هذا الملف حتى تم الاخلاء البارحة والحمد لله ، مع تواجد محاميين غربيين دافعوا عن الفتيات ، الحكم الجائر الاول والحكم الثاني يظهر للعيان أن الاحكام مسيسة ولا تستند لقانون ، وتظهر تخبط سلطات الانقلاب ، والغرض منها إرهاب الشعب وإسكاته ووقف المظاهرات المنددة بالانقلاب..

حتى في داخل السجن كان التعاطف مع الفتيات جلي ، الامتعاض من أفعال الانقلابين تزداد رقعتها ، حتى داخل السجن ، وهذا ما يتخوف منه الانقلاب أن يثور الكل على قوانيه الجائرة حتى من كان لصفة في فترة ماضية وينحسر وتشوه صورته مهم حاول أن يجملها ..

 ما نراها من احكام جائرة وممارسات قمعية صادرة من سلطة انقلابية ما هي إلا محاكمة ثورة 25 يناير التي كسرت جدار الصمت وناهضت الطغياة والاستبداد ، فحتى رموز ثورة 25 يناير زج بهم في المعتقلات ، ورب ضارة نافعة ، الانقلاب وإن كان شرا مستطيرا إلا أنه كشف حجم الفساد المستشري والذي طال مفاصل الدولة وطال عدة مؤسسات منوطة لحفظ كرامة المواطن وخدمة مصالحه ، لكن سخرها المفسدون لقمع الحريات والبطش بالشعب وتكميم الأفواه ، وإن شاء الله سواعد مصر القوية والمخلصة ، كفيلة بتطهير البلاد وتنظيفها وإعادة القطار لسكته الصحيحة ، إن شاء الله

حتما ذكرى 25 يناير ستكون مدوية وسيكون لها حس ووقع ويزيدها توهجا  الاحداث الجارية ، مهماسعى الإنقلاب لثتبيت أقدامه من خلال ممارساته القمعية فهذا لن يزيد حماة الشرعية ورموز ثورة 25 يناير إلاثباتا على الحق وتمسكا به ، ذكرى الثورة ستكون إن شاء الله تكملة لمشوار الثورة المجيدة ، الأولى اقتلعت رأس الفساد وهذه إن شاء الله ستقتلع جسده المهترئ المنخور وتكنس الفساد وتجثته من جذوره إن شاء الله ..

 وستعود للميادين فاعليتها وتعود الذكرى لتلملم الجراح وتعيد اللحمة وتنظف صفوف الثورة من كل الشوائب فقد ميزت الاحداث الأليمة الماضية الخبيث من الطيب ، ميزت بين من ركب موجة الثورة لتحقيق مأربه ، وبين من صمد وصبر وتحدى المعيقات ، رغم جراحاته ورغم ما قدمه من شهداء في ميدانيين النهضة ورابعة وغيرها ، الذكرى كفيلة إن شاء الله برأب الصدع وتصحيح المسار وإصلاح ما أفسد الانقلاب من شرخ في الصفوف ، وتعود مصر لشموخها وتتحرر من المستبدين الذي نكسوا مسارها ، وإن شاء الله تبلغ ركب التنمية ومرفأ الامان وتحقق للامة ما كانت تصبو إليه من نهضة شاملة ،مصر أم الدنيا وقائدة الامة نحو الريادة ، إن شاء الله ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق